الاهرام : النيابة الإدارية تكشف قضية كبرى بهيئة التأمينات

تواصل الأجهزة الرقابية ضرباتها على اوكار الفساد الحكومى فقد فجرت النيابة الادارية مؤخرا فضيحة كبرى بهيئة التأمينات اهدرت فيها ملايين الجنيهات.

وكانت المفاجأة المدوية هو الحكم الذى اصدرته المحكمة التأديبية للادارة العليا فى القضية رقم 115 لسنة 57 ق بمجازاة ثلاثة من قيادات هيئة التأمينات الاجتماعية الذين اهدورا هذه الملايين وسهلوا الاستيلاء على اموال الدولة بغرامة لا تتجاوز خمسة اضعاف المرتب الاساسى وفقا للقانون، لهذا اعتبرته المحكمة انه حكم لا يغنى ولا يسمن من جوع و اوصت باحالة المتهمين للجنايات، ربما تفلح فى استرداد الاموال المنهوبة.


تبدأ قصة الفساد فى هيئة التأمينات الاجتماعية منذ ان وطأت اقدام يوسف بطرس وزارة التضامن الاجتماعى عندما ادمج وزارتى التأمينات فى وزارة المالية بحجة استثمار مواردها لكن الحقيقة كانت للاستيلاء على اموال اصحاب المعاشات من العجزة والايتام والارامل بمساعدة رؤساء الصناديق التأمينية السابقين والذين شاركوه فى هذه الجريمة الذين كانوا تحت ايديهم اكثر من 450 مليار جنيه وقت وجودهم قيادات بالهيئة. وهو ما اثبتته التحقيقات التى اجرتها النيابة الادارية بوصفها الخصم وباشر التحقيقات فيها المستشار حسام رأفت رئيس النيابة وعضو المكتب الفنى والمستشار عصام المنشاوى و برئاسة المستشار سامح كمال رئيس هيئة النيابة الادارية.
وقد صدر الحكم فيها برئاسة المستشار فوزى على حسين شلبى بعد تحقيقات استمرت اكثر من عام ونصف العام وقد توصلت النيابة الادارية من خلال المستندات وتقارير الأجهزة الرقابية ومنها الجهاز المركزى للمحاسبات وشهادة الشهود وباعتراف المتهمين انفسهم رؤساء صناديق العاملين بالقطاع الخاص- العام والحكومى ورئيس قطاع الحاسب الآلى بالهيئة والذين حاول كل منهم ان يكيل الاتهامات للمتهم الآخر بمسئوليته عن الاستيلاء على المال العام فى محاولة لإبعاد التهمة عنه لتتوالى المفاجآت.ملايين الجنيهات مكافآت
ومن المفاجآت التى فجرتها النيابة الادارية اهدار ملايين الجنيهات خلال اقل من 6 اشهر صرفت مكافآت وبدلات لخمسة اعضاء فقط بمجلس ادارة الصندوقين وتحميل ضرائبها على الصندوقين، اى الحصولهم على ملايين الجنيهات خالصة مخلصة كما يقول المثل الشعبى.
سيارات بخطابات مزورة
ومن المفاجآت المدوية قيام المتهمين بتوزيع مصادرات الجمارك من السيارات وتخصيصها لمساعدى ومستشارى وزير المالية وترخيصها فى المرور بخطابات مزورة.
وقد توالت المخالفات المالية الجسيمة فى التأمينات منها صرف 24 الف جنيه لثلاثة متهمين منهم مكافأة لجنة استلام صالة الحاسب الآلى رغم عدم عضويتهم فى لجنة الاستلام، وقيام المتهمين الاول والثانى بتشكيل لجنة لاستثمار اموال التأمينات رغم عدم اختصاصهما بتشكيلها وصرف مكافأة 16 الف جنيه بدون وجه حق.
اما المتهم الاول منفردا فقد حصل على مكافآت بالموافقة لنفسه وبعلم الوزير قيمتها اكثر من ربع مليون جنيه خلال مدة لم تتجاوز 6 اشهر تحت مسمى لجنة الامانة الفنية للجنة القيادات بوزارة التضامن وكانت تصل عدد الجلسات التى يعقدها 30 جلسة فى اليوم الواحد وهى جلسات وهمية ووسيلة للاستيلاء على اموال العجزة والارامل والايتام رغم حظر الجهاز المركزى للمحاسبات صرف اى مكافآت مالية تحت مسمى بدل حضور لجان وجلسات ما دامت تنعقد بمقر جهة العامل وبسبب تأديته لوظيفته التى يتقاضى عليها اجرا وراتبا حيث يعتبر ذلك امتداداً لوظيفته.
لجان وهميةواستطرد حكم المحكمة التأديبية أن قيام المتهمة الثانية بالموافقة لنفسها على حافز شهرى 2750 جنيها شهريا ولم تكتف بما استولت عليه من اللجان الوهمية التى شكلتها وقد دفعها جشعها وشراهتها لان توافق لنفسها على صرف مكافآة 5 الاف جنيه بدعوى مشاركتها فى لجنة اعلان الوظائف رقم 3 لسنة 2010 حال انها ضمن المتقدمين فى وظيفة رئيس الصندوق ولم تكتف بذلك ايضا بل صرفت لنفسها مكافآة 24.500 جنيه نظير مشروع موازنة الصندوق 2011- 2012 بدون اى قواعد للصرف.الفساد ينهش أموال الأرامل والأيتام
