تائهة فى بحر الغرائب !
بريد الجمعة يكتبه : أحـمــد البــــــرى
أنا سيدة فى الرابعة والثلاثين من عمرى، قد تبدو رسالتى غريبة، وغير منطقية، بما فيها من أحداث تقترب من الخيال، لكنها الحقيقة التى عشتها كما هى، والله شاهد على كل كلمة كتبتها، والدموع تنهمر من عينى، وأدعوه أن يقف إلى جوارى ولا يخذلنى فيما أتضرع إليه أن يأخذ بيدى فيه،
أنا سيدة فى الرابعة والثلاثين من عمرى، قد تبدو رسالتى غريبة، وغير منطقية، بما فيها من أحداث تقترب من الخيال، لكنها الحقيقة التى عشتها كما هى، والله شاهد على كل كلمة كتبتها، والدموع تنهمر من عينى، وأدعوه أن يقف إلى جوارى ولا يخذلنى فيما أتضرع إليه أن يأخذ بيدى فيه،
ويعيننى على متاعبى التى لا يتخيلها بشر، فلقد تطلعت إلى الاستقرار، وحلمت بفارس الأحلام الذى يعوضنى عن حرمانى من أبى وأمى، ويكون سندى فى الحياة، ويسعدنى بالحنان والاهتمام اللذين افتقدتهما منذ طفولتى، حيث مات أبى قبل أن أكمل عاما واحدا، وعشت فى بيت خالى، وتزوجت أمى مرتين بعد ذلك، وفشلت فى الزيجة الأولى، واستقرت فى الثانية، وخلت حياتى من الأبوين، مما أثر على نفسيتى كثيرا، ومرت الأيام بحلوها ومرها، وشغلت كل وقتى فى المذاكرة، وتخرجت فى كلية نظرية، وعملت مندوبة مبيعات ودعاية فى شركة بالقطاع الخاص، وقادتنى الصدفة إلى المشاركة فى ندوة تناقش عددا من القضايا العامة، وفيها التقيت بشاب جذبنى بأسلوبه فى الحديث ودار بيننا نقاش حول موضوع الندوة، وبعد انتهائها تطرق إلى الكلام عن حياته الخاصة، وعرفت انه متزوج ولديه ولد، وعرض علىّ الزواج، فقبلت به، ثم أقنعنى بأن يكون زواجنا عرفيا إلى أن يرتب أوضاعه مع زوجته، وأحضر ورقة زواج عرفى وكتبها ووقعنا عليها، وأخذها معه، ثم طلب منى الالتقاء بشيخ على علاقة به فى محافظة مجاورة لمدينتنا الواقعة فى الوجه البحرى، ولم أفهم ما كان يرمى اليه، لكنى ذهبت معه، وهناك تركنى مع هذا الشيخ الذى عرض علىّ مشروبات كحولية، فرفضت تعاطيها، واستنكرت أن يفعل ذلك، وقلت له: كيف لزوجى أن يأتى بى إلى هنا، ولهذا الغرض الدنىء، وكيف لشيخ مثله ـ إن كان شيخا ـ أن يرتكب هذه الخطيئة الكبرى، فإذا به يرد علىّ برد غريب قائلا: «إحنا بنروح إلى ربنا عن طريق الخطأ».. فلم أتمالك نفسى وثرت فى وجهه، واتصلت بخالى الذى شهد على زواجى العرفى من هذا الشاب المستهتر. الذى حاولت أن أتدثر به، وأبدأ معه حياتى فإذا به نذل يفعل ما يفعله من أجل ملذاته هو وشيخه المزعوم، وبعد أن استدعاه خالى جاء وأعطانى ورقة الزواج العرفى بعد أن مزق الجزء الموجود فيه اسمه، وأنا فى حالة هيستريا، وخرجت من هذه التجربة المريرة محطمة نفسيا، ووجدتنى أعود إلى بيت خالى من جديد، وقد خارت قواى، وحمدت الله أن حياتى معه انتهت بلا أطفال.
