«الأهرام» تنفرد بنشر صفحات من مذكرات السيناتور جورج ميتشل قبل صدورها


المفاوض 

30 شهرا من الوساطة بين إسرائيل والفلسطينيين .. لماذا نجح فى صنع السلام فى أيرلندا الشمالية وفشل فى العالم العربى؟
بعد عشرة أيام يطلق السيناتور الأمريكى الشهير جورج ميتشل صانع السلام فى أيرلندا الشمالية والمفاوض السابق بين إسرائيل والفلسطينيين مذكراته التى تحمل عنوان «المفاوض» وعنوانها الفرعى «انعكاسات على حياة أمريكية: من مين إلى مجلس الشيوخ، ومن البيسبول إلى ديزني، ومن أيرلندا الشمالية إلى الشرق الأوسط»، ويكشف فيها عن تفاصيل جديدة وموقفه من البعد التاريخى للصراع العربي-الإسرائيلى والإحباط الكبير بعد أن فشل فى احراز تقدم فى المفاوضات رغم التعويل على قدراته التفاوضية فى تحقيق تقدم. وقد حصلت «الأهرام» على نسخة مبكرة من المذكرات التى تصدر يوم الخامس من مايو المقبل فى عدد من المدن العالمية ويأتى توقيت الصدور قريبا من إعلان دولة إسرائيل فى منتصف مايو .
العائلة المغامرة والهجرة إلى أمريكا وقصة التبنىوجورج هو الابن الرابع بين خمسة أخوة لعاملة نسيج لبنانية مهاجرة وأب من أصل إيرلندى واشتهر ميتشل الابن فى صعوده السياسى بقدرته على التفاوض وحل الأزمات، وهو ما أهله ليكون صاحب رصيد وسمعة دولية فى مجال فن التفاوض ودروسه عن التفاوض فى الكتاب الجديد تأتى من خبير متمرس وتستحق أن تصل إلى صانع القرار وشباب الدبلوماسية والمهتمين بعلم التفاوض. يتحدث ميتشل عن عائلته فى الصفحات الأولى من المذكرات )وإن كان لا يسميها كذلك فى متن الكتاب حيث يحكى مواقف وقصص متفرقة من حياته الشخصية والعملية وهناك الكثير يتركه للمستقبل ومنها كتاب قادم عن سنوات التفاوض فى الشرق الأوسط(. ولد جورج ميتشل فى 20 أغسطس عام 1933 لأب من أصول لبنانية تبنته أسرة ميتشل التى حمل لقبها فى مطلع القرن العشرين من أحد الكنائس الكاثوليكية فى شمال شرق الولايات المتحدة





وكانت أسرة ميتشل قد هاجرت من لبنان إلى مصر ومنها إلى أمريكا، ويروى فى الكتاب قصة معاناة عائلة بسيطة كافحت من أجل تربية الأبناء وعانت الأم ألم فراق الزوج وشق الأبناء طريقهم فى الحياة رغم الصعوبات الجمة التى واجهت الأسرة التى جاءت من الشرق بحلم الحياة الكريمة فى الأرض الجديدة إلا أن أحلامها لم تتحقق إلا على يد الجيل الثالث حيث حصد جورج ميتشل الشهرة والسمعة الطيبة. ويروى فى الكتاب قصة معاناة عائلة بسيطة كافحت من أجل تربية الأبناء وعانت الأم ألم فراق الزوج وشق الأبناء طريقهم فى الحياة رغم الصعوبات الجمة التى واجهت الأسرة التى جاءت من الشرق بحلم الحياة الكريمة فى الأرض الجديدة إلا أن أحلامها لم تتحقق إلا على يد الجيل الثالث حيث حصد جورج ميتشل الشهرة والسمعة الطيبة.تقع المذكرات الثرية فى 400 صفحة ويقسمها ميتشل إلى أجزاء تراعى عنصر الزمن، حيث خصص المقدمة للحديث عن العائلة والجزء الثانى عن ولاية «مين» التى نشأ فيها ثم يتحدث فى الجزء الثالث عن سنوات خدمته فى الكونجرس وفى الرابع عن تجربته الأكثر شهرة فى إيرلندا الشمالية وفى الجزء السادس يتحدث عن انتقاله رئيسا لشركة والت ديزنى ومشاركته فى أنشطة رياضية ثم مهمته فى الشرق الأوسط ويقدم فى فصل ختامى خبراته فى «فن التفاوض» وهو من أمتع ما كتب عن مهارات التفاوض وخصائص المفاوض.
