محمود عزت.. هزيمة القطب الثاني (بروفايل)
دار الصراع حوال رقبته دون أن يظهر أو يعلن عن مكانه، خلال فض اعتصام رابعة العدوية قيل إنه نجح في الهروب خارج مصر، إلا أن عدم ظهور «محمود عزت » حتى الآن يقوى من احتمالية أنه مازال مختبئاً داخل البلاد، يتابع كيف تمت إزاحته من منصب القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في انقلاب تاريخي لأعضاء المكتب الجدد، سيمهد لحاملي الراية الإخوانية انتهاج خيار «العنف ضد الدولة» الذي يحركه خيرت الشاطر، مهندس الجماعة من داخل محبسه.عقب فض الاعتصام والقبض على المرشد العام، تسلم محمود عزت ، 71 عاما، القيادة، بصفته كان نائباً للمرشد، وأكبر القيادات سناً في مكتب الإرشاد.
لم يظهر الرجل طيلة إدارته لتحركات التنظيم خلال العامين اللذين تليا فض الاعتصام، وهو ما لم يناسب طموح القواعد الشبابية التي بدأت في التمرد على «سيطرة الجيل القديم على صياغة المسارات الكبرى في تاريخ الجماعة»، وتزايدت نداءات تطالب بهيكلة التنظيم وتغيير آليات العمل في مواجهة الدولة لتتناسب مع ما سمي «العمل الثوري للقضاء على الانقلاب»، بحسب بيان المتحدث الرسمي للجماعة، الذي صدر منذ أيام، ليزيل الستار عن الصراع الدائر داخل التنظيم السري.
كشف البيان عن انتخابات داخلية وقعت في صفوف الجماعة في فبراير 2014، شارك فيها جميع أعضاء مكتب الإرشاد ومجلس الشورى العام، خلصت إلى تكليف محمد كمال، ممثل الصعيد في مكتب الإرشاد، بمنصب القائم بأعمال المرشد العام للإخوان، باعتباره أكبر الأعضاء سناً في المكتب، 60 عاماً، وتشكيل لجنة لإدارة الأزمة برئاسة محمد طه وهدان، 54 عاما، مسؤول التربية في الجماعة، وحسين إبراهيم، 56 عاماً، الأمين العام لحزب الحرية والعدالة، وعلى بطيخ، عضو مجلس شورى الجماعة، كما تم تشكيل مكتب لإدارة شؤون الإخوان في الخارج برئاسة الدكتور أحمد عبدالرحمن.
في 22 مايو الماضي نشر محمود غزلان، عضو مكتب الإرشاد، بياناً- لم ينشر على الموقع الرسمى للإخوان المسلمين، يشدد فيه على ضرورة اتباع المنهج السلمي في التغيير ونبذ العنف، ورفض التكفير مهما كان، لكن البيان على ما يبدو أنه لم يتوافق مع ما خطط إليه أعضاء المكتب الجدد، على ما اتضح بعد ذلك في بيان آخر للمتحدث الرسمي الجديد للجماعة، رداً على بيان غزلان، قال خلاله إن الجماعة استقرت على «مقاومة الانقلاب بكل آليات الخيار الثوري».
وأضاف بيان المتحدث الرسمي للجماعة، أن الأعضاء الجدد لمكتب الإرشاد، الذين تم انتخابهم «هم الذين يعبرون عن الجماعة ورأيها»، في إشارة لإنتهاء دور غزلان، ومعه محمود حسين، الأمين العام السابق لجماعة الاخوان المسلمين، الذي قال في بيان له قبلها بأيام إن «نائب محمود عزت وفقا للائحة الجماعة يقوم بمهام المرشد العام».
بات واضحاً انقسام الجبهات، الأولى ترأسها «محمود عزت » الذي أطيح به وتبعه كلاً من محمود غزلان، المتحدث الرسمي السابق باسم الإخوان المسلمين، ومحمود حسين، الأمين العام السابق للجماعة، وفي الجبهة الثانية محمد كمال، ووهدان، وحسين إبراهيم، ويدعمهم قيادات الصفين الثاني والثالث، بعكس جبهة عزت التي حظت بدعم من قيادات الخارج، باعتبارهم دعاة السلمية على ما اتضح من مقال محمود غزلان الذي فجر الأزمة.
انحياز غزلان وحسين لمحمود عزت كان متوقعاً فكلاهما تقلد منصب الأمين العام للجماعة، بمباركة من عزت الذي كان يشغل المنصب نفسه قبل أن يفوز بمنصب نائب المرشد العام، ويكون العقل الثاني في الجماعة بعد رجلها الأول خيرت الشاطر، الذي يعيش داخل أسوار السجن الآن.
لم يكن طبيعياً أن يكون أحد قطبي التنظيم صاحب دعوة التمسك بالخيار السلمي كحلاً للصراع الحالي مع الدولة، كان المسؤول عن دعوة «النفير العام» التي زحف فيها الجماعة إلى قصر الإتحادية واشتبك مع المتظاهرين المناهضين لحكم الرئيس المعزول على خلفية الإعلان الدستوري الذي أصدره لتحصين قراراته من الطعن أو الإلغاء، لكن يبدو أن اتصاله بالرعيل الأول جعله يأخذ نفس المنحنى متأثراً بخطى «البنا» عام 1940 أثناء ما تسميه الجماعة في أدبيتها ب«فتنة شباب محمد» حين خرج عدد من شباب وقادة الجماعة عن التنظيم بسبب ما رآه البنا وقتها «حماسة واستعجال»، القصة التي تضمنها بيان غزلان أيضاً، بالإضافة إلى عدم شعوره بافتقاد الأمل بعكس الشاطر الذي لا يعرف إن كان سيغادر السجن أو يبقى فيه حتى موته أو إعدامه.
أما التفسيرات التي تقول إن «الكتيبة القديمة» برئاسة عزت كانت مرغمة على اتباع الخيار السلمي من أجل فتح شبكات تواصل خارجية، فإن القواعد الشبابية في الجماعة تنفيها بما كتبوه من آراء على الشبكات الاجتماعية، عقب إزاحة عزتالمتهم بإضاعة حلم التمكين والسيطرة وجيله على الخطاب منفرداً، واعتقاده بأنه من الجيل الذي يتصل سنده بجيل السابقين.
المصرى اليوم
تعليقات
إرسال تعليق