خائفة من الزواج !

بريد الجمعة يكتبه : أحـمــد البــــــرى - الاهرام

أنا فتاة فى العشرين من عمري، نشأت فى أسرة متوسطة الحال، لأب موظف بمصلحة حكومية وأم ربة منزل،
وثلاثة أشقاء «بنت وولدان»، وافتقدت منذ طفولتى الجو الهادئ الذى تعيشه جميع الأسر من معارفنا وأقاربنا، فكل حياتنا عبارة عن مشاحنات ومشاجرات سببت لى كثيرا من المتاعب، وجعلت الحزن يخيم على بيتنا دون البيوت حولنا، ورحت أسأل نفسي:هل نحن الذين نفعل ذلك بأنفسنا؟.. أم أن هذا هو قدرنا الذى لم يكن منه مفر؟!


ودعنى أحدثك أكثر عن أسرتنا، فشقيقى الأكبر يزيد عنى فى العمر عشر سنوات، ومضت حياته على نحو مستقر، فتخرج فى الجامعة، وعمل فى وظيفة تناسب مؤهله، وخطب زميلة له ثم تزوجها، بعد أن اشترت له أمى كل مايلزمه من عفش الزوجية، ولكن زواجه لم يدم طويلا، إذ سرعان ما انفصل عن زوجته بعد أن أنجب منها ولدا، وفشلت كل مساعى الصلح بينهما بسبب طبيعة أخى التى لا يتحملها بشر، فهو عصبى جدا، وعنيف لأقصى درجة يأمر فيطاع، ومن يعارضه، يسبه وينهره، ويضربه ضربا مبرحا، إذ يرى دائما أنه على حق، وأن رأيه هو الصواب ، وشغلتنى حاله كثيرا، ولم أصل إلى تفسير لماذا يتصف بهذه الأخلاق دوننا، وقد تجرأت ذات مرة وحاولت أن أعرف منه سبب طباعه الغليظة، فزعم أن أبى هو السبب، فتقصيت أخبار أبي، وعرفت أنه كان شديد القسوة عليه، ولم يكن يغدق عليه المال، وينهره إذا ارتكب أى خطأ، لا أن يوجهه إلى التصرف الصحيح، وقد علمه بكل أسف الألعاب القتالية العنيفة، ودفعه إلى العمل وهو فى سن صغيرة، خلال الإجازات الصيفية حتى يشغل وقت فراغه فى شيء مفيد.
أما شقيقتى الوحيدة فهى تكبرنى بتسع سنوات، وقد تزوجت وهى فى التاسعة عشرة من عمرها، بعد أن حصلت على دبلوم متوسط، والتحقت بوظيفة حكومية، وأنجبت ولدا وبنتا، واستمر زواجها عشر سنوات سيطرت خلالها المشاكل على علاقتها بزوجها الذى طلقها فلم تجد مأوى غير بيت أبيها، وعرفت من كثرة الحديث عن حياتها القاسية مع هذا الرجل أنه سيئ الأخلاق، ولا ينفق عليها ولا على أولاده، بل هى التى تتولى تدبير أمور بيتها من عائد وظيفتها، وكان دائم البحث فى «أغراضها الشخصية» عن المال، وكان يغيب عن عمله كثيرا، فتم فصله وزادت الأعباء والمشاجرات إلى أن بلغت حدا يصعب وصفه.
