الأمور ليست دائما «تحت السيطرة» المدمن «مريض» معرض للانتكاس



المصدر الاهرام - رانيا حفني
تعانى مصر مثلما تعانى معظم دول العالم تنامى وتعاظم مشكلة استخدام المخدرات بشكل يوْدى الى خفض الإنتاجية وغياب الاستقرار الاجتماعى والاقتصادى بالإضافة الى ازدياد معدلات الجريمة والانحلال الأخلاقي. ومن خلال استبيان قام به المكتب الإقليمى بمنطقة الشرق الأوسط التابع لمنظمة الصحة العالمية فى 19 دولة من اجل الوقوف على الأبعاد و الحجم الحقيقى للمخدرات فى المنطقة أظهرت ان متوسط أعمار من يتعاطون المخدرات يتراوح ما بين 33 و44 عاما وظهر التوجه المجتمعى للتعامل مع الافيونات ويليها الحشيش ثم المنشطات والمهدئات.
 من ناحية, كشف المكتب الإقليمى المعنى بالمخدرات والجريمة فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة الدولية لمراقبة المخدرات ان منطقة الشرق الأوسط أصبحت سوقا نشطة لتجارة المخدرات, مشيرا الى ان عدد متعاطى المخدرات فى المنطقة العربية يقدر مابين 5 الى 6% من السكان. ومن ناحية أخرى أشار مسلسل «تحت السيطرة»الذى يعرض حاليا ويتعرض لقضية الإدمان والمخدرات الى نقطتين غاية فى الأهمية والخطورة, الأولى هى انتشار المخدرات بين الشباب, والثانية تتجسد فى امكان انتكاس المدمن فى أى وقت مهما طالت مدة تعافيه. لذا كان هذا التحقيق.
تقديرات المكتب المعنى بالمخدرات والجريمة التابع للأمم المتحدة تشير الى ان ما يتراوح بين 155 و250 مليون شخص (3,5 الى 7,5 % من السكان من سن 15 الى 64 عاما) يتعاطون مواد غير مشروعة ولو مرة واحدة على الأقل. وطبقا لمنظمة الصحة العالمية, يعتبر القنب الهندى أو الحشيش أكثر المخدرات شيوعا فى العالم حسب التقديرات العالمية يتراوح معدل الانتشار السنوى لتعاطيه ما بين 2٫9 و3٫4 % بين السكان الذين تتراوح أعمارهم من 15 الى 64 عاما. وبالنظر لحجم ظاهرة التعاطى نجد أنها تصل فى الولايات المتحدة الأمريكية الى 8% من إجمالى تعداد السكان وترتفع النسبة الى 9٫8% فى المملكة المتحدة. وبالنسبة للهيروين والذى يعد أكثر الافيونات شيوعا, نجد ان غرب أوروبا السوق الأولى لاستهلاكة عالميا وتقريبا نصف هذه السوق تنحصر فى ثلاث دول وهى انجلترا وايطاليا وفرنسا وتأتى روسيا فى المركز الثاني. ومن جهة ثانية فان حجم الاتجار بالكوكايين فى أفريقيا فقط خلال 2009 قدر بحوالى مليار دولار كما ظلت القارة منطقة عبور للعديد من المواد المخدرة المنتجة فى أمريكا اللاتينية واسيا والمتجهة الى أوروبا وأمريكا. كما ان المغرب ومصر لم تعودا الدولتين اللتين تعانيان وحدهما من زراعة النباتات المخدرة بل ان الظروف السياسية وحالة عدم الاستقرار جعلت السودان وسهل البقاع أيضا يدخلون ضمن الدول التى تزرع بها النباتات المخدرة. ويمكن استنتاج ان من ضمن أسباب زيادة انتشار المخدرات فى المنطقة العربية ترجع الى الموقع الجغرافى ووجود منافذ بحرية يمكن النفاذ منها.

