الاهرام : 2017: أحلام صارت واقعا
المصدر الاهرام . بقلم علاء ثابت . ahram.org.eg
حفل عام 2017 بالكثير من الإنجازات التى حققتها مصر على المستويين الداخلى والخارجي. ومع ذلك رأيت أن أتوقف اليوم والعام يوشك على الرحيل عند ثلاثة إنجازات أراها فى غاية الأهمية. هذه الإنجازات أو الأحلام التى صارت حقيقة تتمثل فى محطة الضبعة النووية وكبارى وأنفاق سيناء ووكالة الفضاء المصرية. فالحديث عن المشروع النووى وتنمية سيناء ووكالة الفضاء ليس جديدا على الإطلاق، فبداية التفكير فيها جميعا ترجع إلى ما لا يقل عن نصف قرن، حتى صارت من الأحلام التى تداعب خيال المصريين دون أن تجد من يتولى تحويلها إلى واقع ملموس. الجديد الآن أنه يتم وضع تلك الأحلام الثلاثة موضع التنفيذ. ولد حلم المحطة النووية مع الرئيس جمال عبد الناصر وتعاونت روسيا مع مصر وتم إنشاء مفاعل أنشاص كبداية، إلا أن المشروع لم يشهد أي خطوات أخرى، رغم المحاولات التي تمت في عامي 1983 و2002.
وتراجع المشروع تماما بل كاد يختفى حتى عام 2014 حتى أعاد الرئيس عبد الفتاح السيسى المشروع للحياة مرة أخرى. وبعد ثلاث سنوات فقط، تم توقيع عقد إنشاء المحطة النووية بالضبعة بالتعاون مع الجانب الروسى، الذى قدم تمويلا للمشروع قدره 25 مليار دولار. والأمر نفسه تكرر مع فكرة تنمية سيناء، إذ بدأت كفكرة فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر عقب العدوان الثلاثى ولم تتخذ أى خطوات حتى جاءت هزيمة 1967 لتقضى عليها، ثم تجدد الحديث عنها فى عهد الرئيس السادات عقب انتصار أكتوبر ووضع ما عرف باسم «ورقة أكتوبر» ولم يكن مصير تلك الورقة أفضل حالا مما تم فى عهد الرئيس عبد الناصر، إذ توقفت الفكرة تماما أيضا بعد اتفاقية كامب ديفيد. واستمر طرح الفكرة فى عهد الرئيس مبارك واتخذ بعض الخطوات ولكن أيا منها لم يصل إلى الاقتراب الحقيقى من تنمية سيناء فى إطار إستراتيجية واضحة. ومع تولى الرئيس السيسى بدأ الحديث الفعلى عن تنمية سيناء، انطلاقا من إيمان واضح بأهمية تنميتها على الأقل من منطلق مقتضيات الأمن القومي. فتم إنشاء «الشركة الوطنية لاستثمار سيناء «، فى عام 2016 برأس مال 10 مليارات جنيه بهدف تحويل سيناء إلى مجتمع تنموي، كما أعلن الرئيس السيسى منذ أيام أن مصر ستنفذ خلال السنتين أو السنوات الثلاث المقبلة مشروعاً عمرانيا فى سيناء بتكلفة مائة مليار جنيه.
والأهم من ذلك هو الإصرار على ربط سيناء بالوادى وتسهيل العبور منها وإليها، وذلك عبر المشروع الضخم لإنشاء عدة كبارى وأنفاق أسفل القناة. فبدون ذلك الربط سيكون مصير مشروع تنمية سيناء حاليا كمصير المشروعات السابقة التى لم تكتمل. وذلك الربط هو ما أطلقنا عليه فى الأهرام قبل أيام العبور الجديد إلى سيناء. أما حلم دخول مصر عالم الفضاء فقد طال انتظاره ٤٠ عاما منذ طرح العلماء ضرورة دخول مصر ذلك المجال ولكن المشروع ظل متعثرا، حتى عندما وافق مجلس الشعب قبل ١٦ عاما على مشروع إقامة وكالة الفضاء، فإنه أيضاً لم ير النور. وظل المشروع حبيس الأدراج حتى جاءت ثورة 30 يونيو، ويتم إحياء المشروع فى سبتمبر ٢٠١٣ عبر مشروع قانون تأسيس الوكالة الذى تقدمت به الهيئة القومية للاستشعار من البعد وعلوم الفضاء، وفى سبتمبر 2016، وافق مجلس الوزراء على قانون إنشاء الوكالة. وأخيرا وافق مجلس النواب على القانون. والهدف من الوكالة، كما يؤكد الدكتور جمال شيحة، هو نقل وتوطين وتطوير علوم وتكنولوجيا الفضاء لامتلاك القدرات الذاتية لبناء وإطلاق الأقمار الصناعية بما يخدم إستراتيجية الدولة فى مجالات التنمية وتحقيق الأمن القومى للبلاد، وبما يسهم فى النهاية بما لا يقل عن ١٠٪ من الدخل القومي.
وبكل تأكيد، فإن أهمية الإنجازات الثلاثة لا تعود فقط إلى أهميتها فى حد ذاتها ولا لأنها تحقيق لما فشلنا أو تقاعسنا عن تحقيقه عبر العقود الخمسة الماضية، ولكن لأن تحقيقها يأتى فى وقت تمر فيه مصر بتحديات وصعاب تصور البعض أنها كافية لعدم التفكير فى مثل تلك الأحلام المؤجلة. وإذا كانت الأعوام الأربعة الماضية قد شهدت إنهاء كابوس الإخوان وافتتاح قناة السويس الجديدة واتخاذ قرارات متعلقة بقضايا كان محرما الاقتراب منها على نحو ما حدث بشأن الدعم، فإن عام ٢٠١٧ شهد اكتمال تلك المنظومة بتحقيق ثلاثة أحلام ظلت مؤجلة أو مرحلة منذ عهد الرئيس جمال عبد الناصر.
تعليقات
إرسال تعليق