والغريب أنه بتركيبته هذه كان معروفا لدى أبي، ولذلك اعترض عليه حينما تقدم لخطبة أختى، لكن أمى هى التى دفعتها الى الزواج منه لمعرفتها السابقة باسرته، إذ كانوا جيرانا لأبيها فى القرية التى نشأوا فيها بإحدى المحافظات، وبعد الزواج انتقلت أختى للإقامة هناك، فقاست الأمرين لاختلاف طبيعة الحياة والبشر بين الريف والمدينة، إلى جانب أنها رومانسية جدا، وأنثى بمعنى الكلمة، وتحب من يشعرها بذلك ومن يتلمس جمالها، لكنها افتقدت كل ذلك فى زوجها الذى قسا عليها وأذلها بلا سبب، وبينما كانت تئن تحت وطأة هذا العذاب، تعرفت على شاب أصغر منها سنا، وأحست أنه الأنسب لها، فأرادت أن تتزوجه، ولم تكن وقتها قد انفصلت عن زوجها بعد، ولم تفض لأحد بذلك وقتها، لكن أبى أرغمها على الا تخرب بيتها، على حد تعبيره ـ فلم تجد بدا من الامتثال لأمره، وفى الوقت نفسه استمرت علاقتها بهذا الشاب، وعلم زوجها بذلك، والغريب أنه لم يتأثر بما عرفه، ولم يثر عليها مثلما يفعل أى زوج يشعر أو يشك فى وجود شخص آخر فى حياة زوجته، وتمسك بها ليس حبا فيها، ولكن لسبب آخر لا نعلمه، ولم يفصح عنه، وشاع خلافهما فى عائلتنا وعائلته، وصممت على الطلاق، فطلقها، وأخذت أولادها معها ثم تزوجت فتاها دون علم والدي، ولم تستقر معه فى منزل الزوجية، وخشيت عليها من المصير الذى يتهددها بمرور الوقت، فزواج كهذا لا يمكن أن يستقر بأى حال من الأحوال، وذهبت إلى أم هذا الشاب، ورويت لها ماحدث، ووجدتها على علم به، وتبين لى من أول وهلة أنها سيدة محترمة وراقية جدا، وقالت إن إبنها سبب لها متاعب جمة، وقد اختار طريقه بنفسه، وأن دورها معه انتهى بتخرجه من إحدى الكليات العملية، وإنه مريض بالكذب، وسوف تحرمه من كل شيء بعد كل ما فعله، وخروجه عن ارادتها.
وفى تفسير ما جرى لأخى واختى الكبيرين عرفت من ثنايا الحديث وعلى مدى سنوات أن أبى كان قاسيا عليهما، وعنيفا فى التعامل معهما وأنه هو الذى أوصلهما إلى ما هما فيه الآن من تخبط، وإصرار على الرأى حتى لو كان خطأ، وأن أمى مريضة بالوسواس القهرى ومندفعة ومتهورة فى اتخاذ القرارات، فهى التى دفعت أخى الأكبر الى الزواج فى سن صغيرة، كما تسببت فى المصير الذى آلت إليه أختي.
وتلفت إلى حالي، وأردت أن أحكم على واقعى وأنا أتطلع إلى تفادى الأخطاء التى وقع فيها شقيقاى، علما بأن ظروفى تختلف عنهما تماما، فالحق أننى لم أر غلظة فى التعامل، لا من جانب ابي، ولا من ناحية أمي، ووجدتنى أنا وشقيقى الآخر نلقى معاملة أفضل، لكن أمى قد تدفع بى إلى الجنون، فهى مقربة لي، وتتخذنى صديقة لها، وأجدها دائما تفضفض لى بما فى داخلها، ثم تبكى وتنوح، وتولول على أتفه الأشياء. انها برغم طيبتها، شخصية سلبية تماما، وتهيئ لى دائما أنه ليس لأحد أمان، ولا يوجد ما يسمى«الحب»، فالمسألة كلها مصالح، ومنذ صغرى وهى تروى لى الحوادث والجرائم والخيانات الزوجية التى تتناولها بعض الصحف، ثم تستغرب الآن موقفى من الزواج والحب!.. فأية فتاة يمكن أن تسمع ما سمعته، وتتعرض لبث مستمر لكل ما هو سيئ لابد أن تتأثر بهذا الكم من الكلام غير المعقول، لقد أصبحت معقدة نفسيا من الزواج، وقلت فى نفسي، إن دورى هو أن أحاول انتشال أمى من هذه الأفكار السوداوية، فهى تؤدى الصلوات فى أوقاتها، وحافظة للقرآن الكريم، وتصورت أن الأمر بسيط لكنى وجدته العكس تماما، حيث إنها شخصية عنيدة، تسمع الكلام، وتحدثك بأنها مقتنعة به، ثم تكبه فى البحر، والله هذا ما حدث معى كثيرا، لكننى لم أيأس، وقد استطعت أن أغير قليلا من بعض الأفكار المسيطرة عليها، وهى للأمانة تحبنى وتقول اننى أهدأ إخوتى وأكثرهم برا بها ورحمة لها هى وأبي.