مشكلة المخدرات فى مصر
من جانبها أوضحت د. ندى أبو المجد, مدير ادارة علاج الادمان بالأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الأدمان, انة بالنظر الى الوضع فى مصر, نجد انه فى بداية القرن العشرين ازداد معدل تعاطى الكوكايين والهيروين لكن ظل مخدر الحشيش والبانجو الأكثر شيوعا يليهما عقار الترامادول الذى ازداد شعبية خلال السنوات الأخيرة مع ظهور انخفاض فى متوسط العمر النسبة لبداية تعاطى المخدرات. ولقد استشعرت مصر خطورة مشكلة المخدرات منذ زمن بعيد ولذا كانت من أول الدول التى تنشئ مكتبا لمكافحة المخدرات فى 1929 ثم إدراة مكافحة المخدرات فى 1947, وقد تم تشكيل المجلس القومى لمكافحة وعلاج الإدمان فى 1986. وهناك مجموعة من الموْشرات والإحصائيات حول تطور حجم المشكلة فى المجتمع المصرى تظهر من خلال التقارير السنوية لأدراه العامة لمكافحة المخدرات والتى يتضح من خلالها فى 2011 من خلال النسبة المئوية للقضايا والمتهمين لكل مخدر ان نسبة الانتشار الاعلى هى للبانجو ثم الحشيش يليه الهيروين والأفيون ثم الكوكايين. ومن الموْشرات المهمة لبحث مشكلة الإدمان فى مصر عدد الحالات الخاضعة للعلاج. ففى خلال الفترة من يناير الى يونيو 2014 قد بلغ إجمالى عدد الحالات الخاضعة للعلاج فى مستشفيات الطب النفسى 3465 مريضا, منهم من خضعوا للعلاج فى المستشفيات الحكومية إراديا وكان عددهم 1351 ومنهم من خضعوا للعلاج فى المستشفيات الخاصة سواء كان إراديا (1631 مريض) أو إلزاميا (483مريضا).

البحث القومى للإدمان
وأضافت د. ندى أبو المجد, أنه يمكن متابعة الوضع فى مصر من خلال استعراض المراحل المختلفة للبحث القومى للإدمان الذى تقوم بتنفيذه وحدة الأبحاث فى الأمانة العامة للصحة النفسية. فقد بدأ هذا البحث فى سنة 1995 وكان يهدف الى الإلمام بأبعاد مشكلة الإدمان وسوء استخدام المخدرات من اجل الوصول الى قدر كاف من المعلومات التى تسمح بتخطيط ناجح لمواجهة المشكلة. ويعد البحث القومى للإدمان دراسة استقصائية مجتمعية دورية تعمل على تتبع مدى انتشار ظاهرة استخدام المخدرات فى المجتمع المصرى بكل شرائحه ويقوم بدراسة دورية لكل محافظات مصر. ظهر أول تقرير فى 1996 وغطى خمس محافظات (الغربية-الفيوم- الإسكندرية- بنى سويف-البحيرة) بعدد إجمالى 16635 مفحوصا, وكانت نسبة من اقروا باستخدام مواد مخدرة ولو لمرة واحدة 26٫6% وكانت اعلى المواد استخداما الحشيش. المرحلة الثانية كانت فى 2005 وشملت تسع محافظات (الجيزة-بورسعيد-أسيوط-جنوب سيناء-شرم الشيخ-القليوبية-الدقهلية-كفر الشيخ-دمياط-البحيرة) بعدد إجمالى 38600 مفحوص وكانت أكثر المواد استخداما هى الحشيش ثم البانجو فالبيرة والكحوليات ثم العقاقير الطبية. المرحلة الثالثة كانت فى 2007 وشملت ثماني محافظات بإجمالى 40083 مفحوصا. وأضافت د. دلال عبد الوهاب, أما بالنسبة للمرحلة الرابعة فكانت فى 2007-2008 وشمت محافظة القاهرة بأجمالى 38608 مفحوصا من القاهرة موزعين من الأحياء المختلفة. المرحلة الخامسة شملت مرسى مطروح والبحر الأحمر وشمال وجنوب سيناء عن عامى 2009- 2010 وتضمنت 11606 مفحوصين وشكل الحشيش أكثر الأنواع انتشارا وتأتى الكحوليات فى المرتبة الثانية ثم الأفيونيات. وأخيرا المرحلة السادسة وقد شملت 16186 مفحوصا من المنيا وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان عن عامى 2011-2012 ووجد ان المحافظات الأكثر تعرضا لمشكلة الإدمان هى سوهاج واقلها الأقصر وكانت الأكثر المواد شيوعا الحشيش ثم الترامادول ثم التامول. وتبقى حقيقة ان من أهداف البحث القومى للإدمان تحديد الحجم الحقيقى لمشكلة الإدمان ورسم صورة تقريبية لأبعاد المشكلة.



