اخرها ثلاثة تفجيرات امس.. قنبلة فى قلب مصر



قنبلة فى شجرة ..فى قلب الخضرة يزرعون المتفجرات لينزعوا بها فتيل الأمان من قلب مصر المحروسة لتفتح عيونها صباح كل يوم على مشاهد جثث لأبنائها ضحايا التفجيرات هنا وهناك سواء أسفل سيارة أو فى كشك مرور.
بل أنها اخترقت المنازل واصابت ثلاثة أطفال كانوا يلهون بجسم غريب تركه والدهم فى المنزل ليتوفى احدهم وينقلب السحر على الساحر حيث كان يخطط لتفجيرات وقتل الآمنين، وتصم مصر أذنيها عن دوى القنابل التى أصبحت تحاصرنا فى كل مكان.. ومن المتوقع تزايد نغماتها الممقوتة خلال الأيام المقبلة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية.. والتساؤل الآن هل الاستسلام هو الحل ليصبح من الطبيعى أن يخرج المواطن من منزله يوميا ولا يعلم إن كان سيعود إليه أم لا؟
المواطنون صرخاتهم تتعالى, أنصتنا إلى لسان حالهم الذى يقول ألم تكف حوادث السطو والتحرش ليضاف إليها التفجيرات الواردة من قاموس الإرهاب البغيض؟علماء النفس والاجتماع يستنهضون المناطق الإيجابية فى الشخصية المصرية لتكون المواجهة مسئولية كل مصرى .. الخطة الأمنية والمستحدث فيها نقطة الإرتكاز ليعود الأمان إلى ربوع المحروسة ..

استهداف الأمــن إلى متى ؟!
تحقيق:هبة جمال الدين
نستيقظ يوميا على خبر استشهاد رجل من رجال الأمن فى كمين هنا او هناك او انفجار سيارة احدهم بعد ما استقلها بدقائق واستشهاد من بداخلها ونشاهد دموع زوجات وابناء وأمهات ..فمصر اصبحت تتشح بالسواد .. واصبح رجال الأمن يحملون أكفانهم على أيديهم يغادرون بيوتهم تاركين اسرهم بوصيتهم الاخيرة , كل يتنظر دوره ..فالى متى سنظل على هذاالحال ؟السطور التالية تكشف الخلل فى المنظومة الأمنية وكيفية علاجها فالموت لايفرق بين رجل أمن ومواطن عادى وفقدان كليهما وجع فى قلب الوطن .
فى البداية يقول اللواء مجدى البسيونى مساعد وزير الداخلية الاسبق انه على الرغم من التفجيرات اليومية التى نعيشها ونشهدها فى الشارع المصرى واستهداف رجال الامن من ضباط وعساكر إلا اننا بالفعل مازلنا فى أمان والدليل على ذلك حالة التكدس المرورى التى نعيشها يوميا واكتظاظ الاماكن العامة بالناس .. خاصة إذا قارنا هذه التفجيرات الخسيسة بما يقرب من 2 مليون قطعة سلاح تم دخولها البلاد وتسليح الارهابيين بأحدث الأسلحة وتدريبهم على أعلى مستوى وفق أجندات خارجية ..واستهداف الشرطة ورجال الأمن ما هو إلا تقصير منهم فى كثير من الأحيان ,فالأكمنة الثابتة والوجود المستقر فى مكان واحد يسهل على الارهابى ارتكاب الجريمة كما ان هناك قصورا من نفس افراد التأمين فبعضهم لا ينفذ الخطة الامنية بدقة ولذلك نجدهم يستهدفونهم فى الاوقات المبكرة والتى تكون غالبا بعد الفجر فتكون هناك حالةمن الاسترخاء الامنى مشيرا إلى ان حادث استشهاد العميد احمد زكى رحمه الله وزرع قنبلة اسفل سيارته لو بحثنا فى الامر سنجد تقصيرا أمنيا من جانب تأمين السيارة او ان الارهابى ارتدى ملابس عامل النظافة وزرع القنبلة او ما شابه ذلك موجها نداءه للشرطة والداخلية بتغيير فورى بجميع الخدمات الأمنية وتحسين مستوى الخدمة بحيث لا تزيد مدة الخدمة على 6 ساعات على الاطلاق والغاء الاكمنة الثابتة متمنيا ان يرى اكمنة الشرطة كأكمنة الجيش اثناء فرض حظر التجوال فكانوا على اهبة الاستعداد ليل نهار.
