من واقع تجربة معايشة.. مسلسل "حلاوة الدنيا" ما له وما عليه
دراما رمضان ٢٠١٧ . المصدر بوابة الاهرام
هنا بين هواجس المرض والاستسلام لفكرة الموت يخرج صناع "حلاوة الدنيا" خارج التفكير المأساوي لمريض السرطان والمحيطين به في نظرة تشع قدرًا من التفاؤل لدى لمن يشاهدها من أصحاب المرض أو غيرهم، وأعتقد أن هذا التفاؤل ربما يكون قد منح أيضًا صناع العمل إياهم لكي يمتلكوا طاقة إيجابية تساعدهم على تقديم أدوارهم.
قبل بداية مشاهدتي ترددت كثيرًا في رؤيته من منطلق "لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها" فالقدر شاء في الأشهر القليلة الماضية أن يعود السرطان لجسد والدتي بعد سنوات من التعافي وبعدها بفترة وجيزة ضرب المرض جسد شقيقتي ولا تزال العواصف بينهما مستمرة بين التمسك بالأمل والاستسلام لحديث الأطباء الذي يحمل في مجمله المخاوف وقدرًا ضئيلاً من الطمأنينة.
اعتقدت في بداية متابعتي للعمل أنني سأشاهد مصيرًا مؤلمًا على الشاشة كالواقع الذي أعيشه الآن، بالفعل تفاعلت مع الحلقات الأولى من العمل التي ظهرت فيها بطلته "أمينة الشماع" التي تلعب دورها الفنانة هند صبري تعيش لحظات الصدمة ومحاولة تقبل القدر بعد علمها بخبر إصابتها بالمرض، ولعلي تفاعلت أكثر مع هذه المشاهد عن أخرى لكونها الأكثر اتساقًا مع لحظات عايشتها خلال الفترة الماضية مع شقيقتي تحديدًا لتقارب شخصيتها مع البطلة.. تلك اللحظات التي لا يفارق فيها المريض البكاء.. ويشعر بكونها اللحظات الأخيرة من العمر ممثلة في نظرات الوداع للمحيطين به، وهاتف المحمول الذي لا يفارق يد المريض يبحث خلاله عن حقيقة مرضه والآثار الجانبية للعلاج الكيماوي، وأخرى.
كل هذه اللحظات في حقيقة الأمر عبرت عنها هند صبري بصدق واضح في نظرات عينيها التي تلخص ما تفكر به أو تريد قوله، هنا قررت التوقف عن المتابعة في البداية لكن الفضول في معرفة حلاوة الدنيا كما يحمل عنوان العمل دفعني لمواصلة المشاهدة.
تبدأ أمينة في تلقي جلسات العلاج الكيماوي والحقيقة أنني لم أنفعل مع هذه المشاهد كالتي كانت في البداية والتي بدت فيها هند أقرب لواقع شخصية مريضة حقيقية حيث جاءت مشاهد العلاج "حيادية المشاعر" لا تحس على الدخول في نوبة بكاء أو التوقف عن المشاهدة، ورغم أنني ألقيت باللوم على صناع العمل في البداية في هذه المسألة لكني عدت سريعًا وتذكرت شعار العمل "حلاوة الدنيا" هذا العنوان الذي يفرض ذاته في هذا المشهد ويحسب لفريق العمل الذين لم يريدوا إفساد المتابعة بمشاهد مأساوية أو قد تزيد من ألم المريض حتى أن حركة الكاميرا مرت سريعًا في أقل من الثانية على محلول الكيماوي عاليًا في جسد بطلته، وهو ما حدث أيضًا في مشهد حلاقة الرأس الذي لم يعط تصويرا بطيئًا مفصلًا للحدث، متجاهلاً إياها بإقدام البطلة على مواصلة الحياة في هذا الوضع التأزمي.