درجات وأساليب تعاطى المواد المخدرة
من ناحية أخري, أشار د. تامر توفيق زغلول, مدير إدارة التدريب والبحوث والقائم بأعمال مدير إدارة الاعلام والعلاقات العامة بالمجلس القومى للصحة النفسية, ان من الناحية العلمية والطبية فإن مجرد استخدام المخدرات والكحوليات لا يعنى إدمانها. فهناك اختلاف ما بين التجربة والاستكشاف مرة واحدة وما بين النمط الاستخدامى الادمانى الصريح. ويمكن تقسيم التعاطى الي: تعاط تجريبي, ترويحي, متقطع,منتظم,تعاط خطر, وإدمان. ولقد ثبت ان إدمان المخدرات والكحوليات يوْدى الى مضاعفات نفسية وسلوكية واجتماعية بالإضافة الى تدمير قدرة الفرد على الكسب وعلى الحياة بشك طبيعي. فالحشيش على سبيل المثال يوْدى الى العجز الجنسى وإمراض الجهاز التنفسي, أما عقار الترامادول فيسبب فقدان الوعي, و النوبات التشنجية و زيادة نسبة الحوادث المرورية وإحداث العنف والمشاجرات.
وأضاف د. تامر توفيق زغلول ان بعمل خريطة عن توزيع معدلات استخدام المخدرات على محافظات الجمهورية وجدنا ان القاهرة تتصدر اعلى نسبة استخدام للمخدرات فى المحافظات المصرية بنسبة 33% تليها سوهاج 26%, وأسوان 20٫6%. وتتضمن بعض المحافظات استخدام المخدرات بمستويات مرتفعة وهى مطروح 19%, والبحر الأحمر 18%, المنيا 17,4%, السويس 13٫7%, الإسكندرية 13٫4%, قنا 12٫8%,الشرقية 12٫5%, جنوب سيناء 11٫5%. وظهر الاستخدام المتوسط للمخدرات فى الفيوم 6٫9%, الغربية 6٫9%, شمال سيناء 6٫5%, والمنوفية 4٫1%.

معدلات الإدمان فى محافظات مصر
وقد أوضح د. محسن نظمي, مدير عام شئون المجالس بالمجلس القومى للصحة النفسية أنة وفقا للبحث القومى للإدمان لعام 2015 عن معدلات استعمال وإدمان المخدرات والكحوليات الذى قامت به وحدة أبحاث الأمانة العامة للصحة النفسية يتضح ان إجمالى نسبة من يستخدمون الكحوليات أو المخدرات حاليا فى المحافظات المصرية المدروسة بلغت 20٫6% وكما سبق التوضيح, كانت اعلى نسبة فى القاهرة حيث بلغت 33% من نسبة المستخدمين وتلتها مدن الصعيد بنسبة 22٫4%. وتشير هذه النتيجة الى خطورة الوضع فى مصر حيث يتضح ارتفاع نسب الاستخدام فى مصر مقارنة بمعدلات الاستخدام فى العالم خلال الخمس سنوات الماضية. ويجب الإشارة الى ان هذه النسبة تشير الى مجموع درجات الاستخدام ويقدر تقرير مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة فى تقريره الأخير ان حوالى 5% من البالغين فى العالم الذين يتراوح أعمارهم بين 15-24 سنة وهم حوالى 230 مليون شخص, قد استخدموا المخدرات ولو لمرة واحدة خلال عام 2010, كما يقدر عدد المدمنين فى العالم بحوالى 27 مليون بنسبة 0٫6% من عدد سكان العالم, كما يموت حوالى 200 ألف حول العالم بسبب إدمان المخدرات.