وعن كيفية حماية أفراد الشرطة وتزويدهم بأجهزة للكشف عن المتفجرات يقول اللواء مجدى البسيونى بالفعل لابد من دعم رجال الشرطة بهذه الأجهزة وهو عبارة عن جهاز متنقل يكشف عن المتفجرات على بعد 50 مترا ولكن ثمن الجهاز يصل إلى 250 ألف جنيه وهو مبلغ ضخم مقارنة بضعف الإمكانيات المادية ،و من هنا نناشد رجال الاعمال والمؤسسات بدعم الداخلية من خلال تبرعات عينية مثل شراء عدد من أجهزة كشف المتفجرات أو مدرعات أو سيارات شرطة بدلا من المتهالكة والتى تم حرقها ,مشيرا إلى انه حتى يتحقق ذلك فمن الصعب الكشف عن المتفجرات والعبوات الناسفة لان شوارعنا مليئة بالقمامة ومن السهل زرع قنبلة فى أى كيس والقائها بجوار كمين ،ولكن مع تزويد رجال الأمن فى دورياتهم بهذا الجهاز واعلان ذلك سيتم محاصرة هذه الجرائم .
أما اللواء فاروق المقرحى مساعد وزير الداخلية الاسبق فله رأى آخر فيقول ان الارهاب سيستمر اذا لم يتم اصدار قانون مكافحة الارهاب كقانون مستقل قائم بذاته ويطبق على جماعة الإخوان والجماعات المرتبطة بها وتكون العقوبات واضحة كما هو وارد بقانون الارهاب الامريكى والبريطانى والفرنسى والالمانى ،مشيرا إلى أن الشرطة تعمل فى ظروف قاسية لانها مكبلة وليس لديها حرية التصرف والحركة ولا القدرة على اقتلاع هذا الإرهاب الأسود من البلاد ،فليست هناك إرادة سياسية لذلك ،وأما عن دور وزير الداخلية فى هذا الأمر فهو ليس جهة تشريعية لأنه مكبل الايدى فإذا صدر هذا القانون ستعلن الداخلية أن مصر خالية من الإرهاب فى مدة أقصاها شهران.
ويوجه اللواء نادر نعمان مساعد وزير الداخلية للحماية المدنية سابقا نداء لكل مواطن فى حالة الاشتباه فى أى جسم غريب فى أى مكان باخطار الحماية المدنية تليفونيا على رقم 180 او الاتصال بالنجدة على 122 فمن يلاحظ شخصا غريبا يعبث بأى سيارة شرطة او اى سيارة غيرها عليه ايضا الابلاغ فورا على الارقام السابقة واوضح ان نوعية المكان هى التى تحدد الاجسام الغريبة فالأماكن المكتظة بالناس وأكمنة الشرطة هى المستهدفة ..ونصح المواطنين إذا انفجرت عبوة - لا قدر الله  عليهم بالابتعاد عن مكان الحادث وعلى شباب المنطقة عمل كوردون لحين وصول رجالالامن وفى حالة وجود مصابين يتم إسعافهم بالإسعافات الاولية لحين وصول سيارة الإسعاف.
وشدد على عدم اختراق المكان الموجود فيه العبوة الناسفة سواء كانت قد انفجرت ام لا لأنه فى حالة إنفجارها من الممكن ان تكون هناك عبوة اخرى تنفجر بمجرد تجمع المواطنيين ويجب أيضا الابتعاد عن منطقة فحص الجسم الغريب المشتبه فيه أثناء قيام خبير المفرقعات بهذه المهمة, فمن الممكن ان تنفجر وتصيب المحيطين ..
وفى النهاية وجه اللواء النعمان نداءه لوسائل الاعلام والمصوريين الصحفيين بعدم تصوير خبير المفرقعات وهو يقوم بعمله حتى لا يتم التعرف عليه و استهدافه من قبل الإرهابيين كما أن هناك عبوات تنفجر بالضوء كفلاش الكاميرا والذى قد يمثل خطورة فى هذه الحالة.
