10 سنوات على اغتيال رفيق الحريرى أسرار المواجهة بين عمرو موسى وبشار بعد تشييع الجثمان
10 سنوات مرت على جريمة اغتيال رفيق الحريري، رئيس وزراء لبنان الأسبق.. فى 14 فبراير 2005.. تلك الجريمة التى هزت لبنان والعالم، وكانت وماتزال بمثابة الزلزال الذى هز بيروت على جميع المستويات.
فى كتابه لبنان فتنة القصور للكاتب والروائى ماهر مقلد الصادر عن مركز الأهرام للنشر يكشف عن تفاصيل جديدة حول تداعيات اغتيال الحريري. ويعود بالذاكرة إلى ما قبل إغتيال الحريرى ويسلط الضوء على شخصية الحريرى ويسجل شهادة جديدة تنشر للمرة الأولى على لسان السيد عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية السابق عن علاقته برفيق الحريرى فى المقابلة التى اجراها معه فى مكتبه وفى الكتاب يقول موسى: كانت لى صلة طيبة جدا به، وكان رفيق الحريرى يقول دائما عن شخصى بأننى أمين عام لجامعة الدول العربية، من نوعية مختلفة، وأنطلق من قاعدة عربية متينة كما وصفنى بأننى عصارة الحركة السياسية والدبلوماسية المصرية، وشخصية تحترم نفسها.
ويتوقف الكتاب أمام أبرز الأحداث التى مر بها لبنان منذ 2006 وهو العام الذى شهد الحرب الإسرائيلية على لبنان وما تلاها من تطورات درامية عصفت بالإستقرار الهش فى هذا المجتمع وتسببت فى بروز حدة الإنقسامات الكبرى بين القوى السياسية والتى ظهرت بوضوح فى الصراع بين قوى 14 آزار التى تضم تيار المستقبل وحزب الكتائب والتقدمى الديمقراطى والقوات اللبنانية وبين قوى 8 آزار التى كانت تضم حزب الله وحركة أمل والتيار الوطنى الحر والحزب السورى القومى وتيار المردة.
ويقول عمرو موسى: بعد أن تلقيت نبأ رحيله كنت فى منتهى الحزن والأسى. ويعود إلى لحظة الانفجار الكبير الذى أودى بحياة الحريرى فيقول علمت بالجريمة البشعة من خلال قناة العربية الإخبارية ، وهى ربما تكون أول قناة تعلن النبأ الصادم .. وكان مقررا فى اليوم التالى للجريمة افتتاح اجتماعات المجلس الاقتصادى العربى فى دولة اليمن ..على الفور طلبت هاتفيا الدكتور أبوبكر القربى وزير خارجية اليمن، وقلت: لن أستطيع الحضور للمؤتمر بعد اغتيال الحريري، وستكون وجهة الطائرة إلى لبنان ، لكنه تمسك بحضوري، وأبلغنى أن الرئيس على عبد الله صالح يصر على ضرورة حضورى لضمان نجاح المؤتمر، ومع هذا كررت الاعتذار عن عدم الحضور، وبعد مرور دقائق تلقيت مكالمة هاتفية من الرئيس اليمنى على عبد الله صالح وقال : بطريقته المعروفة لا.. لا.. لا.. لا يجوز ويجب أن تحضر حفل افتتاح المؤتمر، كنت أعرف طريقته وبساطته فى الحديث، وشرحت له أبعاد الموقف الذى يمر به لبنان والمنطقة العربية بعد اغتيال الحريري، وقلت: هناك حدث خطير، وهو مصرع رفيق الحريرى فى لبنان وتداعياته ستكون كارثية ويوجب أن أكون فى بيروت، تقبل الوضع، وانتهت المكالمة.
ويحكى عمرو موسى أسرار المواجهة الأولى مع بشار الأسد عقب الاغتيال فيقول:سافرت إلى لبنان لحضور الجنازة، وكان ثانى مسئول عربى يصل إلى بيروت من بعدى هو الدكتور أبوبكر القربى وزير خارجية اليمن .
وأتذكر أن الأوضاع الأمنية والسياسية كانت غير مطمئنة فى لبنان، وأن نبيه برى رئيس مجلس النواب أرسل حراسة لتأمين خروجى واستقبالى فى مطار رفيق الحريري، وللأمانة كان برى فى منتهى الحزن على رحيل الحريرى .
وشاركت فى تلقى العزاء وكنت مدركا أن لبنان مقبل على فاجعة كبرى وبعد العزاء أسرعت إلى لقاء الرئيس السورى بشار الأسد وأبلغت بذلك فؤاد السنيورة . وبرى .
