تونس تطارد فساد «القطط السمان»
المصدر الاهرام . اخبار العرب . تيارات عربية
قبل مساء 23 مايو الماضي بدا أن الحكومة التونسية برئاسة يوسف الشاهد وكأنها علي «جهاز الانعاش». ما ان تخرج من أزمة حتي تقع في أخري .
في نهاية العام كانت أزمة تمرير موازنة الدولة الجديدة مع اتحاد الشغل ( العمال). .ثم تكررت الأزمة مع الاتحاد عند التعديل الوزاري فبراير الماضي وامتدت حتي التغيير الثاني واقالة وزيرة المالية ووزير التربية والتعليم نهاية إبريل.و وجد الشاهد وحكومته نفسيهما أمام أزمة انخفاض قيمة الدولار بحول مطلع مايو بعيد زيارة وفد صندوق النقد الدولي . وبدا وأن القاء الرئيس السبسي بثقله خلف الشاهد وحكومته في خطاب 10 مايو قبلة حياةأ بقت علي الحكومة ، ولو مع الاستمرار علي «جهاز الانعاش». وهذا لأن تدهور شعبية الشاهد وحكومته بلغ حدا غير مسبوق مع انتشار وتصاعد الاحتجاجات الاجتماعية وصولا الي منابع النفط بالجنوب ( ولاية تطاوين واعتصام الكامور ) والانزلاق الي مواجهات ومصادمات أسفرت عن أول شهيد علي يد الشرطة بعد ثورة 2011 ،وقبيل أيام معدودة من اعلان بدء الحملة ضد الفساد والقطط السمان مساء الثالث والعشرين من مايو .
حكومة لا يمر شهر واحد عليها منذ تشكيلها في أغسطس 2016 بعنوان «الوحدة الوطنية» إلا واجتازت أزمة.وهي في وضع مأزوم في رأي البعض. ولكنها عند آخرين أقوي من كل الأزمات، أوأنها هكذا هي اللعبة الديموقراطية . إلا أن المؤكد أن الحكومة تآكل حزام دعمها الحزبي والسياسي بسحب غير حزب تأييده و باستمرار الخلافات والصراعات داخل الحزب الأول في انتخابات 2014 «حركة نداء تونس»، وبعضها مع الشاهد نفسه وضده . ولا شك ان بدء الحملة علي الفساد باعتقال ثمانية من كبار رجال الأعمال والمهربين من منطقتي الساحل والوسط الغربي ـ يتقدمهم « شفيق جراية » الأسم المتداخل مع الحياة الحزبية والسياسية بما في ذلك حزب النداء نفسه ـ قد رفع علي نحو مفاجيء وكبير من شعبية الشاهد وحكومته . وهذا ما تؤكده استطلاعات الرأي علي مدي الأيام الماضية . بل ومنحهما تأييدا من قيادات حزبية وفي المجتمع المدني ظلت دوما محسوبة علي المعارضة . ولاشك أن «الاجراءات الاستثنائية» للحملة ألهبت الحماسة والخيال .فقد توالت أنباء قرارات الاعتقال والايداع رهن الاقامة الجبرية بمقتضي قانون للطوارئ يعود الي عام 1978 ثم الاحالة للنيابة العسكرية بتهم تتعلق الي جانب الفساد بأمن الدولة .و بقدر ما تفهمها القطاع الأكبر من الرأي العام لاعتقاده في عدم فاعلية القضاء العادي و خطورة الأسماء المتهمة و درجة نفاذها داخل دواليب السياسة والادارة والإعلام والاقتصاد سرعان ما جلبت موجات ارتدادية مشككة. فمن جانب هناك من اتخذ من الاجراءات الاستثنائية خارج منظومة الحقوق المضمونة في الدستور تعلة للهجوم علي الحملة والدفاع عن رجال أعمال طالما استثمروا المال الفاسد في الإعلام صحفا وفضائيات تليفزيونية واذاعات .ومن جانب آخر هناك من تخوف من أن يتسبب هكذا تكييف وأساس قانونيين للاجراءات في أن تنتهي الحملة الي لاشىء وأن يتضح لاحقا ـ وفق قول معارضين وحقوقيين ـ أن كل هذه الضجة مجرد «بالون منتفخ» بهواء يتسرب أو قابل للانفجار بين لحظة وأخري .
