فيروس الانفصال والتقسيم يهدد العالم

المصدر الاهرام . ahram.org.eg
الانقسام والدعوات الانفصالية .. ربما تكون السمة المميزة لعام ٢٠١٧.
فخروج بريطانيا المدوى من الاتحاد الأوروبى ‪فى 2016 كان له ما يعرف بـ"تأثير الدومينو فى الاتحاد الأوروبي، بل وامتد تأثيرها غربا وشرقا من الشرق الأوسط وحتى الولايات المتحدة، وهددت وحدة التكتلات والتحالفات الدولية القوية.
فالرفض البريطانى لتحمل أعباء الأزمات الاقتصادية والسياسية للكتلة الأوروبية، دفع العديد من الأقاليم الأوروبية إلى الاحتجاج على الاستمرار تحت مظلة حكوماتها الفيدرالية، وهو ما تزامن مع تصاعد التيار "الشعبوي" واليمين المتطرف فى العالم.
فبدأ العام بالدعوة الاسكتلندية للاستفتاء على الانفصال عن المملكة المتحدة، مفضلة البقاء تحت مظلة الاتحاد الأوروبى بدلا من أن تكون جزءا من بريطانيا. ولكن يبدو أن الحس الوطنى للاسكتلنديين ، وخوفهم من عواقب فك الارتباط التاريخى مع بريطانيا كان أقوى كثيرا من الأصوات الداعية للانفصال.
وأصبح التهديد بالانفصال هو السمة السائدة فى أوروبا على مدى العام، ولكن يبدو أن الشعوب الأوروبية أصبحت أكثر حكمة واستفادت من درس بريطانيا والمجهول الذى يواجهه اقتصادها بعد الخروج، ورفضت الانفصال فى أغلب الحالات.
ومع ذلك، فسرعان ما ظهرت أزمة انفصال كاتالونيا عن إسبانيا، وعلى الرغم من اعتقاد الكثيرين أنها مجرد زوبعة فى فنجان، فإن الأزمة تصاعدت بسرعة كبيرة بعد رفض سلطات كاتالونيا الانصياع لحكم المحكمة الدستورية العليا فى إسبانيا ببطلان دعوى الانفصال، وتحولت الأزمة إلى صراع مسلح، لتعلن الحكومة الفيدرالية فى مدريد فيما بعد فرض سيطرتها على الإقليم ومحاكمة قادته بعدة جرائم جنائية والدعوة إلى انتخابات برلمانية محلية مبكرة. وسرعان ما أجريت هذه الانتخابات لتعيد الانفصاليين، وتظل المشكلة مفتوحة! ولكن مدريد حرصت فى الوقت ذاته على عدم التمادى فى استفزاز سكان الإقليم، فتجنبت المساس بحقهم فى الحكم الذاتى مع إجبارهم على البقاء تحت مظلتها.
وعانت الدول الأوروبية كثيرا للحفاظ على وحدتها، ، خاصة أن طبيعة دول مثل ألمانيا وإسبانيا وبريطانيا وإيطاليا تسمح لها بالتفكك بسهولة خاصة أن كل ولاية تتمتع بحكم ذاتى وطبيعة سكانية متفردة.
ويبدو أن عدوى الانفصال عبرت الأطلنطي، وأصابت ولاية كاليفورنيا الأمريكية التى تصاعدت الدعوات فيها للانسحاب من الاتحاد الفيدرالى للولايات المتحدة تعبيرا عن الاحتجاج على صعود الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى السلطة، ورفضا لسياساته التى وصفت بالعنصرية. ولم يقف الأمر عند حد الدعوة لاستفتاء للانفصال، ولكن الأمر وصل إلى قاعات المحاكم التى تنظر حاليا فى العشرات من الدعاوى القضائية التى رفعتها الولاية ضد ترامب.
وعلى الجانب الآخر من العالم، وتحديدا فى العراق، استغل الأكراد فرصة حمى الانفصال العالمية وضغطوا بقوة من أجل الانفصال عن الدولة العراقية وتحقيق حلمهم التاريخى بأن يكون لهم دولة مستقلة بعد أن عانوا قرونا طويلة الشتات والتفرق والإقامة على أراضى وتحت قيادة حكومات ترفضهم وتلفظهم.
ويبدو أن التفكك الذى لا يزال يخيم على الاتحاد الأوروبى حتى الآن، أصاب مجلس التعاون الخليجى الذى عانى التفكك بسبب موقف القطرى الموالى للجماعات المتطرفة، والرفض العربى القاطع لسياساتها الداعمة للإرهاب. وتجلت الأزمة خلال اجتماع المجلس الأخير والذى غابت عنه أغلب قيادات الدول الأعضاء.

تعليقات

المشاركات الشائعة