فاروق جويدة: ثلاثية الأحزان في مصر
بين المصريين والحرب الأهلية خطوات قليلة للغاية وان اعتبر البعض احداث الأيام الماضية مقدمة كافية لهذه الحرب.. يعلم الله ان كثيرا من العقلاء في هذا الوطن حذروا من هذه الكارثة وكانوا يصرخون ان مصر تقف على حافة الكارثة وان المستنقع السياسي يوشك ان يتحول الى طوفان من العنف والكراهية.
رغم كل مظاهر التخلف التي كانت بيننا تعليما وثقافة وفقرا إلا ان الحب والتراحم كان من اهم ثوابت الشخصية المصرية ولم يغير الاستبداد رغم بشاعته هذه الثوابت ولم يستطع الفقر رغم سطوته ان يدمر اجمل الأشياء فينا وهو التراحم.. كان التعليم سطحيا ولكنه انجب نخبة طيبة من الأجيال الجديدة الى حد ما.. وكانت السياسة فاسدة ولكنها لم تهبط بنا الى مستنقعات العنف والقتل والجرائم.. وحين مرت امامي مواكب شهداء الشرطة والجيش وشبابنا الواعد قلت اي لعنة حلت بهذا الوطن حتى نرى كل هذه الدماء واي عقل غاب عنا حتى نسقط جميعا في هذا الواقع الكئيب, والغريب في الأمر ان هذا المسلسل بدأ يتصاعد امام اعيننا وكان منا من حذر من خطورة اللحظة وحجم الكارثة..
كانت نقطة البداية هي تقسيم المصريين بعد ثورة يناير وبدأ التقسيم في ميدان التحرير بين الثوار انفسهم وكان ذلك واضحا بعد ان رحل الشرفاء منهم الى خالقهم وانقسم المغامرون على موائد الغنائم..
وللانصاف فإن احداث الثورة ورموزها والمشاركين فيها من الشرفاء والأدعياء بقيت حتى الآن سرا غامضا في كل احداثها حتى جاء الآن من يشكك في دوافعها ورموزها والأيدي التي عبثت فيها.. اما انها لحظة من لحظات الشرف الإنساني فهذه حقيقة لا ينبغي ان نختلف عليها ولكن التوابع كانت كثيرة ومريرة وخلفها آلاف الأسئلة.
كان من الممكن ان يبقي انقسام الثوار حالة فكرية طارئة ولكنه تحول الى خلاف سياسي حاد وكانت الاستفتاءات اول مراحل التقسيم حين ظهرت العلامات الخضراء والسوداء بين الكفر والإيمان ودولة مصر ودولة الإسلام وكأن مصر خرجت عن إسلامها.
حين وصل الإخوان المسلمون الى السلطة لعبوا كثيرا على هذا الوتر وهو تقسيم مصر وكان ظنهم ان ذلك هو الطريق الأسرع نحو السيطرة على مقدرات الدولة ومؤسساتها.. ولأن الإخوان فصيل عاش دائما في السراديب المظلمة حياة وفكرا عادوا الى اساليب الجماعة واخذوا مكانا قصيا في المجتمع وظنوا انهم قادرون على حكم مصر بالفصائل والتنظيمات وليس دولة المؤسسات..
وحاول رئيس الدولة ان يطبق هذا الأسلوب فجمع حوله من يتناسب مع فكره وخلفياته وبدأت رحلة انسحاب الإخوان من الشارع الى كراسي السلطة ولم يكن غريبا ان يغرقهم المستنقع السياسي ومشروع التقسيم حتى وجدوا انفسهم خارج المجتمع تماما..
لو كنت مكان الإخوان المسلمون لرجعت الى الشارع مرة اخرى وانا اشاهد موجات الفشل وهي تطاردني وبحثت عن بديل سريع للرئيس المعزول مرسي حتى لا تغرق الجماعة ومعها رئيسها وبدلا من ان تسعى الجماعة الى إصلاح شأنها من الداخل لتعيد جسورها مع الشعب لجأت الى اساليب التحايل والعناد في رفض التغيير بكل صوره واشكاله وهنا انتقل المصريون الى مرحلة اخرى غير التقسيم وهي الكراهية.
