مصطفى بكرى يكتب: القواعد المنظمة لاتفاقية قانون البحار

المصدر الوطن
يثور جدل كبير هذه الأيام حول اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية، ويتجاهل الجميع الاتفاقية التى وقعتها مصر عام 1982، المسماة باتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، التى تعد المرجعية الأساس لاتفاقيات تعيين الحدود البحرية بين الدول، فما هذه الاتفاقية؟، وما الالتزامات التى تمليها على مصر فى ضوء التوقيع عليها؟
فى 10/12/1982، وقَّعت مصر على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار فى «منتيجوبى بجمايكا»، وبعدها مباشرة صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 145 لسنة 1983 بالموافقة على الاتفاقية، الذى نُشر فى الجريدة الرسمية بتاريخ 4/5/1995، وبمقتضى تلك الموافقة أصبحت الدولة المصرية ملتزمة أمام العالم بما ورد بهذه الاتفاقية من أحكام دولية، باعتبارها قانوناً واجبَ التطبيق فى الداخل المصرى، وفى علاقات مصر الإقليمية والدولية.
وقد نصت المادة الثانية من هذه الاتفاقية على أن «النظام القانونى للبحر الإقليمى وللحيز الجوى فوق البحر الإقليمى ولقاعه وباطن أرضه، ومن ضمنها امتداد سيادة الدولة الساحلية خارج إقليمها البرى أو مياهها الداخلية أو مياهها الأرخبيلية إلى حزام بحرى ملاصق يُعرف بالبحر الإقليمى، وتمتد هذه السيادة أيضاً إلى الحيز الجوى فوق البحر الإقليمى وكذلك إلى قاعه وباطن أرضه»، كما نصت المادة المذكورة على أن «ممارسة هذه السيادة على البحر الإقليمى مرهونة بمراعاة أحكام هذه الاتفاقية وغيرها من قواعد القانون الدولى».
مصر وقعت على الاتفاقية فى عام 82 و«مبارك» أصدر القرار «27» بشأن نقاط الأساس فى 1990.. لماذا وافقت مصر فى 2010 على خطوط الأساس السعودية دون تردد؟!.. ماذا يعنى الجرف القارى الذى نصت عليه الاتفاقية الدولية؟ وما التزامات مصر تجاهها؟!
وتنص المادة الثالثة من ذات الاتفاقية على أن: «لكل دولة الحق فى أن تحدد عرض بحرها الإقليمى بمسافة لا تتجاوز 13 ميلاً بحرياً مقيسة من خطوط الأساس المقررة وفقاً لهذه الاتفاقية»، أما المادة الرابعة من الاتفاقية ذاتها، فتنص على أن «الحد الخارجى للبحر الإقليمى هو الخط الذى يكون بُعد كل نقطة عليه عن أقرب نقطة على خط الأساس مساوياً لعرض البحر الإقليمى». وتتضمن الاتفاقية فى المادة السابعة تعريفاً لخطوط الأساس المستقيمة، عندما تقول إنه «حيث يوجد فى الساحل انبعاج عميق وانقطاع، أو حيث توجد سلسلة من الجزر على امتداد الساحل، وعلى مسافة قريبة منه مباشرة، يجوز أن تستخدم فى رسم خط الأساس الذى يقاس منه عرض البحر الإقليمى طريقة خطوط الأساس المستقيمة التى تصل بين نقاط مناسبة». وتقول: «وحيث يكون الساحل شديد التقلب بسبب وجود دلتا وظروف طبيعية أخرى، يجوز اختيار النقاط المناسبة على أبعد مدى باتجاه البحر من حد أدنى الجزر. وبغض النظر عما يحدث بعد ذلك من انحسار فى حد أدنى الجزر، تظل خطوط الأساس المستقيمة سارية المفعول، إلى أن تغيرها الدولة الساحلية وفقاً لهذه الاتفاقية».
