الأبنودي .. رحل الجسم وبقى الأسم

أول مايجيك الموت.. افتح.....
أول ماينادى عليك.. اجلح.
إنت الكسبان.... إوعى تحسبها حساب.!!
بلا واد.. بلا بت... ده زمن يوم مايصدق.. كداب.!!
سيبها لهم بالحال والمال وانفد... إوعى تبص وراك....
هكذا تحدث الشاعر الكبيرعبد الرحمن الأبنودى عن الموت فى إحدى قصائده، ربما صراعه الطويل مع المرض جعله لا يأبه بالحياة ولا يخشى الموت.
12 إبريل هو يوم ذكرى رحيل الشاعر صلاح جاهين و كذلك ذكرى المطرب سيد مكاوى، واليوم يصبح ذكرى لرحيل الخال،لذا سيظل هذا اليوم محفورًا فى ذاكرة المصريين.
فبرحيل الأبنودى تنتهى حقبة من أزهى فترات شعر العامية فى مصر و العالم العربى، تلك الفترة التى أثراها شعراء كبارمثل أحمد فؤاد نجم و صلاح جاهين و فؤاد حداد.
يقول الكاتب الكبيرنعيم صبرى بعد سماعه خبر وفاة الأبنودى مباشرة : لا أحد يستطيع أن يتحدث وقت الأزمة، فالحزن يلفنا جميعًا، لكن لا أحد يختلف على عظمة الأبنودى الشعرية، فهو من أعظم من كتب بالعامية، و أنا لا أفرق فى الموهبة بين شعراء الفصحة و شعراء العامية، لقد استطاع الأبنودى هو وأحمد فؤاد نجم و صلاح جاهين و فؤاد حداد أن يكونوا مدرسة تاريخية ستظل رائدة الشعر العامى على مدى قرون من الزمان، و نحن الأن لا نخسره وحدنا بل يخسره العالم العربى أجمع، و مهما تحدثنا فلن نضيف للأبنودى لأنه هو من أضاف لنا، وهو من فتح قنوات شعرية ستظل تجرى لقرون على نهر النيل و لم تكن قد أخذت حقها قبله.
حقولها بالمكشوف
خايف أموت من غير ما أشوف
تغير الظروف
تغير الوشوش
وتغير الصنوف
والمحدوفين ورا
متبسمين فى أول الصفوف
خايف أموت وتموت معايا الفكرة
لا ينتصر كل اللى حبيته
ولا يتهزم كل اللى كنت أكره
اتخيلوا الحسرة
كانت هذه هى أمنيات شاعرنا الكبير قبل رحيله فهل تحققت ؟
أما الشاعر السيد الخميسى فيقول: الشاعر عبد الرحمن الأبنودى ركن ركين لشعر العامية فى جيله.. بعد فؤاد حداد الرائد العظيم الذى أسس لقصيدة العامية ونقلها من الزجل إلى القصيدة.. ظهرت أسماء واكبت ثورة اجتماعية وسياسية واقتصادية غيرت الحياة المصرية ومنها الشعر.. الأبنودى وصلاح جاهين وسيد حجاب وأحمد فؤاد نجم هم أعمدة الثورة الشعرية «العامية» فى هذا الجيل.. وكل واحد منهم له شخصيته الخاصة وأسلوبه الخاص فى تطوير القصيدة المصرية، ربما كان الأبنودى أكثرهم شهرة لغزارة إنتاجه وتنوعه، فقد كتب القصيدة الشعرية العامية وله فيها دواويين تثبت موهبته وتفرده فى هذا الاتجاه.. كما تميز من بين أقرانه بحسه الشعبى الغنائى المتطور.. بالتأكيد هو وصلاح جاهين أكبر المجددين فى الأغنية المصرية مع احتفاظ كل منهم بطريقته وأسلوبه التجديدى.. يتميز الأبنودى عن الجميع بحسه الشعبى.. كما أنه قد حقق السيرة الهلالية وهذا إنجاز ضخم وحده يكفيه فى وضع اسمه فى سجل الخالدين.. قد نختلف مع بعض مواقف الأبنودى السياسية الأخيرة.. ولكننا بالتأكيد لا نستطيع أن ننكر أنه طاقة شعرية هائلة ومتنوعة أثرت قصيدة العامية المصرية وأثرت فى الأجيال التى تلته.. معظم شعراء العامية الحاليين خرجوا من معطف الأبنودى حتى ولو أنكروا.. رحم الله عبد الرحمن الأبنودى الشاعر المصرى الكبير.