المهمة المستحيلة فى الشرق الأوسط
فى الفصل الخاص بالشرق الأوسط، على مدى أكثر من 40 صفحة يٌفصل السناتور جورج ميتشل كيف تحمل مسئولية المبعوث الخاص للسلام فى الشرق الأوسط فى الليلة نفسها التى كلف فيها الرئيس الأمريكى باراك أوباما منافسته السابقة فى الانتخابات هيلارى كلينتون بتولى حقيبة وزارة الخارجية فى يناير 2009. ويقول ميتشل إن مكتب هيلارى أبلغ سكرتيرته بأن يحضر على عجل إلى منزلها فى واشنطن وسبق استدعاء كلينتون محادثة هاتفية قبلها بشهرين مع النائب جوزيف بايدن حيث تحدثا عن تجربة صنع السلام فى أيرلندا الشمالية وإمكانية انضمامه للإدارة الجديدة.
ويتحدث عن المحادثة بينه وبين زوجته هيثر حول فرص النجاح فى الشرق الأوسط واعترافه المبدئى أن الفرص ضئيلة للغاية إلا أن زوجته قالت له «لن تسامح نفسك أبدا إذا لم تحاول». ويكشف ميتشل عن الحوار بينه وبين أوباما قبل قبول المهمة حيث أبلغ السناتور الرئيس أنه لن يستطيع البقاء أربع سنوات فى الإدارة لأنه أب لطفلين وعمره متقدم ولا يستطيع تركهما فى تلك المرحلة من العمر وقال لأوباما ان لديه طفلين فى عمر بنتيه ولكن الفارق بينهما أنه صغير السن بينما هو تقدم به العمر ولا يتصور أن يترك طفليه مثلما فعل مدة خمس سنوات فى أيرلندا الشمالية ورد أوباما على ميتشل متسائلا عن الفترة التى يقترحها فى مهمة المبعوث الخاص فقال له عامين فقط. ويروى ميتشل بعض تفاصيل الكلمة التى ألقاها فى الخارجية الأمريكية والتى تحدث فيها عن تعقيدات الشرق الأوسط وكيف تحدث أمام مناسبة فى القدس وقال إن الصراع فى إيرلندا عمره 800 عام فطلب منه واحد من الحضور أن يعيد الجملة مرة اخرى ففعل.. فرد الرجل «طالما أنك تتحدث عن تاريخ حديث، فلا عجب أنك نجحت فى التسوية»!
وكانت قناعات ميتشل أن منطقة الشرق الأوسط معقدة ومتشابكة فى صراعاتها السياسية والطائفية والعرقية، فهى عاشت قرونا يفرض أخرون عليها حكامها وحدودها وحيث الولاءات القبلية والدينية تسبق الهوية الوطنية فى كثير من بلدانها ويقول ميتشل حكمة بليغة فى كتابه «لا يمكننا أن نغير هذا التاريخ، ولكن ربما يكون فى مقدورنا أن نعدل مساره المستقبلي».
ويعود ميتشل فى كتابه لتذكير القاريء بأصل الصراع الدائر فى الشرق الأوسط، ويقول إن أفضل مكانين يمكن الرجوع إليهما من أجل فهم ما يجرى اليوم هما «لندن» و»باريس» حيث بدأت فى العاصمتين المأساة قبل قرن كامل وحيث صٌنعت القرارات التى مازال صداها يتردد حتى اليوم. وتكمن أهمية رواية السيناتور ميتشل عن أصول الصراع فى الشرق الأوسط أنها تأتى من مسئول أمريكى سابق رفيع المستوى وتولى فى فترة من حياته الثرية منصب زعيم الأقلية الديمقراطية فى مجلس الشيوخ الأمريكي. يقول ميتشل إن بريطانيا وفرنسا سعيا بعد خسائر فادحة فى ساحات القتال فى بلجيكا وفرنسا خلال الحرب العالمية الأولى إلى طلب العون والمساعدة من أى طرف وقد كان الشرق الأوسط هو الساحة الأقرب بحثا عن حلفاء جدد. فلمدة أربعة قرون كانت المنطقة جزءا من الإمبراطورية العثمانية، وأصبح الهدف العسكرى الأهم فى لندن هو السعى لإثارة العرب ضد العثمانيين )حلفاء المانيا( فضلا عن سعى الأطراف المتحاربة فى الحرب الأولى إلى اقتطاع أو اقتناص أراض من الإمبراطورية العثمانية. ومن أجل الهدف السابق، قام المندوب السامى البريطانى فى القاهرة هنرى ماكماهون بالتفاوض فى عام 1915 مع الأمير الحسين بن على فى غرب الجزيرة العربية.
