صراع الغاز الطبيعى بدأ مبكرا فى المتوسط

المصدر الأهرام . د . جمال القليوبي . ahram.org.eg
الكثير من جموع الشعب المصرى تابع عن قرب أو من خلال شاشات التليفزيون الانتاج الفعلى لحقل ظهر، والكثير استمع الى كلمات القيادة السياسية وخاصة الجمله.. الاستفتاحية للرئيس عند ما قال « لولا ترسيم الحدود البحرية مكنش فيه إنتاج لحقل ظهر للغاز» والكلمات قد تكون سهلة عند السمع ولكن ما تم تنفيذه من آليات وزيارات ونقاشات ومفاوضات على كل مستويات القيادة السياسة، وخاصة عند التعامل مع قضية مثل ترسيم حدود بحرية اقتصادية فى منطقة تعد من المناطق الساخنة التى وإن صح التعبير عنها على شفا حافة صراع قد يكون عسكريا. ولقد تداركت القيادة السياسية كل التصورات والأزمات التى قد تحيط بعدم ثقة المستثمر الأجنبى إلى الذهاب إلى هذه المنطقة المفتوحة من المياه, ولذلك كانت البدايات للقمم الخمس بين كل من مصر وقبرص واليونان، والجلوس على منضدة واحدة لتداول الأمور وما تلاها من توقف التربيطات الإسرائيلية القبرصية، وكذلك التربيطات الإسرائيلية التركية، والكل يحلم بأن يكون يوما ما مستقبلا كل خطوط إنتاج الغاز الطبيعى فى الحوض الشمالى الشرقى للمتوسط والذى يشمل 7 دول تقع فى تلك المنطقة. وطبقا للتشريع الدولى لميثاق الأمم المتحدة وقانون أعالى البحار والذى كانت مصر من أولى الدول التى وقعته فى 1972، وأودعت بموجبه مصر إحداثياتها الجغرافية (مادة 75) ووقعت بقية دول حوض البحر المتوسط على اتفاق الامم المتحدة ماعدا دولتين وهما اسرائيل وتركيا, ويرجع السبب فى عدم التوقيع على ترسيم الحدود البحرية لهاتين الدولتين لأنهما دولتا استعمار، فإسرائيل تحتل حدود فلسطين وتركيا تحتل قبرص. وكلاهما لهما جيوش فوق تلك الأراضي، ولذلك امتنعت عن الترسيم لكى تبقى مساحاتها الاستعمارية على السواحل ممتدة. ولقد أوضحت الدراسات للشركات العالمية فى 2010 للشركات البريطانية بى بي، وكذلك الإيطالية اينى والأمريكية بنوبل إنرجي، وكذلك شُل الهولندية عن وجود احتياطيات من الغاز الطبيعى فى حوض شمال شرق المتوسط يصل الى نحو 287 تريليون متر مكعب وذهبت كثير من دول المنطقة الـ7 إلى عمليات البحث والتنقيب فى المياه الاقليمية والمياه الاقتصادية، وكانت الدولة المصرية أقدمهم فى عمليات البحث والتنقيب والاستكشاف، وأنتجت مصر الغاز الطبيعى لها من مناطق إقليمية فى بداية التسعينيات، وبدأت عمليات الاستكشاف فى المياه العميقة فى 1997 ولم يكن هناك خطط واضحة، وأيضا تشجيع من المستثمرين الأجانب إلى الدخول الى التنمية والإنتاج، وتأخرت مصر كثيرا للدخول فى المياه العميقة. فى حين أن اسرائيل دخلت إلى الحفر والاستكشاف فى المياه العميقة 2009 حتى عام 2013 ، واكتشفت 5 حقول، وكذلك قبرص بدأت فى عام 2010 -2011 ولديها اكتشافان وأصبح عدد الاكتشافات لدول قبرص وإسرائيل 7 حقول، ولم يتم الانتاج منها لصعوبة قاع البحر والأعماق المتفاوتة ما بين 1500متر الى 4350مترا ارتفاعا وانخفاضا والتقت تركيا مع اسرائيل وكذلك اسرائيل مع قبرص واليونان لتقييم الدراسات لإنتاج هذه الحقول، وبلغت حجم الدراسة لبناء محطات استقبال إما فى قبرص، وإما فى تركيا إلى أكثر من 10 مليارات دولار، وكذلك فترات إجازات لتلك المشروعات إلى أكثر من 8-10 سنوات، ووسط كل تلك التكتلات للدول فى المنطقة منذ بداية الثورة المصرية فى يناير 2011 وحتى فبراير 2014 ولم يتم الاتفاق على اختيار الدراسة أو كيفية الانتاج.
ولذ فإن الدور المصرى للقيادة السياسة والتى استوعبت هذا الطمع والتكتلات على مصالح ومقدرات المصريين فى شمال شرق المتوسط وتحركت القيادة وبتركيز شديد على احترام القوانين والتشريعات الدولية والدبلوماسية المصرية للوصول باتفاقات مع الجانب القبرصي، وأيضا الجانب اليونانى حيث إن مصر لها اتفاق مع قبرص 2004 بموجبه سمحت مصر للأخيرة بالتنقيب والاستكشاف فى المياه الاقتصادية، وأيضا تم تزويد القوات البحرية المصرية بتكنولوجيا الرد المتقدمة، سواء فوق سطح البحر، أو تحت الاعماق وبدأت اللقاءات من خلال اجتماعات مباشرة مع الرؤساء التنفيذيين للشركات الأجنبية، وهنا أخذ صانع القرار الدخول إلى المياه العميقة المصرية، ولذا فقد تم طرح مناقصة عالمية بنظام الأظرف المغلقة للشركات العالمية. وقد فاز الشريك الايطالي، وتولت شركة اينى وإدارة الاستكشاف بها الى تقييم المنطقة.
بدأت عمليات الحفر والاستكشاف فى الربع الأول من 2015،وتم الإعلان عن اكتشاف الحقل فى أغسطس من نفس العام، وعملت الدولة على الجدول الزمنى للخروج سريعا بالإنتاج من حقل ظهر، وبناء الخط البحرى لإنتاج الغاز فى تلك المنطقة الوعرة والتى توقفت عندها كثيرا من الدول لكى تنتج ووقفت كل دول حوض المتوسط تنتظر نتيجة الإنجاز فى المتوسط وتقييم الاحتياطيات المصرية، وما أن أعلنت الحكومة عن الإنتاج الرسمى بافتتاح حقل ظهر وبدأت سياسات الذراع الطويلة والغطرسة مبكرا بتهديد سافر من إسرائيل للبنان من خلال تصريح ليبرمان بأن منطقة امتياز بلوك 9 والتى فازت بالبحث والتنقيب فيها شركة اينى الإيطالية تقع داخل المياه الاقتصادية الإسرائيلية، وتارة أخرى تخرج تركيا وبتدخل سافر وتصريح لا يحترم تشريعات ولا قوانين دولية من خلال وزير خارجيتها أوغلو للتشكيك فى اتفاق الترسيم الحدودى المصرى القبرصى دون فهم، وبالتالى فان النجاح المصرى والسبق فى إخراج وإنتاج الغاز من حقل ظهر دليل واضح على أننا نثق فى قدرات صانع القرار الذى أخرج نجاح ظهر والذى يرى مالا نراه نحن كمواطنين.

تعليقات

المشاركات الشائعة