حملة 23 مايو علي القطط السمان بتونس تعني أن الشاهد وبعد مرور نحو تسعة أشهر علي حكومته بدأ للتو ينفذ ما ظل يعد به منذ يومها الأول بملاحقة الفاسدين الكبار.ولعل الأخطر والأهم هنا أن الحملة اتجهت الي حقلين علي تعلقهما بأمن البلاد محفوفين بكثير مخاطر :الأول التهريب وباروناته وشبكاته . ولا يتعلق الأمر هنا وحسب بالنمو المتوحش للاقتصاد الموازي والتهرب من الجمارك .وهي أمور كان عماد الطرابلسي صهر الرئيس المخلوع بن علي قد كشف عن بعض آلياتها في شهادته لهيئة الحقيقة والكرامة المذاعة في19 مايو . بل الأخطر و الأهم ايضا في هذا السياق مدي الترابط بين التهريب والإرهاب وشبكات هذا وخلايا تلك . وعلي مدي الأسبوع الماضي وردت أنباء من جهات التحقيق تفيد تشابك الخيوط بين الإرهاب وفساد التهريب . بل وعلي نحو عابرللحدود تونس،وبخاصة نحو حقل الميليشيات والفوضي شرقا في ليبيا . أما الأمر الثاني فيتعلق بتداعيات فتح صندوق الأعاجيب والمفاجآت المعنون بـ «المال السياسي الفاسد» وصلاته مع أحزاب و مؤسسات إعلام وتأثيراته عليها. وفي هذا السياق ثمة من يتخوف علي الشاهد وحكومته ذاتها من ارتدادات ضد حزب نداء تونس وكتلته البرلمانية ، وبخاصة أن الانتخابات البلدية تقترب و مقرر لها 17 ديسمبر المقبل . والسيناريو الأصعب للشاهد هنا هو أن يصبح وحكومته هدفا لضغوط أشرس من داخل الحزب ومجموعات المصالح الاقتصادية والسياسية المرتبطة به . بل قد ينتهي الشاهد ـ وفق ما قاله مصدر بالعاصمة ـ بعد أن بدأ برفع اسهم شعبيته وانقاذ حكومته الي كمن أطلق النار علي قدميه.
في الخطاب السائد المرافق لحملة ملاحقة «القطط السمان» وفي أعلي مستويات مؤسسات الدولة والحكم ربط مع الحرب علي الارهاب ، وكون أن الحرب هنا وهناك قتال علي جبهتين مترابطتين، ولا تقل الواحدة منهما خطورة عن الأخري . وثمة اعتقاد بأن كسب الحرب علي الإرهاب كما تهدئة غليان الاحتجاجات الاجتماعية علي خلفية مطالبة الشباب بالحق في العمل وبتنمية الجهات المهمشة تاريخيا وجغرافيا تحتاج الي مصداقية الحكم ومؤسساته .وهذا لن يكون إلا بفتح جبهة مكافحة الفساد والمضي في الحرب ضد الفاسدين . لكن المصداقية تتعلق أيضا بمستقبل مشروع قانون المصالحة الاقتصادية والمالية .وقبل أيام معدودة من 23 مايو كانت الحملة لاسقاط هذا القانون تكتسب زخما كبيرا في الشارع وداخل البرلمان ،وحتي بين الأحزاب التي مازالت في حكومة الشاهد . وفي رأي البعض فإن انطلاق الحملة ضد الفساد يضعف من فرص تمرير المصالحة مع رجال أعمال وإدارة بن علي الفاسدين . لكن ثمة من يقول إن الشاهد والأحزاب الشريكة في حكومته سوف تستخدم هذه الحملة لتمرير مصالحة مع ادخال بعض التعديلات علي مشروع القانون . والثابت أن مناقشة القانون تتأجل في البرلمان ،وبخاصة بعد بدء حملة ملاحقة بعض القطط السمان . وتبقي الأيام المقبلة شاهدة علي ما سيكون .
حكومة لا يمر شهر واحد عليها منذ تشكيلها في أغسطس 2016 بعنوان «الوحدة الوطنية» إلا واجتازت أزمة.وهي في وضع مأزوم في رأي البعض. ولكنها عند آخرين أقوي من كل الأزمات، أوأنها هكذا هي اللعبة الديموقراطية . إلا أن المؤكد أن الحكومة تآكل حزام دعمها الحزبي والسياسي بسحب غير حزب تأييده و باستمرار الخلافات والصراعات داخل الحزب الأول في انتخابات 2014 «حركة نداء تونس»، وبعضها مع الشاهد نفسه وضده . ولا شك ان بدء الحملة علي الفساد باعتقال ثمانية من كبار رجال الأعمال والمهربين من منطقتي الساحل والوسط الغربي ـ يتقدمهم « شفيق جراية » الأسم المتداخل مع الحياة الحزبية والسياسية بما في ذلك حزب النداء نفسه ـ قد رفع علي نحو مفاجيء وكبير من شعبية الشاهد وحكومته . وهذا ما تؤكده استطلاعات الرأي علي مدي الأيام الماضية . بل ومنحهما تأييدا من قيادات حزبية وفي المجتمع المدني ظلت دوما محسوبة علي المعارضة . ولاشك أن «الاجراءات الاستثنائية» للحملة ألهبت الحماسة والخيال .فقد توالت أنباء قرارات الاعتقال والايداع رهن الاقامة الجبرية بمقتضي قانون للطوارئ يعود الي عام 1978 ثم الاحالة للنيابة العسكرية بتهم تتعلق الي جانب الفساد بأمن الدولة .و بقدر ما تفهمها القطاع الأكبر من الرأي العام لاعتقاده في عدم فاعلية القضاء العادي و خطورة الأسماء المتهمة و درجة نفاذها داخل دواليب السياسة والادارة والإعلام والاقتصاد سرعان ما جلبت موجات ارتدادية مشككة. فمن جانب هناك من اتخذ من الاجراءات الاستثنائية خارج منظومة الحقوق المضمونة في الدستور تعلة للهجوم علي الحملة والدفاع عن رجال أعمال طالما استثمروا المال الفاسد في الإعلام صحفا وفضائيات تليفزيونية واذاعات .ومن جانب آخر هناك من تخوف من أن يتسبب هكذا تكييف وأساس قانونيين للاجراءات في أن تنتهي الحملة الي لاشىء وأن يتضح لاحقا ـ وفق قول معارضين وحقوقيين ـ أن كل هذه الضجة مجرد «بالون منتفخ» بهواء يتسرب أو قابل للانفجار بين لحظة وأخري .