الأبرز هنا ما قامت به هند صبري في هذا المشهد الذي حافظت فيه على التوازن بين التأثر من جرعة العلاج ولكن بشكل لا يجعل المشاهد يتألم، وهو أمر شديد الصعوبة في أن يحافظ الفنان على هذا الاتزان أمام مشاهد تفيض بالدراما البحتة، وبين هذه المشاهد التي لم تفرط كثيرًا في وجود البطلة بالمستشفى تظهر مناطق مضيئة مشرقة بالتطلع نحو حياة أفضل، فالبطلة تبدأ في التعرف على نماذج مرضية مختلفة من بينها مريض سرطان القولون "عّم نعيم" المشرق بالأمل رغم ندرة بقاء واستمرار أصحاب هذا النوع من المرض على قيد الحياة، وهناك "سليم" الذي يلعب دوره ظافر العابدين ويعاني من ورم بالمخ، و"هبة" الممثلة ياسمين غيث، مريضة سرطان الثدي وحفيدة النجمان الراحلان عبد الله غيث، وحمدي غيث.
تمنح هذه المجموعة قبلة الحياة لـ "أمينة" من خلال الذهاب إلى الأماكن المفتوحة ولعب رياضة اليوجا والتعرف على ماهو أعمق في نظرة الحياة لمريض السرطان حتى إن كان على علم بقصر مدة حياته مثل الحالة التي يعيشها "سليم" فالأمل في بقائه على قيد الحياة مرهونًا بإجرائه جراحة تحيطها المخاطر لذلك يتخذ قرار بأن يعيش أفكارًا مجنونة كلما خطرت بتفكيره حتى يتمتع بالحياة قبل نهاية الرحلة، وهنا ينقل "سليم" هذه الحالة الإيجابية إلى "أمينة" التي تبدأ هي الأخرى في تحسن حالتها الصحية بجانب متابعتها العلاجية مما يجعلها تشفى من المرض "لوكيميا" وتبدأ علاقة حب تنشأ بين الطرفين بشكل سريع يشوبها المخاوف فكلاهما لا يريد الدخول في حروب خاسرة فالبطل يعلم أنها الأيام الأخيرة في الحياة أما أمينة فصدمتها من ترك خطيبها لها بعد إصابتها بالمرض جعلها تشعر بعدم طمأنينة قدرًا ما.
حياة البهجة والتفاؤل التي يعيشها المشاهد العادي أمام حلقات هذا العمل ستشعره بالبهجة فما بالك بمن هو مريض بالأساس أو من يعنيه شأنه، هذه الطاقة الإيجابية التي دفعتني بالفعل للتفكير في مسار آخر بعيدًا عن الأحزان التي تعيش بها عائلتي، هنا يتحقق نجاح العمل في إضفائه قدرا من الأمل للمشاهد ودفعه للتفكير بعيدًا عن المسار السلبي الذي يحيط به في مثل هذه المواقف.
يضع صناع العمل أيضًا أيديهم على نقطة قد تؤرق مريض السرطان ممثلة في الخوف والهلع الزائد نحوه مما يشعره بضيق أكبر، هذا ما استشعرته أمينة تجاه والدتها ما جعلها تلجأ للهروب من هذه الحروب ومع سليم أيضًا ويتجلى ذلك في مشهد مشادة بين الأم التي تلعب دورها الفنانة أنوشكا وبين ابنتها بعد أن طالبت سليم بالابتعاد عنها عقب موقف جنوني دفع الاثنان خلاله لتناول "سيجارة حشيش" مما أدى لدخول الابنة إلى المستشفى.
برغم حالة الصدق في نقل تفاصيل واقع مريض السرطان ومحاولة إخراجه من هذا النفق المظلم إلا أن ثمة أمور تشوب المسألة مثل خروج "أمينة" الفوري مع الأصدقاء هنا وهناك بعد أخذها جرعة العلاج الكيماوي فربما يحدث هذا في بداية العلاج لكن ما إن دخل الجسم جلسة بعد أخرى يبدأ المريض في الشعور بالإرهاق والعصبية الزائدة في كثير من الأحيان وأعراض أخرى وهذا لم يظهر على "أمينة" إلا بمجرد ذكر على لسانها أنها تريد الخروج من المستشفى في بداية مراحلها الأولى من العلاج لضيقها من الأمر، وصحيح أن العمل غير موكل بنقل الواقع كاملًا إلا أنه كان لابد من إضفاء بعض المصداقية في مثل هذه المشاهد.
