من قلبي غدا نخلع الحجاب!
ريهام مازن - موقع الاهرام - آراء حرة
يبدو أن كلام الرئيس عبد الفتاح السيسي، عندما دعا بتجديد الخطاب الديني، قد فهم خطأ.. فشاهدنا فضائيات وبرامج ما أنزل الله بها من سلطان تتحدث في أمور كلها بعيدة عن مغزى الرجل!طبعا موضوع اليوم باين من عنوانه... كما أعتقد أنكم تعلمون فيما سأتحدث معكم اليوم.
الموضوع وببساطة شديدة هي الدعوة التي أطلقها الزميل الإعلامي و"الأهرامي" الكبير شريف الشوباشي، والتي طالب فيها نساء وفتيات مصر بالخروج لمليونية غدا الجمعة 1 مايو للانقلاب على الحجاب أو بمعنى أدق لخلع الحجاب، (الذي، كما يرى البعض، ليس له علاقة بالدين الإسلامي)!!!
في الحقيقة، هذا الموضوع اتخذ أكبر من حجمه بكثير، فقامت الدنيا ولم تقعد على الزميل وهاجت و"ماجت" الصحف والبرامج تشجب وتسب وتلعن هذه الدعوات، كما أن هناك قلة من العامة الذين قاموا بتأييد الزميل الإعلامي... وهناك من قال وهو "يفتي" أن الحجاب عادة وليست عبادة... وهناك من يرى أنه لا توجد نصوص في الدين تأمر المرأة بالحجاب! وهنا لابد أن نتوقف قليلا، فإذا كنا نبتغي رأي الدين أو فتوة، فلابد أن نذهب لأهل العلم والفتوى... وأعتقد أنني وكثيرين نثق في رجاحة وعلم ومعرفة الشيخ الجليل الدكتور على جمعة، مفتي الديار المصرية السابق، والذي استضافه، الزميل والصديق الإعلامي، الذي أكن له كل احترام، عمرو خليل، في برنامج "والله أعلم" وأثار معه عمرو موضوع الحجاب، فكان جواب شيخنا الجليل: "الحجاب فرض في الدين وإن هذا الأمر لم يختلف عليه أي من علماء الدين"... فكان الجواب قاطع ولا يدع مجالا للشك، عند من يستشيرون أهل العلم.
وهاجم الشيخ علي جمعة، مفتى الجمهورية السابق، دعوات خلع الحجاب، والتي وصلت إلى حد الدعوة لخلعه في مليونية بميدان التحرير، معتبرا ذلك (قلة دين).. مؤكدا أن الحجاب فرض، ودعوات خلعه ضد الحرية الشخصية، كما أكد أيضا على عدم إجبار النساء على ارتدائه.
ولي رأي حول هذا الأمر، الحجاب شأنه شأن أي عبادة، نحن مأمورون به، فكما حرمت الخمر والميسر وأشياء كثيرة نزلت الآيات الكريمة في تحريمها، فكل شخص حر في اختياره، فمن الممكن أن يعصي ويكون على علم بمعصيته، ويحاسب عند الله على اختياراته.
إذن، فالخيار ملك لنا وحدنا، إما أن نطيع الله أو نسير في معصيته، فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، فإذا كان هناك من سيسير وراء مثل هذه الدعوات، وإذا كانت هناك من تؤيد مثل هذه الأفكار، فهي حرة، وهذا اختيارها، لأن قناعتها بهذا الأمر، من الأساس ضعيفة، ولم ترتدي هذا الحجاب عن قناعة منها، بل فرضه عليها من فرضه، سواء الأب أو الأخ أو الزوج، دون أن تحاول أن تقف للحظة وتسأل نفسها، هل هذا واجب ديني أم أنها تطيع من حولها، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، جل وعلا.
وكما لا تعجبني مثل هذه الدعوات التي تنادي بخلع المرأة للحجاب، لا تعجبني أيضا الدعوات التي يطلقها بعض الشيوخ في البرامج التي تتمحور حول ارتداء الحجاب، لأنهم يأخذون مسألة حجاب المرأة وكأنها أهم شيء في الدين الإسلامي، فهناك قضايا أهم في الدين من مجرد قضية حجاب المرأة، عمل المرأة، فكيف كانت مكانة المرأة في الحروب على عهد رسول الله.. مسألة ميراثها مثلا، كلها أمور لا تناقش، فقط نناقش القشور وبسطحية مع الأسف!
ولغلق هذا الموضوع بلا رجعة، كل فينا يمتلك نعمة العقل التي أنعم الله، عز وجل، بها علينا، وكل يعرف متى يطيع الله، ومتى يعصيه، وعلينا الاختيار، وكما قال الدكتور والعلامة الجليل علي جمعة، إذا أردتم أن تأخذوا المعلومة، فلتأخذوها من أهل العلم، ولا طاعة للجهلاء!
من قلبي: كنت أتمنى أن أسمع كلاما آخر من الزميل والإعلامي الكبير، الذي قضى أكثر من ربع قرن في فرنسا، ليأتينا بأفكار إستراتيجية تخدمنا في تنمية المجتمع وتغييره للأفضل، محاولا نقل التجربة الفرنسية في الديمقراطية أو تطبيق اللامركزية التي تتمتع وتشتهر بها المحافظات الفرنسية... بدلا من الحديث في أمور سطحية، تشعلل الأجواء وتأخذنا بعيدا عن أولويات حاضرنا الذي نعيش فيه.. فنحن مستهدفون من الجميع ولا أحد يحاول أن يمد يد العون.. لك الله يا مصر.. والله المستعان !
المصدر الاهرام
تعليقات
إرسال تعليق