وتنص هذه المادة على أنه: «يجب ألَّا ينحرف رسم خطوط الأساس المستقيمة أى انحراف ذى شأن عن الاتجاه العام للساحل، ويتعين أن تكون المساحات البحرية التى تقع داخل نطاق الخطوط مرتبطة بالإقليم البرى ارتباطاً وثيقاً كافياً لكى تخضع لنظام المياه الداخلية». كما نصت المادة على ألَّا تُرسم خطوط الأساس المستقيمة من المرتفعات التى تنحسر عنها المياه عند الجَزْر وإليها ما لم تكن قد بُنيت عليها منائر أو منشآت مماثلة تعلو دائماً سطح البحر، أو إلا فى الحالات التى تكون فيها خطوط الأساس من هذه المرتفعات وإليها قد حظيت باعتراف دولى عام. وحيث تكون طريقة خطوط الأساس المستقيمة قابلة للتطبيق بموجب الفقرة (1)، يجوز أن تؤخذ فى الاعتبار، فى تقرير خطوط أساس معينة، ما تنفرد به المنطقة المعنية من مصالح اقتصادية ثبت وجودها وأهميتها ثبوتاً جلياً بالاستعمال الطويل. وأشارت إلى أنه لا يجوز لدولة أن تطبق نظام خطوط الأساس المستقيمة على نحو يفصل البحر الإقليمى لدولة أخرى عن أعالى البحار أو عن المنطقة الاقتصادية الخالصة. وقد نصت المادة (16) من الاتفاقية المذكورة على ضرورة تبين خطوط الأساس لقياس عرض البحر الإقليمى والمحدد وفقاً للمواد (7، 9، 10) أو الحدود الناجمة عنها، وخطوط التحديد المرسومة وفقاً للمادتين 13 و15 على خرائط ذات مقياس أو مقاييس ملائمة للتثبت من موقعها، ويجوز كبديل، الاستعاضة عن ذلك بقائمة الإحداثيات الجغرافية للنقاط تعين المسند الجيوديسى.

مصر وقعت على الاتفاقية فى عام 82 و«مبارك» أصدر القرار «27» بشأن نقاط الأساس فى 1990.. لماذا وافقت مصر فى 2010 على خطوط الأساس السعودية دون تردد؟!.. ماذا يعنى الجرف القارى الذى نصت عليه الاتفاقية الدولية؟ وما التزامات مصر تجاهها؟!
وتُلزم هذه المادة الدولة الساحلية بالإعلان الواجب عن هذه الخرائط أو قوائم الإحداثيات الجغرافية. ونصت المادة 74 على تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة بين الدول ذات السواحل المتقابلة أو المتلاصقة، وذلك عن طريق الاتفاق على أساس القانون الدولى، كما أشير إليه فى المادة (38) من النظام الأساسى لمحكمة العدل الدولية من أجل التوصل إلى حد مُنصف.
وإذا تعذر التوصل إلى اتفاق فى غضون فترة معقولة من الزمن، لجأت الدولة المعنية إلى الإجراءات المنصوص عليها فى الجزء الخامس عشر من الاتفاقية. وبالرغم من ذلك، وفى انتظار التوصل إلى اتفاق وفقاً لما هو منصوص عليه فى الفقرة الأولى، تبذل الدول المعنية بروح من التفاهم والتعاون قصارى جهدها للدخول فى ترتيبات مؤقتة ذات طابع عملى، وتعمل خلال هذه الفترة الانتقالية على عدم تعريض التوصل إلى الاتفاق النهائى للخطر أو إعاقته، ولا تنطوى هذه الترتيبات على أى مساس بأمر تعيين الحدود النهائى. وأكدت الفقرة الرابعة أنه عند وجود اتفاق نافذ بين الدول المعنية، يُفصل فى المسائل المتصلة بتعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة وفقاً لأحكام ذلك الاتفاق، أما عن الخرائط وقوائم الإحداثيات الجغرافية، فإن المادة (75) من الاتفاقية البحرية تنص على: «ضرورة مراعاة تبيان خطوط الحد الخارجى للمنطقة الاقتصادية الخالصة وخطوط التحديد المرسومة وفقاً للمادة (74) على خرائط ذات مقاييس ملائمة للتثبت من موقعها، ويجوز -حين يكون ذلك مناسباً- الاستعاضة عن خطوط الحد الخارجى أو خطوط التحديد هذه بقوائم بالإحداثيات الجغرافية للنقاط تعين المسند الجيوديسى.