وترددت على مستشفى للصحة النفسية بحثا عن التعافى من هذه الأزمة، وشاركت فى جلسات للعلاج الجماعى التقيت خلالها بمن عانوا تجارب مماثلة، فكنا نفضى إلى بعضنا بالمواقف والمشكلات التى تضيق صدورنا بها، وهناك تعرفت على شاب متزوج، ولديه بنت صغيرة، ووجدته شابا محترما، يتمتع بقدرة كبيرة على اقناع الناس، وفهم ما يدور بداخلهم، وفك شفرات الاضطراب النفسى الذى يعانونه، وشيئا فشيئا عرفت من أشخاص مقربين إليه أنه غير مرتاح فى زواجه، ويفكر فى الانفصال عن زوجته، وأنه يتردد على المستشفى بعد أزمة بينه وبين والده نتيجة خلافات فى التجارة المشتركة بينهما، وبعد حوار طويل لى معه عرض علىّ الارتباط، والح فى طلبه، ووجدتنى مشدودة إليه، ولا أدرى إذا كنت قد أحببته أم اننى أوهمت نفسى بذلك.. المهم أن فكرة الزواج منه وهو متزوج كانت عادية بالنسبة لى، وربما أكون قد تعلقت بحلم غريب وأردت تكرار تجربة أمى الناجحة، فى زيجتها الثالثة من رجل متزوج، حيث ربطتها مع زوجته علاقة قوية قامت على التعاون، وعاشتا معا حياة خالية من المشكلات المعتادة بين «الزوجة وضرتها».. نعم لقد دفعتنى تجربتهما الرائعة إلى أن أحب دور الزوجة الثانية، واستمتعت بفكرة أن ألعب هذا الدور عندما رأيت أمى، وضرتها تمرضها، وبعد رحيلها عن الحياة صارت هذه السيدة هى الأم لبنت عمرها سنة وولد عمره ثلاث سنوات هما أخواى من أمى، ودفعنى أيضا إلى قبوله ما مررت به من تجارب غير جادة انتهت جميعا بالفشل من أول لقاء، وسعدت بإصراره على الارتباط بى، ووجدت فيه الأمل فى أن يكون لى بيت وزوج وسند فى الحياة. وقد سألته: ماذا ستصنع عندما تتحسن أحوالك مع زوجتك الأولى؟ فرد سريعا: «سوف أحافظ عليها لكى تتربى إبنتنا فى كنفنا، ولا تكون بعيدة عنى» وزاد على ذلك انه اتفق معها على زواجنا، وانها لا تمانع فى أن يجمع بيننا، واقتنعت بكلامه، كما أقنعنى أسلوبه فى جلسات العلاج الجماعى، وزاد تمسكى به أن أهله على علم بكل شىء، وأكد لى مقربون منه أنه غير مرتاح فى حياته الزوجية، وكلهم أيدوه فى «الزواج الثانى» ووجدته صادقا فى أن زوجته الأولى على علم بأنه سوف يتزوجنى، وكان يتصل بى عبر الهاتف من منزله، وهى إلى جواره، ونتحدث معا وقتا طويلا، ولم تتذمر أو تعترض على ذلك، وهكذا ارتبطت به عاطفيا وذهنيا، وتزوجنا وعشت فى شقة مستقلة بعيدا عن زوجته وكلنا فى نفس المنزل، وحدثت بالطبع مشكلات بيننا، لكنى تحملتها من منطلق أن السنة الأولى للزواج تكون فيها الخلافات كثيرة ويتم احتواؤها، ومرت أيام صعبة، واكتشفت أنه عصبى وأنانى ومستهتر، وسيئ العشرة، وبخيل جدا برغم دخله الكبير، من الأعمال الحرة التى يمتهنها، وتحملت كل متاعبه، فأنا بطبيعتى قادرة على تجاوز الأزمات، ربما لأن ظروف حرمان الطفولة الذى عانيته، جعلتنى صبورة ومتمسكة بالبيت لدرجة قضت على شخصيتى وارادتى، وصرت مثل «الخاتم فى أصبعه» واستسلمت لاهاناته، ورضيت باللحظات الحلوة القليلة فى حياتى، فأى شىء ولو حتى كلمة حلوة ترضينى، وتسعدنى، وليست لى طلبات غير رضاه عنى، ووجوده إلى جانبى، ولكن حتى هذا القليل تبدد من حياتى، فمع الوقت افتقدته لغيابه عن البيت فترات طويلة بلا سبب ولا عذر، ولست قادرة على التمرد، وليس لى مكان أرجع إليه، ولا أحد يردعه فى كل مرة يضربنى فيها أو يهجرنى أو يحرمنى من حقوقى البسيطة فى الحياة.