أيضًا يؤخذ على العمل أنه جعل الحياة سلسلة وبسيطة جدًا في هذا الشأن، يظهر ذلك في أن الصدفة قادت البطلة أن يكون عمها الذي يلعب دوره الفنان مصطفى فهمي طبيبًا للأورام وهو الذي يتولى علاجها، ولهذا أيضًا هي لم تدخل في مافيا هذا المرض الذي تمتلئ كواليسه بالعديد من الكوارث ما بين تشخيص خاطئ أو استغلال مادي لدى بعض الأطباء أو معاناة الإنفاق في مبالغ باهظة وهي معاناة عدد كبير من مرضى السرطان، ولكن ربما يكون ذلك أيضًا استمرارًا للحفاظ على شعار العمل بعدم الدخول في أية تفاصيل مأساوية.
هناك بعض الحلقات التي استهلكت فيها مشاهد جلسات مجموعة المرضى بشكل أضفى بعض الملل في بعض اللحظات أو بمعنى أدق أفقد حس التشوق لمتابعة ما هو أكثر إثارة في حياة الأبطال، بالإضافة إلى أنه كان هناك تركيز أكبر على شخصية "هبة" مريضة السرطان الحقيقية بالأحداث دون الأفراد الآخرى بالمجموعة المرضية دون توظيف فعلي لدورها الذي بدى لمجرد فتاة تحب الانطلاقة والضحك نحو الحياة رغم مرضها.
أما شخصية شقيقة البطلة "عاليا" التي تلعب دورها سلمى أبو ضيف فرغم تأثرها بعد نبأ إصابة "أمينة" بالمرض في البداية وحزنها إلا أن دورها الحقيقي تجلى في مساعدتها ووقوفها بجوار حبيبها "حسن" ومحاولة دعمه في عمله والتقرب إلى ابنته من زوجته الأولى أكثر من احتوائها ووقوفها بجانب شقيقتها، أما في حكاية "أمينة" و"سليم" فحتى هذه اللحظة لم تستطع الأولى تقديم الدعم النفسي له بالقدر الذي ساهم فيه في إضفائه عليها وكان عاملاً هامًا في شفائها.
ولكن بعيدًا عن ذلك فإنه يحسب للعمل أنه جعل هناك خيوطًا أخرى بعيدًا عن التوغل في تفاصيل المرض ممثلة في شخصية "شهد" الشقيقة الأخرى لـ "أمينة" و"عاليا" من زوجة الأب الثانية والتي ستفرز عن مواجهات قادمة بين الشقيقات، خصوصًا أن الأولى بدأت في علاقة مع "عمر" خطيب "أمينة" الذي تركها بعد مرضها، هذا بالإضافة لعلاقة رومانسية تبدو أنها كانت تجمع بين الأم والعم، والصديقة المطلقة "سارة" التي تلعب دورها حنان مطاوع وتعيش بدون عمل مما يجعلها تشعر باليأس والإحباط.
"حلاوة الدنيا" هو العمل التليفزيوني الثاني للمخرج حسين المنباوي بعد مسلسل "عد تنازلي" يبتعد فيه عن الاستسلام لتقديم دراما الأكشن، ليقدم مسلسلاً إنسانيًا محملاً بالعديد من المشاعر المختلفة في القصص والفئات العمرية.
يبقى مسلسل "حلاوة الدنيا" في مصاف الأعمال الرمضانية الهامة هذا العام، وبعيدًا عن أية مآخذ عليه أو نواقص فإنه يمثل حالة شديدة الخصوصية في التعرض لهذا المجتمع الذي لم تغزه الدراما التليفزيونية بشكل مفصل من قبل وربما تكون الحلقات المقبلة مسارًا لجعله في المراتب الأولى لقوائم الأفضل ولكن حتى إذا لم يحدث فيكفي حالة الاهتمام العربي التي ينالها العمل منذ بداية عرضه.