ويجب أن تعلن الدولة أيضاً الإعلان الواجب عن هذه الخرائط أو قوائم الإحداثيات الجغرافية، وتودع لدى الأمين العام للأمم المتحدة نسخة من كل خريطة أو قائمة منها»، أما المادة (309) من ذات الاتفاقية، فقد نصت على أنه: «لا يجوز إيراد تحفظات على هذه الاتفاقية أو استثناءات منها، ما لم تسمح بذلك صراحة مواد أخرى فى هذه الاتفاقية، بما يؤكد أن هناك التزامات متعددة تقع على عاتق الدولة المصرية نتيجة انضمامها إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وكذلك كونها صارت قانوناً من قوانين الدولة واجبة التطبيق. وهذه الالتزامات هى: الالتزام بإيداع خرائط توضح نقاط الأساس التى تُرسم على أساسها خطوط الأساس التى يبدأ من عندها قياس الحدود البحرية للدولة المصرية، مع جواز الاستعاضة عن تلك الخرائط بإيداع جداول بإحداثيات تلك النقاط وفقاً للنظام الدولى المقرر.
- الالتزام عند تعيين نقاط الأساس بمراعاة ألَّا تنحرف خطوط الأساس المرسومة على تلك النقاط انحرافاً ذا شأن عن الاتجاه العام للشاطئ.
- الالتزام بجميع أحكام الاتفاقية المذكورة باعتبارها وحدة واحدة، إذ إنه لا يجوز إيراد أى تحفظات على هذه الاتفاقية أو استثناءات منها.
- الالتزام العام المترتب على تلك الاتفاقية، الذى يقع على كافة الدول المنضمة والمتمثل فى ضرورة تعيين الحدود البحرية لكل دولة مع غيرها من الدول الأخرى، متقابلة كانت أم متلاصقة، متقاربة كانت أم متباعدة، وما يسبق هذا الالتزام من ضرورة بذل الدول المعنية، بروح من التفاهم والتعاون فيما بينها، قصارى جهدها للدخول فى ترتيبات مؤقتة ذات طابع عملى، والعمل خلال هذه الفترة الانتقالية على عدم تعريض التوصل إلى الاتفاق النهائى للخطر أو إعاقته، وعدم انطواء هذه الترتيبات على أى مساس بأمر تعيين الحدود النهائى».


الجزيرتين جزء لا يتجزأ من «الجرف القارى» للأراضى الحجازية والذى هو بمبثابة حجة وقاعدة أساسية عند خبراء المساحة البحرية والجيولوجية.. والفارق الزمنى بين الانضمام إلى الاتفاقية والالترام العملى بتنفيذها لا يغير من الأمر شىء
ولذلك كان طبيعياً -وفق هذا الالتزام المحدد، وبمقتضى توقيع مصر على تلك الاتفاقية- أن يصدر رئيس الجمهورية (الرئيس الأسبق حسنى مبارك) القرار الجمهورى رقم (27 لسنة 1990) المنشور بالجريدة الرسمية فى العدد رقم (3) بتاريخ 18 يناير 1990 بشأن خطوط الأساس التى تُقاس منها الحدود البحرية المصرية، والذى ينص على:
- المادة (1): يبدأ قياس المناطق البحرية الخاضعة لسيادة وولاية جمهورية مصر العربية بما فيها بحرها الإقليمى من خطوط الأساس المستقيمة التى تصل بين مجموعة النقاط المحددة بالإحداثيات الواردة فى المادة الثانية.
- وقد تضمنت المادة الثانية من هذا القرار الجمهورى جدولاً بإحداثيات نقاط الأساس التى تُرسم على أساسها خطوط الأساس المستقيمة، التى تُقاس منها الحدود البحرية المصرية، ولم يتضمن ذلك الجدول أى إحداثيات لنقاط أساس تقع على جزيرتَىْ تيران وصنافير. وبالقطع كان طبيعياً أن يلتزم القرار الجمهورى رقم (27 لسنة 1990) بنصوص اتفاقية الأمم المتحدة لأعالى البحار، خاصة ما يتعلق منه بمراعاة ألَّا تنحرف خطوط الأساس المرسومة على نقاط الأساس المبنية إحداثياتها بهذا القرار الجمهورى انحرافاً ذا شأن عن الاتجاه العام للشاطئ، وعددها (56) نقطة.
