مصر التى تحت الكوبرى تنتظر الرئيس

سعيد الشحات

فى تفاصيل مأساة انهيار كوبرى الشيخ منصور بعزبة النخل، تعرف مصر التى تنتظر الرئيس القادم، تعرف مصر التى تبحث أغلبيتها الفقيرة عن الذى ينحاز إليها قولا وفعلا، تعرف مصر التى نخر سوس الفساد فى جسدها طوال ثلاثين عاما مضت.
فى تفاصيل المأساة، أن حريقا شب فى مجموعة من العشش أسفل الكوبرى، وأن أنبوبة بوتاجاز أمسكت النيران فيها أدت إلى انفجارها فانتشرت النيران فى مجموعة العشش، وانتقلت إلى ست أنابيب أخرى ثم امتدت إلى كابل كهربائى بالكوبرى محدثة انفجارا كبيرا أدى إلى انهيار الكوبرى.
قراءة تفاصيل الحدث تقود إلى عموم الحالة الاقتصادية والاجتماعية والخدمية المزرية التى نعيش فيها، تحت الكوبرى يعيش عشر أسر منذ عشر سنوات، تكافح من أجل العيش والبحث عن لقمة عيش بالحلال، يتحدث أبناء هذه الأسر عن قضاء حاجتهم والاستحمام فى ممر بين سور مترو الانفاق وبين العشش التى يقيمون فيها، يقول واحد منهم: «لا نشعر بتلك المأساة إلا عندما تدخل نساؤنا للاستحمام أو قضاء الحاجة»، وحسب ما ذكرته صحيفة الأخبار أول أمس أن «هانى رمضان»
الذى تحدث إليها بكى وهو يتذكر بأسى أحد الشباب الذى كان يقيم فى أحد العقارات المجاورة ونظر إلى زوجته أثناء قضاء حاجتها، فنشبت مشاجرة بسبب ذلك.
وبقدر ما يحمل هذا الكلام من أسى فى تصرف غير أخلاقى من شاب يطل مثلا من نافذته على هؤلاء، إلا أن المأساة الأكبر تبقى فى الأثر الاجتماعى والنفسى الذى سيتكون لدى هؤلاء المنسيين نحو من ينظر إليهم من أعلى، هم تدريجيا يتحولون إلى قنابل موقوتة، مؤهلة للانفجار فى وجه الجميع، مؤهلة للاستقطاب من إرهابيين، العنف يأتى غالبا من باب الأمراض الاجتماعية المزمنة، ومن باب إهمال الدولة لعلاجها جذريا.
فى تفاصيل مأساة «الكوبرى»، تجد الغرفة الواحدة يعيش فيها أسرة كاملة مكونة من سبعة أفراد، وبالطبع لا يوجد أحد منهم يعيش فى غرفتين.
الحدث بمأساته يحدثك عن مصر التى يعيش فقراء منها تحت الكوبرى، وبجوار الكوبرى، وعلى الطرقات، دون أن يتحرك جفن مسؤول عن النظر فى ملف هؤلاء الذين يدبرون حياتهم بأساليبهم الخاصة، طالما تدير الدولة بظهرها لهم، يحدثك عن مصر «العشوائية»، عن هؤلاء الذين يسكنون فى العشش، فى المناطق التى اصطلح على تسميتها بـ«المناطق العشوائية»، عن كل المصريين الذين لا تعرفهم حكومة ولا يعرفهم رئيس.
هى مصر التى تنتظر الرئيس القادم، هى مصر التى تشتاق إلى من يصدق فى وعده بعلاج جذرى لمشاكلهم، هى مصر التى يدغدغ مشاعرها كلام بسيط وطيب من المسؤولين على أمل أن يتحول إلى حقيقة، وتكون المصيبة حين لا يجد مجاله فى التطبيق.
أرسلت الفضائيات كاميراتها إلى موقع انهيار الكوبرى لتنقل تفاصيل ما حدث، ماذا لو تعبت نفسها وذهبت إلى الكوبرى من زمن، ونقلت الواقع؟،
ألم يكن هذا أفضل لها من «الهرى» الفاضى الذى تخصص له تلك القنوات لسب وشتم فلان، ونفاق علان.مصر التى رأيناها فى مأساة حياة أسر تحت «كوبرى الشيخ منصور فى عزبة النخل» هى التى تشتاق لرئيس عادل.




المصدر اليوم السابع

تعليقات

المشاركات الشائعة