الشاعر أشرف البولاقى يقول : كاد أن يكون الأبنودى بتجربته ومنجزه فى شعر العامية هو النموذج والمثال فى تحدى المؤسسة للرسمية الخاصة بذائقة الشعر.. وليس بالطبع المؤسسة الرسمية النظامية والتى كانت علاقته بها طيبة، وجزء كبير من تقديرنا لتجربة الأبنودى يعود لتلك العلاقة التى ربطت بين المتلقى المصرى والعربى بالشعر، فهو واحد من الكبار الحقيقيين وربما الأساطير فى الشعر ليس فى مصر وحدها لكن فى الوطن العربى كله،، ويكاد يكون الشاعر الوحيد الذى التفت حوله دوائر الفصحى وللعامية معا،ورغم كل ما تمتع به الأبنودى رحمه الله من شاعرية إلا أنه يؤخذ عليه أنه آثر ألا يتحول إلى رمز بالمعنى الثقافى والإنسانى بسبب ارتباطه،ورغم أى تحفظات على تلك المواقف او الممارسات الا أنه رحمه الله كان تجربة شعرية كبيرة.
يقول الدكتور محمود الزكى أستاذ الأدب الأندلسى: بدءًا رحل الأبنودى ولكن ستحيا كلماته خالدة عبر الزمان، عبد الرحمن الأبنودى الذى تشكلت شخصيته من أرض هذا الوطن من أعماق ريفه وبساطة أهل القرية ، فلم تغير فيه المدينة ولم تنل منه المظاهر أو الأضواء فجاء شعره لوحة رائعة ارتسمت فيها القرية المصرية بعفويتها وتعبيرات أهلها النابعة من قلب صادق ومشاعر بديهية نقلها لنا الأبنودى فى شعره الغنائى سواء العاطفى منه أو الوطني، ومن ينسى كيف أرخ الأبنودى لزمن النكسة وأكتوبر بأغنياته الجميلة عدى النهار وصباح الخير يا سينا، كان الأبنودى بحق نبتة جميلة غرثها الخالق فى أرض هذا الوطن، فجمع الناس حوله يرددون وهيبة وعدوية وأحضان الحبايب وعيون القلب ومن ينسى حكايات الحب الرائعة التى نسجتها رسائله ما بين فاطمة وحراجى رحلت إلى العالم الآخر يا أبنودى لكنك ستحيا بيننا مع كل كلمة خطها قلمك ورسمتها مخيلتك ستظل قابعًا فى قلوب أهل القرى والمدن رحمة الله عليك وأسكنك فسيح جناتك.
الكاتب و الشاعر حمدى البطران يقول: رحم الله الأبنودى, عاش الأبنودى حياته شاعرا, وأخلص للشعر، ومؤلفا للأغانى التى غناها له كبار مطربى مصر، ومطرباتها فى الأجيال السابقة مثل عبد الحليم حافظ ونجاة الصغيرة وغيرهما من المطربين والمطربات المصريين وبعض هذه الأغنيات صارت علامات بارزة فى الأغنية الوطنية والشعبية فى مصر.
ويحمد له أنه استطاع جمع السيرة الهلالية فى كتاب وجمعها فى تراث مسموع فى الإذاعة، ومثلما أعطى الشعر فأعطاه الشعر الكثير من خيراته وعاش حياته فى رغد جراء ما جلبه له الشعر من جوائز، وأصبح بفضله شخصية مرموقة يشار لها بالبنان، وذاق السجن السياسى أيام عبد الناصر، ولكنه ظل يتغنى به، وعاش وفيًا لعبدالناصر. وهى الفترة التى كتبت عنها زوجته السابقة كتابا بعنوان أيام لم تكن معه، صادق الأبنودى عمالقة الأدب فى مصر، وكانوا رفاقه، ومنهم الراحل يحيى الطاهر عبد الله، وجمال الغيطانى، مكررة ومعادة، و ألف اغانى مقدمات لمسلسلات الدرامية التى اصبحت علامات فى الإنتاج الدرامى. رحم الله الأبنودى.
اوعى تصدقها الدنيا..
غش ف غش..!!
إذا جاك الموت يا وليدي
موت على طول..
اللى اتخطفوا فضلوا أحباب
صاحيين فى القلب
كأن ماحدش غاب..
واللى ماتوا حتة حتة
ونشفوا وهم حيين..
حتى سلامو عليكم مش بتعدي
من بره الأعتاب
أول مايجيك الموت.. افتح..
أو ماينادى عليك.. إجلح..
إنت الكسبان..
اوعى تحسبلها حساب..!!
بلا واد.. بلا بت..
ده زمن يوم مايصدق.. كداب..!!
سيبها لهم بالحال والمال وانفد
اوعى تبص وراك..
الورث تراب
وحيطان الأيام طين
وعيالك بيك مش بيك عايشين..!!
يو.....ه يا زمان..
مشوار طولان
من قصيدة يامنه للراحل الكبير الخال الأبنودى.





المصدر الوفد

تعليقات

المشاركات الشائعة