ومن هذا المنطلق كان طبيعياً على مصر أن تتجه وبموجب نص المادة (74/3) من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار عام 1982 إلى التحرك للدخول فى ترتيبات مؤقتة، وذلك فى سبيل تعيين الحدود البحرية الشرقية، خاصة مع المملكة العربية السعودية، قبيل الدخول فى مفاوضات ثنائية، وبما لا يعوق أمر تعيين الحدود البحرية النهائية بين البلدين.
وفى 2 مايو 1990، أبلغت مصر نص القرار الجمهورى المذكور فى الأمم المتحدة، ليبقى وثيقة قانونية ودولية. وفى 12 يناير من عام 2010 أصدرت المملكة العربية السعودية المرسوم الملكى رقم (م/4) بشأن خطوط الأساس للمناطق البحرية السعودية على البحر الأحمر وخليج العقبة وعددها (78) نقطة، وقد تم إيداع هذه النقاط فى الأمم المتحدة. وقد وافقت مصر على المرسوم الملكى السعودى بشأن خطوط الأساس المودعة، وبعثت بخطاب رسمى صادر عن وزارة الخارجية المصرية رداً على طلب سكرتير عام الأمم المتحدة فى 25 مارس 2010، حيث أكدت مصر فى ردها أنها سوف تتعامل مع خطوط الأساس الواردة إحداثياتها الجغرافية فى الجدول رقم (1) المرفق بالمرسوم الملكى رقم (م/4) بتاريخ 12/1/2010 المقابل للساحل المصرى فى البحر الأحمر شمال خط عرض (22)، الذى يمثل الحدود الجنوبية لمصر. ومن هنا يمكن القول إنه إذا كانت المادة (309) من الاتفاقية الدولية لقانون البحار لا تمنع إصدار الدول المعنية بيانات أو إعلانات تبدى فيها بعض الملاحظات على بعض ما يجرى الاتفاق عليه، فإن مصر لم تبدِ أى ملاحظة على مواضع نقاط الأساس التى تضمنها المرسوم الملكى السعودى، خاصة ما يقع منها على جزيرتَىْ «تيران وصنافير».
لقد استمرت الحكومة المصرية فى إجراء مباحثاتها مع المملكة العربية السعودية بعد تحديد خطوط الأساس وإبلاغها للأمم المتحدة، بهدف الاستمرار فى التفاوض حتى الوصول إلى توقيع الاتفاقية النهائية لتعيين الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية، وذلك انطلاقاً من التزام مصر بأحكام تلك الاتفاقية باعتبارها قانوناً داخلياً وفقاً لنص المادة (224) من الدستور المصرى الحالى، التى تقول: «كل ما قررته القوانين واللوائح قبل صدور الدستور تبقى نافذة، ولا يجوز تعديلها، ولا إلغاؤها إلا وفقاً للقواعد والإجراءات المقررة فى الدستور».
ومن ثم فإن اللجان المشتركة التى جرى تأسيسها عقدت أحد عشر اجتماعاً على مدى الفترة من 26 يناير 2010 حتى الاعتماد النهائى فى الفترة من 21 مارس إلى 17 أبريل 2016، حيث استندت فى تعيين الحدود البحرية بين البلدين إلى المرجع الفنى (S-51) الصادر عن المنظمة الدولية للهيدروجرافيا، وهو المرجع الذى يربط بين مواد اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، والنظريات الجيوديسية والهيدروجرافية وعلوم البحار، كما استندت إلى التطبيق الفنى لإجراءات تعيين الحدود البحرية وفقاً للنماذج الرياضية ذات الصلة، ومنها: المواد الخاصة بموضوع المرتفعات التى ينحسر عنها الماء عند الجَزْر (الباب الخامس) رقمى (8، 9)، والمواد الخاصة بموضوع الجرف القارى (الباب الخامس)، وأيضاً المواد الخاصة بموضوع تعيين الحدود البحرية بين الدول المتقابلة (الباب السادس).
