مبارك بعد 3 سنوات صمت : لم أصدر تعليمات بقتل المتظاهرين
بعد صمت دام لأكثر من 3 سنوات منذ بدء محاكمته، تحدث الرئيس الأسبق مبارك لأول مرة أمام محكمة جنايات القاهرة التي تنظر إعادة محاكمته واخرين، قائلا انه لم يتحدث ليستعرض عطائه لبلده، لأن مصر سيظل عطاؤها مستمرا فهي الملاذ وارض المحيا والممات، وتابع : "قضيت حياتي مقاتلا لأعداء الوطن،
تلك كانت عقيدتي، ولم اكن لأمر أبدا بقتل مصرى واحد أو أن أصدر أمرا بإشاعة الفوضي أو إحداث فراغ أمني، كما أن اتهامي باستغلال النفوذ أو الفساد المالي، لا يتفق والحقيقة، لأنني رجل لي شرفي العسكري واعتزازي بنفسي لا يسمحان بذلك، و اعتز شديد الاعتزاز بما قدمته للوطن".
وأكد مبارك في كلمته أنه بذل طاقته، وأنه واسرته تعرضوا لحملات ظالمة وافتراءات ، وقال: "لعل هذا اخر حديث أقوله لبني وطني قبل أن ينتهي بي العمر، انتبهوا للمخططات التي تحاك لكم، إن مصر أمانة فاحفظوها، حمي الله مصر وأعلي رايتها، وحمي شعبها"، وفي ختام سماع المحكمة لمبارك أصدرت قرارها بتحديد جلسة 27 سبتمبر للنطق بالحكم.
وشهدت الجلسة التي حظيت بترقب ومتابعة من الرأي العام حضور عدد كبير من ممثلي وسائل الاعلام، وتم تجهيز القاعة فنيا بوضع 6 شاشات عرض بينهما شاشتان داخل قفص الاتهام لبث وقائع حديث مبارك، الذي تأخر في الحضور بسبب الظروف الجوية صباح أمس، وتعذر نقله.
عقدت الجلسة برئاسة المستشار محمود الرشيدي، وعضوية المستشارين اسماعيل عوض ووجدي عبد المنعم، وسكرتارية جلسة محمد السنوسي وصبحي عبد الحميد والسيد الشريف.
وقد بدأ مبارك كلمته قائلا: "بسم الله الرحمن الرحيم سيادة المستشار الجليل رئيس المحكمة تحية اجلال تعكس ما اكنه من احترام وتقدير لقضاء مصر منذ ان تحملت مسئولية الوطن، واشكر المحكمة لإتاحة الفرصة بالتحدث مدافعا عن نفسي مضيفا لما بدأه الأستاذ فريد الديب، اتحدث باقتناع ان عجلة التاريخ لا ترجع أبدا الى الوراء ولا أحد يستطيع المزايدة على التاريخ فهو يعطى كل ذى حق حقه مهما كانت محاولة الطمس والتزييف".
واكمل : "لقد تعرضت أنا وأسرتى منذ أن تركت موقعي، لحملات من التشهير والاساءة، وتعرضت لحملات مماثلة تنتقص من كل ما فعلته من انجاز، إننى امثل امام المحكمة بعد قضاء اكثر من 62 عاما في خدمة الوطن، كنت ابنا للقوات المسلحة ثم نائبا لرئيس الجمهورية، ثم رئيسا للجمهورية، خضت حروب مصر، وشاركت فى بناء القوات الجوية، وتوليت قيادتها فى حرب اكتوبر 1973، ولم أكن يوما ساعيا إلى منصب أو سلطة أو حكم، وتعلمون حضراتكم الظروف العصيبة التى تحملت فيها مسئولية الرئاسة خلفا للرئيس الذى اغتالته يد الارهاب، واجهت منذ اليوم الاول تحديات جساما ، وتصديت لمناورة إسرائيل حتى تم انسحابها فى عام 1982 من سيناء ثم طابا عام 1989، وكنت في علاقات مع اسرائيل كمن يمشى على سلك مشدود دون أن يتهاون فى السيادة الوطنية، واستعدنا اخر شبر من اراضينا المحتلة دون أى تهاون فى السيادة الوطنية وحقوق الشعب الفلسطينى، ورفضت زيارة اسرائيل طالما ظل الاحتلال وكان موقفى داعما للسلام والوحدة الفلسطينية من الضفة الغربية إلى قطاع غزة، ولم أتردد أبدا في تقديم الدعم المصرى للمحاصرين فى غزة لكنى تصديت لمحاولات الاعتداء على أمن مصر القومى ولم انجرف وراء المزايدين ولم أغامر بأرواح المصريين، وحرصت على تطوير القوات المسلحة عتادا وتدريبا وتسليحا من أجل وطن يحمى أرضه وشعبه وسيادته واستقراره".
