الإعلام الغربي متعاطف مع الدوحة‏


المصدر الاهرام - اخبار العالم
لم يكن أحد يتوقع أن يكون اللوبي القطري الضارب في أعماق المؤسسات الإعلامية الدولية نافذا بهذه الدرجة‏,‏ ولكن هذه الملاحظة كشفت عنها الأزمة القطرية الأخيرة الناجمة عن مقاطعة عدة دول عربية وإسلامية لنظام الدوحة‏.‏
فقد استماتت وسائل إعلام غربية مرموقة خلال الأيام الماضية للدفاع عن الموقف القطري, ولتبرئة نظام تميم من تهمة دعم ورعاية وتمويل الإرهاب, والأكثر من ذلك, الترويج لمصطلح الحصار لوصف المقاطعة العربية المشروعة للدوحة, بل وبث كثير من التقارير التي تتناقض ما بين ما يدعو لرفق الحصار عن قطر لأسباب إنسانية, وبين ما يتحدث عن أضرار اقتصادية وسياسية جسيمة ستلحق بالدول التي قاطعت قطر نتيجة هذه المقاطعة, وكأن هذه المؤسسات الإعلامية تقرأ الأحداث بالمقلوب!
بتاريخ5 يونيو2017, بثت وكالة رويترز تقريرا مطولا هدفه تخويف المصريين من عواقب مقاطعة قطر, حيث كان عنوان التقرير المصريون يشعرون بالقلق علي وظائفهم في قطر بعد الخلاف الدبلوماسي في الخليج, وزعم التقرير أن المصريين الذين يسعون للفرار من الأزمة الاقتصادية في مصر والذين تدفقوا علي دول الخليج والكثير منهم اتخذ قطر مقرا لهم قد شعروا بالذعر من الخلاف الدبلوماسي الأخير الذي نشب بين قطر وبعض من الدول العربية, ومن بينها مصر, ونسيت رويترز أن المصريين المقيمين في قطر يشغل معظمهم وظائف مرموقة في مجالات التدريس والطب والهندسة وغيرها, وأنهم لم يذهبوا إلي قطر كلاجئين, وأن الدولة القطرية لا تستطيع الاستغناء عنهم حتي وإن أرادت ذلك, لأن قرارا كهذا معناه توقف أو تعطل مفاصل الدولة القطرية تماما.
كما كان من اللافت للنظر أن تتحدث رويترز في الساعات الأولي من اتخاذ قرارات المقاطعة عن الأضرار التي ستلحق بالجالية المصرية في قطر جراء القرار المصري الخليجي, دون أن تكلف نفسها بث التقرير الأكثر أهمية ومنطقية, وهو تأثير المقاطعة علي الاقتصاد القطري نفسه!
وامتد الأمر ليصل إلي حد الدفاع ضمنا عن استضافة قطر لقيادات إرهابية, وهو السبب الرئيسي وراء قرار المقاطعة, حيث قالت في تقرير بثته في اليوم نفسه إن التحرك المنسق يصعد علي نحو مثير نزاعا ممتدا حول دعم قطر لجماعة الإخوان المسلمين التي تعد أكبر حركة إسلامية في العالم, متناسية أن هذه الحركة الأكبر في العالم حظرتها أكبر دولتين في المنطقة وهما مصر والسعودية.
واهتمت هيئة الإذاعة البريطانية بي.بي.سي. في تقريرها يوم6 يونيو2017 بتحميل الدول المقاطعة مسئولية عرقلة حركة النقل الجوي إلي حد كبير بسبب قرار حظر مرور الطائرات القطرية في المجالين الجوي المصري والسعودي, علما بأن باقي الأجواء القطرية مع الدول الأخري مفتوحة.
وكانت وكالة أسوشييتدبرس أكثر استفزازا, عندما بثت تقريرا بتاريخ8 يونيو بعنوان الرئيس السيسي يجد مبررا للتحركات ضد قطر, حول إعطاء التحالف مع دول الخليج لعزل قطر دفعة كبيرة للرئيس السيسي الذي يحاول منذ ثلاثة أعوام إيجاد داعمين لما يصفه بالحرب الشاملة التي يشنها ضد التشدد, وتجاهلت الوكالة أن دول العالم بأكملها متضامنة مع مصر في مواجهة الإرهاب, باستثناء قطر وتركيا, وأن ما تواجهه مصر هو إرهاب وليس مجرد تشدد, وأن مصر لم تكن في حاجة لإقناع دول الخليج بالانضمام معها في أي إجراءات ضد قطر, لأن دول الخليج نفسها سبق أن وجهت أكثر من تحذير للدولة القطرية من التدخل في شئونها والتحالف مع إيران والتعامل مع إسرائيل من تحت الترابيزة, فضلا عن تصرفات قناة الجزيرة, وأن هذا الموقف لم يكن في انتظار شكوي مصرية لاتخاذ قرار المقاطعة بهذه الصورة الجماعية المنسقة.
أما شبكة سي.إن.إن الإخبارية الأمريكية فكانت أكثر حرصا علي الدفاع عن قطر والإخوان, بعد المقاطعة القطرية, حيث تجاهلت كل ردود الفعل الدولية واهتمت فقط ببث تقرير يوم8 يونيو بعنوان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يحرم مقاطعة قطر, حول ما ورد في بيان الاتحاد الذي يرأسه يوسف القرضاوي بشأن تعارض ما سمته بـحصار قطر مع مباديء الإسلام الذي يحرم القطيعة بين الأشقاء, علما بأن الإسلام نفسه هو الذي يحرم أيضا إراقة الدماء وإثارة الفتن والتحريض علي الكراهية.
كما بثت الوكالة نفسها تقريرا بتاريخ7 يونيو عنوانه الإخوان المسلمون ترفض وصم السعودية لها بالإرهاب, تضمن ما ذكرته جماعة الإخوان من أن الاتهامات السعودية باطلة.
صحيح أنه كانت هناك تقارير بثتها هذه المؤسسات الإعلامية تتحدث عن أضرار المقاطعة علي الدوحة, ولكنها لا تقارن بحجم وقوة وتكثيف التقارير التي تدافع عن النظام القطري, وتزعم أنه يتعرض لـحصار جائر.
أخيرا: أين كان هؤلاء المدافعون باستماتة عن قطر عندما كانت الدماء تسيل في مصر وفي السعودية وفي البحرين, وضحكات وتهاني وسخرية ضيوف قطر تتعالي؟!

تعليقات

المشاركات الشائعة