وأصل إلى الطامة الكبرى التى تؤرقنى والتى لا أجد لها مخرجا، فبعد زواجى مباشرة حملت وأنجبت ولدا فى 11 سبتمبر عام 2011، وقد فرح زوجى به كثيرا، ورفض أن استخدم أى وسائل لمنع الحمل، وعندما لا أستجيب لما يطلبه منى، يلجأ إلى فرض إرادته بأى طريقة، حتى ولو بالايذاء النفسى والبدنى، وهكذا حملت وأنجبت توأما، «ولدا وبنتا» فى 14 ديسمبر 2012.. والكارثة انه رفض استخراج شهادات ميلاد للأولاد، وألححت عليه أن يسجلهم لكنه كان يقول إنه سيسجلهم فى الوقت المناسب، ولا أدرى أى وقت مناسب يتحدث عنه، وبرغم خوفى منه حاولت أن استخرج لهم شهادات ميلاد لكن الموظفين بالسجل المدنى رفضوا تسجيلهم إلا بوجود الأب أو والده أو شقيقه، وكنت كلما فتحت هذا الموضوع الخطير تنتابه حالة عصبية ويغير مسار الحديث أو يطمئننى بأى كلام!!
ولأنه شخص غريب الأطوار فلقد جمعنى أنا وزوجته الأولى فى شقة واحدة، وحاول أن يجمعنا فى فراش واحد، وهى توافقه على كل شىء، لكنى رفضت فأعادنى إلى شقتى من جديد، وعرفت أنها ادعت له قولى اننى التى أنجبت له الولد الذى سيرثه، أما هى فلها بنت واحدة ولن ترث شيئا، وأشياء كثيرة من هذا القبيل!.. وبعد ذلك حملت من جديد. وأنجبت ولدا، هو الوحيد الذى تم تسجيله فى سجلات المواليد رغما عنه، لأننى وضعته فى المستشفى، ولم أفلح فى اقناعه بتسجيل أشقائه الثلاثة.. أعلم اننى أخطأت لأننى لم أتخذ موقفا قاطعا منذ البداية وألغيت عقلى وضيعت صحتى وشبابى بكثرة الانجاب، وكان الرعب ينتابنى كلما فكرت فى أخذ موانع الحمل فى أثناء وجوده خارج المنزل، كأنه يرانى!
.. وليت صنيعى هذا أعجبه، فلقد اتهمنى بأننى فاشلة، ومستسلمة لارادته، وأن هذه الشخصية لا تعجبه. وراح يبحث عن عروس جديدة، والقى علىّ يمين الطلاق، وأوصلنى أنا والأولاد إلى بيت خالى وأعطانى مائة جنيه فقط وقد مر على ذلك شهر كامل لم يسأل عنا خلاله، ولم يرسل لنا مليما واحدا لمصاريف المعيشة، وعرفت من الجيران أنه تزوج من إحدى السيدات، وانه باع العفش الخاص بى، ولم أصل إلى حل مع أهله، فلا أحد «يقدر عليه إلا ربنا»، والكارثة إننى اكتشفت حملى بالطفل بالخامس، ولا أعرف كيف أتصرف فيه، وأخشى من عقاب الله إذا أجهضت نفسى!!
لقد تعبت وخارت قواى، فخلال خمس سنوات أنجبت كل هذا العدد من الأولاد، وصارت تربيتهم فى ظل الظروف التى أحياها صعبة، وأبوهم فى واد خاص به، لا أعرف كيف يفكر، ولا كيف أحصل على حق أولادى منه وكل ما أتمناه أن أجد حلولا لمشاكلى معه، فحتى الطلاق لم يتم اثباته، والذى على أساسه أستطيع أن أطالب بحقوقى القانونية، وقد لجأت إلى محام فلم يقدم لى شيئا بل قال لى كلاما جارحا، ولم أفهم منه ماذا أفعل؟. ولقد فكرت فى أن أحرر ضد زوجى محضرا بالشرطة لإجباره على إثبات الأولاد ولكنى لا أعرف إن كان هذا الاجراء سيفيدنى أم لا؟.. فهم لم يحصلوا على أى تطعيمات حتى الآن ومعرضون للمشكلات الصحية!.. ولن تقبلهم أى مدارس، خصوصا وأن ابنى الأكبر سوف يحل موعد دخوله المدرسة السنة المقبلة!..
