مرارة فى القلب
المصدر الأهرام . بريد الجمعة . ahram.org.eg
أنا سيدة فى العقد الرابع من عمري, نشأت بين أبوين يجمعهما الحب والتفاهم والحياة الهادئة المستقرة, وعرفت أبى رجلا طيبا وأمى سيدة حنونة وقد أغدقا علينا من الحب ما جعلنا سعداء وأكرمنا الله باستكمال دراستنا الجامعية وتزوجنا جميعا وأقمنا بيوتا وأسرا مستقلة، وأروى لك قصة زواجى فأقول لك إننى لم ارتبط بأحد خلال دراستى الجامعية وحددت مرادى وقتها فى التفوق والنجاح, أما الزواج فله وقته وظروفه, وعندما التحقت بوظيفتى بعد التخرج وجدتنى أتعلق بزميل لى فى العمل برغم أن أوضاعه المادية كانت دون المستوى, وقلت فى نفسى وقتها إنه بمرور الوقت سوف تتحسن أحواله المعيشية باعتبار ان الحب هو اساس الحياة الناجحة والمستقرة, بل اننى كنت اشعر وقتها ان حبى له لا تعادله كنوز الدنيا كلها, ولذلك شجعته على ان يتقدم ووعدته بأن أذلل له العقبات التى ستواجهه عندما يعلم أهلى بظروفه, وبالفعل تمت خطبتنا وسافر للعمل فى إحدى المحافظات على حدود مصر وانتظرته ثلاث سنوات تمكن خلالها من توفير شقة بسيطة تزوجنا فيها بعد حفل زفاف عائلي, وكان يقضى معى اسبوعا ويسافر شهرا ومضت حياتنا على هذا النحو عامين ثم اكرمه الله بعمل فى القاهرة وعرفت حياتنا الاستقرار بعد عناء.
وبمرور الأيام لم يتغير زوجى بل اكتشفت فيه إقباله على مساعدة الآخرين وحل مشكلاتهم, وكان يقبل يدى عند خروجه ومجيئه حتى ملك كل جوارحى واطمأن له كياني, ومضت خمس سنوات على هذا الحلم الجميل ثم أفقت على الحقيقة المفزعة وهى أننا لم نرزق بأطفال, ومع ذلك وجدته صابرا ومقتنعا بأن القدر لم يشأ بعد بأن تكون لنا ذرية وأطفال, واصبح واضحا لى ان الطوفان قادم لا محالة إذ تغيرت طباع زوجى تماما فصار عصبيا للغاية يثور لأتفه الأسباب, ويفتعل الخلافات لكى يخرج من البيت ولا يعود اليه إلا متأخرا وأحيانا يبيت ليلته بعيدا عني, وفى أوقات كثيرة يدعى انه فى مهمة عمل لعدة ايام, وحدثنى كثيرا عن رغبته فى ان يكون له طفل فيصبح أبا مثل كل أقرانه وزملائه ودخنا على الأطباء فلم تثبت التحاليل عجزا لدى أو لديه, وظللنا ننتظر الأمل ثم بإحساس المرأة ادركت أن زوجى على علاقة بامرأة أخرى وانصبت شكوكى على سيدة كانت صديقة لى أو قل انها حاولت ان تدعى صداقتها لى حتى تصل إليه, ولما تمكنت منه قطعت كل صلة لها بى وكان معروفا عنها انها تذهب إلى الدجالين ولها باع فى السحر والشعوذة والعياذ بالله, وواجهت زوجى بما يساورنى من شك فى وجود علاقة بينهما لكنه أصر على انه لا تربطه أى علاقة بهذه السيدة أو غيرها ولم يهدأ بالى فتابعت تحركاته وتعرضت لصدمة عمرى عندما عرفت انه تزوج منها منذ نحو ستة أشهر, وأنها حامل منه فانهرت باكية وطلبت منه ان يطلقنى فرفض بإصرار وبكى هو الآخر وهو يقول لي: أنت فى دمى ولا استطيع العيش دونك وأبدى استعداده بأن يجيب لى أى طلب إلا الطلاق, وانه لا يرغب فى هذه الزيجة سوى لإنجاب طفل من هذه السيدة ـ التى تزوجها وهى مطلقة ولديها طفلة من زوجها الأول ـ والطفل الذى ستنجبه له سوف يجعله مستريحا وستعود حياتنا كما كانت.