ولم ينتهِ الأمر عند هذا الحد، بل تمت الاستعانة فى المباحثات بسوابق الاتفاقيات بين الدول، وذلك من خلال دراسة الاتفاقيات التى أبرمتها المملكة العربية السعودية مع الدول الأخرى فيما يخص تعيين الحدود البحرية للاستفادة منها أثناء المفاوضات، وأيضاً الاستفادة من أحكام محكمة العدل الدولية فى قضايا النزاع حول الحدود البحرية فى الحالات المشابهة. إن كل ذلك يؤكد -وفقاً للمعايير سالفة الذكر- أن الاتفاقية الموقعة فى 8 أبريل 2016 لم تتضمن تنازلاً عن أى جزء من إقليم الدولة المصرية، ولم تتضمن أى مخالفة لأحكام الدستور، فكما هو واضح وفقاً للاتفاقية، فإن الجزيرتين جزء لا يتجزأ من الجرف القارى للأراضى الحجازية (السعودية). وهذا الجرف القارى فى حال انخفاض المياه بنحو 100 متر ستظهر عنده الجزيرتان متصلتين بالأراضى البرية السعودية اتصالاً كاملاً.
ويُعَدُّ «الجرف القارى» بمثابة حُجة، وقاعدة أساسية عند خبراء المساحة البحرية والجيولوجية وقواعد اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، ولا تعترف المنظمة البحرية الدولية بأى اتفاقات تتجاهل الجرف القارى لأى من الدول الموقعة. وإذا افترضنا أن الجزيرتين مصريتان، كما يردد البعض، فهنا يثور السؤال: وما وضع المياه الداخلية بينهما وبين الساحل الشرقى السعودى؟ وهل يمكن حرمان المملكة العربية السعودية من وجود مياه إقليمية خاصة بها؟ وهل هناك أى ساحل لأى دولة بدون مياه إقليمية؟! إن الخرائط الوحيدة المعترف بها دولياً هى الخرائط المعتمدة من المنظمة الدولية للهيدروجرافيا والمحددة فى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وهى مصمَّمة بمقياس رسم محدد لتوقيع خطوط الحدود البحرية عليها.
ومن ثم يمكن القول -وفقاً لهذه الاتفاقية- إن كافة الخرائط الطبوغرافية التى تم تداولها أمام المحاكم التى نظرت قضية اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والمملكة السعودية، لا تمت بأى صلة مباشرة أو غير مباشرة لقواعد الاتفاقية الدولية لقانون البحار، ما يعنى أنه سيتم رفضها حال تقديمها لأى سبب كان.
إن توقيع اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين البلدين لم يأتِ إلا تنفيذاً للالتزامات الدولية لمصر، فى إطار عضويتها فى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار عام 1982، لتعيين الحدود البحرية مع أى دولة مقابلة أو مجاورة لها. ومهما كان الفارق الزمنى بين الانضمام إلى الاتفاقية والالتزام العملى بتنفيذها، فإن ذلك لا يغير من الأمر شيئاً. وفى 8/4/2016 تم التوقيع على اتفاقية الحدود البحرية بين البلدين بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى والملك سلمان بن عبدالعزيز، ووقَّع على الاتفاقية من الجانب المصرى رئيس الوزراء شريف إسماعيل، ومن الجانب السعودى ولى ولى العهد الأمير محمد بن سلمان النائب الثانى لرئيس الوزراء ووزير الدفاع. وقد تضمنت الاتفاقية «اتفاق البلدين على تعيين الحدود البحرية بينهما» وفقاً لما يلى:
المادة الأولى:
1- يبدأ خط الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية من نقطة الالتقاء المشتركة للحدود البحرية المصرية - السعودية -الأردنية فى خليج العقبة، التى سيتم الاتفاق عليها لاحقاً بين الدول الثلاث.
2- يمتد خط الحدود البحرية بين البلدين من نقطة الالتقاء المشتركة للحدود البحرية المذكورة فى الفقرة (1) من هذه المادة إلى نقطة خط الحدود البحرية رقم (1)، ومنها يمتد فى خطوط مستقيمة تصل بين نقاط خط الحدود البحرية بين البلدين فى خليج العقبة والبحر الأحمر حتى نقطة خط الحدود البحرية رقم (16)، وفقاً للإحداثيات الجغرافية لنقاط خط الحدود البحرية بين البلدين.
3- إن النظام الجيوديسى (WGS -84) هو مرجع الإحداثيات الجغرافية لنقاط خط الحدود البحرية المذكورة فى هذه المادة. (راجع ملحق الوثائق)
المادة الثانية:
1- مرفق بهذه الاتفاقية خارطة مجمعة من خارطتى الأدميرالية البريطانية رقم (851) ورقم (951) بمقياس رسم (750000:1) موقع عليها من البلدين، توضح خط الحدود البحرية بينهما، وتكون هذه الخارطة للإيضاح فقط.