لكنى لا أخفى عليك ـ يا سيدى اننى سئمت العيش بالطريقة التى نحياها، فخناقات أمى مع أبى تزيد بمرور الزمن، ولا يجدان إلى الوفاق سبيلا، فأمى تريد أن تتمتع بميراث أبيها، وتؤكد أنها لن تكرر خطأها بأن تساعد أحدا من أبنائها مثلما فعلت مع أخى الأكبر، وأبى مشغول بحاله، ولم يعد يهمه سوى نفسه هو الآخر، وعندما يزورنا أحد ويطلب يدي، أجدهما مرحبين بلا تفكير، وأحس بالفرحة على وجهيهما، وأشعر بأنهما يريدان الخلاص من مسئوليتي، ليتفرغ كل منهما لحاله، بعد أن ضحيا بالكثير من أجل أبنائهما، وهما يغاليان فى ذلك إلى حد بعيد، فما قدماه لنا، لا يزيد أبدا على ما يفعله الآباء لأبنائهم!
وما أريد أن أفضى به إليك هو أننى لا أميل إلى الزواج فى الوقت الحالي، وأريد أن أنهى دراستى الجامعية، وأشغل وظيفة مستقرة حتى لا أضع نفسى تحت رحمة أحد، فإذا تزوجت وحدث لى ما حدث لإخوتي، فلا أخشى على حالي، وأستطيع أن أحيا وأعيش مثل الآخرين، فما يدرينى إذا تزوجت الآن أن أمضى فى طريق الاستقرار، ولا يضيع مستقبلي؟
ثم من يضمن لى السعادة؟ اننى أخشى إن ارتبطت الآن أن أكون قد جنيت على نفسي، فلا أستطيع الخلاص بعد أن «تقع الفأس فى الرأس» كما يقولون، ولا أجد من يساندني. كما أننى وقتها لن يكون لى مصدر رزق، وأشعر بأننى مازلت صغيرة، وأبحث حاليا عن الوسائل التى تقودنى إلى تكوين علاقة متأنية، وأصبح واثقة من نفسى عند اتخاذ القرار.