هنا بين هواجس المرض والاستسلام لفكرة الموت يخرج صناع "حلاوة الدنيا" خارج التفكير المأساوي لمريض السرطان والمحيطين به في نظرة تشع قدرًا من التفاؤل لدى لمن يشاهدها من أصحاب المرض أو غيرهم، وأعتقد أن هذا التفاؤل ربما يكون قد منح أيضًا صناع العمل إياهم لكي يمتلكوا طاقة إيجابية تساعدهم على تقديم أدوارهم.
قبل بداية مشاهدتي ترددت كثيرًا في رؤيته من منطلق "لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها" فالقدر شاء في الأشهر القليلة الماضية أن يعود السرطان لجسد والدتي بعد سنوات من التعافي وبعدها بفترة وجيزة ضرب المرض جسد شقيقتي ولا تزال العواصف بينهما مستمرة بين التمسك بالأمل والاستسلام لحديث الأطباء الذي يحمل في مجمله المخاوف وقدرًا ضئيلاً من الطمأنينة.
اعتقدت في بداية متابعتي للعمل أنني سأشاهد مصيرًا مؤلمًا على الشاشة كالواقع الذي أعيشه الآن، بالفعل تفاعلت مع الحلقات الأولى من العمل التي ظهرت فيها بطلته "أمينة الشماع" التي تلعب دورها الفنانة هند صبري تعيش لحظات الصدمة ومحاولة تقبل القدر بعد علمها بخبر إصابتها بالمرض، ولعلي تفاعلت أكثر مع هذه المشاهد عن أخرى لكونها الأكثر اتساقًا مع لحظات عايشتها خلال الفترة الماضية مع شقيقتي تحديدًا لتقارب شخصيتها مع البطلة.. تلك اللحظات التي لا يفارق فيها المريض البكاء.. ويشعر بكونها اللحظات الأخيرة من العمر ممثلة في نظرات الوداع للمحيطين به، وهاتف المحمول الذي لا يفارق يد المريض يبحث خلاله عن حقيقة مرضه والآثار الجانبية للعلاج الكيماوي، وأخرى.
كل هذه اللحظات في حقيقة الأمر عبرت عنها هند صبري بصدق واضح في نظرات عينيها التي تلخص ما تفكر به أو تريد قوله، هنا قررت التوقف عن المتابعة في البداية لكن الفضول في معرفة حلاوة الدنيا كما يحمل عنوان العمل دفعني لمواصلة المشاهدة.
تبدأ أمينة في تلقي جلسات العلاج الكيماوي والحقيقة أنني لم أنفعل مع هذه المشاهد كالتي كانت في البداية والتي بدت فيها هند أقرب لواقع شخصية مريضة حقيقية حيث جاءت مشاهد العلاج "حيادية المشاعر" لا تحس على الدخول في نوبة بكاء أو التوقف عن المشاهدة، ورغم أنني ألقيت باللوم على صناع العمل في البداية في هذه المسألة لكني عدت سريعًا وتذكرت شعار العمل "حلاوة الدنيا" هذا العنوان الذي يفرض ذاته في هذا المشهد ويحسب لفريق العمل الذين لم يريدوا إفساد المتابعة بمشاهد مأساوية أو قد تزيد من ألم المريض حتى أن حركة الكاميرا مرت سريعًا في أقل من الثانية على محلول الكيماوي عاليًا في جسد بطلته، وهو ما حدث أيضًا في مشهد حلاقة الرأس الذي لم يعط تصويرا بطيئًا مفصلًا للحدث، متجاهلاً إياها بإقدام البطلة على مواصلة الحياة في هذا الوضع التأزمي.
