اللعب فى الدماغ .. أنفاسك و«لايكاتك وبلوكاتك»


المصدر اليوم السابع - أكرم القصاص - مقالات


يقابل المذيع فى الشارع مواطنا، ويخبره عن شخصيته ومزاجه وأقاربه وأبنائه وأعمامه وخالاته، وماذا أكل أو شرب، ويندهش المواطن، ويتصور نفسه أمام كاميرا خفيه، والواقع أن هناك مساعدا يملى المذيع فى سماعة الأذن «إير بيس» وهو يفتح صفحة فيس بوك الخاص به، البرنامج ليس كاميرا خفية، لكنه يعالج ظاهرة موجودة، أن الشخص ينشر كل معلوماته، وبالطبع أقاربه معه على الشبكة، ويمكن ببعض البرامج أو حتى المتابعة العادية، أن يحصل من يريد على كل المعلومات المتعلقة بالمواطن، وهذه الجهة يمكن أن تكون شركات تسويق وإعلانات أو جهاز معلومات داخلى أو خارجى.   البعض يفرط فى التعبير عن مكنوناته وأحاسيسه، وحاجاته وغضبه وفرحه فضلا عن صور واحتفالات و«لايكات»، وهو لا يعلم أن هناك من يعد عليه «لايكاته وبلوكاته»، وماذا يحب وماذا يكره، وعلى أى شىء يتفرج أو يحزن مجاملات الأقارب وأسرته على صفحته. وآخر فرح حضره وآخر مباراة تفرج عليها وكيف علق وما هو انتماؤه، أهلاوى زملكاوى.. الأمر لا يعدو أن يكون الشخص نفسه متبرعا بكل تفاصيل حياته، ومزاجه وهواياته، وطالما أنت متصل بالموبايل الذكى وبالإنترنت وبالعالم، فأنت تستخدم معلومات مجانية، وغيرك أيضا، وبالتالى فإن ما تتيحه على الشبكة يمثل معلومات يمكن توظيفها، المحلات والشركات تحصل على هذه المعلومات شراء أو رضاء، وتحللها وتستعملها.   فى كتاب «تحول السلطة» لألفين توفلر وقبله «الموجة الثالثة وصدمة المستقبل»، هناك وصف كامل لشكل العالم بهذه الطريقة.. ربما لا يدرك كثيرون أن «الباركود» بخطوطه السوداء فى أغلفة البضائع، وفيها السعر والمواصفات، تقدم لشركات التسويق والمنتجين عبر العالم، معلومات كاملة عن حركة السلعة بيعا وشراء، الشركات تحلل هذه البيانات لتعرف حجم استهلاك كل حى أو قرية، والفرق بين مطالب الأحياء الشعبية والوسطى والأكثر ثراء، من حيث نوعية المنظفات والأطعمة.  وبالمناسبة حتى الفقراء زبائن محتملين ، هناك من يفكر فى جمع قروشهم القليلة التى تمثل مع غيرها ثروات للمسوقين. فالمسليات والمنظفات الأرخص والزيوت والسمن والعبوات الصغيرة، وعروض التوفير وغيرها، تمثل أدوات تسويق، الشاهد أن كل شخص يعبر من حيث يقصد أو لا يقصد عن حالته المادية، والمزاجية، ومتطلباته، وتركيبته، وما يعجبه أو لا يعجبه، وهذا كله يوضع فى برامج و «خوارزميات» تعيد تحليله وتبنى من خلاله تصورات عن طريقة تفكير المواطن «العوالمى»، لتجعله زبونا مثاليا قابلا ومستعدا لاستهلاك السلع والبضائع، والأفكار. 






اقرأ أيضاً :

حرمان الأطفال من النوم يضر بعقولهم 

تعليقات

المشاركات الشائعة