ويشير ميتشل إلى أنه رغم الخلاف بين المؤرخين حول طبيعة وأهمية تلك المفاوضات فإن الحلفاء العرب اعتقدوا أنهم حصلوا على تعهد بريطانى للوقوف وراء ظهور دولة عربية مستقلة تمتد من العراق حاليا عبر الأراضى السورية وشبة الجزيرة العربية مع بعض الاستقطاعات فى تلك المساحة الشاسعة فى مقابل حركة تمرد عربية ضد الأتراك. وقبل الحرب بوقت كاف، كانت الحركة الصهيونية قد سعت إلى دعم بريطانيا التى كان ينظر إليها باعتبارها القوة العالمية المهيمنة، فيما بدأت الحكومة البريطانية فى الاهتمام بالصهاينة وصعودهم فى وقت كانت خسائرها فى الحرب تزيد وتتصاعد. وقد أدلى ديفيد لويد جورج رئيس الحكومة فى وقت لاحق بأن مناقشاته مع قادة الحركة الصهيونية كانت تحركه خلالها برغبة من أجل تشجيع الدعم المقدم لبريطانيا سواء من أمريكا أو روسيا وكلاهما كان يوجد بهما جالية يهودية كبيرة. وقد توجت تلك الجهود فى صورة خطاب لوزير الخارجية البريطانى لورد بلفور فى عام 1917 إلى البارون والتر روتشيلد، أحد قيادات المجتمع اليهودى فى بريطانيا فى حينه. وقد أعرب الخطاب عن دعمه «لتأسيس وطن قومى للشعب اليهودى فى فلسطين»، على أن يخضع دعم قيام كيان لليهود - حسب فقرة نقلها ميتشل من خطاب بلفور - أن «يكون مفهوما تماما أنه لن يتم إجراء أى شيء ينتهك الحقوق الدينية والمدنية للمجتمعات غير اليهودية الموجودة أو الحقوق والمكانة السياسية التى يتمتع بها اليهود فى أى بلد آخر».



يقول ميتشل إن وثائق قليلة قد خضعت للتحليل الدقيق توافقت مع إعلان بلفور فى السنوات السبع والتسعين منذ نشره. والأسئلة الواضحة - ماذا تعنى عبارة «وطن قومي»؟ كيف يمكن تحقيق ذلك دون «التعدي» على الحقوق المدنية والدينية للمجتمعات غير اليهودية الموجودة فى فلسطين؟ ثم أعقب تلك الأسئلة أسئلة أخرى عديدة، وبعضها مازالت تخضع للتفسير حتى اليوم. لكن القيادات الصهيونية تؤمن أنها قد حصلت على تعهد من بريطانيا بدعم دولة يهودية فى فلسطين.
الحرب الأولى ووعد بلفور والانتداب
وقد كان التناقض واضحا فى المواقف التى تبنتها الحكومة البريطانية فى مفاوضات حسين-ماكماهون وجاء اتفاق سايكس-بيكو ليزيد من تعقيد الموقف تجاه وعد بلفور. والمعروف أن اتفاق سايكس-بيكو تم التوصل إليه فى عام 1916 وسمى بهذا الاسم نسبة إلى الدبلوماسيين البريطانى والفرنسى اللذين تفاوضا بشأنه. بموجب الاتفاق وافقت بريطانيا وفرنسا ثم لاحقا روسيا على تقسيم السيطرة على الأراضى التى كانت تحت حكم الإمبراطورية العثمانية فيما بينهم بعد الحرب العالمية الأولي. وأضحت فلسطين تحت الإدارة الدولية. ورغم أن الاتفاق نفسه تم إبطال العمل به، فى عام 1922 حصلت فرنسا وبريطانيا على حق الانتداب من عصبة الأمم ليقوما بحكم أغلب المنطقة. ويقول ميتشل فى كتابه إنه رغم أن سايكس وبيكو وأقرانهما فى الدبلوماسية البريطانية والفرنسية رأوا أنهم يخدمون المصلحة العليا لبلديهما فإن الواقع يقول إن بريطانيا قد دفعت على مدى ثلاثة عقود ثمنا فادحا تمثل فى معاداة السياسة البريطانية وموجة عنف ضد مصالحها حيث اعتبر كل من العرب واليهود أن الحكام البريطانيين، فى سلطة الانتداب، كانوا منحازين أو غير جديرين بمواقعهم أو الاثنين معا.