كان شيئا غريبا ان يكره المصريون الإخوان بهذه الصورة وهذه الدرجة خلال عام واحد.. ان هذا التحول في مشاعر الشارع المصري تجاه الإخوان يحتاج الى دراسات نفسية واجتماعية عن العلاقة بين اساليب العمل السياسي والتحولات الإجتماعية العميقة في حياة الإنسان.. ان هذه الصورة يعكسها ميدان التحرير والرئيس المعزول يؤدي اليمين امام الشعب يوم 30 يونيه 2012 ونفس هذا الشعب يخرج بالملايين يطالب بعزله يوم 30 يونيه 2013 انه الفشل وعدم التواصل والعناد.. سوف يحتاج المصريون زمنا طويلا حتى ينزعوا اشجار الكراهية التي نبتت على ارض الكنانة ليعودوا مرة اخرى شعبا واحدا لا يفرقه دين او انتقام او مصالح. كان الانقسام بداية المأساة وكانت الكراهية ثمارها المرة وامام منظومة الأمية والفقر والجهل كان مسلسل العنف الذي تجاوز كل الحسابات والثوابت والعلاقات الإنسانية التي عاش عليها المصريون آلاف السنين.. اعرف اصدقاء قطعوا علاقاتهم امام حالة الانقسام في الشارع اعرف ازواجا انفصلوا وبيوتا تشردت وابناء تركوا آباءهم وازواج طلقوا نسائهم وكل ذلك بسبب الخلافات السياسية وكارثة التقسيم التي صاغها الإخوان ببراعة.
حين حقق الانقسام اهدافه وتسللت مواكب الكراهية الى ابناء الأسرة الواحدة كان العنف هو السرداب المظلم الطويل الذي اندفع فيه المصريون بحماقة غريبة..
لم نكن نعلم الكثير عن خبايا الإخوان المسلمون وكانوا ينفون دائما حكاية الميليشيات المسلحة وكنا نراهم في زمان مضى اصحاب دعوة دينية رفيعة تسعى الى الله إلا ان كواليس السياسة فضحت الجميع واتضح اننا امام تنظيم سياسي ابعد ما يكون عن سماحة الدين.. كان من الممكن ان تهدأ الأحوال في اعتصام رابعة العدوية والنهضة وان يدخل الإخوان في دائرة جديدة من العمل السياسي وقد استفادوا من تجربتهم الفاشلة في الحكم.. وكان من الممكن ان ينزل رموز الإخوان الى الشارع مرة اخرى يصلحون ما فسد بينهم وبين الناس إلا ان الصقور في جماعة الإخوان اعلنت الحرب على الدولة خاصة بعد ان اتضح ان المواجهة لم تعد مقصورة على الوادي فقط ولكنها اجتاحت ربوع سيناء.. وهنا بدأ مسلسل الدم الذي وصل بنا الى ما نحن فيه الآن..
في تقديري ان ما حدث كان استباقا لكارثة اكبر وان تدخل الجيش وجهاز الشرطة والحكومة الإنتقالية حافظ على كيان الدولة المصرية التي كانت بالفعل مهددة في كل شيء امام مشروع تخريب غامض ومريب..
لا بد ان نعترف ان هيبة الدولة المصرية قد تراجعت بشدة بعد ثورة يناير وانها اصبحت مطمعا لأطراف كثيرة داخلية وخارجية واننا وجدنا انفسنا امام مؤامرة تستهدف الكيان المصري كله وما يحدث الأن من الشواهد يؤكد ذلك كله.. ان استعادة هيبة الدولة كان اهم منجزات الفترة الأخيرة حتى وان استخدمت القوة لأننا امام مؤامرة وعدو لم نعرف بعد كل اطرافه وهنا يصبح الدفاع حقا مشروعا امام عدو غامض..
كان من الممكن ان يخسر الإخوان المسلمون كرسي الرئاسة وتبقى الجماعة..