وفى دمشق التقيت الرئيس السورى بشار الأسد، وأطلعته بأن هناك شعورا عاما بأن سوريا لها دور فيما حدث وطالبته بسرعة سحب الجيش السوري، وكان رد الرئيس السورى قائلا: أنا الرئيس السورى الذى أأمر بتخفيض أعداد القوات السورية الموجودة فى لبنان من 60 ألف جندى إلى 35 ألفا وأكمل لا مانع من سحب الجيش مشيرا إلى أن العلاقة بين سوريا ولبنان لا يجب أن تستند إلى وجود عسكرى .وهذا ما يجب ان يكون عليه الحال .
فكررت السؤال عليه وهو هل أنت مستعد لسحب القوات السورية من لبنان ؟
فقال: نعم فقلت وهل أستطيع أن اصرح بذلك وكان الحوار فى وجود السيد فاروق الشرع وزير الخارجية السورى والسيدة بثينة شعبان مستشارة الرئيس .
وبعد انتهاء المقابلة تعمدت بعض السلطات فى سوريا منع وتأجيل بث تصريحي، كما سمعت فى الإذاعة البريطانية تكذيبا لما قلته ، وأن الرئيس السورى لم يتحدث مع عمرو موسى حول سحب الجيش السورى من لبنان .
شعرت بالغضب وأجريت اتصالا بالسيد فاروق الشرع وأخبرته بمدى الغضب . فقال ما هى طلباتك ؟ قلت له تتحدث مع السيد الرئيس بشار فى الأمر فقال: أمهلنى 10 دقائق وبعدها تلقيت اتصالا من الشرع قال فيه: أن الرئيس بشار الأسد أمر بسحب التكذيب، فشكرته .
ويشير الكتاب إلى واقعة آخرى تكشف عن حجم التناقضات فى لبنان من خلال مقابلة له مع غازى العريضى وزير الإعلام اللبنانى فى عام 2006 فيقول فى أبريل/نيسان 2006 كان غازى العريضى وزير الإعلام اللبنانى يشارك فى مؤتمر منتدى الإعلام العربى بالقاهرة فى فندق كونراد والذى تنظمه سنوياً الكويت فى عاصمة عربية، ويشرف عليه الإعلامى الكويتى ماضى الخميس يومها التقيت العريضى وأجريت معه حوارا للأهرام شن خلاله هجوماً قاسياً على الرئيس اللبنانى العماد إميل لحود.
تساءلت مع نفسى كيف يشن وزير الإعلام هجوماً حاداً على رئيس الجمهورية ويوجه إليه نقدا لاذعا ويصف رئيس الدولة بعبارات جارحة ويطالبه بالرحيل قبل أن يكمل ولايته؟
تلك هى المعادلة فى لبنان.
وزير الإعلام المسئول عن تحسين صورة الدولة والنظام فى الداخل والخارج يجد نفسه مضطراً إلى توجيه اللوم والرفض لرئيس الجمهورية.
يومها قال العريضي، وهو إعلامى شهير قبل أن يصبح وزيراً،إن هناك مشكلة فى إدارة الدولة اللبنانية، ومصالح الناس تتعطل بسبب عدم التوافق بين الحكومة والرئيس، وما يحدث فى لبنان ليس وليد اللحظة، وإنما يعود إلى شهر سبتمبر/أيلول عام2004،عندما انتهت ولاية رئيس الجمهورية إميل لحود، ولكنه لم يترك المهمة وجرى التمديد وسط معارضة كبيرة من الأحزاب اللبنانية حيث ضغطت سوريا بكل ثقلها من أجل تعديل الدستور وبقاء لحود.. وبعد أن مكثت فى لبنان سنوات، تأكدت من أن الطائفة تعلو هناك كل شيء وزعيمها فوق مكانة الرئيس وغيره .
بيار.. الملهاة المتكررة
ويسجل الكاتب فى كتابه بداية الاغتيال التى تلت إغتيال رفيق الحريرى .
ويقول فى هذا اليوم كنت مدعوا لحضورمؤتمرا صحافيا للشيخ سعد الحريرى رئيس تيار المستقبل فى قصر قريطم الشهير المؤتمر كان لتوضيح موقف الأكثرية من الأزمة فى البلاد والرد على تصريحات للسيد حسن نصر الله .. لكن المؤتمر انتهى بعد دقائق قليلة من إنطلاقه على الرغم من وصول ممثلى وكالات الأنباء والصحف والقنوات التليفزيونية.