ثم تصاعدت المواجهات فى الأراضى العربية تحت أعين الإنجليز بعد وصول المهاجرين اليهود بأعداد كبيرة وفشلت بريطانيا فى احتواء الأمر حتى نهاية الانتداب عام 1948 وكانت الموجة الأعنف فى المواجهات فى المدة ما بين عامى 1936 و1939 وقد قابلت بريطانيا الأمر بمزيد من العنف والقمع وعملية الإعدام والاعتقال. ومن الناحية السياسية، قامت بريطانيا بمنح العرب إشارة مهمة فى عام 1939 عندما قامت بإصدار الكتاب الأبيض والذى تخلت فيه عن تعهدها بمنح اليهود وطنا قوميا فى فلسطين ووضعت قيودا على هجرة اليهود إلى المنطقة بسقف 75 ألف مهاجر لمدة خمس سنوات. وقد أدى الكتاب الأبيض إلى حالة غضب فى أوساط السكان اليهود حيث شرعوا فى بناء مؤسساتهم السياسية والعسكرية. وطهرت ميلشيات «الهاجانة» وتعنى بالعبرية «الدفاع» لحماية المستوطنين فى البداية ثم فى مرحلة لاحقة لعبت دورا مهما فى حرب 1948.
الحرب الثانية: نقطة التحول
ومن وجهة نظر السناتور ميتشل، كانت الحرب العالمية الثانية هى نقطة التحول، ليس فقط بالنسبة للقارة الأوروبية ولكن أيضا بالنسبة للشرق الأوسط، فقد أيدت المجتمعات اليهودية الحلفاء بينما انقسم العرب بين أغلبية من المؤيدين للألمان وقلة من المؤيدين للحلفاء. وكان على رأس مؤيدى المحور والألمان مفتى القدس الذى قضى سنوات الحرب فى ألمانيا وجاء قرار بريطانيا بالحد من الهجرة إلى فلسطين فى وقت حدوث «الهولوكست» ليثير موجة انتقادات ضدها فى الأوساط الدولية ثم تصاعدت الهجمات ضد القوات البريطانية خاصة بعد أن شكل اسحق شامير ومناحم بيجن جماعتين مسلحتين ردا على الانتفاضات العربية حتى وصلت المواجهة إلى تفجير مقر القوات البريطانية فى فندق الملك داوود فى القدس عام 1946 وأعقبها قرار لندن بالانسحاب وابلاغ الجمعية العامة للأمم المتحدة فى عام 1947 بالفصل فيمن سيحل محل الإدارة البريطانية وبعدها كان قرار التقسيم فى 29 نوفمبر من العام نفسه.
ويتحدث ميتشل عن تطورات حرب 1948 ثم يصل إلى نقطة الانسحاب البريطانى الكامل بحلول يوم 14 فبراير وهو اليوم نفسه الذى أعلن فيه ديفيد بن جوريون قيام دولة إسرائيل وبعدها وبشكل فورى أعلن الرئيس الأمريكى هارى ترومان الاعتراف بالدولة الجديدة. ويشير ميتشل فى مواضيع عديدة إلى حالة الضعف التى كان عليها العالم العربى وانقسام الزعامات العربية وينقل عن بن جوريون قوله ردا على سؤال عن ثقته الكبيرة بنفسه، فرد على صاحب السؤال قائلا إن إسرائيل لديها سلاح سريا .. هو «العرب»!
ويتناول ميتشل تطورات حرب 1948 وصولا إلى تصاعد مأساة اللأجئين الفلسطينيين وهجرة مئات الآلاف من اليهود من الدول العربية إلى إسرائيل بينما بقى الفلسطينيون عشرات السنين فى المخيمات فيما يظل «حق العودة» واحدا من القضايا محل الخلاف الكبير بين الفلسطينيين وإسرائيل اليوم. ويشير إلى عملية السلام بين مصر وإسرائيل فى مرحلة لاحقة ثم الانتفاضة الأولى عام 1987 وظهور حركة حماس التى وصفها بأنها ذراع جماعة الإخوان المسلمين، ووفاة الزعيم الفلسطينى ياسر عرفات وصعود محمود عباس إلى الرئاسة فى عام 2004 ويعتبر أن الصراع الفعلى اليوم فى أوساط الفلسطينيين هو بين من يريدون التخلى عن خيار المقاومة المسلحة والشروع فى عملية سياسية لإقامة الدولة وبين من يريدون التمسك بالخيار السابق وهو الصراع بين السلطة الفلسطينية )فتح( وحركة حماس التى اعلنتها الولايات المتحدة جماعة إرهابية. ويقول ميتشل إن عمق الأزمة فى الانقسام السياسى ثم الانفصال الجغرافى بعد قيام حماس بالاستيلاء على السلطة فى قطاع غزة بالقوة المسلحة عام 2007 بينما السلطة الفلسطينية تحكم فى الضفة الغربية.
