إجازة "إبليس"!


المصدر الاهرام  - طارق الشيخ - مقالات - آراء حرة


رنة مميزة على تليفونى المحمول تعلن وصول رسالة تحمل أخبارا جديدة : "إبليس يحزم حقائبه ويستعد للرحيل"! قفزت تلك الرسالة على شاشة تليفونى المحمول وجعلتنى أشعر براحة وسعادة. فشهر رمضان سيصل فى غضون أيام قليلة محاطا بالخير والتقوى والإيمان وكلمات الله وتعاليمه، وبكل تأكيد سيسعى "إبليس" خلال الساعات القليلة القادمة إلى لملمة حقائبه استعدادا للتوارى عن العالم قبل أن تنقض عليه الملائكة لتصفيده وتقييده بالسلاسل حتى نهاية الشهر الكريم.وكما جاء فى القرآن الكريم، كتاب الله العزيز، فإن "إبليس" الشيطان هو عدو الإنسان الدائم إلى يوم القيامة، بل إن القرآن حذر البشر بالقول : "إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ"(فاطر 6).ومنبع الكراهية بين إبليس والبشر هو حالة الاستكبار التى إنتابته ودفعته إلى عصيان أمر الله بالسجود لآدم عليه السلام. وأعلن إبليس أنه خير من البشر لأن الله خلقه من نار بينما خلق البشر من طين. وردا على العقاب الذى نزل به قرر إبليس أن يغوى آدم ويغوى ذريته إلى يوم القيامة وأن يدفعهم إلى مخالفة الله لإثبات وجهة نظره الخاطئة !!لقد كان الشيطان هو السبب فى إخراج آدم وحواء من الجنة بعد أن جعلهما يخالفان أمر الله بشأن الشجرة؛ فكان العقاب بالاستبعاد من الجنة ومعاناة البشر فى الدنيا حتى يوم القيامة.وقد قيل إن ابليس يسعى فى مواجهته للإنسان إلى استدراج الناس إلى الكفر أو الشرك بالله، وابتداع بدع بعيدة عن صحيح الدين والأخلاق، وارتكاب المعاصى الكبيرة، وارتكاب صغار الذنوب، وإضاعة الوقت والجهد فيما لا يفيد، وشغل الإنسان عن القيام بالأعمال الخيرة السليمة.ويبدو أن الأمر لم يتوقف عند ذلك الحد، بل نشهد جميعا كيف ظهرت جماعات بالآلاف تدعو إلى الدين قولا بينما تقوم بتغليف رسالة الدين بمقولات وكلمات مغلوطة وتقوم بأعمال مضادة للدين والأخلاق بشكل إجرامى، وتشرع فى سفك دماء المسلمين بشكل يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن وراء أفعالهم عمل من أعمال "إبليس".وهناك من يهدد أقوات الناس ويضيق عليهم سبل الرزق والحياة الكريمة ويتلاعب بالأسعار ويشجع الاعتداء على العزل الآمنين وسلب ونهب مالهم وهتك أعراضهم ثم يدعى بعد كل ذلك أنه يقوم بعمل من أعمال "الدفاع عن الدين"!! وهناك من يقوم بممارسة "لعبة" تكفير الآخرين مدعيا أنه المصدر الوحيد الموثق لصحيح الدين، وأنه مانح صكوك الدين الصحيح والإيمان!! وهناك من ينشر الخوف والشر والكراهية مستخدما الكذب والشائعات والوقيعة بين أبناء المجتمع الواحد وبين المجتمعات بعضها البعض ما يؤكد مجددا أن "إبليس" يقف فى مكان ما وراء هؤلاء.وهناك من يبذل قصارى جهده لصرف الناس عن كل عمل يفيد المجتمع، بل ويسعى البعض لمنع الخير وبث الأذى فى الطريق.إنها باختصار ألاعيب "إبليس" التى احتال بها على بعض الناس؛ فأغواهم لارتكاب المعاصى والكبائر.ومن العجيب أن مرت فترة طويلة جدا منذ ظهور الإنسان على الأرض ومنذ ظهور الأديان ومعرفة البشر بأمر "إبليس" وما يكيده لهم من مكائد، والتحذير المتكرر منه ومن أفاعيله فى كافة الديانات السماوية، ثم نجد فى عام 2016 من تمت غوايتهم بسهولة وتم التلاعب بعقولهم وأفعالهم إلى درجة جعلتهم يقلبون الباطل حقا والحق باطلا!!لقد أقسم الشيطان "إبليس" أمام الله بأن يظل محافظا على مطاردته للبشر وغوايتهم وإسقاطهم فى هوة الخطايا والرذائل والشرور حتى يأتى يوم القيامة. وبالتالى فعلى البشر أن يظلوا هم أيضا محافظين على أنفسهم من غواية الشيطان من خلال التمسك بتعاليم السماء والأديان التى جاءت جميعها لحماية البشر والكون بأسره من الشر والدمار.دارت تلك الأفكار فى ذهنى فنحيت تليفونى المحمول جانبا ونظرت إلى الأفق فى صمت.


تعليقات

المشاركات الشائعة