ويقول مقلد فى هذا اليوم كنت مدعواً لتناول الغداء فى فندق الكورال بيتش، لكننى تركت الفندق قبل الموعد واتجهت بسيارتى إلى مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط فى منطقة السرولا على مشارف شارع الحمراء بوسط بيروت، حتى اصطحب معى زميلى صلاح مغاورى مدير مكتب الوكالة لحضور وقائع المؤتمر .
دخلنا قصر قريطم بعد إجراءات أمنية مشددة، وكان المؤتمر يعقد فى الطابق العلوى بالقصر بجوار المكتب الخاص للحريري، وخصصت القاعة الرئيسية بالطابق الأرضى للحاضرين من تيار المستقبل وأنصار الحريري، وهى القاعة التى تقام فيها الاجتماعات، ودعوات العشاء أو الغداء.
لم نتمكن من الصعود حيث اعتذر رجال الأمن لنا بعد أن تم إغلاق باب القاعة ولن يكون مسموحاً بالدخول أو الخروج منها طوال انعقاد المؤتمر، لضرورات التأمين وبث المؤتمر على الهواء مباشرة على جميع الفضائيات اللبنانية والعربية.
تحركت ناحية المصعد القريب بطريقة تلقائية فوجدت وزير الداخلية بالوكالة أحمد فتفت واقفاً فى ركن بجواره ويتحدث فى التليفون المحمول وهو شديد التأثر والقلق، صافحته لكنه كان فى غير حالته.
وفى اللحظة التى بدأ فيها سعد الحريرى المؤتمر وكان حشد من أنصاره يتابعه فى القاعة بالطابق الأرضى عبر الشاشات، تلقى الخبر الصادم وهو اغتيال النائب ووزير الصناعة بيار الجميل 34 عاماً.. يومها ضرب الحريرى بيده بقوة على المائدة التى أمامه مما أحدث بها شرخاً.
كان آخر ما فعله بيار هو أنه وضع إكليلاً من الزهور على ضريح الشيخ بيار الجميل جده مؤسس حزب الكتائب فى ذكرى استقلال لبنان، يومها كان يقود سيارة ماركة كيا مستأجرة وكان بيار أمين الجميل لا يقود أو يركب السيارة لأكثر من يوم أو اثنين ويستأجر غيرها بأسماء غير اسمه خوفاً من الاغتيال.
اتهم سعد الحريرى على الفور سوريا بتدبير عملية الاغتيال، وأنهى المؤتمر الذى كان يعقده.
وفور الإعلان عن عملية الاغتيال، تجمع المئات من أنصار آل الجميل، فى مظاهرة نحو قصر بعبدا الرئاسي، طالبوا فيها الرئيس إميل لحود بالاستقالة.
وأصدرت منظمة تدعى المناضلون من أجل وحدة بلاد الشام وحريتها بياناً تدعى فيه مسئوليتها عن الجريمة، وصفت فيه الوزير الراحل بأنه أحد الذين ينفثون سمومهم ضد سوريا والمقاومة.
فى حين نفى السفير السورى فى واشنطن عماد مصطفى أن تكون بلاده متورطة فى اغتيال بيير الجميل.. واتهم مصطفى أعداء دمشق بتوجيه أصابع الاتهام لها.. قائلاً إن سلسلة الاغتيالات فى لبنان تضر بسوريا.
ووسط حشود جماهيرية كثيفة وبمشاركة أحمد المغربى وزير الإسكان المصرى مندوباً عن الرئيس حسنى مبارك شيع آلاف اللبنانيين جثمان بيير الجميل.
وانتشر الآلاف من أفراد الجيش والشرطة فى العاصمة، وتوقفت مظاهر العمل بالعاصمة مع إغلاق المتاجر والمدارس والبنوك والمكاتب الحكومية للسماح للجماهير بالمشاركة فى الجنازة.
وفى أثناء تشييع الجثمان وقبله تزايدت الأجواء المعادية لسوريا حيث ردد المتظاهرون هتافات منددة بالرئيس السورى بشار الأسد والرئيس اللبنانى إميل لحود، وحسن نصر الله زعيم حزب الله كما رددوا عبارة: بيار عايش فينا.
وغاب عن الجنازة الرئيس اللبناني، وحضرها عمرو موسى ومسئولون عرب ودوليون آخرون.