وكان من الممكن ان يكون العمل السياسي بديلا للعنف..
وكان من الممكن ان يختفي صقور الجماعة قليلا لاستيعاب الدرس وفهم التجربة واستعادة القدرات إلا ان الإخوان وصلت بهم درجة العناد والغرور انهم تصوروا انهم في حرب مع الدولة, بل انهم حاولوا استدعاء القوى الخارجية للتدخل في مصر لدعم دولة الإخوان وتدمير دولة مصر وهذه قضية لا بد ان يكون لها حساب حتى وان كان مؤجلا.. ان اصرار الإخوان على التضحية بكل شئ كان درسا في الفكر السياسي الساذج..
في تقديري الآن ان الموقف يحتاج الى وقفة عاقلة خاصة ان الصعب فيه قد انتهى واننا امام بناء دولة جديدة تملك قدرات ورؤى وثوابت الدولة الحقيقية.. وهنا اضع بعض الملاحظات..
< لا تراجع امام هيبة الدولة وهي مسئولية مشتركة بين الجيش وقوات الأمن والحكومة بكل مؤسساتها.. ان حالة الانفلات التي عاشتها مصر منذ ثورة يناير كانت السبب في كل ما حدث بعد ذلك من تداعيات ابتداء بالانقسام وانتهاء بالعنف.
< لا بد ان يعاد النظر في خريطة مصر السياسية بالكامل احزابا وافكارا ولن يكون ذلك بالدستور وحده ولكن الواقع السياسي والثقافي والإنساني في مصر يحتاج الى مراجعة شاملة في التعليم والثقافة والإعلام والبعد الاجتماعي للشخصية المصرية وما تعرض له من الكوارث والأزمات.
< سوف تترك بحار الدم التي سالت جراحا عميقة في النفوس ولا بد من علاجها بقدر من الرحمة والحكمة خاصة ان اعدادا كبيرة من الشباب راحوا ضحية الصراع السياسي البغيض وانا هنا اعول كثيرا على الجيش المصري ان يمد يده الى الأسر المصرية كل الأسر المصرية دون تفرقة بين مدني وعسكري لأنهم جميعا ابناؤنا حتى وان كانوا ضحايا فكر خاطئ او قوى سياسية لعبت في عقولهم.. ان مساعدة اسر الضحايا واجب انساني ومسئولية وطنية من كل مؤسسات الدولة.
< على الإعلام المصري ان يعيد حساباته ويتخلى عن اساليب التحريض والإثارة وان يبدأ طريقا جديدا لتأكيد المصالحة بين ابناء مصر وان يفتح صفحات للحوار العاقل والفكر المستنير..
على الإخوان ان يجلسوا مع انفسهم كثيرا ويستعيدوا صورة تجربتهم في الحكم لأن فيها مواعظ واخطاء كثيرة..
< على المصريين ان يتفاءلوا بالمستقبل لأننا على ابواب مرحلة جديدة يمكن ان تكون اكثر انجازا, وعلى الحكومة ان تتوقف عند ثلاثية لا مجال لتأخيرها وهي الفقر والبطالة والأمن حتى لا نغرق أكثر في مستنقعات الإنقسام والعنف والكراهية.. ثلاثية الأحزان في مصر الآن.
..ويبقى الشعر
ماذا تـبـقــي من ضياء الصبح
في عين الوطن
والشمس تـجمع ضوءها المكسور
والصبح الطريد
رفات قديس يفتش عن كفن
النيل بين خرائب الزمن اللقيط
يسير منكسرا علـي قدمين عاجزتين
ثم يطل في سأم ويسـأل عن سكن
يتسول الأحلام بين الناس
يسألهم وقد ضاقت به الأيام
من منا تغير.. ؟
وجه هذي الأرض.. أم وجه الزمن
في كل يوم يشطرون النهر
فـالعينـان هاربتان في فزع
وأنف النيل يسقط كالشـظايا
والفـم المسجون أطـلال
وصوت الريح يعصف بالبدن
قدمان خـائرتان, بطـن جائع
ويد مكبـلة.. وسيف أخرس
باعوه يوما في المزاد بلا ثمن
النـيـل يرفع راية العصيان
في وجه الدمامة.. والتنطـع.. والعفـن
ماذا تـبقـي من ضيـاء الصبح
في عين الوطن..