 
المواجهة.. مسئولية كل مصرى
تحقيق:فاطمة محمود مهدى
قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا،إرادة الله فوق الجميع ،هكذا علمتنا دياناتنا السماوية،فلا يجب أن نخاف ونجزع بل علينا أن نواجه ونتحدى،فوطننا يمر بمحنة ولكننا قادرون على التصدى لها ولن تهزمنا التفجيرات الإرهابية ،بل ستتحول دماء شهدائنا لوقود يشعل عزيمتنا،وسوف يقوم الكل بدوره،ولكن لكى نبدأ يجب أن نعلم معمن نتعامل ونتعرف على ما يمكن أن يشارك به المواطن حتى يكون ايجابيا، ولذلك نستعرض فى هذا التحقيق آراء المواطنين وتحليل خبراء علم النفس والاجتماع للسيكولوجية النفسية للمواطن والارهابى فكلاهما على خط المواجهة وتحديد الطرق المثلى للتعامل مع هذا الإرهاب الأسود.
ذنب الناس إيه؟! عملوا إيه يستحقوا عليه القتل ؟!متى تنتهى هذه الجرائم ؟!هذه التساؤلات أول ما يبادر تفكيري عند وقوع حادثة إرهابية ،هكذا قال شحات عبدالمقصود سائق الناس بتخرج لأعمالها والشرطى بيؤدى واجبه ولا يستحقون القتل، فهل يعتقد المفجر الارهابى أن أقاربه وأحبابه بعيدون عن التأذى من التفجيرات أم انه لا يشعر بالانتماء للمجتمع ولا يهمه أفراده ؟نحن نسلمها لله ونضع كل التوقعات،بالطبع نخاف على نفسنا وأسرنا ولكن لو استسلمنا للخوف هنموت من الجوعولابد ان نسعى وراء لقمة العيش،ولذلك لابد من الإبلاغ عن اى فرد نلاحظ تطرف أفكاره أو انتمائه لتنظيم ارهابى او معرفة معلومة قد تفيد فى منع وقوع حادث تفجيرى،لأنه فى حالة عدم الإبلاغ قد أكون أول من يتأذى أو اولادى ويبقى السؤال هل حب كرسى الحكم يؤدى إلى تدمير المجتمع ؟!لقد أصبحنا بحق نحلم بعودة الأمان أكثر من اى شيء آخر.
تقول سحر نبيل أخصائية اجتماعية  «أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم فى بروج مشيدة» لقد أصبحنا نضع هذه الآية الكريمة أمام أعيننا حتى نتمكن من ممارسة حياتنا بشكل طبيعى فلدينا التزامات يجب القيام بها ابسطها توصيل أبنائنا إلى مدارسهم أو إلى مكان الدروس الخصوصية فبعد تكرار حوادث الخطف والاعتداء أصبح من الصعب ترك أولادنا دون مصاحبتهم لتفادى تعرضهم للإيذاء  وساهمت التفجيرات الأخيرة فى زيادة هذه المخاوف ،ولكننا لن نخضع لقوى الإرهاب وسوف يزداد إصرارنا على مواجهته كما قاومنا فى ثورة 30يونيو فلقد تحدينا وخرجنا إلى الشوارع والميادين بالملايين ،وسوف نستمر فى المواجهة باستمرارنا فى بالقيام بأعمالنا ونتعامل بايجابية ،ولن نتراجع عن الإبلاغ عن المتطرفين الذين يعكرون حياتنا بأفعالهم الشنعاء ،ولا يجب أن نتردد أو نخشى هؤلاء الإرهابيين لأننا بذلك ننقذ وطننا ومثال ذلك لو كان القهوجى ابلغ عما رآه من تصرفات مريبة عند كمين ميدان لبنان لتمكنا من إنقاذ الأرواح البريئة التى لاقت ربها نتيجة هذا الحادث الآثم،ومن أحيا نفسا فقد أحيا الناس جميعا.
