احذرى .. تأثير الاصدقاء على الأبناء

المصدر الاهرام

«المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل» تلك هى وصية رسولنا الكريم, الذى حثنا على حسن اختيار الصديق لأنه رفيق درب الحياة, وكما يقال فى المثل اختار الرفيق قبل الطريق ...لذا على الأسرة أن تهتم باختيار أصدقاء أبنائها لتأثيرهم القوى فى تكوين شخصياتهم وسلوكياتهم.
دكتور جمال شفيق أحمد أستاذ العلاج النفسى ورئيس قسم الدراسات النفسية بمعهد الدراسات العليا للطفولة جامعة عين شمس يوضح أن الأسرة لها دور أساسى ومؤثر فى تكوين شخصية الطفل وسلوكه وميوله، وكانت الأسرة فيما سبق تهتم بعملية الرعاية والتربية الموجهة المخططة والتى كان يتفق على إعدادها وتنفيذها الأب والأم معاً، لكن للأسف فى الآونة الأخيرة نتيجة الظروف الاقتصادية تخلت الأسرة عن دورها النفسى والتربوى اعتقادا منها أن تلبية المتطلبات المادية هى التى تشبع احتياجات الطفل النفسية والاجتماعية فانغمس كثير من الآباء والأمهات فى اللهث وراء المادة لتوفير مستوى اقتصادى واجتماعى للأسرة, وغفلوا عن توفير مشاعر الحب والود والمشاركة والتشاور وغرس القيم والآداب فى نفوس أطفالهم، وفى نفس الوقت تسللت وسائل التواصل الاجتماعى والقنوات الفضائية لتلتقط دور الأسرة فى تربية الأبناء والتأثير عليهم بكل ما تحويه من مؤثرات وأخلاقيات يرفضها المجتمع, مما يدفعهم لاتباع سلوك أقرانهم ، والأخطر من ذلك هو التأثر بالأصدقاء دون وعى وإدراك لما هو خطأ أو صواب وهو ما نطلق عليه فى علم النفس أن تأثير الأصدقاء على بعضهم يشبه السحر, أى أن الطفل يكتسب كل سلوكيات أصدقائه ويمارسها وتصبح جزءا من شخصيته.

ويضيف: هناك نوع آخر من الأسر التى تتفرغ لرعاية أطفالها وتتدخل فى كل كبيرة وصغيرة فى حياتهم بطريقة مبالغ فيها بسبب الخوف الزائد وتقوم بمحاسبتهم على كل تصرف أو كلمة تصدر منهم ظناً أن تلك هى الطريقة المثلى للحفاظ عليهم, وهنا نقطة غاية فى الخطورة وهى كيفية إدراك الطفل لهذه الرعاية الزائدة التى لا تسمح له بمساحة من الحرية والإستقلالية حتى يشعر بذاته، فالطفل هنا يشعر بالحصار وبأنه مراقب ومعاقب باستمرار مما يزيد من انصراف الطفل لأصدقائه لأنه يشعر معهم بالارتياح النفسى وعدم اللوم أو التأنيب على أى تصرف, وبالتالى يزداد تأثره بسلوكياتهم وأخلاقياتهم مهما كانت درجة الخطأ أو الخطورة فيها مثل التدخين أو المخدرات أو حتى أسلوب الكلام والحوار الذى قد يختلف تماماً عما تربى عليه داخل أسرته, حيث إن الأطفال فى السن الصغيرة ينقصهم الإدراك والوعى والخبرة وفهم حقائق الأمور وتمييز الخطأ من الصواب، من هنا يتصرف كل طفل على طبيعته وسجيته, وللأسف يقلده باقى الأصدقاء كنوع من المسايرة الاجتماعية ويخشى أى شخص منهم وإرشادهم خوفا من الاستهزاء به ،فيفضل التقليد لأنهم بالنسبة له المتنفس الوحيد من قيود الأسرة.

ويؤكد د.جمال: أن العلاج يبدأ من معرفة أسباب الداء, أى أن الأسرة يجب أن تضع نصب عينيها أهمية تلبية احتياجات الطفل النفسية قدر الحاجات المادية لأنها تربى نفسا وعقلا وسلوك وليس جسم فقط وبالتالى لابد من اجتماع الأسرة مع بعضها ولو ساعة يومياً بحب وود وتفاهم للمشاركة فى مشكلاتهم اليومية وتبادل الآراء والمشاعر الإنسانية الراقية حتى يشعر الوالدان ببنوة طفلهم, ويشعر هو بالتقارب والترابط الأسرى والإنتماء وذلك لجذب الأبناء لحضن الأسرة الدافئ بدلاً من تركهم فريسة لتأثير الأصدقاء وغرس قيم لا تقبلها الأسرة, وتوضيح الأثر السلبى للصديق السىء حتى يستطيعوا لفظه من تلقاء أنفسهم، مع أهمية الخروج معا للتنزه فى الأماكن العامة وخاصة المفتوحة للعب معهم وإشعارهم بالسعادة والفرح وعدم التضجر أو التسرع لإنهاء النزهة أو الانشغال عنهم بوسائل التواصل الاجتماعى، كما يجب الحرص على اختيار أصدقاء الطفل منذ الصغر بما يتناسب مع البيئة الاجتماعية التى يتربى فيها حتى تكون السلوكيات متقاربة إلى حد ما.

وأخيرا يوضح أن أخطر ما فى الموضوع هو الطفل الضعيف أو المنطوى الخجول الذى يفتقد الجرأة للتعبير عما بداخله, وهذا فى أغلب الأحيان يرجع لأسلوب التربية و لو لم تدرك الأسرة هذا العيب وتبدأ فى تدعيم قدراته الإيجابية و تشجيعه وغرس مبادئ الثقة بالنفس بداخله فإن من شب على شىء شاب عليه وسوف يعانى الكثير من الاضطرابات النفسية فى الكبر وضعف شخصيته فى جميع قراراته الحياتية وانسياقه دائما وراء الآخرين.
رابط دائم: 

تعليقات

المشاركات الشائعة