واتهم الرئيس اللبنانى السابق أمين الجميل الرئيس لحود بأنه يمثل الطابور الخامس لسوريا فى لبنان، وأن رئيس التيار الوطنى الحر ميشيل عون يغطى المخطط السورى فى لبنان وقال الجميل والد وزير الصناعة الذى تم اغتياله بأن ما لديه من أدلة على أن سوريا تقف وراء الاغتيال محدود.
وقال: لا أريد أن اتهم أحداً قبل انتهاء التحقيق وحصولنا على معلومات دقيقة ومحددة،مشيراً إلى أن ما لديه هو مؤشرات محدودة جدا وأنه لا يريد أن يخوض فى تكهنات وأن عليه الانتظار إلى أن يتأكد إذ إنه من السابق لأوانه القطع بشيء.
وقال الجميل إن فى لبنان فصائل لا تدين بالولاء للبنان وإنما تخدم المصالح الاستراتيجية لبعض الدول، ومنها سوريا وإيران، وانه على الرغم من أن سوريا انسحبت عسكرياً من لبنان فى عام 2005 إلا أنها تركت طابوراً خامساً يخدم مصالحها “على حد تعبيره".
وكشف أحمد فتفت وزير الداخلية بالوكالة عن خيوط تتعلق بالجريمة، تتمثل فى اشتراك أكثر من سيارة وأكثر من شخص فى عملية الاغتيال، قائلاً:إن هدف العملية هو تعطيل موضوع المحكمة الدولية. وأشار إلى أنه كان يتوقع اغتياله هو وليس الجميل. وأبدى فتفت استغرابه من كلام مرشد الثورة الإيرانية على خامنئى من أن هزيمة أمريكا ستكون فى لبنان، قائلاً: لماذا لا تكون فى فلسطين وفى الجولان؟
وبدأت لجنة التحقيق الدولية فى اغتيال الحريرى مسح المنطقة التى تم فيها اغتيال بيير الجميل.
وتمت تغطية سيارة الجميل بغطاء أبيض ونصب فوقها خيمة أقيمت فى موقع الاغتيالوأحيطت بكتل الإسمنت وبأسلاك شائكة، وتم منع الصحفيين من الاقتراب أكثر من150 متراً من مسرح الجريمة.
بعد هذا الحادث أقام عشرة وزراء فى السراى بصفة دائمة لدواع أمنية وخوفاً من الاغتيال.
جاء رد الأكثرية على عملية الاغتيال بالدعوة إلى عقد اجتماع لمجلس الوزراء لمناقشة مشروع المحكمة الدولية وذلك بعد أن أقرها مجلس الأمن الدولي، وكان فؤاد السنيورة قد دعا إلى هذا الاجتماع عقب تشييع الجنازة، وطالب الوزراء المستقيلين بالعودة، وقرر وزير الداخلية المستقيل حسن السبع العودة إلى الحكومة لدعمها وضمان عدم سقوطها.
الوريث المهموم
وسط هذه الظروف الخطيرة والتطورات المتلاحقة التى تعصف بلبنان وتغتال رموزها وساستها بدا سعد الحريرى فى مواجهة الأنظار جميعها تركز عليه باعتباره الوريث السياسى لوالده، والذى تم تصعيده للمهمة السياسية على الرغم من أنه لم يكن أكبر أبناء الحريرى ويكبره أخوه بهاء الدين من مواليد 1966.
لكن جاء الاختيار على سعد وأصبح حاملاً هموم وتطلعات الطائفة السنية، وفى الوقت نفسه يكمل مسيرة الأب فى احتضان كل الطوائف.
ويشير الكاتب طلبت مقابلة الحريرى بعد وقوع الجريمة الإرهابية فى اتصال مع السيد معروف الداعوق الشخصية المحورية فى مكتبه ، لم يمر وقت طويل على الاتصال، واستقبلت منه اتصالاً يحدد فيه الموعد، كان فى الثانية عشرة ظهرا فى مكتب ومنزل الحريرى بقصر قريطم.
بدأت أفكر فى الأسئلة التى سوف أطرحها على الشيخ سعد الشاب الذى وضعته الأقدار فى هذا الموقع الصعب، بديلاً عن والده صاحب الكاريزما والشخصية التى تجاوزت شهرتها محيطها العربى وأصبح معروفاً فى كل دول العالم تقريباً.
الاحتياطات الأمنية حول القصر مكثفة، وتم وضع حواجز تمنع مرور السيارات قبل أن يأذن لها الحراس.
وصلت قبل الموعد وتم اصطحابى إلى الطابق العلوى حيث يوجد مكتبه.
