«الجباية» سلاح الحكومة لسد عجز الموازنة

المصدر الوفد . اخبار الاقتصاد
الجباية أسلوب مصرى معروف تتبعه الحكومات المصرية المتعاقبة من حين لآخر بهدف زيادة موارد الدولة عبر فرض الرسوم والضرائب على المواطنين حتى أصبح المواطن يتحمل 60٪ من حصيلة الضرائب فى مصر.
منذ أيام، وافق مجلس النواب على فرض رسوم على 27 خدمة بهدف تحصيل 7٫5 مليار جنيه سنويًا لسد عجز الموازنة من جيوب البسطاء، وادعت الحكومة وقوفها بجانب الفقراء.
القرارات جاءت فى توقيت غير ملائم وأشعلت غضب الشعب فما بين عشية وضحاها يستيقظ المواطنون على زيادات جديدة فى أسعار السلع والخدمات.
ترددت تساؤلات عن الشارع المصرى، عن موعد انتهاء الأيام العجاف التى يعيشها الناس؟ الخبراء أكدوا أن البحث فى جيوب المواطنين لم يعد الحل الأمثل للخروج من الأزمات، وحذروا من تفاقم الأوضاع التى أوشكت على انفجار ثورة جياع.
كل الدلائل تؤكد استمرار تحميل المواطن لأعباء جديدة ما بين الحين والآخر، بعد أن فشلت الحكومة فى البحث على موارد جديدة واستغلال ما لديها من موارد توسعت فى فرض الضرائب والرسوم دون مراعاة للأوضاع الاقتصادية السيئة التى باتت تعيشها الأسر المصرية، وقد سبق أن اعترف وزير المالية عمرو الجارحى بأن 70٪ من دخل مصر باقى من الضرائب والجمارك، هذا فضلًا عما كشفت عنه إحدى الشركات المختصة بتحليل الوضع الصحى فى مصر، التى أكدت أن 70٪ من المنظومة الصحية تأتى من جيوب المواطنين نتيجة لضعف الموازنة التى لا يمكنها تحمل الأعباء الصحية.
منذ أيام وافقت لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 147 لسنة 1984، ليرفع رسوم بعض الخدمات، ومنها جوازات السفر وتراخيص السيارات وخدمات المحمول وتراخيص السلاح وإقامة الأجانب ويتضمن القانون الموافقة على زيادة رسوم رخص القيادة بحيث تصل إلى 300 جنيه لرخص القيادة الخاصة لمدة 10 سنوات و200 جنيه لرخص القيادة المهنية درجة أولى وثانية و100 جنيه عن رخصة معلم قيادة أو رخصة قيادة دراجة بخارية، ومبلغ 50 جنيهًا رخصة قيادة و100 جنيه عن الرخص المؤقتة للتعليم، بالإضافة إلى 100 جنيه رسوم استخراج بدل فاقد من رخص السيارات، كما شملت الزيادات الجديدة تراخيص السيارات، حيث تم تحديد قيمة جديدة لتراخيص السيارات الجديدة بنسبة 5٪ من ثمن السيارة التى لا تزيد سعتها اللترية على 1330 سى سى و2٪ للسيارات التى لا تزيد السعة اللترية لمحركها على 1330 ولا تتجاوز 1630 سى سى و2٫25٪ للسيارات التى تزيد سعتها اللترية 1630 سى سى ولا تزيد على 2030 سى سى و2٫5٪ للسيارات التى تتخطى سعتها 2030 سى سى، هذا بالإضافة إلى فرض رسوم جديدة على رخص السيارات، حيث يتم تجديد السيارات التى تزيد سعتها اللترية عن 1030 سى سى ولا تتجاوز 1330 بمبلغ 350 جنيه، و750 جنيهًا للسيارات التى لا تتجاوز سعتها اللترية عن 1630 سى سى، على أن يتم تخفيض هذا المبلغ سنويًا بمقدار 10٪ عن كل سنة تالية لسنة الموديل كما قامت اللجنة بزيادة رسوم تجديد واستخراج جوازات السفر من 54 جنيهًا إلى 200 جنيه، وزيادة رسوم التصالح فى مخالفة التأخير فى تسجيل إقامة الأجانب إلى 500 جنيه بدلًا من 20 جنيهاً، وزيادة رسوم أذن العمل بالخارج لتصبح 100 جنيه بدلًا من 50 جنيهاً، والتجديد من 100 جنيه إلى 500 جنيه عن كل سنة تجديد.