وأضاف مبارك : "كان أمامى منذ اليوم الأول تحدٍّ خطير للإرهاب ومواجهه شرسة معه تماثل تلك التى تخوضها مصر الان، وانتصرت مصر فى حربها ضد الارهاب فى الثمانينيات، وستظل منصورة بعون الله وحكمة قياداتها، قادرة على الاستمرار فى المواجهة ، وواجهنا تحديا اخر هو اعادة بناء البنية الأساسية المتهالكة واقتصاد أنهكته الحروب، ونجحنا فى اسقاط ما يقرب من 27مليار دولار، تمثل نصف ديون مصر الاقتصادية، وانفتحنا على العالم وهيأنا المناخ الجاذب للاستثمار وفتح أبواب للعمل، وحققت الصادرات أعلى معدلات نمو فى تاريخنا، واعلى احتياطى فى النقد الاجنبى دون ان تتخلي الدولة عن دورها فى تحقيق العدالة الاجتماعية، لقد واجهنا هذه التحديات وتحققت لمصر وشعبها انجازات عديدة رغم الزيادة السكنية التى تمثل ضغطا على الموارد، ويشهد الله أننى لا أبالى تجاه محاولات البعض طمس دورى فى حرب أكتوبر، ولا أبالى بطمس اسمى ورفعه من على محاور التنمية ومؤسسات الدولة والمنشات التعليمية".
وتابع مبارك : "اقمت سياسة مصر الخارجية على الندية والتكافؤ وسعيت لخدمة أمن مصر القومى على كل أبعاده ومحاوره، ولم اكن يوما متهاونا فى الحفاظ على مصر، واستعدت مصر علاقاتها المقطوعة مع الدول العربية والأفريقية وعلاقاتها بالدول الأوروبية، ولم اقبل أبدا بأى تدخل خارجى أو أى وجود عسكرى على أرضها، أو المساس بشريان الحياة نهر النيل، ومضينا فى تحديث البنية التشريعية والدستورية، وإتاحة مساحات غير مسبوقة لحرية الإعلام والرأى والتعبير وتوسيع التجربة الديمقراطية وتعزيز مبدأ المواطنة محذرين من خلط الدين بالسياسة والرجوع للوراء على نحو يناير 2011، حيث لاحظنا المتاجرين بالدين والمتحالفين واستغلالهم التظاهرات السلمية وتحولوا بها الى أعمال عنف وقتل وترويع للشعب واقتحام السجون واحراق لأقسام الشرطة".