لم أنتظر طويلاً وفى الموعد المحدد بالضبط دخلت كان يجلس معه مدير مكتبه نادر الحريري، وهو ابن السيدة بهية الحريرى شقيقة والده والإعلامى هانى حمود المستشار الإعلامى ورئيس تحرير صحيفة المستقبل الناطقة باسم تيار المستقبل.
كان الحريرى ودوداً وهادئاً ويحمل فى يديه قنينة مياه لا تفارقه فهو يتناول كميات كبيرة من المياه طوال الوقت.
كشف عن أن المعلومات المتواترة تشير إلى أنه على قائمة الاغتيال الجديدة فى لبنان اسم وليد جنبلاط وسعد الحريرى واتهم بشكل صريح وواضح النظام السورى بقتل والده.
وهاجم حزب الله وأكد أنه يتلقى الأموال والأسلحة من إيران ويأتمر بأوامرها، وأشاد بدور مصر فى دعم لبنان، وكشف عن أنه أجرى اتصالاً من داخل الطائرة بالرئيس مبارك فى الساعة الأولى لبدء العدوان الإسرائيلى على لبنان، حتى يزور مصر بعد أن تعذر هبوط طائرته فى بيروت وكان الترحيب كبيراً من مبارك.
قلت له: النظام السورى خرج وحكومة الرئيس السنيورة هى التى تسيطر على الأجهزة الأمنية ومع هذا لم يتوقف مسلسل الاغتيالات من يتحمل المسئولية؟
أجاب سوريا خرجت ولكنها لم تترك لنا جهازاً أمنياً سليماً أو قادراً على العمل بكفاءة وجهاز الأمن الداخلى كان تعداده 7 آلاف عنصر بعد انسحاب القوات السورية لخدمة كل لبنان، وثلثا العدد موجود فى المكاتب والثلث الباقى يقوم بمهام الدوريات فى كل لبنان، ولم تكن سوريا تريد أى دور للأمن اللبنانى بل كانت تسيطر هى من خلال الجيش السورى والمخابرات السورية، وكان دور قوى الأمن الداخلى والأجهزة السورية المختلفة هو تنفيذ التعليمات بالقبض على المطلوبين للنظام السوري.
قلت له: عفواً الآن عدد قوى الأمن قفز إلي22 ألفاً والأمن لبناني، ومع هذا لا تزال عمليات الاغتيال، وآخرها جريمة بيار الجميل مستمرة ، أليس هذا تقصيراً من الأمن اللبناني؟
قال: بالتأكيد يوجد تقصير أمنى لكن هناك بعض العذر لأن الأمن اللبنانى يواجه جهازاً أمنياً لدولة قائمة بذاتها ولا يواجه مجموعة قتلة أو إرهابيين.
قلت له: ما هى الدولة التى تقصدها ويواجهها النظام الأمنى اللبناني؟
قال: سوريا عندما تقرر وتضع فى رأسها اغتيال رفيق الحريرى أو بيار الجميل أو جبران توينى ماذا يفعل الأمن اللبنانى فى هذه الحالة ؟ نعم قفز عدد قوات الأمن إلي22 ألفاً ولكن هى تحتاج بكل تأكيد لبعض الوقت وللتدريب حتى تواجه مثل هذه العمليات.
الاعتصام القياسى
ويذهب ماهر مقلد فى كتابة إلى دراما الإعتصام القياسى فى وصت بيروت قيقول فى نهاية نوفمبر/ تشرين الأول 2006 نفذت المعارضة اللبنانية تهديدها بالاعتصام وسط العاصمة بيروت بعد مطالبة حسن نصر الله جميع اللبنانيين بالمشاركة بكثافة فى هذا الاعتصام لإسقاط الحكومة التى وصفها بالعجز والفشل.
بعد دعوة نصر الله للتظاهر زحف مئات الآلاف من اللبنانيين إلى ساحة رياض الصلح بوسط بيروت، مطالبين برحيل حكومة السنيورة، ومؤكدين استمرار المظاهرات والاعتصامات حتى تستقيل، بينما انطلق أنصار تيار المستقبل ـ الذى يتزعم الأغلبية النيابيةـ فى مسيرات بشوارع بيروت تأييدا للسنيورة، الذى تحدى المعارضة، وأعلن تمسك الحكومة بموقعها الشرعي.
يومها كانت النية لاقتحام السراى أو على الأقل سد جميع منافذه بالخيام التى نصبت، لكن اتصالات عليا جرت مع الرئيس المصرى حسنى مبارك من ناحية ومع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز منعت اقتحام السراي.