كما تم زيادة رسوم رخص تسيير وسائل النقل إلى 500 جنيه للسيارات التى لا تزيد حمولتها عن 5 أطنان و1000 جنيه للسيارات التى تزيد حمولتها على 5 أطنان و2000 جنيه للسيارات التى تزيد حمولتها على 15 طناً، كما تم إقرار زيادة جديدة على رسوم خطوط المحمول حيث تم فرض 10 جنيهات كرسوم شهرية تم تحصيلها من المواطنين عند سداد الفاتورة، و50 جنيهًا عند شراء خط محمول جديد يتم دفعها مرة واحدة و20 جنيهًا عند شراء كارت محمول جديدة على أن تلتزم الجهات المقدمة لتلك الخدمات بتحصيل الرسوم مع قيمة الخدمة وتوريدها لوزارة المالية.
تلك الزيادات التى أقرها البرلمان من المقرر أن تصل حصيلتها لنحو 7٫5 مليار جنيه بمجرد تطبيقها وذلك بحسب تصريحات ال دكتور محمد معيط، نائب وزير المالية لشئون الخزانة العامة.
أثارت تلك القرارات الأخيرة استياء المواطنين الذين عجزوا عن مواكبة موجات الغلاء لتأتى الزيادة فى الرسوم لتزيد الطين بلة.
وأكدوا أن ما سيتم فرضه من زيادات جديدة على أسعار الخدمات ما هو إلا مزيد من رسوم الجباية التى أصبحت تزهق جيوب البسطاء دون مراعاة للظروف الصعبة التى يعيشها محدودى الدخل الآن، والتى جعلت أغلب الأسر الميسورة الحال عاجزة عن تلبية أبسط احتياجاتها، حيث أكد محمد السيد أن الناس فى حالة ذهول بسبب ما يحدث كل فترة من موجات غلاء ومش ناقصين زيادات ورسوم جديدة تزيد من أعبائنا فلا يوجد شىء لم يرتفع سعره ومش عارفين نعيش فى ظل هذا الغلاء الفاحش ويقول: المواطن عندما يلجأ لترخيص سيارته، تقوم أى إدارة تراخيص بفرض شراء طفاية حريق جديدة للسيارة، حيث ارتفعت أسعار الطافيات من 160 جنيهًا إلى 260، حيث وصل سعره إلى 165 جنيهًا بعد 90 جنيهاً، هذا فضلًا عن ارتفاع سعر طلب الفحص من 10 جنيهات إلى 80 جنيهًا وللفحص كل ثلاث سنوات من 45 إلى 80 جنيهاً.
هذا فضلًا عن دفع ما يسمى بالتأمين الإجبارى والذى تتراوح قيمته من 120 إلى 320 جنيهًا حسب السعة اللترية لكل سيارة وضريبة بكل سيارة حسب الموديل.
وأضاف محمد السيد قائلاً: لا شك أن تلك الأسعار سوف ترتفع مع بداية تطبيق الرسوم الجديدة، خاصة أن رخص القيادة أيضًا سترتفع أسعارها، بعد أن كان رسم استخراج الرخصة يصل إلى 80 جنيهًا سيتم مضاعفته.
واعترضت أمل ناصر، موظفة، على فرض رسوم جديدة عند ترخيص السيارات، قائلة: الحكومة ترى أن كل من يمتلك سيارة يعد من الأثرياء، وهذا اعتقاد خاطئ، لأن السيارة لم تعد من الرفاهية فهى أمر ضرورى ولا يمكن الاستغناء عنه وحتى لمحدودى الدخل نجد أن الكثير منهم يمتلك سيارات بموديلات بسيطة وقديمة، وتلك السيارة تعد المنقذ لنا من جشع سائقى التاكسى وترحمنا من ركوب المواصلات، وتحكم السائقين، وتلك الزيادة التى ستفرضها الحكومة تأتى فى وقت غير ملائم بالمرة، فالطبقات الغنية لن تشعر بها، بل سيشعر بها البسطاء أمثالنا، خاصة أن الحكومة تنوى فرض رسوم تتراوح من 225 جنيهًا وحتى 800 جنيه عند تجديد رخص السيارة وذلك بحسب السعة اللترية لمحرك السيارة وتستكمل قائلة: نحن لسنا ضد أى زيادات، لكن لا بد أن يراعى المسئولين عدة اعتبارات أولها: ارتفاع أسعار السلع وهو الأمر الذى عجزت الحكومة عن السيطرة عليه حتى الآن، وكان يجب أن تتحرك أولًا لضبط الأسعار فى الأسواق ثم تبدأ فى فرض رسوم جديدة على المواطنين.
