«الكذب الأبيض» مطلوب أحياناً.. «لو قلنا الحقيقة الناس هتزعل»
المصدر الوطن . من النسخة الورقية
يميل البعض إلى الكذب لأسباب عدة: لإخفاء حقيقة ما، أو لمنع حرج عن نفسه أو عن الآخرين، وأحياناً يكون اضطراراً لاستكمال الحياة الأسرية أو الزوجية، أو فى محاولة أحد الطرفين لمصالحة الطرف الآخر، أو للهروب من مشكلة ما، وغيرها من الأسباب، لكن فى النهاية هو كذب ويعترف أصحابه بذلك لكنهم يراوغون باستخدام عبارة «كذب أبيض».
ومن أشهر جمل الكذب الأبيض الشائعة التى يتداولها البعض فى الكثير من المواقف: «5 دقايق وهبقى عندك، أنا جالى عريس ورفضته، الكوبرى واقف والدنيا زحمة جداً، طب هظبط دنيتى كده وأقولك، الموبايل جاب سوفت، يا زين ما اخترت، موبايلى فصل شحن ماعرفتش أتصل بيك»، وغيرها من الجمل التى تستخدم فى مواقف يومية عابرة من أجل المجاملة أو توطيد العلاقات، أو الهروب من موقف ما. «كلنا بنكدب كل يوم وكل شوية وعلى بعضنا عشان لو قلنا الحقيقة كلنا هنزعل من بعض»، كلمات قالها محمد السعيد، الذى يلجأ ما بين الحين والآخر إلى الكذب الأبيض، باعتباره طوق النجاة له: «دايماً بتأخر فى مواعيدى وعشان صحابى ميزعلوش منى بقولهم الطريق واقف وهما مضطرين يصدقوا عشان مانشيلش من بعض»، يبتعد «السعيد» عن الكذب الأسود أو الكذب الكبير، الذى يهدف إلى خداع ونفاق الآخرين: «طالما مابضرش حد بكدبى يبقى ده كدب أبيض، وكله بيعدى، وكمان باستخدم كدب أبيض فى الصلح بين صحابى المتخاصمين أو بين زوجين بينهم خلافات».
«إحنا كده حسابنا تقل لو كل كدبة أو مجاملة قلتها هتعتبر نفاق أو حرام».. بحسب شروق حمدى، 27 عاماً، التى اعتادت مجاملة أصدقائها بـ«شكلك جميل ولبسك أجمل»، وذلك حتى لا تتعرض صديقاتها للحرج، كما أنها دائماً ما تقع فى زحمة السير وتعلل لصديقاتها فتهرب وتجيب عن سبب التأخير بكدبة تقول عنها إنها بيضاء: «دايماً أقول الطريق زحمة 5 دقايق بالظبط وأبقى عندكم.. وأنا بيبقى قدامى نصاية مثلاً.. بس لو ماقلتش كده هيزعلوا منى أكتر».
وفى بعض الأحيان يكون الكذب الأبيض هدفه الفكاهة وخفة الدم، كقول «العصفورة قالتلى»، التى يلجأ إليها البعض كناية عن معرفته بأمر ما، وهو ما تؤكده «شروق»، وعلى الرغم من اضطرارها للكذب الأبيض فى كثير من المواقف إلا أنها لا تحبذ التعامل مع الكذابين الذين يميلون إلى الكذب بطبيعتهم، الذى يصبح عادة سيئة، تتطور معهم إلى خلق حوارات وهمية. «مفيش حاجة اسمها كدب أبيض ولا أسود.. الكدب كله واحد وهو من المعاصى».. بحسب الدكتور عبدالفتاح إدريس، أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الأزهر سابقاً، مشدداً على قوله إن الكذب من صفات المنافقين، واستشهد بجزء من الحديث الشريف «آية المنافق ثلاث.. إذا حدث كذب»، موضحاً أنه لا يوجد ما يسمى الكذب الأبيض، فالكذب له لون واحد وهو «الأسود».
وحدد الكذب المرخص والمشرع به فى الإسلام، وهو عند الحرب، لأنها قائمة على الخديعة، ومن ذلك الكذب للإصلاح بين المتخاصمين، وهذا الكذب يشرع به الإسلام، وإنما ما عدا ذلك فهو «كذب» ويعاقب عليه الله، مستشهداً بحديث نبوى آخر، «كن صادقاً فالصدق يؤدى إلى الصلاح والصلاح يؤدى إلى الجنة، احذر الكذب فالكذب يؤدى إلى الضلال والضلال يؤدى إلى النار».
تعليقات
إرسال تعليق