حملة 23 مايو علي القطط السمان بتونس تعني أن الشاهد وبعد مرور نحو تسعة أشهر علي حكومته بدأ للتو ينفذ ما ظل يعد به منذ يومها الأول بملاحقة الفاسدين الكبار.ولعل الأخطر والأهم هنا أن الحملة اتجهت الي حقلين علي تعلقهما بأمن البلاد محفوفين بكثير مخاطر :الأول التهريب وباروناته وشبكاته . ولا يتعلق الأمر هنا وحسب بالنمو المتوحش للاقتصاد الموازي والتهرب من الجمارك .وهي أمور كان عماد الطرابلسي صهر الرئيس المخلوع بن علي قد كشف عن بعض آلياتها في شهادته لهيئة الحقيقة والكرامة المذاعة في19 مايو . بل الأخطر و الأهم ايضا في هذا السياق مدي الترابط بين التهريب والإرهاب وشبكات هذا وخلايا تلك . وعلي مدي الأسبوع الماضي وردت أنباء من جهات التحقيق تفيد تشابك الخيوط بين الإرهاب وفساد التهريب . بل وعلي نحو عابرللحدود تونس،وبخاصة نحو حقل الميليشيات والفوضي شرقا في ليبيا . أما الأمر الثاني فيتعلق بتداعيات فتح صندوق الأعاجيب والمفاجآت المعنون بـ «المال السياسي الفاسد» وصلاته مع أحزاب و مؤسسات إعلام وتأثيراته عليها. وفي هذا السياق ثمة من يتخوف علي الشاهد وحكومته ذاتها من ارتدادات ضد حزب نداء تونس وكتلته البرلمانية ، وبخاصة أن الانتخابات البلدية تقترب و مقرر لها 17 ديسمبر المقبل . والسيناريو الأصعب للشاهد هنا هو أن يصبح وحكومته هدفا لضغوط أشرس من داخل الحزب ومجموعات المصالح الاقتصادية والسياسية المرتبطة به . بل قد ينتهي الشاهد ـ وفق ما قاله مصدر بالعاصمة ـ بعد أن بدأ برفع اسهم شعبيته وانقاذ حكومته الي كمن أطلق النار علي قدميه.
في الخطاب السائد المرافق لحملة ملاحقة «القطط السمان» وفي أعلي مستويات مؤسسات الدولة والحكم ربط مع الحرب علي الارهاب ، وكون أن الحرب هنا وهناك قتال علي جبهتين مترابطتين، ولا تقل الواحدة منهما خطورة عن الأخري . وثمة اعتقاد بأن كسب الحرب علي الإرهاب كما تهدئة غليان الاحتجاجات الاجتماعية علي خلفية مطالبة الشباب بالحق في العمل وبتنمية الجهات المهمشة تاريخيا وجغرافيا تحتاج الي مصداقية الحكم ومؤسساته .وهذا لن يكون إلا بفتح جبهة مكافحة الفساد والمضي في الحرب ضد الفاسدين . لكن المصداقية تتعلق أيضا بمستقبل مشروع قانون المصالحة الاقتصادية والمالية .وقبل أيام معدودة من 23 مايو كانت الحملة لاسقاط هذا القانون تكتسب زخما كبيرا في الشارع وداخل البرلمان ،وحتي بين الأحزاب التي مازالت في حكومة الشاهد . وفي رأي البعض فإن انطلاق الحملة ضد الفساد يضعف من فرص تمرير المصالحة مع رجال أعمال وإدارة بن علي الفاسدين . لكن ثمة من يقول إن الشاهد والأحزاب الشريكة في حكومته سوف تستخدم هذه الحملة لتمرير مصالحة مع ادخال بعض التعديلات علي مشروع القانون . والثابت أن مناقشة القانون تتأجل في البرلمان ،وبخاصة بعد بدء حملة ملاحقة بعض القطط السمان . وتبقي الأيام المقبلة شاهدة علي ما سيكون .
تعليقات
إرسال تعليق