«الفضاء الإلكترونى» ميدان رئيسى فى الحروب المقبلة

المصدر الاهرام . قضايا عسكرية
بعد تحويله إلى قيادة قتالية موحدة فى الولايات المتحدة..

تحول الفضاء الإلكترونى إلى ميدان للصراع العسكرى بعد أن أصبحت الحواسب والشبكات الإلكترونية وشبكات التواصل بمختلف مستوياتها المدنية والاقتصادية والعلمية والعسكرية القاسم المشترك فى كل ما يتعلق بالتطور والتنمية والأمن والاقتصاد فى العالم أجمع.
وقد شهد يوم 18 أغسطس 2017 إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب رفع مستوى قيادة الفضاء الإلكترونى (الدفاع الإلكترونى) إلى مستوى «قيادة قتالية موحدة» مسئولة عن عمليات الفضاء الإلكترونى وذلك على غرار القيادات الإقليمية والقوات الخاصة.

وجاءت تلك الخطوة المهمة لتؤكد أهمية هذا المجال الذى يعتبر أساسيا للأمن القومى فى الولايات المتحدة والعديد من الدول الكبرى الأخرى.

وأعلن ترامب فى بيان له أن هذه القيادة الجديدة: «ستعزز عملياتنا فى الفضاء الإلكترونى وتؤسس للمزيد من الفرص لتحسين الدفاع عن وطننا»، وهى «تظهر تعبئتنا المتزايدة ضد مخاطر الفضاء الإلكترونى وستساعد فى طمأنة حلفائنا وشركائنا وردع خصومنا».

وبذلك القرار ترتقى «القيادة الإلكترونية للولايات المتحدة» إلى مستوى القيادات المتخصصة الأخرى (القوات الخاصة، واللوجستية والنقل، والردع النووى) ومختلف القيادات الإقليمية التى تشرف على عمليات القوات فى مناطق معينة.

ويرى الخبراء أن القيادة الموحدة الجديدة يتيح إنشاؤها زيادة فاعلية سلسلة القيادة فى العمليات التى تتطلب فى غالب الأحيان ردا سريعا وتطوير وسائل جديدة فى الحرب الإلكترونية والمعلوماتية.

وقد أثار التحول الجديد التساؤلات عن الفصل بين هذه القيادة الجديدة ووكالة الأمن القومى الأمريكى المسئولة عن المخابرات الإلكترونية التى تلعب دورا أساسيا فى ساحة المعركة الجديدة بالفضاء الإلكترونى.

ووفق البيان فقد تم تكليف وزير الدفاع، بدراسة إمكانية الفصل بينهما وتقديم اقتراحات بهذا الصدد يعلن عنها فى وقت لاحق.

ووفق وسائل الإعلام الأمريكية فإن القرار الذى أصدره الرئيس الأمريكى يأتى كجزء من تحول استراتيجى لتأكيد مكافحة الجريمة فى الفضاء الإلكترونى وما يتعلق منها بالعمليات القتالية ومكافحة الإرهاب فى المستقبل، حيث تضع هذه الخطوة العمليات التى تتم عبر الفضاء الإلكترونى على نفس مستوى قيادات البنتاجون التسعة المقاتلة الأخرى التى يقودها جنرالات أو أدميرالات. وهو ما يعد توسعا تاريخيا فى استراتيجية الحرب الأمريكية.

ومن المتعارف عليه أن عام 2009 شهد تأسيس الولايات المتحدة قيادة عسكرية جديدة تعرف بقيادة حرب الفضاء الإلكترونى، تشمل عدة أفرع رئيسية فى الجيش، وتتركز مهمتها فى استخدام تكنولوجيا المعلومات والإنترنت كسلاح للحرب.

وفى ذات العام تحدث روبرت جيتس وزير الدفاع الأمريكى فى ذلك الوقت عن أن هناك توجهاً فى الاستراتيجية الدفاعية الأمريكية لإنشاء مركز عمليات مختص بإدارة حروب هجومية ودفاعية على شبكة الإنترنت والفضاء الإلكترونى ضد أى هجمات محتملة قد تطال بعض المراكز الحساسة فى البلاد. وحتى اليوم وعلى الرغم من عدم اعتراف أى دولة باستخدام الفضاء الإلكترونى كمسرح لتنفيذ العمليات، فإن أمريكا تقول إن هذا الأمر أصبح جزءا من العقيدة العسكرية فى روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية.