أرجوك أن ترشدنى إلى حل من أجل أولادى، فأبوهم يعيش حياته بلا ضمير ولا احساس، ولكن ألا يوجد قانون يحفظ للأولاد وجودهم؟ ويعطينى حقى فى الحياة الآمنة مثل كل البشر؟
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
الخطأ الفادح الذى وقعت فيه منذ البداية، هو أنك جعلت نفسك «حقل تجارب زوجية»، مدفوعة بوهم اسمه نجاح أمك فى دور الزوجة الثانية بعد رحيل أبيك، وفشل زيجتها الثانية، فرحت تتقمصين شخصيتها أملا فى أن تكونى أنت وضرتك نموذجا لأمك وضرتها، وغاب عنك أنه ليس هكذا تبنى الزيجات الناجحة التى يجب أن تقوم على زوج وزوجة يكمل كل منهما الآخر، ولا يلجأ الزوج الى الارتباط بأخري، إلا اذا كانت فى حياته جوانب نقص لا تستطيع الزوجة الأولى أن تسددها له، حينئذ يفكر فى الزواج بأخرى بشرط أن يعدل بينهما فى كل شيء، ويحافظ على علاقة ود موصولة معهما، وهذا ما أعتقد أن زوج والدتك فعله، وأحسب أنه تزوجها بدافع الإنجاب، إذ من الواضح أن زوجته الأولى لم تنجب، واعتبرت ابنيه من أمك بمثابة ابنيها، وكما ساعدتها فى مرضها الأخير حتى لقيت وجه ربها، فإنها تؤدى الآن دور الأم لابنيها، وهى على هذا النحو ـ سيدة طيبة تتمتع بنقاء السريرة، ولم تهدم بيتها، أو تنفصل عن زوجها، مادامت قد رأت مشروعية زواجه الثانى وحاجته اليه.
إذن الأمر يختلف كثيرا مع ما حدث لك، ولا يدخل فيه ما تتحدثين عنه من الحرمان الذى عانيتيه فى طفولتك، ورغبتك فى أن يكون لك زوج وسند فى الحياة، فتلك الطريقة التى اتبعتيها فى الاعجاب والزواج، تؤكد أنك «مشوشة التفكير» منذ البداية، وتعودت«الثرثرة» مع كل من تجلسين معه، بدليل قولك فى استشهادك لإثبات صحة موقفك ورؤيتك «كما قال المقربون منه»، سواء عن الزوج الأول معدوم الضمير، أو الثانى الذى أظنه «فاقد الأهلية»، فالأول غرر بك بعد أن جذبك سحر كلامه، ورضيت منه بورقة زواج عرفي، وأخطأ خالك برضائه بهذه الزيجة حتى ولو بضغط منك، فمثل هذه الزيجة كان من المعروف مقدما أنها سوف تفشل بعد أن ينال غرضه منك، والأدهى أنه تزوجك بهذه الطريقة لكى يهبك لشيخه، ولا أدرى أى شيخ هذا الذى يرتكب الخطيئة، ويبررها لنفسه بقوله العجيب «احنا بنروح لربنا عن طريق الخطأ»، فأمثاله من المدعين كثيرون، ويجب كشفهم، وتقديمهم الى المحاكمة لكى يتخلص المجتمع من شرورهم وآثامهم، إذ أنهم يجدون ضالتهم فى السيدات البسيطات غير المتعلمات أو اللاتى فى نفوسهن مرض، ولذلك يجب اجتثاثهم فلا يكون لهم مكان بيننا.
والثانى الذى ارتبطت به كزوجة ثانية أيضا إنسقت إليه، وأنت لا تعلمين شيئا عن تجربته الأولى بدعوى أن حب دور الزوجة الثانية يسيطر عليك، فكانت مصيبتك أفدح وأعظم من المصيبة الأولي، التى تداركتيها قبل أن تقعى فى المعصية، إذ أن هذا الشخص ليس طبيعيا بالمرة، فهو يمنعك من تعاطى موانع الحمل بدعوى أنه يحب الأطفال، ويطير فرحا مع ولادة كل ابن جديد، ومع ذلك لا يسجلهم فى سجلات المواليد، ولا أدرى كيف تسكتين على هذه الجريمة التى لا تقتصر كوارثها وتبعاتها عليكم فقط، وانما تمتد الى المجتمع والدولة، فحتى اللقطاء تستخرج لهم دور الرعاية الاجتماعية شهادات ميلاد، فما بالنا بأطفال ولدوا فى أسر مستقرة ومن أبوين متزوجين زواجا شرعيا مشهرا وموثقا؟.
