محشى بالمكرونة !


عند مفترق الطرق
المصدر الاهرام - مقالات - محمد حسين
الشعوب الكبيرة العريقة مثل الأنهار العظيمة، لا يمكن أن يوقف جريانها وتدفقها، حواجز أو سدود ومصاعب، أو أزمات قائمة أو طارئة.

واعتقد أنه لا يوجد شعب آخر في العالم، مثل الشعب المصري، اكتسب كل هذه المهارة والخبرة العميقة، في «التحايل» علي الحياة، من أجل البقاء والاستمرار، في مواجهة أزماته ومحنه وفقره وعجزه، واستبداد السلطة الحاكمة، أجنبية كانت أو وطنية، وذلك بابتكار أساليب خاصة ومفاهيم عامة، صنعت علي مدى التاريخ آلية كاملة للتحايل علي كل ما يعوق الحياة، ويهدد استمرارها وأداء تكاليفها، وهو ما جعل المصريين يستحقون ـ عن حق ـ لقب شعب «ابن حيلة».

بسخرية ليست مفتعلة مطلقا، جاء صوت السيدة عبر الهاتف، في مداخلة مع أحد البرامج الفضائية، تشكو ارتفاع أسعار السلع، وخاصة الأرز والسكر والدواجن واللحوم، وفي نهاية المكالمة قالت متهكمة: «خلاص، قربنا نعمل المحشي بالمكرونة، لأن المكرونة أرخص من الأرز الذي ارتفع سعره مرة واحدة من 3 جنيهات إلي 8 جنيهات».

سخرية السيدة رغم بساطتها، هى أحد تجليات مهارة التحايل التى أتقنها المصريون، فى كل شىء يتعلق بوجودهم.

دعك من المهمشين ومعدومي الدخل، فحسب رأي أحد الخبراء والباحثين الاقتصاديين، فإن موظفي الحكومة حتي وكلاء الوزراء هم من الفقراء، وهو ما يدعونا إلى أن نسأل: كيف يواجه هذا القطاع الكبير من المصريين الحياة، في ظل الارتفاع «المسعور» لأسعار السلع والخدمات، مع ثبات الأجور والرواتب؟!!

سؤال لا يهتم بالإجابة عنه أحد، وهو ما يهدد بحرمان نسبة كبيرة من المصريين، من تناول وجبتهم الشهية ــ المحشي ــ حتي لو كان محشوا بالمكرونة.

> فى الختام .. يقول يحيى الطاهر عبد الله: «الحياة بنت الحيلة».





اقرأ أيضاً :
====

الصحة ومغالطات شركات الدواء!





كلمات البحث : مقالات - أعمدة - اراء - الاهرام - الأهرام - مكرم محمد احمد

تعليقات

المشاركات الشائعة