وتلقى نيفين يوسف- محامية باللوم على وزارة الداخلية فى أساليب التصدى للإرهاب وترى أنها لم تؤت ثمارها حتى الآن بدليل التصعيد المستمر للهجمات والتفجيرات الإرهابية،كما أنها أولى من يكتوى بنارها من خلال فقدها لأحد أبنائها بشكل يومى ،وذلك له عظيم الأثر فى زعزعة الشعور بالأمان لدى المواطنين ،الذين حرموا مننعمة الأمن ويتمنون عودته وأصبح المطلب الرئيسى لهم،ولذلك يكفى المواطن ما يتحمله من ضغوط ولتقوم الحكومة بدورها بتوفير الحماية وإذا لم تستطع تطوير وتفعيل طرق القضاء على الإرهاب فلترحل وتلحق بالحكومات السابقة.
ويأسف عمرو سعيد مدرس  من هدوء رد الفعل لدى العديد من المواطنين عند علمهم بوقوع تفجيرات بل أصبح السؤال عن عدد القتلى وهو شعور مرفوض فلا يجبأن نتعامل مع هذا الأمر على انه أمر طبيعى أو أن يصبح الحزن على المصاب حزنا لحظيا ،فالأمر خطير وعلينا أن نتكاتف لمواجهته ،لا أن نلقى باللوم هنا وهناك فجميعنا نتشارك فى هذه المحنة،وكل منا عليه دور ومسئولية .
الإيمان والقدرية المحرك الرئيسي
يقول الدكتور مكرم شاكر  أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس  إن التحليل النفسى لأثر حوادث التفجيرات على المجتمع يجب أن يتعرض لعدة أطراف،وهناك حقيقة يجب ألا نغفلها وهى أننا شعب فى مجمله مؤمن وقدري وذلك الباعث هو المحرك الاساسى فى تصرفاته ،فبالنسبة للمواطن العادى أدى توالى الانفجارات إلى اعتياده على هذا الآمر بل وتكيفه على الأسوأ بعد مروره بمراحل الصدمة والرعب ،كما أصبح قادرا على كبت الخوف وتقليل حجمه ثم بدأ فى مرحلة استبعاد احتمال حدوث ضرر عليه وبدأ عقله الباطن باستخدام الكمبيوتر الداخلى لقياس احتماليةتعرضه للخطر فوجد انه لا يذكر إذا ما قيس بعدد سكان الجمهورية فهو واحد مقابل 90مليونا أما الفئات المستهدفة ،والتى تكون احتمالية تعرضها للقتل أكبر جراء هذه الحوادث مما يجعلها فى حالة توتر واستنفار دائم ،و لكن تتشارك فئات المواطنين فى الشعور بضرورة استمرارية الحياة .
ويجب ألا نتهم المواطن باللامبالاة ولكن هناك عدة عوامل يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند التعامل معها وهى انه نشأ وتربى سواء فى البيت أو المدرسة تحت نظام سياسى يعتمد على إصدار الأوامر وضرورة الانصياع لها وإلا تعرض للعقاب حتى مجال العمل يحوله إلى إنسان نمطي وكل ذلك حتميا يرغمه على السلبية، ولكنالتوعية باستشعار دنو الخطر وتعاظمه يسهم فى تحوله إلى الايجابية بالإضافة إلى ضرورة توفير السرية للمبلغ تساعد فى شعور المواطن بالطمأنينة والتغلب على الخوف من رد الفعل وتعرضه لإيذاء مباشر.