الأبرز هنا ما قامت به هند صبري في هذا المشهد الذي حافظت فيه على التوازن بين التأثر من جرعة العلاج ولكن بشكل لا يجعل المشاهد يتألم، وهو أمر شديد الصعوبة في أن يحافظ الفنان على هذا الاتزان أمام مشاهد تفيض بالدراما البحتة، وبين هذه المشاهد التي لم تفرط كثيرًا في وجود البطلة بالمستشفى تظهر مناطق مضيئة مشرقة بالتطلع نحو حياة أفضل، فالبطلة تبدأ في التعرف على نماذج مرضية مختلفة من بينها مريض سرطان القولون "عّم نعيم" المشرق بالأمل رغم ندرة بقاء واستمرار أصحاب هذا النوع من المرض على قيد الحياة، وهناك "سليم" الذي يلعب دوره ظافر العابدين ويعاني من ورم بالمخ، و"هبة" الممثلة ياسمين غيث، مريضة سرطان الثدي وحفيدة النجمان الراحلان عبد الله غيث، وحمدي غيث.
تمنح هذه المجموعة قبلة الحياة لـ "أمينة" من خلال الذهاب إلى الأماكن المفتوحة ولعب رياضة اليوجا والتعرف على ماهو أعمق في نظرة الحياة لمريض السرطان حتى إن كان على علم بقصر مدة حياته مثل الحالة التي يعيشها "سليم" فالأمل في بقائه على قيد الحياة مرهونًا بإجرائه جراحة تحيطها المخاطر لذلك يتخذ قرار بأن يعيش أفكارًا مجنونة كلما خطرت بتفكيره حتى يتمتع بالحياة قبل نهاية الرحلة، وهنا ينقل "سليم" هذه الحالة الإيجابية إلى "أمينة" التي تبدأ هي الأخرى في تحسن حالتها الصحية بجانب متابعتها العلاجية مما يجعلها تشفى من المرض "لوكيميا" وتبدأ علاقة حب تنشأ بين الطرفين بشكل سريع يشوبها المخاوف فكلاهما لا يريد الدخول في حروب خاسرة فالبطل يعلم أنها الأيام الأخيرة في الحياة أما أمينة فصدمتها من ترك خطيبها لها بعد إصابتها بالمرض جعلها تشعر بعدم طمأنينة قدرًا ما.
حياة البهجة والتفاؤل التي يعيشها المشاهد العادي أمام حلقات هذا العمل ستشعره بالبهجة فما بالك بمن هو مريض بالأساس أو من يعنيه شأنه، هذه الطاقة الإيجابية التي دفعتني بالفعل للتفكير في مسار آخر بعيدًا عن الأحزان التي تعيش بها عائلتي، هنا يتحقق نجاح العمل في إضفائه قدرا من الأمل للمشاهد ودفعه للتفكير بعيدًا عن المسار السلبي الذي يحيط به في مثل هذه المواقف.
يضع صناع العمل أيضًا أيديهم على نقطة قد تؤرق مريض السرطان ممثلة في الخوف والهلع الزائد نحوه مما يشعره بضيق أكبر، هذا ما استشعرته أمينة تجاه والدتها ما جعلها تلجأ للهروب من هذه الحروب ومع سليم أيضًا ويتجلى ذلك في مشهد مشادة بين الأم التي تلعب دورها الفنانة أنوشكا وبين ابنتها بعد أن طالبت سليم بالابتعاد عنها عقب موقف جنوني دفع الاثنان خلاله لتناول "سيجارة حشيش" مما أدى لدخول الابنة إلى المستشفى.
برغم حالة الصدق في نقل تفاصيل واقع مريض السرطان ومحاولة إخراجه من هذا النفق المظلم إلا أن ثمة أمور تشوب المسألة مثل خروج "أمينة" الفوري مع الأصدقاء هنا وهناك بعد أخذها جرعة العلاج الكيماوي فربما يحدث هذا في بداية العلاج لكن ما إن دخل الجسم جلسة بعد أخرى يبدأ المريض في الشعور بالإرهاق والعصبية الزائدة في كثير من الأحيان وأعراض أخرى وهذا لم يظهر على "أمينة" إلا بمجرد ذكر على لسانها أنها تريد الخروج من المستشفى في بداية مراحلها الأولى من العلاج لضيقها من الأمر، وصحيح أن العمل غير موكل بنقل الواقع كاملًا إلا أنه كان لابد من إضفاء بعض المصداقية في مثل هذه المشاهد.
