ترامب .. و«ميراث» بريجينسكى
المصدر الاهرام . الاسبوع العالمي
«لدينا فكرة عن إيمانكم العظيم بالله.. ونحن على ثقة بأنكم ستنتصرون.. تلك الأرض هناك هى أرضكم سوف تعودون إليها فى يوم من الأيام، لأن نضالكم سوف يسود، وستملكون بيوتكم ومساجدكم مرة أخري».
ربما تكون هذه أول بذور الفتنة والإرهاب الدولى التى زرعها السياسى الأمريكى الراحل زبيجنيو بريجينسكى مستشار الأمن القومى فى عهد الرئيس الأسبق جيمى كارتر، وتحديدا فى أفغانستان، عندما قررت واشنطن دعم التكفيريين الأوائل فى تنظيم القاعدة الإرهابي، الذين كان يطلق عليهم «المجاهدون الأفغان».
فقد استحدث بيرجينسكى الفكر التكفيرى كسلاح غير مسبوق للتصدى للاتحاد السوفييتى السابق، وذلك فى إطار استراتيجية محكمة للسيطرة الأمريكية الفكرية والاقتصادية على العالم.
ولكن تأتى الانتخابات بما لا تشتهى السفن السياسية، فانتخاب الرئيس دونالد ترامب قلب الموازين الأمريكية، حيث قرر أن يضرب باستراتيجيات بريجينسكى للسيطرة عرض الحائط، وهو ما يدفعنا للتساؤل عما إذا كان الحصار الذى تواجهه قطر الآن هو بداية النهاية لسلاح الإرهاب الأمريكى الذى فتك بالعالم لعقود طويلة؟
ليس هناك شك فى أن صعود ترامب إلى البيت الأبيض جاء كصدمة للنخبة السياسية الأمريكية، ومن خلفها أجهزة الأمن ووسائل الإعلام الأمريكية، التى تبدو كما لو كانت تتضامن لتقويض حكم ترامب والدفع بكل الطرق لعزله إن أمكن.
ويبدو أن هذا التوجه لا يأتى من فراغ، فترامب دخيل على الأوساط السياسية، فقد جاء وفى جعبته أفكار من خارج الصندوق الأمريكي، ليعمل ضد أفكار ونظريات السياسى المحنك البولندى الأصل بريجنسكي، الذى التزمت الإدارات الأمريكية المتعاقبة بسياساته، فكان سلاح التكفيريين أول ما تلجأ إليه المخابرات والنخب الحاكمة فى واشنطن لفرض السيطرة على العالم.
لقد كانت البداية الحقيقية للإرهاب الدولى من أفغانستان، وفى أول ظهور للقاعدة كحركة «جهادية» بتمويل عربى ومساعدات أمريكية للقضاء على الاتحاد السوفييتي، إلا أن الأمر لم يقف عند هذا الحد. فبعد نجاحها فى مهمتها، تركتها واشنطن لتنشر سمومها فى المطلق، فلم يكن أسامة بن لادن سوى عميل مخابراتيا حينذاك، ونجح فى تجنيد عشرات الآلاف من الشباب فى الثمانينيات من القرن الماضي،الذين تعرضوا لعملية تلاعب وحشية بأفكار حولتهم فى النهاية إلى وحوش بشرية يصعب السيطرة عليها، فما كان إلا أن ارتد السحر على الساحر ووقعت اعتداءات 11 سبتمبر 2001 لتشير واشنطن بأصابع الاتهام إلى عميلها بن لادن وأتباعه. ولكن يبدو أن الولايات المتحدة لم تع الدرس جيدا، فالمؤشرات كلها تؤكد أنها لجأت إلى هذا التفكير مجددا لتبرير غزوها للعراق، وبعدها بسنوات لغزو سوريا هى الأخري.
ولا يمكن أن نتجاهل أن الحصار العربى الحالى لقطر - تحت رعاية أمريكية - يعتبر أكبر وأهم ضربة يوجهها ترامب إلى ميراث بريجينسكي. فقد وجه الرئيس الأمريكى اتهاما مباشرا للدوحة بإيواء وتمويل الجماعات الإرهابية، واعتبر أن هذا الحصار هو بداية النهاية للإرهاب فى العالم، وربما تجاهل ترامب فى هذا الإطار أن أمريكا هى من خلقت مثل هذه الجماعات وأخرجتها إلى النور، ولكن فى النهاية يبدو أنه سيكون صاحب قرار تصحيح المسار فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية.