إن مرارة الغدر ممن كانت تدعى انها صديقة لى ووقوع زوجى فى حبها لن يمحوها الزمن لكن ماذا أفعل؟ لقد تحملت ظروف زوجى حتى تحسنت أحواله وأصبح يملك السيارة والمال والشقة الفارهة وكل الماديات التى حرمنا منها سنوات الشباب الأولى, فهل أترك ما صنعته لتتمتع به غيرى ثم كيف أعالج الشرخ الذى حدث فى قلبى تجاه زوجى وانا لا أتوقع ان يلتئم وتعود حياتنا الى سيرتها الأولى؟
إن نفسى تحدثنى بحلول متناقضة مع بعضها, مرة بأن أطلب الطلاق وانبذه من حياتى إلى الأبد, ومرة أخرى بأن استمر فى علاقتى به فربما احمل وانجب له الولد فيدرك وقتها خطأه ويعود الىّ وحدى من جديد, فما القرار المناسب الذى تراه لى فى هذه الدوامة التى اجدنى أسيرتها ولا أعرف كيف أخرج منها؟
< ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
فى مثل الظروف التى تمر بها اسرتك, يصبح مطلوبا شئ من العقل والحكمة, فمن حق زوجك ان يكون له ابن ما دامت ظروفه الصحية مواتية للإنجاب, ومن حقك ان تغضبى لأن الزيجة الجديدة سوف تنغص عليك حياتك وسوف تنزع منك زوجك الذى جمعك به حب كبير مازال راسخا فى قلبك, والحكمة التى أدعوك إلى ان تتحلى بها فى هذا الموقف هى ما انتهيت إليه بأن تستمرى معه فربما رزقك الله منه بالذرية التى تتطلعان إليها, حيث اننى ألمس لديه من خلال كلماتك حبا وإعزازا وتقديرا لك ولما قدمتيه له طوال السنوات الخمس الماضية حتى انه لم يخبرك بزواجه لكى لا يترك ذلك اثرا فى نفسك, فلما عرفت كل شىء جاءك طالبا منك أن ترضى بهذه الزيجة من مطلقة ولديها طفلة وتعلمين كل ظروفها لكى تنجب له الولد.
صحيح اننى لا اميل ولا أحبذ الزواج بهذا الاسلوب وأرفض من حيث المبدأ التعامل مع الزوجة الأولى به, لكن فى حالتك يا سيدتى هناك ما يبرر لزوجك ما فعله فى حدود ما ورد برسالتك, أما عن السحر والشعوذة فلا تدعى مثل هذه الأعمال المحرمة تتسلل اليك, ودعى الأمر لخالقك حتى لا تفسدى عليك هدوءك وسعادتك.
وتبقى نقطة مهمة تتعلق بحكاية علاقة الأزواج بصديقات زوجهاتهم، فكل التجارب الحياتية تؤكد خطورة التعامل المباشر بين الأزواج والصديقات, أو الزوجات والأصدقاء ـ إذ ينبغى أن تكون هناك حدود معينة لا يتجاوزها هذا الطرف أو ذاك مع ضرورة وجود الزوج أو الزوجة دائما فى كل لقاء او عند كل مقابلة, وفى حالتكم ما كان يجب أن يكون لزوجك وجود فى علاقتك بهذه الصديقة، ويجب عليك الآن أن تقتربى من زوجك أكثر وأكثر, وبمرور الأيام سوف تنكشف له حقائق جديدة ربما لم يعرفها ويدرك أنه كان غافلا عنها، ففى النهاية لايصح إلا الصحيح.. أسأل الله له الهداية ولك الثبات وحسن التصرف.
تعليقات
إرسال تعليق