لقد أصبحت فكرة الزواج بالنسبة لي، وبعكس الكثيرات من صديقاتى شبحا أخشاه وأخاف أن أقترب منه، وليس حلما جميلا كما أرى وأسمع من الأخريات، وحين أسرح بخيالى نحوه أشعر بالتعاسة والأسي، ففى محيط معارفى لم أجد أحدا سعيدا بحياته الزوجية، فالزواج الآن لم يعد استقرارا، حيث كثرت حالات الطلاق بعد أن انعدمت الأخلاق.. اننى أريد أن أحيا حياة كريمة، ولكن ما هو السبيل إلى ذلك؟ ثم هل أبى وأمى هما حقا من دفعا شقيقىّ الكبيرين إلى المصير الذى آلا إليه؟ وهل سيدفعانى أنا وشقيقى الآخر إلى مصير مثله؟ وهل أنا على حق فيما أفكر فيه وما يقتلنى الشك بسببه؟.. وما الذى ينبغى عليّ أن أعمله لكى أتخلص من هذا الكابوس؟
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
تعددت الأسباب التى أدت بك إلى الحالة المسيطرة عليك بعدم الرغبة فى الارتباط، وتأجيل الزواج إلى أن تصبحى قادرة على مواجهة احتمالات الطلاق بالوظيفة المستقرة والدخل الثابت، الذى يضمن لك الحياة بمفردك فيما بعد، ومن أبرز هذه الأسباب طلاق شقيقك الأكبر لزوجته، ثم طلاق شقيقتك من زوجها، وارتباطها بآخر أصغر منها سنا دون علم أبيك، وأيضا حالة عدم الوفاق بين أبيك وأمك وشجارهما الدائم، وافتقادك الجو الهادئ الذى تنعم به أسر الجيران والأقارب والمعارف، وهى جميعا أسباب أدت إلى ميل «الحائط الأسري» الذى يستند إليه الفرد اذا صادفته عقبات ومشكلات فى طريق الحياة، ومن المحتمل أن يسقط فى أى لحظة، فيجد المرء نفسه فى مهب الريح بلا سند، ولا معين، وخوفك من انهيار هذا الحائط، هو الذى يدفعك الى عدم القبول بالزواج فى الوقت الحالي، وعدم الاستجابة لأى ضغوط من جانب أبويك اللذين تصفينهما بأنهما يحاولان التخلص منك، لكى يتفرغ كل منهما لنفسه ـ على حد تعبيرك.
وبصراحة شديدة فإننى أراك مغالية فى نظرتك للأمور المتعلقة بالزواج والأسرة، وفى الوقت نفسه فإن والديك أخطآ الوسيلة، وهما ينشدان تكوين أسرة ناجحة ومستقرة، أما أنت فقد تأثرت بما عشته من تفكك أسرتى شقيقك وشقيقتك، وفشل زيجتيهما، ومشاجرات أبويك، وانخراط شقيقتك فى علاقة مع شاب أصغر منها، حتى وهى مازالت على ذمة زوجها، أما والداك فلم يحسنا تربيتكم بالطريقة الصحيحة وارتكبا أخطاء فادحة فى حقكم، فأبوك دأب على الشتائم والسباب، والضرب المبرح لإخوتك فى الأوقات التى يوجد فيها بالمنزل، مما أثر على نفسيتك، وترك جراحا غائرة لديكم جميعا، كما ساهمت أمك فى تعميق احساسك بالخوف من الزواج بحديثها الدائم عن حكايات الخيانة والطلاق، وما تنشره بعض الصحف من جرائم.. وقد أوجد هذا كله لديك حالة قلق شديدة من الآخرين، وخلق فى نفسك نوعا من الرفض الداخلى للزواج، فكل الأزواج أشرار، وتخيلت أن البيوت المقفولة على ساكنيها، وتبدو من الخارج هادئة ما هى إلا نار موقدة، ولكن لا تشعرين بها.. وهى نظرة خاطئة بكل المقاييس.
وأما موضوع زواجك، فلقد جانبك الصواب أنت وأبويك فى نظرتكم إليه، فهما كما يتضح من كلماتك يريدان تزويجك الآن، وأنت طالبة بالجامعة دون انتظار لتخرجك، وأنت ترغبين فى أن تتخرجى ثم تلتحقى بوظيفة مناسبة ثم تفكرى فى الزواج، بعد أن يكون لديك مصدر دخل ثابت، فإذا نشبت مشكلات مع من سوف تتزوجينه، يصبح بإمكانك أن تعيشى بمفردك وتعتمدى على نفسك، وهكذا يتبين أنكم جميعا مخطئون تماما، فيما ذهبتم إليه، فالزواج الناجح لابد له من أسس متينة، أهمها التوافق العائلى والعلاقة القوية بين أسرتى الزوجين، والتكافؤ بينهما اجتماعيا وثقافيا، واقتصاديا، وقبول كل طرف الآخر، والاتفاق على أسس محددة لما سوف تسير عليه الحياة بينهما، حتى لا تظهر بعد الزواج مشكلات مادية، وتتحدث الزوجة وقتها عن الذمة المالية المنفصلة لها، فى حين يكون الزوج فى ضائقة مالية، وفى حاجة الى المساعدة، ومن هنا تنشب الخلافات التى تؤدى فى أحيان كثيرة الى الانفصال.