فقد أجرى السفير المصرى فى لبنان اتصالاً مع نبيه برى رئيس مجلس النواب لإبلاغ حزب الله أن السراى الحكومى خط أحمر، وكذلك شخص رئيس الحكومة.. ونجحت مساعى برى وتم فتح الطريق أمام مدخل السراى ورفع الخيام بعيداً.
وتبادلت القيادات السياسية اللبنانية الاتهامات والتهديدات، حيث دعا العماد ميشال عون زعيم التيار الوطنى الحر المعارض، السنيورة إلى الاستقالة فوراً، مشيراً ـ أمام حشود المتظاهرين ـ إلى أن هذه الاستقالة هى المخرج الوحيد للأزمة.
ووصف وليد جنبلاط مظاهرات المعارضة بأنها محاولة انقلاب لاستعادة الوصاية السورية مجدداً، مؤكدا أن حل الأزمة لا يكون إلا بالحوار.
وقال ـ فى مؤتمر صحفي: سنصمد ونلتزم منازلنا ونعلق الأعلام اللبنانية على الشرفات، مشيراً إلى أنه يمثل تياراً لبنانياً فى مواجهة تيار يريد عودة نظام الوصاية وربط لبنان بالحلف السورى الإيراني.
وقد حشد الجيش اللبنانى نحو20 ألف جندى مدججين بالسلاح، بالإضافة إلى عشرات من ناقلات الجند المدرعة فى بيروت، وذلك لمنع أى احتكاك بين أنصار الحكومة والمعارضة.
وانتشر فى وسط بيروت آلاف من عناصر حزب الله الذين يشرفون على تنظيم الحركة الاحتجاجية وقد ارتدوا فوق رؤوسهم قبعات رمادية وعلى صدورهم عبارة انضباط.وعكفت عناصر الانضباط على نصب خيم بيضاء فى وسط بيروت لإقامة المشاركين فى الاعتصام المفتوح.
وكتبت جريدة المستقبل المملوكة للحريرى فى عناوين صفحتها الأولي: محاولة الانقلاب السياسى بدأت، فى حين كتبت صحيفة الديار المعارضة فى عناوين صفحتها الأولي:دقت ساعة الحقيقة ولبنان السيد الحر سيولد. وأعلنت واشنطن تأييدها للسنيورة، وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية توم ك إليسي: إن المظاهرات هدفها الإطاحة بحكومة ديمقراطية، تم انتخابها بطريقة ديمقراطية.
وقد أكدت مارجريت بيكيت وزيرة الخارجية البريطانية دعم بلادها للحكومة اللبنانية.
وفى الكتاب يكشف عن أن الإعتصام الذى إستمر 18 شهرا لم ينته إلا بعد أن سالت الدماء وعقد مؤتمر الدوحة وبه حصلت المعارضة على ما تطالب به وهو الثلث الضامن فى الحكومة وإستخدمته مع حكومة الحريرى حيث استقال 10 وزراء وسقطت الحكومة
الكتاب يركز على ان مشكلة المعارضة كانت فى مشروع المحكمة الدولية وفيتسمية الرئيس فى ذلك الوقت وكل الخلافات تصاعدت بسبب هذه النقاط .
الكتاب يقع فى 292 صفحة ويضم 7 فصول وهو فى 7 فصول ويتناول الأحداث فى لبنان حتى حكومة الرئيس تمام سلام وما الذى جرى فى الإعتصام القياسى بوسط بيروت وملابسات هذا الإعتصام وقصة استمرارفؤاد السنيورة فى رئيسا للوزراء على الرغم من اعلان السيد حسن نصر الله رفضه استمراره والتهديد بحرب أهلية وكيف جاء سعد الحريرى رئيسا للوزراء ؟ وقصة الحرب الأهلية فى شوارع بيروت عام 2008 .ومؤتمر الدوحة وانتخاب الرئيس ميشال سليمان رئيسا للجمهورية.
فى الكتاب مقابلات مع كافة القيادات اللبنانية وحوار كان ممنوعا من النشر مع النائب وليد جنبلاط كما يتعرض الكتاب لقصة عار الشاى الشهيرة وهى تقديم جنود لبنانيين الشاى للجنود الإسرائيليين فى ثكنة مرجعيون على الشريط الحدودى والإتهامات التى طالت وزير الداخلية بالوكالة أحمد فتفت.
المصدر الاهرام
تعليقات
إرسال تعليق