ولم تقتصر نظريات بريجينسكى على دعم وتغذية الفكر التكفيرى والإرهابى كسبيل للسيطرة على العالم، لكنه أيضا صاحب نظرية «الغرب الكبير» والتى ركزت بالأساس على نشر الأيديولوجيات والمبادئ والمعايير الأمريكية حول العالم، وأكد أنه على الولايات المتحدة أن تلعب دورا مزدوجا يتمثل مبدئيا فى توحيد الغرب من خلال نشر وتوحيد الأفكار الغربية ولكن بسيطرة أمريكية.
أما الدور الآخر لواشنطن، فهو التمدد شرقا نحو الصين واليابان، مرورا بدول الشرق الأوسط، على أن تلعب دور الوسيط المتوازن.
وبالتالي، فهذا يعنى التوغل الأمريكى فى الشئون الأمنية والاقتصادية الأوروبية والروسية وحتى الصين، وهنا نأتى إلى نظرية «البلقان الأوراسية»، والتى برزت فى كتابه «رقعة الشطرنج»، والتى تؤكد على ضرورة استقطاب جمهوريات الاتحاد السوفيتى السابق ودول الشرق الأوسط قبل أن تقع فريسة سهلة لقوى مثل روسيا والصين، وهو ما سيساعد على تقويض نفوذ هذه الدول.
قد تكون توجهات ترامب بالفعل بداية لتحولات جذرية فى الأفكار والسياسات الأمريكية الخارجية والداخلية بشكل عام، ولكن لابد وأن نأخذ فى الحسبان أن أمريكا ربما تكون العقل المدبر والمحفز الرئيسى ضد قطر والجماعات التى تدعمها، فواشنطن لم تحرك ساكنا ضد الدوحة ولم تفرض عليها أى عقوبات، بل إن البنتاجون أكد أن قاعدته العسكرية لن تتحرك من الأراضى القطرية، وهو ما يعنى أن أمريكا لم ولن تتخلى نهائيا عن الفكر التكفيرى كسلاح بديل يمكن اللجوء إليه وقت الحاجة، ولكنه ليس سلاحها الرئيسى لفرض النفوذ على العالم.
فقد استحدث بيرجينسكى الفكر التكفيرى كسلاح غير مسبوق للتصدى للاتحاد السوفييتى السابق، وذلك فى إطار استراتيجية محكمة للسيطرة الأمريكية الفكرية والاقتصادية على العالم.
ولكن تأتى الانتخابات بما لا تشتهى السفن السياسية، فانتخاب الرئيس دونالد ترامب قلب الموازين الأمريكية، حيث قرر أن يضرب باستراتيجيات بريجينسكى للسيطرة عرض الحائط، وهو ما يدفعنا للتساؤل عما إذا كان الحصار الذى تواجهه قطر الآن هو بداية النهاية لسلاح الإرهاب الأمريكى الذى فتك بالعالم لعقود طويلة؟
ليس هناك شك فى أن صعود ترامب إلى البيت الأبيض جاء كصدمة للنخبة السياسية الأمريكية، ومن خلفها أجهزة الأمن ووسائل الإعلام الأمريكية، التى تبدو كما لو كانت تتضامن لتقويض حكم ترامب والدفع بكل الطرق لعزله إن أمكن.
ويبدو أن هذا التوجه لا يأتى من فراغ، فترامب دخيل على الأوساط السياسية، فقد جاء وفى جعبته أفكار من خارج الصندوق الأمريكي، ليعمل ضد أفكار ونظريات السياسى المحنك البولندى الأصل بريجنسكي، الذى التزمت الإدارات الأمريكية المتعاقبة بسياساته، فكان سلاح التكفيريين أول ما تلجأ إليه المخابرات والنخب الحاكمة فى واشنطن لفرض السيطرة على العالم.