ولقد أخطأ أبوك منذ البداية حينما استخدم الصرامة والشدة مع شقيقك الأكبر، وشقيقتك، ثم ارتكب خطا أشد فداحة بتدليله الزائد لك أنت وشقيقك الآخر، وقد يعلل قسوته من قبل برغبته فى أن يدفع أخويك الى المثالية فى السلوك، ولكنها جاءت برد فعل عكسى فأصيبا بنوع من البلادة، وعدم تحمل المسئولية، بل انهما امتصا انفعالات أبيكم، واختزناها، ثم ظهرت آثارها عليهما فيما بعد، فكان الطلاق والتفكك الأسرى مصيرهما!.. أما التدليل الزائد فلا يقل خطورة عن القسوة والصرامة، فالمغالاة فى الرعاية والدلال تجعل الإبن غير قادر على تكوين علاقات ناجحة مع الآخرين، أو تحمل المسئولية ومواجهة شدائد الحياة، وهكذا تكون سببا فى تدمير الأبناء.
من هنا نجد أننا فى حاجة الى التحرر من الخوف الزائد غير المنطقي، والتعامل مع الأبناء بواقعية واعطائهم الثقة فى مواجهة الحياة، وتعالوا نقرأ سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكيف أن أمه آمنة بنت وهب، بعثت به، وهو ابنها الوحيد وكان وقتها فى سن الرضاعة، الى البادية مع حليمة السعدية، ومكث معها ما يقارب أربع سنوات، وتغلبت على عواطفها، ولقد بعثت به الى هناك لما فى ذلك مصلحته حيث يتقوى جسمه، ويتقن اللسان العربي، فكان عليه الصلاة والسلام أفصح الناس وأشجعهم، فالإشفاق اذا تجاوز الحد يضر بالإبن وكما قال على رضى الله عنه «يجب أن تشفق على ولدك من إشفاقك عليه». فخير الأمور الوسط.. بعيدا عن الصرامة والتدليل الزائد عن الحد.
ويجب علينا ونحن نربى أبناءنا أن نعى أن إظهار عدم الثقة بالأبناء يؤدى الى فقدانهم الثقة فى أنفسهم، ويضعف درجة المصداقية بين الآباء والأبناء، إذ يشعر الابن بأنه فى نظر والديه غير مؤهل لثقتهما، وأنهما لا يفهمانه، وبالتالى يبتعد عنهما، ويتجه الى كتمان ما يدور داخله، وقد يأتى بتصرفات غير محسوبة تضره ولا تنفعه مثلما فعلت أختك بزواجها دون علم أبيها.
المسألة برمتها فى أسرتكم تحتاج الى إعادة نظر لكى يلتئم شمل الأسرة من جديد، وأحسب أن بإمكان والدك أن يصلح ما فسد سواء فى علاقته بأمك، أو علاقتهما معا بكم جميعا، ولتكن المصارحة هى الأساس فى إعادة بناء ما تهدم عن طريق الحوار الهاديء، ولاشك أن أشقاءك لديهم الاستعداد لذلك، وأنت أيضا بإمكانك أن تساهمى فيه بما ألمسه من رجاحة عقلك، وترتيب أفكارك، وتحليلك المنطقى لبعض جوانب أزمتكم، واسأل الله أن يهديكم الطريق السليم، ويسدد خطاكم.. إنه على كل شيء قدير.




المصدر الاهرام

تعليقات

المشاركات الشائعة