فى الذكرى الثامنة لنجيب محفوظ المرأة هى «الست أمينة» على مر العصور
"أمينة" مُسخرة بالكامل لخدمة البيت, تساعدها فى شئون التنظيف والطبخ الخادمة أم حنفى، ولكنها فى خدمة الزوج تنفرد شخصيا بالقيام بهذه المهمة، فهى تنهض من تلقاء نفسها فى منتصف الليل منتظرة عودته من السهر لتفتح له الباب وتنير له الطريق بمصباح محمول, تساعده فى خلع ملابسه ونزع حذائه وغسل قدميه وتقديم كل ما يريده والتصديق على كلامه، والاستجابة المطلقة لكل رغباته.
إنها الصورة التى رسمها نجيب محفوظ فى ثلاثيته الشهيرة للست "أمينة" الزوجة المطيعة الخانعة المنسحقة تماما تحت أقدام "سي السيد"، والتى لا تنطق إلا بحاضر.. ونعم، والأمر أمرك.. و"الشورة شورتك" يا "سي السيد".
58 عاما على الثلاثية
58 عاما مرت على صدور الثلاثية و8 سنوات على رحيل صاحبها فهل تغيرت العلاقة بين "سي السيد" و"أمينة"؟ وهل مازالت تقول حاضر.. وومازالو نعم؟
الواقع النظرى يؤكد خروج المرأة للعمل.. وتمتعها بالاستقلال الاقتصادى.. ولكن الواقع العملى يؤكد العكس.. وأن "أمينة" هى "أمينة" التى لم يتغير حالها وما زالت طريقتها القديمة هى الطريقة الأضمن للوصول إلى قلب الرجل. "عمرو" زوج شاب فى الثلاثينيقترب من الانفصال بعد ثمانى سنوات من الزواج.. والسبب أن زوجته "لا تسمع الكلام"ولا يشعر معها بالسيطرة التامة.. وعلى الجانب الآخر هى دائما ما تفسر تصرفاته بأنه لا يحترمها ولا يقدر كلامها.. وتشكو من غيابه الدائم فى العمل ويوم الاجازة تطالبه بالخروج ولكنه يريد أن يستغله فى النوم والراحة ولقاء أصدقائه فى المساء.. ومن وجهة نظره فإنها لا ينقصها شىء.. لديها البيت المريح وثلاثة أبناء "زى القمر" عليها أن تركز فى تربيتهم ولا تحاسبه على تصرفاته وتشعل جو البيت نكدا.. بالنسبة لغلطة عمرها الوحيدة أنها "مش الست أمينة".
الكلمة السحرية
هويدا زوجة شابة فى منتصف الثلاثينيات.. بعد عشر سنوات من الزواج قضت معظمها غاضبة فى بيت أهلها لعصبية زوجها الشديدة وأوامره الدائمة وتدخلاته فى كل شىء.. وما بين الصلح والغضب مرت السنوات طويلة ومملة حتي قررت هويدا أن تغير سياستها.. قررت "الطناش" والتعامل بطريقة "حاضر ونعم" أى شئ يطلبه زوجها يكون ردها حاضر.. قد لا تعنيها ولا تنفذها أبدا.. لكنها الكلمة السحرية التى فتحت لها أبواب السعادة والهدوء وأصبح زوجها أقل غضبا ويراها زوجة مطيعة ومتفانية فى خدمة بيتها وليست "مناكفة وواقفة على الواحدة" شيئا فشيئا تحسن الحال وأصبحت هويدا زوجة سعيدة أخيرا أو هكذا يبدو.. على الأقل أصبح جو البيت أكثر هدوءا وسعادة كما تقول.. باختصار ما زال الرجل الشرقى لا يريد زوجة غير الست أمينة,تلك التى تشعره بأنه سي السيد الآمر الناهى..
د.هالة يسرى أستاذ علم الاجتماع والاستشارات الزوجية تؤكد: أن نموذج "الست أمينة"ما زال النموذج المفضل والمقرب إلى قلوب وعقول أغلب الرجال فى مجتمعاتنا الشرقية بفضل طريقة تربيتهم التى لم تتغير من أيام "الست أمينة", فقد ربته أمينة وتزوجته أمينة أخرى وأنجبت منه أمينة ثالثة وهكذا لم تتغير الصورة كثيرا.. صحيح خرجت المرأة وحققت مكتسبات كثيرة لكن القاعدة العريضة من الرجال مازالوا ينظرون إليها بنفس الطريقة.
علاقة مختلة
ومازالت العلاقة بين الرجل والمرأة مختلة وغير سوية ولا نستغرب عندما نجد مذيعة شهيرة أو طبيبة لها قيمتها العلمية لكنها فى بيتها نموذج الزوجة المطيعة "الخنوعة"التى قد تبرر حتي تطاول زوجها عليها بالقول أو بالفعل (بالضرب) أنها ساعة شيطان.. وتضيف د.هالة أنه لا مانع من طاعة الزوجة لزوجها, ولكن مطلوب التفهم والتواصل والتحاور, دون حرمانها من أن الشعور بقيمتها كإنسان أو الدوران الكامل فى فلك الزوج وكأنها جاءت الحياة من أجله هو فقط، فالعلاقة السوية هى علاقة تقوم على التشارك والتفاهم والحب والعشرة والاحترام المتبادل بين الطرفين وليس علاقة بيع وشراء.
المصدر الاهرام
تعليقات
إرسال تعليق