أما بالنسبة للشخص الذى يقوم بالتفجير سواء انتحاري او يفجر عن بعد فكلاهما عدو.. الأول معاد للوجود  بصفة عامة ولنفسه بصفة خاصة أما الثاني فمعاد للمجتمع الذى يعتبره مجتمعا فاسقا وفاسدا يستحق هذه التفجيرات وأكثر،والانتحاري يريد أن يقتل نفسه نتيجة عقيدة دينية تصور له الخلاص من الحياة شهادة وبذلك يحقق أفكارنيتشافيلسوف الانتحار الملحد الذى يرى أن موت الاختيار هو موت الشجعان ,أما الذى يفجر عن بعد فهو شخص جبان يرغب فى تحقيق المدينة الفاضلة بعقيدة منحرفة . والتخلص من هذه الأفكار الشاذة يحتاج إلى سنوات والرادع الأمنى لن يوقفها والعلاج يتطلب منظومة متكاملة وثورة فى التعليم والإعلام والخطاب الدينى وتحقيق جودة الحياة من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية ويتم التعامل بنظرية الأواني المستطرقة والتركيز على تفكيك كتلة الجماعة لان فى داخلها اختلافات فردية فمنهم من يردعه الأمن وآخر تردعه التوعية وآخر يردعه توفير حياة كريمة ومستقرة اقتصاديا ،كما يجب تعظيم مشاركة الباحثين النفسيين فى لجان الردع كما يقوم الجيش بالاهتمامبالسيكولوجية النفسية عند إعداد الخطط وابرز مثال لجان التحكيم فى طابا  
الحالة المصرية فريدة من نوعها
تؤكد الدكتورة سالى مهدى أستاذ علم الاجتماع السياسى بالجامعة البريطانية أن الحالة المصرية فريدة وتختلف مع نتائج الدراسات العلمية ،فالإرهاب يترتب عليه الانعزال والخوف ولكن العكس هو ما يحدث ،فالفطرة المصرية أقنعت المواطن أنوجوده فى الشارع وممارسته لحياته وأعماله بشكل طبيعى هى الوسيلة الفعالة لتقليل معدلات العمليات الإرهابية وتحجيم مداها،وذلك قمة الايجابية ولكن ذلك لا ينفى حالة الحنق والإجهاد والضغط النفسى التى يعانيها المواطن بالإضافة إلى أعباء مشاكله الحياتية ،ولقد انعكس ذلك فى آراء الناس من اتهام الحكومات المتعاقبة بعد الثورتين بالتخاذل وطالبتها باتخاذ إجراءات رادعه للحد من الإرهاب ،وعلى الجانب الآخر يجب أن ندرس موقف الجناة الذين يقومون بالتفجيرات للوصول إلى الحل الأمثل للمواجهة،فالجماعات الإرهابية المغلقة والتى خرج من رحمها الفكر الجهادى المتطرف  تقوم بعمل غسيل مخ لأعضائها وتقنعهم بعدالة ما يقومون به وانه قصاص ويجعلهم يتمنون القيام بهذه العمليات والموت فيها،لأنها شهادة فى سبيل الله ،وللأسف سوف يزداد معدل التفجيرات لأنها الكارت الخير لدى هذه الجماعات ،خاصة أننا على مشارف الانتخابات الرئاسية. والحد من هذه الأعمال الإرهابية يتم من خلال فرض عقوبات رادعة وعدالة ناجزه ،وكذلك إيجاد آلية للتفاعل مع المواطنين وقياس نبض الشارع واتخاذ اللازم نحوها من جانب الحكومة والأمن القومى.

‎قراءة فى ملف التفجيرات
تحقيق:تهاني صلاح
من جديد يعيد التاريخ نفسه مرة أخرى بعد أن ظن المصريون أنهم تخلصوا من رعب الإرهاب الأسود الذى سيطر على البلاد خلال فترة التسعينيات من القرن الماضي، على أيدى عناصر تنظيم الجهاد و«الجماعة الإسلامية»، وبعد ثورة 30 يونيو فوجئ الجميع بالعودة إلى عهد التفجيرات، ولكن متمثلا فى ظهور جماعات جديدة تحت مسمى «أنصار بيت المقدس» و«أجناد مصر» وغيرها ليتكرر مشهد إثارة الرعب والفزع فى الشارع المصري.
