جزيرتان وأمة من الخبراء !


المصدر الاهرام - فريدة الشوباشي - مقالات و اراء

ما إن تم الكشف عن مسألة جزيرتى تيران وصنافير،إلا وانفجر طوفان من الآراء والمواقف المتناقضة التى وصل بعضها الى المطالبة باسقاط النظام وكيل الاتهامات المفزعة، ليس للمخالف فى الرأى فحسب،بل وللجيش ،حصن مصر على مر التاريخ،ورئيس يعرف القاصى والدانى ،انه وضع رأسه على كفه فى ثلاثين يونيو،تحديدا لحماية الوطن من التفتيت..ولم ينتظر المعارضون لمبدأ الفحص والتمحيص فى قضية الجزيرتين على ضوء كافة الوثائق التاريخية ولا للنتيجة المفترض ان يتوصل اليها البرلمان، بهذا الصدد، تطبيقا لمبادئ الدستور المصري.،بل تحول آلاف المصريين ومن مختلف الأعمار والتحصيل الدراسى ،بقدرة قادر،الى خبراء فى القانون الدولى ،وحسموا القضية منذ اللحظات الأولى ،مؤكدين «مصرية» الجزيرتين، ومن ثم وصم أى مخالف ،أو حتى مُطالب بالتروى لدراسة الوثائق وما توصل اليه خبراء تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية من نتائج ،بالخيانة والعمالة والتطبيل ، وما تيسر من مفردات هوجاء وغليظة وفظة، وسط غياب تام للغة الحوار وحجج الاقناع..وعن نفسى ،مثلا،فقد قلت ان الموضوع يحتاج الى كل ما سبقت الإشارة إليه من جهود لإجلاء حقيقة الأمر..غير أننى توقفت أمام نقطة أظنها فى غاية الأهمية ،ولا أعرف إذا ما كان قد تم تجاهلها تجاهلا شبه تام ، عمدا مع سبق الإصرار، أم عن عدم وعى ،وأعنى بها ،الجسر المقرر ان يربط البلدين،وكيف غابت دلالته الرمزية البالغة الخطورة،عن «الخبراء» و«نجوم التوك شو» حيث تم الاعلان عن بناء هذا الجسر فى وقت تواصل فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها ومناصروها،مخطط «تفتيت» الوطن العربي، تطبيقا لمشروع «الشرق الأوسط الكبير!» والذى يعنى شرذمتنا الى عشرات الدُويلات العرقية والطائفية!!..وجاء التصدى لهذا المشروع الشرير الهدام ،من مصر، بدءاً من ثورة يونيو التى سددت له ضربة قاصمة، بقبضة الوحدة الفولاذية للشعب المصري، ووصولا الى وقف زحف الإرهاب الذى كان منوطا به الوصول بمخطط التقسيم الى منتهاه،وفى هذه المرحلة، الى المحطة الحالية،التى «تربط» بين قطريين عربيين.. ويستمر اعداء مصر «العامود الفقري، للأمة العربية» ،فى منهج الكذب والتشويه، بادعاء ان ربط البلدين يصب فى مصلحة اسرائيل؟!!،هل يصدق عاقل فى الدنيا كلها ،ان اسرائيل يمكن ان تطمئن لأى خطوة «وحدوية»؟، بمعنى أى خطوة تصل بين أى أرض عربية وأخري، بينما مهمتها والسبب الأساسى لإقامتها فى الوطن العربي، هى منع أى تقارب عربى وليس أى ربط؟..واتفق هنا مع الرأى القائل، بأن أعداءنا،يواصلون بضراوة محاولاتهم المحمومة لشق وحدة الشعب المصري، وهى الصخرة التى تحطمت عليها كافة المؤامرات والمخططات المعادية.. ولا شك ان التقارب المصرى السعودى سيكون له تأثير على كل المناطق المشتعلة فى وطننا،حيث من بين صفوفنا، القاتل والقتيل،وانه لا بد وان يراعى خطورة ما كان يجرى لتقسيم سوريا، والوضع المأساوى فى ليبيا واليمن..وعلينا كشف الأطراف التى تشجع التفتيت وتصرخ بأعلى ما فى حناجرها من قوة ضد وحدة الأوطان، بدعوى إقامة «الدولة الإسلامية؟» تارة، وإرساء «الديمقراطية!؟» تارة أخري..فنموذج العراق الذى مزقته الولايات المتحدة الأمريكية،بدعوى اقامة الديمقراطية، ماثل للعيان ،وكذلك ليبيا التى رفع الحلف الاطلسى راية الديمقراطية ايضا، لتقسيمها عمليا وتسليمها الى الدواعش بمختلف مسمياتهم.. وعلى اية حال ،نحن فى انتظار عرض مسألة تبعية الجزيرتين على البرلمان والأكيد ان الموضوع سيحظى بدراسة متعمقة وبجدية فائقة وعناية شديدة،عبر الاستعانة بخبراء حقيقيين ووثائق تاريخية فعلا.. والأمل بأن يتناول إعلامنا بالأمانة اللازمة هذه القضية الدقيقة التى ربما تُظهر ضرورة تعيين وزيرا للإعلام.. 


تعليقات

المشاركات الشائعة