2- يكون المرجع الأساسى لخط الحدود البحرية بين البلدين هو الإحداثيات الجغرافية لمواقع نقاط خط الحدود البحرية الواردة فى المادة الأولى من هذه الاتفاقية.
المادة الثالثة:
1- يتم التصديق على هذه الاتفاقية وفقاً للإجراءات القانونية والدستورية فى كلا البلدين، وتدخل حيز النفاذ من تاريخ تبادل وثائق التصديق عليها.
2- يتم إخطار الأمين العام للأمم المتحدة بهذه الاتفاقية لتسجيلها وفقاً لأحكام المادة (201) من ميثاق الأمم المتحدة، بعد دخولها حيز النفاذ. وتمت كتابة هذه الاتفاقية من نسختين أصليتين باللغة العربية، وتم التوقيع عليهما بمدينة القاهرة فى جمهورية مصر العربية فى يوم الجمعة الأول من شهر رجب عام 1437هـ الموافق الثامن من شهر أبريل عام 2016.
** لقد جاءت المادة الأولى من اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين البلدين لتؤكد على تعيين الحدود بين مصر والسعودية والأردن وفقاً للخط العمودى المسمى بالخط المُنَصف يبدأ من أول نقطة أساس وينتهى فى آخر نقطة أساس، بحيث تبدأ السعودية والأردن أولاً، ثم يبدأ المقياس بين مصر والسعودية فى مرحلة لاحقة، وفق تحديد النقاط الـ(61) الطولية والعرضية. ويحدَّد البند الثانى انطلاقاً من نقاط الأساس التى أودعتها المملكة العربية السعودية فى الأمم المتحدة، ثم قامت بإرسالها إلى اللجنة القومية العليا للبحار فى مصر، فقد تم الانطلاق من النقطة الأولى حتى نقطة الحدود الدولية رقم (61)، حيث ينص القانون الدولى على الانطلاق من أعلى نقطة، ثم أعلى نقطة بعدها، حيث يتم الانطلاق من أول نقطة الأردن، ويظل المضى بخط معوج حتى النقطة 61 التى تقف عند الحدود الدولية فى شلاتين، والتى تحمل اعترافاً من السعودية بأن حلايب وشلاتين هما ضمن الحدود المصرية عند خط عرض (22).
أما عن الفقرة الثالثة التى تتحدث عن النظام «الجيوديسى»، فهو نظام منصوص عليه فى قانون واتفاقية الأمم المتحدة للبحار عام 1982، وهو عبارة عن 15 جزءاً، الجزء الثانى منه يتحدث عن المياه الإقليمية، والجزء الخامس يتحدث عن المنطقة الاقتصادية الخالصة. وهذا المقياس، هو مقياس بحرى يستخدم فى القياس على الخرائط الأدميرالية، باعتبارها أول خرائط وُضعت للبحار ومعترف بها دولياً. أما عن المادة الثانية فقرة (1)، فهى ترفق بهذه الاتفاقية خارطة مجمعة من خارطتى الأدميرالية البريطانية رقمى (851)، و(951) توضح خط الحدود البحرية بينهما، وهى خرائط خاصة بمقياس البحر.
وتعتبر الفقرة (2) من المادة (2) أن المرجع الأساس لخط الحدود البحرية بين البلدين هو الإحداثيات الجغرافية لمواقع نقاط خط الحدود البحرية الواردة فى المادة الأولى من هذه الاتفاقية، أى أنها تؤكد أن ترسيم الحدود والمرجع الأساس، وتحديد هذه النقاط من خط طول وخط عرض، يمكن الرجوع إليها حال حدوث أى أزمات أو مشكلات أو البحث عن الثروات المعدنية كالنفط والغاز وغيرها.
أما المادة الأخيرة فتتعلق بالتصديق على الاتفاقية وفقاً للإجراءات القانونية والدستورية، وقد قامت السعودية بالتصديق على الاتفاقية من مجلس الشورى، وقد قامت الحكومة المصرية بإرسال نص الاتفاقية إلى مجلس النواب المصرى فى 29/12/2016 وحال الموافقة عليها يتم إخطار الأمم المتحدة بالاتفاقية لتسجيلها واعتمادها.

تعليقات

المشاركات الشائعة