وقد جاءت تلك الخطوة الأمريكية الأخيرة بعد خطوات مشابهة اتخذتها عدة دول فى العالم خلال السنوات الأخيرة.

فقد شهد شهر ابريل الماضى تدشين الجيش الألمانى قيادة لأمن الإنترنت فى إطار جهوده لتعزيز دفاعات الفضاء الإلكترونى فى وقت حذرت فيه وكالات المخابرات الألمانية من زيادة معدل الهجمات الإلكترونية المعادية.

حيث تم تسجيل أكثر من 284 ألف محاولة لشن هجمات معقدة واحترافية فى الأسابيع التسعة الأولى من العام الحالى.

ويخطط الجيش الألمانى للوصول بعدد الموظفين فى القيادة الجديدة إلى 14500 بحلول عام 2021.

ويرى الألمان أن: «التوسع فى القدرات الإلكترونية مساهمة أساسية فى تعزيز مجمل الموقف الأمنى للحكومة ويوفر فرصا إضافية لمنع الصراعات والتعامل مع الأزمات التى تنطوى على تهديدات متعددة».

وتعد القيادة الألمانية الجديدة للفضاء الإلكترونى والمعلومات سادس سلاح رئيسى فى الجيش بجانب البحرية والجيش وسلاح الجو والخدمات الطبية والأركان المشتركة.

وقالت المستشارة أنجيلا ميركل إن حماية البنية الأساسية الألمانية من الهجمات الإلكترونية المحتملة أولوية قصوى.

وفى عام 2015 نشرالمكتب الإعلامى لمجلس الدولة الصينى (مجلس الوزراء) الكتاب الأبيض التاسع حول الدفاع تحت عنوان: «الاستراتيجية العسكرية الصينية»، وأكدت الوثيقة أن «النقطة الأساسية» فى التحضير للاستعداد القتالى للقوات الصينية المسلحة ستوضع على أساس «ربح الحروب الإقليمية معلوماتياً». فمنذ عام 2004 تم تعديل الاستراتيجيات الصينية ليكون «ربح الحروب الإقليمية وفقا لظروف المعلوماتية».

وحذرت الصحيفة الناطقة باسم الجيش الصينى من احتمال استخدام «القوى المعادية الغربية» لشبكة الانترنت لإشعال ثورة فى الصين. وجاء فى المقال الافتتاحى للصحيفة اليومية لجيش التحرير الشعبي الصيني ما يلى :»أصبحت شبكة الإنترنت ساحة معارك أيديولوجية، من يسيطر عليها يفوز فى المعركة». ونبهت الصحيفة على ضرورة اتخاذ تدابير أمنية على الانترنت لضمان «السلامة الأيديولوجية على الشبكة».

وبوجه عام يؤكد الخبراء ان معظم الحروب الفعلية التقليدية فى المستقبل ستصاحبها حروب فضاء إلكترونى، وستكون هناك حروب فضاء إلكترونية أخرى قائمة بذاتها، لايوجد فيها أى انفجارات أو قوات مشاة أو قوات جوية أو بحرية. وأن عدم إمكانية التنبؤ المرتبطة بحرب الفضاء الإلكترونى الشاملة يعنى وجود احتمال قوى بأن صراعا كهذا يمكن أن يغير ميزان القوى العسكرية العالمية، ومن ثم يؤدى إلى تغيير جوهرى فى العلاقات السياسية والاقتصادية.

وتجدر الإشارة إلى أن مصطلح «حرب الفضاء الإلكترونى»، يعرفه الخبراء بأنه : الإجراءات التى تتخذها أى دولة لاختراق شبكة دولة أخرى اختراقا غير مصرح به، أو ممارسة أى نشاط آخر يؤثر على نظام الحواسب بهدف إضافة أو تغيير أو تزييف البيانات، أو التسبب فى تعطيل جهاز حاسب آلى أو إتلافه، أو تعطيل أو إتلاف جهاز متصل بشبكة من الشبكات أو شل الأشياء والمعدات التى يتحكم فيها نظام الحاسب.

ويمكن أن تؤثر الهجمات الإلكترونية على المفاعلات النووية وأنظمة الدفاع الجوى المتطورة وإطلاق الصواريخ ومراكز القيادة والسيطرة وإدارة العمليات وقواعد البيانات والمعلومات ذات الأهمية.

وقد سبق أن اتهمت إيران إسرائيل بمحاولة تدمير البرنامج النووى الإيرانى بواسطة هجمات فيروسية الكترونية.



تعليقات

المشاركات الشائعة