أيضًا يؤخذ على العمل أنه جعل الحياة سلسلة وبسيطة جدًا في هذا الشأن، يظهر ذلك في أن الصدفة قادت البطلة أن يكون عمها الذي يلعب دوره الفنان مصطفى فهمي طبيبًا للأورام وهو الذي يتولى علاجها، ولهذا أيضًا هي لم تدخل في مافيا هذا المرض الذي تمتلئ كواليسه بالعديد من الكوارث ما بين تشخيص خاطئ أو استغلال مادي لدى بعض الأطباء أو معاناة الإنفاق في مبالغ باهظة وهي معاناة عدد كبير من مرضى السرطان، ولكن ربما يكون ذلك أيضًا استمرارًا للحفاظ على شعار العمل بعدم الدخول في أية تفاصيل مأساوية.
هناك بعض الحلقات التي استهلكت فيها مشاهد جلسات مجموعة المرضى بشكل أضفى بعض الملل في بعض اللحظات أو بمعنى أدق أفقد حس التشوق لمتابعة ما هو أكثر إثارة في حياة الأبطال، بالإضافة إلى أنه كان هناك تركيز أكبر على شخصية "هبة" مريضة السرطان الحقيقية بالأحداث دون الأفراد الآخرى بالمجموعة المرضية دون توظيف فعلي لدورها الذي بدى لمجرد فتاة تحب الانطلاقة والضحك نحو الحياة رغم مرضها.
أما شخصية شقيقة البطلة "عاليا" التي تلعب دورها سلمى أبو ضيف فرغم تأثرها بعد نبأ إصابة "أمينة" بالمرض في البداية وحزنها إلا أن دورها الحقيقي تجلى في مساعدتها ووقوفها بجوار حبيبها "حسن" ومحاولة دعمه في عمله والتقرب إلى ابنته من زوجته الأولى أكثر من احتوائها ووقوفها بجانب شقيقتها، أما في حكاية "أمينة" و"سليم" فحتى هذه اللحظة لم تستطع الأولى تقديم الدعم النفسي له بالقدر الذي ساهم فيه في إضفائه عليها وكان عاملاً هامًا في شفائها.
ولكن بعيدًا عن ذلك فإنه يحسب للعمل أنه جعل هناك خيوطًا أخرى بعيدًا عن التوغل في تفاصيل المرض ممثلة في شخصية "شهد" الشقيقة الأخرى لـ "أمينة" و"عاليا" من زوجة الأب الثانية والتي ستفرز عن مواجهات قادمة بين الشقيقات، خصوصًا أن الأولى بدأت في علاقة مع "عمر" خطيب "أمينة" الذي تركها بعد مرضها، هذا بالإضافة لعلاقة رومانسية تبدو أنها كانت تجمع بين الأم والعم، والصديقة المطلقة "سارة" التي تلعب دورها حنان مطاوع وتعيش بدون عمل مما يجعلها تشعر باليأس والإحباط.
"حلاوة الدنيا" هو العمل التليفزيوني الثاني للمخرج حسين المنباوي بعد مسلسل "عد تنازلي" يبتعد فيه عن الاستسلام لتقديم دراما الأكشن، ليقدم مسلسلاً إنسانيًا محملاً بالعديد من المشاعر المختلفة في القصص والفئات العمرية.
يبقى مسلسل "حلاوة الدنيا" في مصاف الأعمال الرمضانية الهامة هذا العام، وبعيدًا عن أية مآخذ عليه أو نواقص فإنه يمثل حالة شديدة الخصوصية في التعرض لهذا المجتمع الذي لم تغزه الدراما التليفزيونية بشكل مفصل من قبل وربما تكون الحلقات المقبلة مسارًا لجعله في المراتب الأولى لقوائم الأفضل ولكن حتى إذا لم يحدث فيكفي حالة الاهتمام العربي التي ينالها العمل منذ بداية عرضه.
تعليقات
إرسال تعليق