ويرجع ظهور العمليات الإرهابية لأوائل التسعينيات مع ظهور الجماعات الجهادية المتأسلمة من جديد لتنازع على الحكم وبدأت فى ارتكاب أعمال تفجيرية استهدفت بعض الوزراء والكنائس والأماكن العامة ثم ركزت جهودها المسلحة على السياح الأجانب والأماكن السياحية فى مصر، حيث توالت عدة حوادث بلغ عددها حتى عام 2011 أكثر من 170عملية تفجيرية راح ضحيتها أكثر من 660 قتيلا وجريحا منها الهجوم على واجهة فندق أوروبا قرب أهرامات الجيزة، وما عرف بمذبحة «الدير البحري» بالأقصر، وتفجير حافلة تقل سياح ألمان خارج المتحف المصري. ولم تسفر هذه التفجيرات عن أى مكاسب لأصحابها على أى صعيد، فأعلن قادة الجماعة من داخل محبسهم «مبادرة لوقف العنف» والتى حظيت برفض بعض رموز الجماعة فى الخارج، فى حين وقع عليها عدد كبير من معتقلى الجماعة آنذاك ليعلنوا تراجعهم عن العنف.
وبالرغم من ذلك، عادت الجماعة إلى فكرها التكفيرى مرة أخرى عام 2005 فى سلسلة انفجارات استهدفت منتجع شرم الشيخ على ساحل البحر، وتفجيرات منتجع ذهب، وتفجير كنيسة القديسين بمنطقة سيدى بشر بمدينة الإسكندرية وغيرها. وبعد ثورة 25 يناير 2011 توقفت هذه التفجيرات تماما رغم الغياب الأمني، بعد أن أصبحت هذه الجماعات قريبة من السلطة والتى أعقبتها فترة حكم الإخوان، ولكن بعد عزل الرئيس محمد مرسى فى يوليو 2013 عادت التفجيرات تطل برأسها من جديد، واستهدفت المنشآت العامة والخاصة وأقسام وكمائن الشرطة ومديريات الأمن وخلفت وراءها الآلاف من القتلى والجرحى عبر جماعة أنصار بيت المقدس، التى قامت خلال الشهور الماضية بالعديد من العمليات الإرهابية، أبرزها محاولة تفجير سيارة اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية،واغتيال المقدم محمد مبروك ضابط الأمن الوطني، بالإضافة إلى تفجير مديرية أمن الدقهلية، ومديرية أمن القاهرة، واستهداف أحد كمائن الشرطة بمحافظة بنى سويف، وانفجار مبنى المخابرات الحربية بالعريش، بخلاف قيام أعضاء التنظيم بالعديد من العمليات تجاه عناصر الجيش والشرطة فى سيناء، والتفجيرات المتعددة لخط الغاز الطبيعى بمدينة العريش،و حادث انفجار الأتوبيس السياحى بمدينة طابا، والتفجيرات الإرهابية التى وقعت فى جامعة القاهرة، وأسفرت عن استشهاد رئيس مباحث قطاع غرب الجيزة، وإصابة آخرين من قيادات وأفراد الشرطة، واستشهاد العميد أحمد زكى بقطاع الأمن المركزى اثر استهدافه بعبوة ناسفة أسفل سيارته. وبذلك دخلت مصر مرحلة التفجيرات والسيارات الملغومة، وهى أخطر مرحلة فى مراحل الصراع بين الإسلاميين والدولة، والذى قد يعيدهم إلى مرحلة التسعينيات ويدخلهم سواء أرادوا أو لم يريدوا فى طائفة الإرهاب، وينتقلوا بفضل هذه التفجيرات من دعاة إلى الله وهداة إلى الحق إلى خانة الإرهاب والتفجير.
وانتشار فلسفة «الشرعية أو الدمار والدماء» بين أطياف الحركة الإسلامية المصرية كلها على حد قول الدكتور ناجح إبراهيم الداعية والمفكر الاسلامى واستعداد الآلاف بمن فيهم الأطفال والنساء ليكونوا «ضمن مشروع شهيد» دون أن يدركوا أن هذه الدماء أغلى من كل كراسى السلطة، فلتذهب الشرعية وكراسيها إلى الجحيم، إن كان ثمن عودتها آلاف القتلى والجرحى وحرق مصر ودمارها، فما فائدة أن تعود السلطة للإسلاميين - إن عادت - بهذا الثمن الفادح من الدمار والأشلاء من الإسلاميين وغيرهم؟! فالكراسى تأتى وتذهب، ولكن الدماء والأوطان والاحتراب الأهلى لا يعوضها شيء.




المصدر الاهرام

تعليقات

المشاركات الشائعة