.......
أين يتركنا التاريخ اليوم؟
ويقدم السيناتور ميتشل خلاصة ما توصل إليه بعد قيامه بمهمة المبعوث الخاص للرئيس الأمريكى فى الشرق الأوسط قرابة عامين وحتى استقالته فى إبريل عام 2011، ومن خلال معرفته بأروقة السياسة الأمريكية على مدى عقود فيقول إن السؤال المبدئى هو: أين يتركنا هذا التاريخ اليوم؟ ويجيب أن خبرته الشخصية تمكنه من تقديم مجموعة من الاستخلاصات عن الوضع الراهن بين إسرائيل والفلسطينيين:
> الصراع مستمر لفترة طويلة جدا ويحمل درجة عالية من العنف. ونتيجة لما سبق فعدم الثقة والعداوة بين الفلسطينيين والإسرائيليين فى مستويات مرتفعة جدا. وهناك شعور فى المجتمعين بأنهم «الضحية» وهو ما يعمق الاتجاهات السلبية والخلافات بين الجانبين تتضمن التشكك فى نوايا الآخر وحتى حالة إنكار لأجزاء من خطاب الآخر.
> فى السابق، كانت الشكوك والخلافات يتم أحتواؤها من خلال قادة يملكون الرغبة فى إحراز تقدم، فإسرائيل ومصر يحافظان على معاهدة السلام بينهما لأكثر من خمسة وثلاثين عاما ومعاهدة السلام مع الأردن باقية لأكثر من 20 عاماً بسبب التزام الزعماء فى الحالتين بالحل والمعاهدات الموقعة. فى الحالة الفلسطينية، حالة عدم الثقة بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نيتانياهو والرئيس عباس مرتفعة جدا وكلاهما يشير إلى «غياب الشريك» فى حديثه عن الآخر ولا توجد ثقة متبادلة أو شعور بالجدية وهو ما يؤدى إلى عدم الثقة فى الوصول إلى محصلة ناجحة فى نهاية المطاف. وهو ما يولد لدى الطرفين عدم رغبة فى المخاطرة السياسية التى يمكن أن تعرضهما لانتقادات سياسية داخلية عنيفة.
> كل من المجتمعين الفلسطينى والإسرائيلى منقسم داخليا، السلطة الفسلطينية ملتزمة بالاعتراف بإسرائيل وبعدم اللجوء للعنف وبالسعى باعتراف العالم بدولة مستقلة من خلال التفاوض السلمى وبالالتزام بالاتفاقيات السابقة. وقد رفضت حركة حماس الالتزام بتلك المبادئ.
> داخل إسرائيل، الكثيرون يفضلون حل الدولتين ولكن كثيرين فى جانب آخر أيضا، بمن فيهم أعضاء فى الحكومة الإسرائيلية، يعبرون بشكل علنى عن معارضتهم لدولة فلسطينية فى الضفة الغربية.
> السلطة الفلسطينية لديها القليل مما يمكن أن تقدمه فيما يتعلق بتعهدها بالسعى لإنجاح حل الدولتين باستخدام وسائل سلمية وعدم اللجوء للعنف ومن خلال المفاوضات السلمية وهو الوضع نفسه منذ توقيع اتفاق أوسلو قبل عشرين عاما. واستمرار عدم إحراز تقدم فى اتجاه إقامة دولة مستقلة سيؤدى إلى تقويض وضع السلطة ودفع مزيد من الفلسطينيين والعرب إلى تبنى خيارات المقاومة المسلحة.
> هناك 12 رئيسا و20 وزير خارجية أمريكيا مروا على البيت الأبيض والخارجية منذ عام 1948 وجميعهم حاولوا تسوية الخلافات بين الطرفين الفلسطينى والإسرائيلي. وشهدت العقود الأخيرة حالة من التوافق على سياسات محددة تتضمن التعهد بالالتزام بضمان أمن إسرائيل، والأمر الثانى هو الالتزام بدعم دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة.
> قدرة الولايات المتحدة على السيطرة على مسار الأحداث فى سائر أنحاء العالم، بما فيها ما يتعلق بالصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، محدودة، لكن واشنطن لديها قوة لا يمكن مجاراتها تستطيع التأثير فى تلك الأحداث.






المصدر الاهرام

تعليقات

المشاركات الشائعة