إن ما تدعين أن موظف السجل المدنى قاله لك من أن الأب أو من ينوب عنه كوالده وأشقائه هم فقط المنوط بهم التبليغ عن المواليد غير صحيح بالمرة، فالبند الثانى من المادة 15 من قانون الطفل والتى تتناول الأشخاص المكلفين بالتبليغ عن الولادة ينص على أن «والدة الطفل هى التى تقوم بالتبليغ بشرط اثبات العلاقة الزوجية»، وما دمتما قد تزوجتما زواجا شرعيا، فإن التبليغ كان بإمكانك فى الوقت المناسب عقب الولادة، كما يجوز أن يتولى التبليغ من حضر الولادة من الأقارب والأصهار البالغين حتى الدرجة الثانية وفقا لما جاء فى اللائحة التنفيذية لقانون الطفل، ويسأل عن عدم التبليغ فى المواعيد المقررة المكلفون بالترتيب بدءا بالأب ثم الأم ومديرى المستشفيات ودور الحجر الصحي، والعمد والمشايخ.
هذا هو القانون، ولا سبيل الى تدارك ما فات إلا بتحرير محضر لزوجك فى قسم الشرطة التابع له مسكنكما، مدعما بوثيقة الزواج، ولن يستطيع انكار أنهم أولاده، فالنسب للفراش، وهناك الوسائل الطبية التى تثبت نسبهم إليه اذا حاول الإنكار، علاوة على الفضيحة التى تنتظره وسط الأهل والجيران وكلهم يعرفون قصته!
ويحار المرء فى تفسير اهمال بعض الآباء قيد أبنائهم فى سجلات الأحوال المدنية، حتى وان كانوا حالات نادرة، إنه لا مبرر لمسلكهم الذى ينم عن اهمالهم الجسيم لأولادهم، علاوة على ما يسببه من بخس الأطفال أهم حقوقهم، وهو «حق اكتساب الشخصية القانونية» التى تشمل الاسم والهوية، وما يرتبط بهما من حقوق مدنية، ثم إن مردود هذا الفعل الإجرامى خطير على المجتمع الذى يعيش فيه هؤلاء الأطفال دون مستندات تدل عليهم.
ولعل قصتكم الغريبة تجعل المشرع يعيد النظر فى قانون العقوبات لتكون عقوبة عدم الاخطار عن المواليد، وعدم قيدهم فى السجل المدنى رادعة، فالعقوبة الحالية هى السجن لمدة لا تزيد على خمس سنوات، ولا يتم تفعيلها، ولا تشكل رادعا يمنع البعض من انتهاك القانون.
إن هذا «السلوك اللاأخلاقي» يلحق ضررا بالغا بالأطفال، ولا يشعر المتسبب فيه بالألم، بل ولا يجد من يحاسبه الى أن يسبق «السيف العذل»، لأن معرفة الأطفال المتضررين بأحوالهم فى سن الرشد، سوف تمكنهم من استيفاء جزء يسير من حقوقهم، لا يعوضهم عما فقدوه من لا مبالاة الأهل، وغياب الدور الرقابى للمجتمع الذى قد لا يقبل الزج بالأب والأم المهملين فى السجن.
إذن الحل الواجب عليك اتخاذه الآن بلا تردد، هو أن تحررى محضرا فى قسم الشرطة بعدم قيد أولادك فى السجل المدني، مدعما بالأدلة والأسانيد التى تثبت نسب أولاده الثلاثة الذين لم يتم اثباتهم، ولم يستخرج لهم شهادات ميلاد، ووثيقة زواجكما أنت وأبوهم موجودة كدليل دامغ، وأيضا اثبات حملك فى الطفل الخامس الذى سيأتى الى الدنيا وأنت مطلقة لتدخلى فى دوامة جديدة.
وأرجو أن يصحو ضميره، ويعترف بأخطائه، ويعمل على تصحيحها، ففوق عقاب الدنيا، سوف ينتظره العقاب الإلهي، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
المصدر الاهرام
تعليقات
إرسال تعليق