لقد كانت البداية الحقيقية للإرهاب الدولى من أفغانستان، وفى أول ظهور للقاعدة كحركة «جهادية» بتمويل عربى ومساعدات أمريكية للقضاء على الاتحاد السوفييتي، إلا أن الأمر لم يقف عند هذا الحد. فبعد نجاحها فى مهمتها، تركتها واشنطن لتنشر سمومها فى المطلق، فلم يكن أسامة بن لادن سوى عميل مخابراتيا حينذاك، ونجح فى تجنيد عشرات الآلاف من الشباب فى الثمانينيات من القرن الماضي،الذين تعرضوا لعملية تلاعب وحشية بأفكار حولتهم فى النهاية إلى وحوش بشرية يصعب السيطرة عليها، فما كان إلا أن ارتد السحر على الساحر ووقعت اعتداءات 11 سبتمبر 2001 لتشير واشنطن بأصابع الاتهام إلى عميلها بن لادن وأتباعه. ولكن يبدو أن الولايات المتحدة لم تع الدرس جيدا، فالمؤشرات كلها تؤكد أنها لجأت إلى هذا التفكير مجددا لتبرير غزوها للعراق، وبعدها بسنوات لغزو سوريا هى الأخري.
ولا يمكن أن نتجاهل أن الحصار العربى الحالى لقطر - تحت رعاية أمريكية - يعتبر أكبر وأهم ضربة يوجهها ترامب إلى ميراث بريجينسكي. فقد وجه الرئيس الأمريكى اتهاما مباشرا للدوحة بإيواء وتمويل الجماعات الإرهابية، واعتبر أن هذا الحصار هو بداية النهاية للإرهاب فى العالم، وربما تجاهل ترامب فى هذا الإطار أن أمريكا هى من خلقت مثل هذه الجماعات وأخرجتها إلى النور، ولكن فى النهاية يبدو أنه سيكون صاحب قرار تصحيح المسار فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية.
ولم تقتصر نظريات بريجينسكى على دعم وتغذية الفكر التكفيرى والإرهابى كسبيل للسيطرة على العالم، لكنه أيضا صاحب نظرية «الغرب الكبير» والتى ركزت بالأساس على نشر الأيديولوجيات والمبادئ والمعايير الأمريكية حول العالم، وأكد أنه على الولايات المتحدة أن تلعب دورا مزدوجا يتمثل مبدئيا فى توحيد الغرب من خلال نشر وتوحيد الأفكار الغربية ولكن بسيطرة أمريكية.
أما الدور الآخر لواشنطن، فهو التمدد شرقا نحو الصين واليابان، مرورا بدول الشرق الأوسط، على أن تلعب دور الوسيط المتوازن.
وبالتالي، فهذا يعنى التوغل الأمريكى فى الشئون الأمنية والاقتصادية الأوروبية والروسية وحتى الصين، وهنا نأتى إلى نظرية «البلقان الأوراسية»، والتى برزت فى كتابه «رقعة الشطرنج»، والتى تؤكد على ضرورة استقطاب جمهوريات الاتحاد السوفيتى السابق ودول الشرق الأوسط قبل أن تقع فريسة سهلة لقوى مثل روسيا والصين، وهو ما سيساعد على تقويض نفوذ هذه الدول.
قد تكون توجهات ترامب بالفعل بداية لتحولات جذرية فى الأفكار والسياسات الأمريكية الخارجية والداخلية بشكل عام، ولكن لابد وأن نأخذ فى الحسبان أن أمريكا ربما تكون العقل المدبر والمحفز الرئيسى ضد قطر والجماعات التى تدعمها، فواشنطن لم تحرك ساكنا ضد الدوحة ولم تفرض عليها أى عقوبات، بل إن البنتاجون أكد أن قاعدته العسكرية لن تتحرك من الأراضى القطرية، وهو ما يعنى أن أمريكا لم ولن تتخلى نهائيا عن الفكر التكفيرى كسلاح بديل يمكن اللجوء إليه وقت الحاجة، ولكنه ليس سلاحها الرئيسى لفرض النفوذ على العالم.
تعليقات
إرسال تعليق