وتتوالى الجرائم وتحقيقات النيابة فى كشف المستور والفساد المستشري بالتأمينات والذى ينهش فى احشاء المؤمن عليهم والعجزة والشيوخ والارامل والايتام فقد سهلت لغيرها الاستيلاء على اموال اصحاب المعاشات من وكلاء مكاتب التأمينات بالمحافظات والتى يتجاوز عددها 400 مكتب الى جانب صرف ما امكن حصره وهو اكثر من 185 الف جنيه لبعض العاملين بالهيئة نظير اعمال دون مشاركتهم فيها.
ولم يتوقف اهدار اموال التأمينات عند هذا الحد فقد قامت المتهم الثانى بصرف 22 الف جنيه حافزا لممثل وزارة المالية وبينما صرفت لنفسها 69 الف جنيه خلال 6 اشهر.
واستطردت النيابة فى كشف هذه الجرائم فى اهدار المال العام بصرف اكثر من 167 الف جنيه مكافآت لـ 4 اعضاء مجلس ادارة صندوق التأمينات الذى ترأسه خلال 6 اشهر تحت مسمى لجنة متابعة مما يعد تسهيلا للغير لاختلاس المال العام.
ويتوالى مسلسل الفساد الذى لا حصر له من جانب هؤلاء الفاسدين حيث اثبتت النيابة صرف المتهم90 الف جنيه مكافأة لاعداد اللائحة التنفيذية للقانون 135 لسنة 2010 والذى تم إلغاؤه ودون اى قواعد للصرف كما صرفت 57 الف جنيه عن اعلان وظائف رقم 4 دون اى قواعد للصرف.
لم تكتف المتهمة الثانية بكل هذه الجرائم والتى كانت تشغل منصب رئيس صندوق العاملين بالقطاعين العام والخاص فقد قامت بصرف 41 الف جنيه لاعضاء لجنة العاملين بالصندوق الحكومى باعمال لا تتعلق بالصندوق الذى ترأسه، وهو ما يعد مخالفة جسيمة لوجود استقلالية فى الميزانية بين الصندوقين.
كما أوردت النيابة فى اتهاماتها للمتهمة الثانية صرفها 372 الف جنيه للعاملين بالحاسب الآلى فى اقل من 6 اشهر دون اى سند قانونى للصرف، مما يعد تسهيلا للغير للاستيلاء على اموال الصندوق، بالاضافة لموافقتها على صرف 210 آلاف جنيه مكافآة لبعض ممثلى الصندوق بمجلس ادارة بعض الشركات والبنوك التى تستثمر فيها اموال التأمينات رغم ان مقابل الجلسة الواحدة للعضو قانونا لا يتعدى 30 جنيها وفقا لقرار مجلس الوزراء رقم 606 لسنة 2008 الا ان كل عضو حصل على مبالغ تصل الى 25 الف جنيه للجلسة الواحدة وعدد الجلسات لا يقل عن 4 جلسات وقابل للزيادة ليحصل العضو فى المتوسط على 300 الف جنيه سنويا، بالاضافة الى 250 الف جنيه اخرى يحصل عليها كل عضو فى نهاية كل سنة مالية وهى تصرف حتى لو لم تحقق بعض الشركات ارباحا او لم توردها.
عقوبة غير رادعةكانت المفاجأة المدوية هو الحكم الذى أصدرته المحكمة التأديبية للادارة العليا بمجلس الدولة فى القضية رقم 115 لسنة 57 ق بمجازاة المتهمين من قيادات هيئة التأمينات الاجتماعية الذين أهدروا الملايين وسهلوا الاستيلاء على اموال التأمينات بغرامة لا تتجاوز خمسة اضعاف المرتب الاساسى لخروجهم على المعاش وهو الحد الاقصى للعقوبة الذى تنص عليه المادة 88 لقانون العاملين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 والذى طبق على المتهمين والتى غلظها قانون الخدمة المدنية الجديد مؤخرا لتصبح 10 اضعاف المرتب الاساسى وهى ايضا غير رادعة.
وقد اعتبرت المحكمة ان حكمها لا يغنى ولا يثمن من جوع ولذا أوصت بتحويل المتهمين للمحاكمة الجنائية لاسترداد اموال الدولة.
و للأسف العقوبة الجنائية والتى تنص عليها المادة 116 مكرر هي أيضا غير رادعة، حيث لا تتعدي 15 سنة اشغالا شاقة لهذا أهابت المشرع بتشديد العقوبة الجنائية كما اهابت الادارة ورئاسة هيئة التأمينات ان يحذوهم الشرف والامانة باعتبارهم امناء على اموال التأمينات باتخاذ كافة الاجراءات لاسترداد كامل الاموال المنهوبة وتشديد الاجراءات على صرف الأموال.

تعليقات

المشاركات الشائعة