الجورنالجي..اطلالة عصرية على صحافة زمان

لأن الأهرام هو خزينة أسرار هذه الأمة‏..‏ وهو دفترخانة الأحوال المصرية وروزنامة الحياة المعاصرة بحلوها ومرها بكيت منتهي ومرح طلعتها‏..‏ وهو يطل علينا كل صباح مع طلوع الشمس‏..‏
يوما بعد يوم وسنة بعد سنة.. علي مدي مشوار عمر في بلاط صاحبة الجلالة.. طال وامتد بحمد الله وشكره.. وبجهد واخلاص رجال مخلصين اشداد علي القهر وظلم الأيام وأعداء الكلمة الطيبة.. حملوا أمانة الكلمة في مداد أقلامهم وفي اخلاصهم وثباتهم علي الحق والصدق.. علي مدي 138 عاما.. اللهم لا حسد.. واللهم يزيد ويبارك.
فقد أوصي الجورنالجي الأولي الذي اسمه سليم باشا تقلا وشقيقه الجورنالجي الثاني بشارة باشا تقلا.. أحفادهم الذين هم نحن في وصية غير مكتوبة.. ان نطل من خلال نافذة الحق والصدق والجمال والكمال والإبداع.. علي صحافة ذلك الزمان الغابر.. كيف كانت؟ وفيم كانت تقول؟. وفيم كانت تتكلم وتحكي؟
هل اقتربت من الناس خلق الله من أهل مصر؟
أم التصقت كما سابقتها ـ التي اسمها الوقائع المصرية ـ بكرسي السلطان وحاشيته وفرماناته وقوانينه واوامره ونواهيه؟ أم نزلت إلي الناس في همهم وفرحهم.. وشاركتهم العزاء في سرادقات احزانهم.. وشبعت رقصا وزمرا وطبلا في أفراحهم؟
وها نحن أحفاد الجورنالجي الأول.. والجورنالجي الثاني عملا بالوصية ننزل إلي الحقل الصحفي.. لنري ماذا قدم الأجداد والآباء لنا في بلاط صاحبة الجلالة من يوم أن اشرقت شمس الأهرام يوم السبت بالعدد الأول في الخامس من أغسطس عام.. 1876 وبحثنا في طول البلاد وعرضها.. هل كانت هناك صحفا أخري أطلقت لحنها وبان لونها.. غير الأهرام. ماذا كان الأهرام يقول؟ وماذا كان يحكي.. بلسان أهل مصر كلهم.. في فرحهم ومرارهم.. كل طلعة شمس وكل عشية وضحاها.. من يوم أطل شمسه علي الدنيا.. قبل 138 عاما وحتي يومنا هذا؟
افتتاحية العدد الأول في أول صفحة:
تفضلوا بالاشتراك في الأهرام:
- ولأن الأهرام هي الصحيفة الوحيدة التي ظهرت في الأسواق المصرية صباح الخامس من أغسطس في عام ..1876 والتي أصدرها الجرنالجي سليم تقلا في الإسكندرية.. فماذا كتب الجرنالجي في صدر صحيفة الأهرام يوم صدورها؟
وماذا قال في صفحته الأولي عن العدد الأول من أهرامه؟
لقد كتب الجرنالجي الأول يقول:
- هذا هو العدد الأول من السنة الأولي لجريدة الأهرام المرعية بعناية الحكومة السنية والمستعدة الاستعداد التام لأن تجعل من يتصفح صفائحها واثقا بما يطالعه.. لأنها تعاني البحث لنقف علي الفوائد الصحيحة.. فتوفي بحقوق الجرائد وتكسب قبول الجمهور والاستقبال شاهد.
فعلي أول الغيرة والهمة فلابد المساعدة الأدبية المنتجة المادية وذلك بالإقدام علي الاشتراك فتشجع ولا تبال بالصعوبات الابتدائية كيفما كانت.. وعلي الجمهور أن يلاحظ من عدد إلي عدد التقدم الذي يحدث بالتدريج.. فإنه من المؤكد أن كل إعداد صعب.. وإن ثبات البناء موقوف علي رسوخ الأساس وإحكامه.. فأملنا ألا نكتسب الملام ولكن حسن القبول من العموم.. بعد الافتخار باكتساب الالتفاف الشريف من حكومتنا السنية التي تبذل وسعها بنشر الإفادات العمومية ـ يعني الأخبار ـ وتسهل للجميع سبل النجاح.. فحينئذ تحظي للأهرام برضاها ورضا الجمهور وتحل عندهم محل القبول.
- تعليق من عند أحفاد الجرنالجي الأول: واضح أن هذه المقدمة الطويلة نتلمس الخير من القاريء لكي يقبل علي شراء جريدة الأهرام.. ويشترك فيها.. يعني يدفع اشتراكا قدره عن سنة واحدة في الإسكندرية حيث تصدر الجريدة ثلاثة وعشرين فرنكا.. وعن ستة أشهر خمسة عشر فرنكا.
لماذا اختار سليم تقلا اسم الأهرام ؟
لم يثر أثر من الآثار القديمة العجيبة أو شغل أفكار المؤرخين وحجب عن عيون بصائرهم المعرفة البينة الواضحة إلا أهرام الجيزة في مصر حيثما دامت مجهولة الحقيقة وكان يحول دون الوصول إلي الكشف عنها أبوالهول المنتصب أمامها كأنه رصد علي كنز الأسرار المخبأة في أحشائها الدهرية.
