مارس.. شهر أعياد المرأة
يشكل اليوم العالمي للمرأة الذي يحتفل به في الثامن من مارس من كل عام فرصة متجددة تتيح لنا ان نتوقف كل عام فى تحية و إعزاز لبلادنا ولنراجع ما قدمته المرأة التى تمثل نصف المجتمع من أجل تطوير و تقدم بلدانها.
ولإدانة العنف الذي يمارس ضدها واستمرار عدم التكافؤ وطغيان صفة الذكورية في أغلب مجتمعات دول العالم الثالث وخاصة المجتمعات العربية.
وقد تتساءل بنات هذا الجيل.. ما سر اختيار هذا اليوم تحديداً 8 مارس الذى تحتفل فيه نساء العالم بيوم المرأة العالمى من كل عام؟! والقصة تعود إلى أنه فى مثل هذا اليوم من عام 1908 خرجت أول ثورة نسائية من عاملات أحد مصانع النسيج بالولايات المتحدة الأمريكية يطالبن بتحسين أجورهن وتوفير الرعاية الصحية وتخفيض ساعات العمل وحقهن فى الإجازات وبعض الراحة من أجل رعاية الصغار.. فقد كن يعملن فى ظروف بالغة القسوة وبرواتب منخفضة مقارنة بزملائهن من الرجال.. ولكن يغضب صاحب المصنع ويقرر تأديبهن، فيغلق أبواب المصنع عليهن ويغادر عائداً لبيته ومعه المفتاح حتى يسكتهن البرد والجوع عن مطالبهن، ولكن يشاء القدر أن يشب حريق كبير بالمصنع فلا يستطعن الهروب من الأبواب الموصدة ويذهبن جميعاً ضحايا هذه المأساة البشعة من أجل حقوقهن الإنسانية، وما أن تعلم العاملات خارج ولاية شيكاغو بالولايات المتحدة بقصة المصنع المحترق بالعاملات حتى تقوم المظاهرات فى كل أنحاء الولايات لرفع هذا الظلم البين والمساواة فى الحقوق ليزداد عدد الضحايا تحت رصاص وعنف رجال البوليس ليتجاوز الضحايا مائتى عاملة.
وبعد عامين.. وفى أول مؤتمر نسائى عالمى أقيم فى كوبنهاجن من عام 1910 تقرر بالإجماع إعلان يوم 8 مارس يوماً عالمياً للمرأة تخليداً لذكرى من ضحين من أجل حقوقهن، وليصبح رمزاً لتضامن ونضال نساء العالم من أجل حقوق المرأة، وفى عام 1961 كان ميثاق 31 مارس الذى أقر بمساواة المرأة بالرجل وإتاحة الفرص لها لتقوم بدورها فى الحياة. وذلك مع إعلان وثيقة عدم التمييز والمساواة بين المرأة والرجل فى كل الحقوق.
وفى عام 1972 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها باعتبار عام 1975 عامأ عالميا للمرآة و بداية للعقد العالمى للمرآة الذى أمتد إلى يوليو 1985 و عقد به مؤتمر العالمى للمرأة فى نيروبى بكينيا والذى شاركت فيه مصر بوفد كبير وكان الانطلاقة الحقيقية لعصر المرأة لنيل حقوقها ومكانتها المتميزة فى المجتمع.
عيد المرأة المصرية
أما يوم 16 مارس فأعتبر يوماً للمرأة المصرية .. انطلاقاً من مشاركتها السياسية من أجل استقلال بلادها والمطالبة بجلاء الاحتلال الإنجليزى فى ثورة 1919م فى حركة وطنية شاركت فيها النساء مع الرجال وتوحد خلالها كل أطياف الشعب، الهلال مع الصليب فى ثورة شعب، ليسقط الشهداء أمام رصاص الإنجليز، وتختلط دماء النساء والرجال من أبناء مصر ولينطلق بعدها وفد مصر لأول مرة من النساء للمشاركة فى مؤتمر المرأة العالمى بروما لاتحادات نساء العالم .. وضم هذا الوفد رائدة المرأة المصرية هدى شعرواى وثلاث سيدات هن نبوية موسى، ومنيرة ثابت، وسيزا نبراوى ليعلن عن حق بلادهن فى الاستقلال والحرية وأعلن أنها مطالب الشعب المصرى بأكمله .. وليست مجرد مظاهرات .. وعندما رفعن علم مصر وقد رسمن بمركزه تعانق الهلال مع الصليب فى رد بليغ على مزاعم الاحتلال الإنجليزى بوجود فتنة طائفية استطاع الوفد النسائى المصرى الذى يضم أيضاً المسلمات والمسيحيات أن يرد على هذه المزاعم .. ونجح رغم صغر عدد عضواته عن باقى الوفود أن يقنع الجميع بقوة حججه وحق بلادهن أمام العالم .. فأعلن عن أن يتصدر الوفد والعلم المصرى صدارة منصة المؤتمر، وأعلن عن انضمامه رسمياً الى الإتحاد النسائى العالمى ليصبح هذا الوفد ميلاداً للاتحاد النسائى المصرى.
المساواة فى العمل
وليعود الوفد النسائى مطالباً بحق المرأة المصرية فى المساواة فى التعليم الثانوى والجامعى، والمساواة فى العمل مع الرجال، ورفعن المطالب لرئيس الوزراء ووزير التعليم لتخوض المرأة المصرية المعارك الطويلة من أجل حقوقها ونجاحاتها، وهى حقوق نالتها فى عصر أجدادها الفراعنة حيث كانت ملكة متوجة على حكم شعبها ومشاركة من قبل لزوجها الملك أيضاً، أو قاضية وعالمة وكاهنة وطبيبة، وكلها أمور تشهد بها آثارنا إلى الآن.. وحقوق أقرها لها الخالق سبحانه وتعالى وأكد عليها دائماً بعد أن خلق أمنا حواء من ضلع آدم القريب من قلبه، لتكون له الشريك فى الحياة ويكون لها المحب والمساند ومعاً كلفهما بإعمار الأرض والدنيا .. لا فرق بين ذكر وأنثى إلا بالتقوى وهو مبدأ المساواة الذى أقره المولى عز وجل من فوق سبع سماوات.
ويبقى السؤال.. هل تستطيع المرأة حالياً، وبإرادتها القوية مع مساندة المستنيرين من رجالنا القيام بدورها الحقيقى الذى تتمناه والذى يؤكد عليه حقها فى المواطنة من الوصول لمقاعد البرلمان فى انتخاباته المقبلة بشكل يليق بها وبما وصلت إليه من نجاحات فى مواقع قيادية متعددة؟.
المصدر الاهرام
تعليقات
إرسال تعليق