ويرى محمد أحمد أن المواطن لم يعد قادرًا على تحمل أى زيادات جديدة، فدخول الموظفين أصبحت لا تكفى شراء الاحتياجات الأساسية، كما أنه لم يعد هناك مراعاة لمحدودى الدخل، فأسعار تراخيص السيارات سوف تشكل عبئاً جديداً على المواطن، لأن هناك رسوماً سيتم فرضها على تراخيص سيارات النقل، وهو ما سيؤدى لزيادة أسعار السلع التى يتم نقلها إلى الأسواق، لذا لا يجب تطبيق تلك الزيادة، لأن محدودى الدخل أصبحوا معدومى الدخل، خاصة أن أسعار كافة الخدمات سوف تشهد زيادة جديدة لن تقدر على تحملها.
أكد النائب هيثم الحريرى، عضو مجلس الشعب، أن سياسة الحكومة الحالية تنحاز للأغنياء فهى تحمل البسطاء نفس الأعباء المالية التى تفرض على الفئات ميسورة الحال، وهذا الأمر يفتقد لمبدأ العدالة الاجتماعية فزيادة أسعار الخدمات يمثل عبئاً جديداً على الفقراء، خاصة أن زيادة الأسعار أدت لتراجع مستوى المعيشة ويقول: مع الأسف ما زال لدينا قصور فى الرؤية، حيث اعتمد المسئولون على جيوب الفقراء لسد عجز الموازنة، كما أصبح الموظفون هم أكثر الفئات التى تسدد الضرائب للدولة، وهذا يعد ظلماً، حيث أرهقت الضرائب التصاعدية كل الشعب، ويستكمل قائلاً: نحن نعانى من سوء استخدام للموارد، رغم أننا نمتلك موارد لا توجد لدى كثير من دول العالم، لكننا ما زلنا عاجزين عن الاستفادة منها، لذا لا بد من استهداف الطبقة الغنية، فجميع دول العالم تعتمد على الضرائب كمصدر للدخل، أما فى مصر فلا يوجد كفاءة فى تحصيل الضرائب نتيجة للقصور فى القوانين وأداء الموظفين، فهناك الكثيرين لا يقومون بسداد الضرائب المستحقة عليهم كما ينبغى، ويطالب الحكومة بضرورة تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية فضريبة القيمة المضافة تعد من الضرائب العمياء نظرًا لكونها تفرض على جميع السلع التى يقبل على شرائها الفقراء والأغنياء وهذه ليست عدالة.
ويؤكد الدكتور صلاح الدين فهمى، رئيس قسم الاقتصاد بجامعة الأزهر، أن الدولة تسعى لفرض رسوم جديدة من أجل تغطيه زيادة تكلفة الخدمات، وقد مثلت الإجراءات السابقة التى اتخذتها الحكومة بداية من عام 2016، ومنذ تحرير سعر الصرف أعباء على المواطنين، وذلك تنفيذًا لبرنامج الإصلاح الاقتصادى، أما الآن فما سيتم تحصيله من زيادات وفرض الرسوم على الخدمات فهو شر لا بد منه.
حيث أصبحنا الآن فى نظام على قدر ما تدفع تأخذ وهذا مقابل تحسين الخدمات للمواطنين خاصة أن بعض تلك الرسوم لا تدفع سنويًا مثل استخراج جوازات السفر، والتى تجدد كل 7 سنوات، أما تحصيل الضرائب فيؤكد الدكتور صلاح أنها تعد بمثابة رسوم جباية على المواطنين، لكونها تأخذ عنوة، وبدون مقابل، كما أن المواطن لا يحصل على خدمة نظير دفعه لتلك الضرائب، ويطالب الدولة بضرورة الاستيقاظ من غفوتها، واستعادة هيبتها واسترداد حقها من المواطن المصرى، وتستعيد الأرصفة المنهوبة، كما استعادت الأراضى المنهوبة، والاستفادة من الموارد المهدرة ويرى الدكتور صلاح فهمى أن المواطن سيشعر بأن ما تتخذه الدولة من إجراءات يعد قاسيًا ومؤلمًا، ولكنه لا بد أن يتأكد أن هناك أملاً فى تحقيق التنمية والرفاهية، كما وعدنا الرئيس.

تعليقات

المشاركات الشائعة