وقبل أن نبحث عن سبب وضعها وتاريخ بنائها يلزم أن نعلم اشتقاق الكلمة وسبب تسميتها, فتقول إن هذا الأثر سمي في العربية بالأهرام وهي جمع هرم والهرم في عرف المساحين هو المخروط المضلع الذي تكون قاعدته مثلثة الزوايا أو مربعة أو كثيرة الأضلاع.. أما في الأفرنجية فاسمه بيراميد وقد حصلت اختلافات شتي في أصل انشقاق هذه الكلمة علي مذاهب عديدة لم تحز القبول عند المؤرخين المتأخرون والاختلاف ناشيء عن أخذ البعض المباديء المخالفة للبعض الآخر, وهل يجب البحث عن حقيقة انشقاق الكلمة لنستدل علي سبب الوضع. أما العلماء المتأخرين فيرون أن الوقوف علي حقيقة انشقاق هذه الكلمة يقضي علي معرفة السبب بوضع هذا الأثر ومعرفة اللغة المشتقة منها لفظة بيراميد.
وقد اختلفوا في اللغة المأخوذة عنها هذه اللفظة قال بعضهم إنها مشتقة من العبرانية (بوراميث) أي قبو الموت أو من (بيراميس) لقب كهنة المصريين وبعضهم يقول باشتقاقها من لفظة (بيراما) كلمة عبرانية معناها العلو أو من (بيرام) أي المكان المقدس.
أخبار مثيرة في أول عدد:
سباحة انكليزية في ذراعها قوة البخار!
- أما في الصفحة الرابعة والأخيرة فقد نشر الأهرام تحت عنوان: نادرة!
إن ابنة إنكليزية لها من العمر خمس عشرة سنة قطعت في ساعتين وست وأربعين دقيقة مسافة عشرة أميال سابحة في إحدي شطوط لندن.. كأن تحت إبطيها قوة البخار!
انفجار سفينة انكليزية وقتل 45 رجلا!
- وخبر آخر يقول: انفجرت ماكينات بخار البارجة الحربية الإنكليزية المسماة تندور.. بينما كانت تحت الامتحان الأول بعد نهاية بنائها ومات بسبب ذلك54 رجلا!
سوريا مفلسة لكن مستقرة!
- ومن لبنان جاءنا أن دولة رستم باشا منصرفة.. يعني ذاهبة!
- أما الأخبار الواردة من سوريا تعلن أن السكينة مستقرة في جميع أنحاء الولاية.. أما أحوال التجارة مشوشة الإفلاس في بعض المدن مكاثر!
هذا هو أول إعلان في صحيفة مصرية
نخبر الجمهور أننا قد فتحنا مكتبا للترجمة في اللغات الفرنساوية والإيتالياتية ـ يقصد الإيطالية ـ والإنكليزية إلي العربية.. ومن هذه إلي الفرنساوية.. ونترجم فيه الأوراق الشرعية وخلاصات الدواوين وحججا ورسالات تجارية وكتبا مطبوعة أو منسوخة وجميع ما يلزم.. ثم إننا مستعدون لخدمة الأشخاص الذين لهم أو عليهم دعاوي وليس عندهم وقت كاف لعاطاتها سواء أكانوا في المدينة أو في الأرياف.. وسنبذل غاية الجهد في إتمام واجباتنا لنرضي من يشرفنا بخدمة ويكون علي ثقة منا (أما المكتب ففي وكالة الأديب أمام البورس ـ يعني البورصة ـ إسكندرية في 36 تموز سنة 67
ماذا كتب في الأهرام في الصفحتين الثانية والثالثة؟
- الذي يهمنا في هذه الأخبار التي خصص لها الأهرام الصفحتين الثانية والثالثة..
- خبر عن أحوال زراعة القطن في أمريكا جيدة هذا العام.
- وخبر آخر يقول لنا إن مسيو ديلسبس سافر من باريس في يوم 6 الشهر الماضي قاصدا لندرة ـ يقصد لندن ـ كما تكتبها الآن..
- ملحوظة من عندنا: المسيو فرديناند ديلسيبس هو المهندس الفرنسي الذي أقنع الخديو سعيد باشا بفتح قناة السويس حتي أتم فتحها واحتفلت مصر بافتتاحها في 17 نوفمبر عام.. 1869 يعني قبل صدور أول عدد من الأهرام بــ7 سنوات.
- وخبر آخر يقول: إن لإنكلترا 37000 ـ سبعة وثلاثون ألفا ـ مركب تجارية تبلغ جملة حمولتها نحو 8 ملايين طن.. والاتفاقيات تلزمها بعدم الخروج إلي البحر وقت الحروب خوفا عليها..
رسالة تحية إلي الأهرام:
العالم الفاضل علي أفندي مظهر يثني علي الأهرام!
- وردت إلينا هذه الرسالة من قلم أحد طلبة الأزهر وهو العالم الفاضل الأديب والفطن الكامل الأديب علي أفندي مظهر من كتبة ديوان نظارة الخارجية فأدرجناها بحروفها: إلي جناب الهمام الفاضل سليم أفندي محرر جريدة الأهرام: يحق لكل محب الخير العام أن يسر من الاطلاع علي مقال جريدة الأهرام التي بلا ريب من أجل مآثر هذا العصر الذي أشرقت فيه شموس التمدن بمصر.. وهذا قد حصل الاستبشار بمشروعكم الجليل وقوبل بالممنونية والشكر الجزيل إذ إنه ناشر عن سجية جبلت علي الإخلاص في إبداء الجمل المشتملة علي الأخبار المفيدة والأفكار الجديدة بألطف تعبير وأحسن تحرير ليكون لمصر مبان رائعة كما لها آثار ومبان شاهقة تترجم بأحسن مقال.

