إسرائيل ومصر وبالونات الاختبار


المصدر الاهرام - د. أحمد فؤاد أنور - قضايا و آراء

شهدت الأسابيع الماضية استفزازات إسرائيلية متكررة تجاه مصر فبعد سحب السفير من القاهرة، تم رصد تحول لبوصلة العلاقات أقرب للتصعيد بلغ ذروته فى تكرار صدور بيانات رسمية من مكتب مكافحة الإرهاب الإسرائيلى (التابع لرئيس الوزراء مباشرة) تتحدث عن مخاطر -من الدرجة الأولى- لوقوع عمليات خطف لإسرائيليين فى سيناء، وهو إجراء من شأنه أن يمنع نحو 10 آلاف من فلسطينيتى الـ 48 ومثلهم من اليهود من قضاءعطلات عيد الفصح اليهودى فى سيناء، لكن الأكثر استفزازا هو الحديث عن سيناء ككيان منفصل عن مصر، وهو ما يستوجب ردا.
استفزاز نيتانياهو غير المسبوق يتم التعامل معه من خلال أوراق ضغط بعيدة عن الإعلام على رأسها الإدارة الأمريكية الجديدة ، ورئيس الكونجرس اليهودى العالمى ومستشاره لشئون الشرق الأوسط، وكلاهما له تأثيره فى المشهد الأمريكى والإسرائيلي، بل الإقليمي، من خلال قدرات سياسية واقتصادية وإعلامية لا يمكن الاستهانة بها. كذا يمكن لمصر أن تحيى عبر هذه الأوراق اتصالاتها مع اليسار الرئيسى ودعم مواقفه بشكل غير مباشر فى مقابل معسكر التطرف اليمينى الذى برهن مجددا على إفلاسه وفشله وإهداره الفرص التاريخية مرارا وتكرارا.
ويمكن تفسير تصرفات نيتانياهو الاستفزازية، وعدم اكتفائه بعدم الالتزام بما تم الاتفاق عليه مع مصر بتوسعة ائتلافه الحكومى بضم اليسار الإسرائيلى - فى إطار مبادرة الرئيس فى أسيوط بشأن إمكانية رعاية مصر فرصة حقيقية لسلام عادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين - حيث قام بالعكس ووسع ائتلافه بمزيد من المتطرفين اليمينيين. وفى الوقت الذى كانت مصر تنتظر فيه مقابلاً لإشارات إيجابية متمثلة فى زيارة وزير الخارجية سامح شكرى لرام الله وتل أبيب متمثلا فى إحياء عملية التسوية السلمية، تم رصد العكس، حيث بدت حكومة نيتانياهو وكأنها تعاقب مصر على تصويتها فى مجلس الأمن لصالح إدانة الاستيطان الإسرائيلي، فضلا عن تصريحات تم نفيها لوزير إسرائيلى بلا وزارة بشأن أطماع إسرائيلية قديمة – جديدة فى سيناء، وتصريح سخيف لوزير الدفاع الإسرائيلي، يتحدث فيه عن قيام وحدات تابعة لإمارة ليختنشتاين (وهى إمارة بلا جيش فى غرب أوروبا) بضرب متطرفين فى سيناء.
وكان من المؤشرات السلبية كلام نيتانياهو حدوث مؤتمر رباعى بينه وبين الملك عبد الله والرئيس السيسى بحضور كيرى فى العقبة. لقد بات واضحا أن نيتانياهو يتصرف كغريق يؤذى حتى من قد يمنحه فرصة للنجاة، والأخطر أنه يترك قيادة إسرائيل فى يد زعيم حزب البيت اليهودى نفتالى بينت والمستوطنين الذين لا يمثلون سوى 10 بالمائة من الرأى العام الإسرائيلي، وقد تحالف فى هذا الإطار مع مرضى نفسيين، تم استبعادهم من الجيش الإسرائيلى لهذا السبب. كابوس نيتانياهو الأكبر هو لحاقه بإيهود أولمرت فى السجن لتورطه هو ومحاميه وزوجته وابنه فى ملفات فساد متعددة، حيث يرى أن الوقت مر دون أن يحصل على مقابل عدم معارضة تل أبيب للتحركات المصرية غير المتسقة مع الملاحق الأمنية لمعاهدة السلام لمواجهة الإرهاب فى سيناء.
كان نيتانياهو يعول على عوامل ضغط -اقتصادية وإقليمية وأمنية، إلا أن مصر بدأت فى تجاوزها رافضة معادلة «السلام مقابل السلام»، و«التطبيع مقابل التعاون الأمنى أو الاقتصادي»، لذا قلص مجال المناورة أمام إسرائيل عودة مصر لمكانتها الطبيعية فى قارة إفريقيا خاصة بلقاءات قمة فى وقت قصير مع دول الطوق لإثيوبيا، وبوادر تعافى الاقتصاد المصرى .
كما ضايق تل أبيب بكل تأكيد التفاهمات والتقارب والتنسيق الحالى بين القاهرة وحماس وتجاوز مرحلة الشكوك إلى حد بعيد بزيارات مع قيادات سياسية وميدانية فى يناير ومطلع فبراير 2017، سبقتها زيارة وفد إعلامى أكاديمى غزاوى للقاهرة عام 2016، فقد كان من مصلحة إسرائيل أن تظل القيادة السياسية المصرية منشغلة طوال الوقت بمشاكل داخلية، لذا يبدو مريبا الإعلان عن قيام التكفيريين التابعين لداعش باستهداف مناطق مفتوحة فى إسرائيل انطلاقا من سيناء دون وقوع خسائر، بعد سنوات من الصمت، خاصة أنه من الثابت قيام الجيش الإسرائيلى بمعالجة مصابى داعش وجبهة النصرة فى سوريا.
الثابت فى معادلة إعادة صياغة العلاقات المصرية ــ الإسرائيلية (وهو أمر فى صالح القضية الفلسطينية والملف السورى أيضا) بشكل مواكب لرحلة الرئيس للولايات المتحدة أنه يمكن لمصر استثمار غضب اليسار الإسرائيلى وقطاع عريض من الرأى العام على نيتانياهو، وأن تكشف سعيه لمكاسب ذاتية ضيقة حتى لو انفجر الموقف وتكبد المواطن الإسرائيلى خسائر بدون مبرر.
إن استثمار زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى المرتقبة لواشنطن فى بلورة صيغة تجبر الجانب الإسرائيلى على تصويب المسار قبل فوات الأوان، أمر يجب منحه أولوية قصوى ويحتاج إدارة ديناميكية وتضافر لجهود وحلول غير تقليدية ترد على بالونات الاختبار المرفوضة فى سيناء، والقدس وحل الدولتين.









اقرأ أيضاً :

=====

أشهر 14 كذبه في تاريخ البشرية

حماية سيناء

الكلية الفنية العسكرية أهم الصروح العلمية فى القوات المسلحة لدعم البحث العلمى وبناء الكوادر الهندسية

فى يـوم الشــــــهيد عبدالمنعم رياض .. قائد على خط النار

ترامب: إسرائيل بالنسبة لى مهمة جدا وسأحميها بشكل كامل


تعليقات

المشاركات الشائعة