الحشيش والترامادول..الأكثر انتشارا
وأضاف د. محسن نظمي, هذا ويعتبر الحشيش والبانجو الأكثر انتشارا فى مصر(77% من المستخدمين) بفارق كبير عن الكحوليات الذى يليهما فى المرتبة الثانية بنسبة 26٫8%, بينما تحتل المواد الأفيوينة المرتبة الثالثة بسبب عقار الترامادول الذى يستخدمه عدد كبير من الشباب على نطاق واسع. ولقد أمكن تفسير الانتشار الوبائى الذى حدث فى مصر موْخرا من ناحية استخدام الترامادول بسبب الآتي: سهولة الحصول عليه بالرغم من إدراجة فى قائمة القسم الثانى من الجدول الأول من قائمة المواد المخدرة, انتشار المعتقدات الخاطئة حول تأثيره على القدرة الجنسية و القدرة على التحمل والعمل لساعات طويلة, استخدامه عن طريق الفم مما يسهل استخدامه دون الحاجة الى الاختباء عن أعين الناس. وبدراسة طرق استخدام المخدرات والكحوليات فى المحافظات المصرية, وجد ان التدخين يحتل المرتبة الأولى بنسبة 55% يليها التعاطى عن طريق الفم 45,5% أما الاستنشاق فكان نسبته 7٫6%. واللافت للنظر هو تراجع الاستخدام عن طريق الحقن مما يشير الى عدم توافر المواد المخدرة التى تستخدم بتلك الطريقة والاعتماد على العقاقير الأسهل تداولا فى طرق استخدامها.
ولقد ثبت ان 38,5 % من مستخدمى الكحوليات والمخدرات بدأوا استخدامها قبل بلوغهم سن العشرين بينما ظهر ان أكثر من نصف المستخدمين للمخدرات 58% بدءوا استخدامها فى سن الشباب من 16 الى 25 سنة ويتضح من ذلك خطورة المرحلة السنية كفترة فاصلة. ونجد ان المستخدمين للمخدرات بنسبة 25% من الذكور مقابل 9,4% من الإناث. ولا يمكن إغفال ان التفكك الأسرى بكل صوره يعتبر سببا أساسيا فى زيادة استخدام الكحوليات والمخدرات وخصوصا فى الحضر. وعن العلاقة بين مستوى التعليم وسوء استخدام المخدرات تبين ارتفاع الإدمان لدى الحاصلين على شهادة فوق المتوسط والشهادة الإعدادية حيث تصل النسبة الى 23,4% أما الجامعى والدراسات العليا 9,2%. وعن دراسة العلاقة بين نوع العمل واستخدام المخدرات تبين ان النسبة الأعلى كانت بين التجار بنسبة 39% تليها العمالة الفنية بنسبة 37,6% تليها العمالة الغير فنية 26% وكانت النسبة الأقل بين ربات البيوت. واتضح من البحث العلاقة الوثيقة ما بين البطالة وزيادة معدلات استخدام المخدرات, حيث كانت النسبة 23٫4% . وعن دراسة العلاقة بين الحالة المدنية وسوء استخدام المخدرات يتضح ان 25٫4% من حالات الطلاق أو الانفصال تعانى من سوء استخدام للمخدرات. ولقد ثبت ان الترابط الأسرى يعتبر عامل حماية من خطر الإدمان,فالأبحاث العلمية تشير الى ان فقد احد الوالدين فى الصغر قد يكون سببا فى تعرض الشخص لمشكلة المخدرات.