واكمل : "منذ الأيام الأولى لتلك الأحدا ث اتخذت إجراءات واصدرت التعليمات بنزول القوات المسلحة عصر يوم 28 يناير لحفظ الامن بعد ان عجزت الشرطة على القيام بدورها نظرا لما تعرضت له من المتآمرين، وفى اطار استجابتنا للمواطنين طرحت خططا تضمن انتقالا سلميا للسلطة فى سياق الدستور والقانون بحلول انتخابات الرئاسة سبتمبر 2011 واعلنت ذلك فى أول فبراير الا اننى لاحظت سعى من أراد الانقلاب على الدولة فى زعزعة الاستقرار والوقيعة بين الشعب وقواته المسلحة، ومع تفاقم الأحداث أصبحت متاكدا من ان الهدف منها هو اسقاط الدولة ومؤسساتها فاخترت طواعية ان اتخلى عن منصبى حقنا للدماء وحفاظا على تماسك الوطن كى لا تنزلق مصر الى منحنيات خطيرة تدفع بها للتدهور واخترت بحس وطنى خالص أن اسلم الامانة للقوات المسلحة ثقة فى قدرتها على تخطى الامور وعبور مصر وشعبها إلى بر الامان، وأقول بكل الصدق ضميرنا الوطني سيحتم علينا اعادة قراءة الاحداث منذ 2011".
واستطرد: "سيادة المستشار لم أتحدث اليوم لكى استعرض عطائى لبلادى فسيظل عطاء مصر هو الاكبر ولها الفضل علينا جميعا فهى الوطن والارض والاهل ، بل ادافع عن نفسى لمواجهة الاساءة ولا ادعى لنفسى الكمال فالكمال لله وحده وأنا بشر، أصيب واخطئ تحملت المسئولية باخلاص وامانة وشرف وبذلت قصار جهدى وسيحكم التاريخ بما لنا وما علينا، واعترف ان التوفيق لم يحالفنى فى بعض ما اتخذته من قرارات فبعضها لم يرق لتطلعات أبناء وطنى لكننى اشهد الله بان ما اتخذته من قرارات وسياسات قصدت بها صالح الشعب المصرى، واننى شديد الاعتزاز بما قدمته لبلادى وشديد الاعتزاز ببنى وطنى".
وتابع : "ان محمد حسنى مبارك الذى يمثل امامكم اليوم لم يكن ليأمر ابدا بقتل المتظاهرين واراقة دماء المصريين، وهو الذي افنى عمره فى الحفاظ على دماء المصريين و قضى حياته للحفاظ على دماء الوطن، ومنذ تخرجه في الطيران العام 1949 لم يصدر قرارا بقتل مصرى ابدا ، ولم يصدر أوامر باشاعة الفوضى وحذرت من مخاطرها ولم اعط قرارا باحداث الفراغ الامنى، فهذا لايتفق مع من قال انني اقوم بالفساد المالى فانا انسان قضى عمره فى خدمه وطنه بشرف وامانة، وكنت وسأظل حريصا على الشرف العسكرى الذى لا يخون ابدا كما اننى كابن من ابناء مصر كنت وسأظل حريصا على وطنى ومؤمنا به، واثقا فى عدالة المحكمة واتقبل حكمها بنفس مطمئنة".
وأنهى مبارك كلمته قائلا: "لعل حديثى لحضراتكم اليوم هو آخر ما اتحدث به قبل ان ينتهى العمر ويتوارى جسدى فى تراب مصر الطاهر فقد اوشك العمر على نهايته واحمد الله على ان سنوات عمرى قضيتها فى الدفاع عن مصر حربا وسلامة وبخبرة السنين اقول لكل المصريين : حافظوا على وحدة الوطن والتفوا حول قادته وانتبهوا لما يحيق به فمصر أمانة فى اعناقكم فلتحافظوا عليها .. حمى الله مصر ورعاها".
فيما أكد اللواء حبيب العادلي في ختام مرافعتة عن نفسه أن 25 يناير لم تكن ثورة شعبية ووصفها بالمؤامرة التي تعرض لها الوطن، وانها عمل اجرامي تأمري خائن رغم المحاولات لاثباتها انها على أنه ثورة، وقام بشرح ما تعرضت له مصر من مخطط واستعرض اقوال الشهود التي تؤيد حديثه مؤكدا أن الإرادة الالهية كشفت الحقائق ورفعت الظلم عنهم.
المصدر الاهرام
تعليقات
إرسال تعليق