الحب قبل المراهقة.. «افتتان»
لم أصدق كلمات ابني ذي العاشرة.. عندما أخبرني أنه يريد أن يعرفني بزميلته في المدرسة- بدا الأمر غريبا- خاصة وقد كان غير مكترث لزميلاته الصغيرات طوال السنوات السابقة لكن يبدو أن هذه المرة الأمر مختلف،
الولع الخفي
فقد بدا مرتبكا عندما بدأت أحاول استيضاح الأسباب، فاحمر وجهه بشدة وتعثر في العثور علي الكلمات المناسبة مما جعلني أحاول انقاذه بالقول بأنني أتفهم رغبته وسأنفذها في أقرب وقت.
الولع الخفي
وعندماخلوت الي نفسي, تذكرت فجأة ما حدث في طفولتنا عندما كنا نعرف الولع الخفي بين زميل وزميلة في المدرسة ولم نكد نصل الي المرحلة الثانوية حتي اكتشفنا انهما قد تمت خطبتهما ليتزوجا بعد أن انهيا المرحلة الثانوية مباشرة، والحقيقة أن الحب في السنوات التي تسبق المراهقة وحتي قبل ذلك، ليس أمرا غير معتاد كما كنا نتصور بل أن كثيرا من الشعراء والأدباء قد اشاروا الي مرورهم بهذه التجربة في طفولتهم والتي يعتبرها علماء النفس مجرد (افتتان) يكشف الادراك الطفولي للحاجة الي الآخر.
ويعرف حب الصغار او الافتتان الطفولي بأنه مشاعر قوية مؤقتة وغير مستقرة، ويصنفه بعض الاطباء النفسيين باعتباره مرضا يكشف عن حالة من الاضطراب اذا ما تكرر، بينما يعتبره آخرون تعبيرا طبيعيا عن نقص الاهتمام والرغبة في الحصول علي الحب.
تقول فاليري سايمون الاستاذ المساعد بقسم الطب النفسي لموقع سينت سينتينال – أن اجادة التعامل مع مشاعر الصغار الجديدة لزيادة مهاراتهم الحياتية وتوعيتهم بحقائق الحياة أمر هام للغاية – فالآباء الناجحون ليسوا من يقومون بمهاجمة الصغار بسبب قلة خبراتهم ونقص تقديرهم للمواقف، لكنهم من يوظفون مشاعر ورغبات الصغار لتنمية عقولهم، كأن يتحدثوا معهم عن أهمية المشاعر والفروق بين المشاعر الدائمة والموقتة ويعلمونهم، كيف يجيدون التعبير عن مشاعرهم وكيف يستخدمونها كدوافع للانجاز الايجابي فهذه المشاعر هي فرصة الابوين الرائعة لعقد الصداقة وتبادل الخبرات.
وتسرف العديد من المواقع الخاصة بالاطفال والتربية في تحذير الامهات من التعنيف أو النقد وتشير الي ضرورة الانتباه والمتابعة والتوعية غير المباشرة للصغار، وتقول كاثرين كاميرون التي تعمل في كيتشنلر كمعالجة تربوية للاطفال : إن المراقبة عن بعد واثارة رغبات الأطفال في التعبير عن مشاعرهم وتقديرها يلهمهم الشعور بالتقدير والثقة، غير أنه لا يجب علينا ملاحقة الصغار بالاهتمام أو محاصرتهم برغبتنا في المعرفة، وأفضل ما نقدمه لهم هو التحدث اليهم عن تجاربنا الخاصة، ونحن في نفس أعمارهم فهذا وحده كفيل بدفعهم للتعبير وبالشعور بالثقة.
حب الطفولة هو الأرقي
فالحب في مرحلة ما قبل المراهقة هو أقرب الي الافتتان منه الي الحب الحقيقي -حسبما يقول العلماء- ففي تلك المرحلة يبدأ الأطفال عادة بإظهار عدم اكتراثهم للنوع الاجتماعي الاخر. ويقول أحد الشعراء الانجليز ـ غير المشهورين: «آه يا حب الطفولة.. الذي لم استطع كتمانه حفظته سنوات ككأس من الذهب».
وعلي الرغم من اعتراف الكثيرين بان الحب الأول قد يأتي قبل الاحتياج الحيوي بسنوات طويلة، الا أنه بذلك يصبح الأرقي في القلوب الصغيرة والاقل عمقا .
وهنا ينصح الخبراء كل أم يصيب قلب طفلها سهم كيوبيد مبكرا: بأن تتابع تصرفات صغيرها بدقة، وأن تكرر الخروج معه وتستمع الي مشاعره جيدا دون اعتراض أو توجيه، ويقولون لها: قابلي انفعالاته بتفهم واعيدي صياغة تعبيراتك لتكون اكثر ملاءمة لواقعة في تلك الفترات من عمره، ولا تنتقدي ولا تسخري من مشاعره وراقبيه عن قرب وبدقة أكبر، حدثيه أكثر ولفترات أطول، واحترمي حبه في الصغر يحترم حبك له طول الوقت.
المصدر الاهرام
تعليقات
إرسال تعليق