أسباب التعاطي
وعن اسباب التعاطي, أكد د. هشام المليجي, مدير ادارة حقوق المرضى فى المجلس القومى للصحة النفسية, أن حب الاستطلاع والاكتشاف لفئة من الشباب دون المبالاة بالعواقب، الاعتقاد الخاطئ بأنها تساعد على النسيان وتزيل القلق والتوتر، مرافقة أصدقاء السوء، الأوضاع الاجتماعية والإنسانية والسياسية المزرية فى البلدان العربية والإسلامية، الحروب والصراعات المسلحة والاستبداد والضغوط القمعية، البطالة وما توقعه على الفرد من أعباء الأكثر حدة وقوة من آثارها، الظروف الصعبة والحرمان تجعل الإنسان يلتجئ للمخدرات كى يبتعد عن واقعه المرير حتى لو كان فى الخيال أو مؤقتا حسب ظنه فيدمن عليها وقد يقع فى نفس الفخ حتى هؤلاء الذين يعيشون حياة الرغد والرفاهية لم يسلموا من هذه الآفة بسبب تهورهم وطيشهم، الإهمال الأسرى لجوانب تربية ورعاية النسل ومتابعته مما يسهل ويسهم فى الانحراف. وأضاف د. هشام المليجي, ان التفكك الأسرى له علاقة مباشرة مع الإدمان، كذلك نجد من بين أسباب الإدمان الغير مباشرة التشبه بالمثال الذى غالبا يكون فى صورة الأب أو الأم أو الأخ الأكبر بسبب تعاطيهم للمخدر، حين تنعدم سلطة الأبوين أو تهتز بسبب قلة الحوار والقسوة والتسلط، كذلك المستقبل الغامض الغير متوافر للشباب يجعلهم يسعون ويحللون كل شيء لأنه حسب اعتقادهم أصبحت لا توجد أى ثوابت يمكن الاعتماد عليها مما يجعل الخوف والملل والقلق يطغى عليهم ويمنعهم من تأكيد ذاتهم وتحقيق رؤاهم فيختبئون فى اللاشعور الذى يهيئه لهم المخدر، ظاهرة المتغيرات والتغيير الحاصل حاليا وسط المجتمعات وما يفرضه من التزام ومستلزمات من اجل التكيف والتأقلم مع وعلى الأوضاع الجديدة المتجددة والأحداث المتعاقبة والمتناقضة المفاهيم والمعايير التى لم تعد تسمح لأحد بالأمن والاستقرار والانضباط النفسى مما يجعلها تتصدر هرم الأسباب والعوامل التى تدفع للإدمان وما لها من ضغوط قوية تعمل عملها فى التحكم فى القدرات الإنسانية، كذلك العديد من الشباب يعتقد انه محروم من كل شيء لهذا يبحث عن ثغرة توصله بسهولة إلى التنفس فى عالم الخيال التى تمنحه إياها تلك المخدرات والذى عجز عن تحقيقه فى عالم الواقع.