3158 قضية أمام المحاكم!
- خبر آخر يقول: إن في 15 شباط سنة 1876 وحتي 30 نوفمبر من السنة المذكورة قدم إلي المجالس الحقانية ـ يعني القضاء 3158 دعوي حكم في 1376 منها
مطبعة الأهرام مستعدة لطبع كل شيء!
- في الصفحة الأخيرة من العدد الأول من الأهرام خبر يقول: مطبعة الأهرام مستعدة لطبع ما يرد إليها من كتب علمية وقصصية وأدبية بالحرف العربي والأفرنجي.. ومن يرغب عليه أن يتشرف بمقابلة مديرها بشارة تقلا..
جميع المكاتبات إلي الأهرام
لابد أن تكون خالصة الأجرة!
في الترويسة اليسري العليا للأهرام في صفحته الأولي إشارة تقول: جميع المكاتبات التي ترسل إلينا متعلقة بالأهرام.. ينبغي أن تكون خالصة الأجرة.. باسم سليم أفندي تقلا محرر الأهرام..
ومحل إدارتها شارع البورس ـ البورصة ـ أمام بنك الرهونات!
تعيينات جديدة


- جاء حضرة سعادتلو علي صادق باشا الذي كان محافظ مصر ومدير أمور السكة الحديد الجاري إنشاؤها في السودان.
- صار حضرة سعادتلو عبدالقادر باشا محافظ بورت سعيد وقنال السويس.
- صار حضرة سعادتلو إسماعيل حمدي باشا مدير الدقهلية.
- صار حضرة سعادتلو إبراهيم أدهم باشا محافظ السويس.
- صار حضرة عزتلو عبدالحميد بك أحمد أعضاء مجلس استئناف مصر
عن الوقائع المصرية



المصدر الاهرام




تعليقات

المشاركات الشائعة