المدمن...معرض للانتكاس
أوضح مسلسل «تحت السيطرة» الذى يعرض حاليا ان مدمن المخدرات معرض للانتكاس والعودة لاستخدامها مرة أخرى بعد العلاج ومهما طال وقت التعافي. ولتجنب ذلك يجب اتباع الخطوات التالية: البعد عن أصدقاء السوء, البعد عن أماكن التعاطي,الحصول الفورى على مساعدة إذا تم استخدام المخدرات مرة أخرى, والالتزام بخطة العلاج الخاصة, لأنه قد ثبت ان فرصة البقاء خاليًا من الإدمان كبيرة إذا تمت متابعة العلاج من إدمان المخدرات بعد الشفاء بشكل دائم. وقد أشار د. هشام المليجي, مدير إدارة حقوق المرضى فى المجلس القومى للصحة النفسية, أنه لكى نضمن نجاح عملية التأهيل النفسى والاجتماعى يجب التركيز على ما يلي: النظر لمدمن المخدرات على أنه مريض يجب علاجه ولو تكرر منه الفعل عدة مرات, التركيز على برنامج الرعاية اللاحقة لمنع حدوث الانتكاسة وضرورة تعاون الأسرة مع المؤسسة العلاجية, أن تحاول المؤسسة العلاجية الاستفادة من خبرات حالات الإدمان المتعافاة )التى سبق علاجها فى البرنامج العلاجى فى جلسات العلاج النفسى والاجتماعى وذلك لنقل خبرتهم فى التخلص من المخدرات للمدمنين الجدد, التأهيل النفسى والاجتماعى للمدمنين على المخدرات. هذا وتعتبر عملية التأهيل النفسى والاجتماعى من أهم مراحل علاج إدمان المخدرات والتى تهدف فى المقام الأول إلى إعادة ترميم وبناء الذات وإعادة دمج الفرد فى المجتمع ويقصد بالتأهيل النفسى دراسة شخصية الفرد المدمن ومعرفة نواحى القوة والضعف فيها ودراسة سماتها وخصائصها دراسة مستفيضة وذلك من خلال دراسة السمات الشخصية للمدمن موضوع الدراسة, معرفة الاحتياجات أو الحاجات النفسية للمدمن , دراسة المشاكل النفسية والأمراض النفسية التى يعانيها المدمن, دراسة الحالة والبحث النفسى للمدمن ومساعدة المدمن للقضاء على الصراع الذى يعانيه.
وأكد كل من مروة صالح وحنان عبد اللطيف وصلاح حماد بإدارة العلاقات العامة وإدارة حقوق المرضي, إن وجود مدمن متعاف ملتحق ببرنامج الرعاية المستمرة، هى بمثابة تعاف كامل للأسرة، فعندما يلتحق المريض بوحدة الرعاية المستمرة، فهو يبدأ مرحلة هامة فى حياته تعتمد على التعافى من المخدر، والتخلص من أساليبه السلوكية والمراوغات المرتبطة به، وينبغى على الأسرة دعم وتشجيع المريض إلى ذلك الاتجاه، وتكوين تحالف علاجى مع المعالجين فى الرعاية المستمرة،  وأهم شيء التخلص من الأشياء التى قد تؤثر على ذهن المريض وأفكاره نحو التعافي، ومنها المثيرات السمعية والبصرية والحسية والتى تتمثل فى الحقن الفارغة أو المستخدمة, الليمون, الأربطة الضاغطة, ورق البافرة، وورق القصدير، زجاجات الكحول المملوءة والفارغة منها، وعبوات الأقراص المنشطة أو المهدئة. أما المثيرات السمعية، فهى تتمثل فى الأشرطة الغنائية المرتبطة بتعاطى المخدر، والتى كان المدمن المتعافى يفضل سماعها وقت الإدمان ولها تأثير على حالته المزاجية والوجدانية، الاتصالات الهاتفية من أصدقاء الإدمان لذا ينبغى عدم تمكين المريض المتعافى من اتصال أحد من المدمنين النشطين عليه، أو السماح له بالاتصال عليهم، والتوقف عن الاتصالات النسائية خارج نطاق الزواج، وذلك يعنى تنظيف ذاكرة الهاتف والجوال من أرقام الأصدقاء والصديقات الخطرين على تعافيه.
وفى النهاية تبقى الوقاية هى انجح علاج لحماية النسل من مشاكل الإدمان ومضاعفاته من اجل الجيل الحالى والأجيال المقبلة فالأسرة لها الدور الكبير فى هذا المجال، بدءا من ممارسة سلطة أولياء الأمور المعتدلة لوضع بعض الموانع والمراقبة والتوعية والتأكيد على القيم والأخلاق الحميدة التى وحدها تحصن حياة الفرد، كذلك تتوجب التوعية من خلال وسائل الإعلام والفضائيات والندوات والبرامج والأفلام بتعاون مع العديد من المنظمات الحكومية والغير حكومية وإعداد حملات تستهدف الوقاية من الإدمان ومن تم الإصابة بفيروس إتش آى فى وتكون مركزة على الشباب كذلك السهر على برامج التوعية و ا لوقاية فى المدارس والتجمعات المحلية والأندية تستهدف صغار السن المقيمين فى القرى النائية و المناطق الفقيرة، الذين يعتبرون أكثر عرضة لخطر الإدمان والإصابة بالأمراض الأخرى.
الخلاصة هى ان ظاهرة تعاطى المخدرات كغيرها من الظواهر الاجتماعية فى أى مجتمع لا يجوز فصلها عن مجمل؛ كالظروف المحيطة بها فى داخل هذا المجتمع أو خارجه، فهى لا تنفصل عن الظروف الاقتصاديـة والسياسية التى تسود هذا المجتمع، الأمر الذى يحتم على من يتناول مثل هذه الظاهرة أن يتناول بشيء من التحليل الخصائص الاجتماعية والاقتصادية، التى يعيش فيها متعاطى المخدرات، ومن ثم تحليل ودراسة الأسباب الاجتماعية العامة المؤدية إلى هذه الظاهرة، وانتشارها بين صفوف من هم فى سن الشباب. كما يتضح ضرورة مواجهة ظاهرة الإدمان مواجهة مجتمعية شاملة باستخدام سلاح الطب والتشريع والتوجيه والتنوير بالإضافة الى الجهود الأمنية. ويتضح أيضا ضرورة الاهتمام بالتعليم ومكافحة البطالة ودعم التمسك الأسرى والتخطيط السياسى السليم للوقاية من استخدام المخدرات من خلال حملات التوعية المكثفة وتفعيل دور الأعلام للتغلب على المفاهيم الخاطئة المرتبطة بتناول المخدرات مع التركيز على الشباب والمراهقين فى إطار حملات إعلامية قومية لمكافحة استخدام المخدرات.



المصدر الاهرام

تعليقات

المشاركات الشائعة