الآن فوق شـواطيء النـهر العريق
يموت ضوء الشمس
تصمت أغنيات الطير.. ينـتـحر الشجر
خـنقـوا ضياء الصبح في عين الصغار
ومزقوا وجه القمر..
باعوا ثبات النـهر في سوق النـخاسة
أسكتوا صوت المطـر..
في كـل شبر وجه ثعبان بلـون الموت
ينفث سمه بين الحفر..
في كـل عين وجه جلاد يطل ويختفي
ويعود يزأر كالقـدر..
صلـبوا علي الطـرقات
أمجاد السنين الخضر
باعوا كـل أوسمة الزمان البـكر
عمرا.. أو تـرابا.. أو بشر..
أتري رأيتم كيف يولد عندنا
طفل وفي فمه حجر
لـم يبق شـيء للطـيور
عـلـي ضفـاف النـيل
غير الحزن يعصف بالجوانح
زمن العصافير الجملية قد مضي
وتحكـمت في النهر أنياب جوارح
زمن القراصنة الكـبار
يطل في حزن العيون..
وفي انطفاء الحلم..
في بؤس الملامح..
ماذا تـبـقـي من ضياء الصبح
في عين الوطن
زمن الفوارس قد مضي..
قل للخيول تـمهـلي في السير
فالفرسان تسقط في الكمائن
قل للنـوارس حاذري في الطير
إن الريح تعصف بالسفائن
قـل للطيور بأن وجه الموت قناص
يطوف الآن في كل الأماكن
ويـل لماء النهر حين يجيء منكسرا
وفي فـزع يهادن
ماذا تـبـقي من ضياء الصبح
في عين الوطن
والنهر مسجون وطيف الحلم
بين ربوعه يجري ويصرخ في ألم
لم يبق شيء فوق أطـلال الشواطيء
غير عصفور كـسير كان يشدو بالنغـم
لـم يبق بين حدائق الأطفال
غير فـراشة بيضاء ماتت
حين حاصرها العدم
لـم يبق غير كتائب الجهـل العتيق
تطل في خبث.. وتـضحك في سأم
من باع لليل الطـويل عيونـنـا
من أخرس الكـلمات فينا
من بحد السيف ينتهك القلم..
ذا سيبقـي بعد موت النـهر
غير شجيرة صفراء تبحث عن كفن
ماذا سيبقـي بعد قـتـل الفـجر
غير سحابة سوداء
تبكي فوق أطـلال الوطن
ماذا سيبقـي من رفات الصبح
غـير شراذم الليل القبيح
تـحوم في وجه الزمن
يا أيها اللــيل الطـويل
ماذا يضيرك إن تركت الصبح يلـهو
فـوق أعنـاق الحدائق..
ماذا يضيرك إن غرست القـمح في وطني
وحطـمت المشانق
في كـل بيت في مدينتنا سرادق
ماذا يضيرك أن يعود العدل فينا شامخـا
ويطوف مرفوعا علـي ضوء البيارق
ماذا يضيرك أن يعود النورس المقـهور
يصدح في السماء.. فلا تطارده البنـادق
ماذا يضيرك أن تعود قـوافل الأحلام
تسـكن في العيون
ماذا يضيرك أن يصير الحرف حرا
لا قيود.. ولاسياط.. ولا سجون..
ياأيها النـهر الجـليل
أنا من بلاطك مستقيل..
أنا لن أغنـي في سجون القـهر
واللـيل الطويل
أنا لن أكون البلبل المسجون
في قـفص ذليل
أنا لن أكون الفارس المهزوم
يجري خلف حـلم مستحيل..
ما زال دمع النيل في عيني
دماء لا تجف.. ولا تسيل
الآن أعلن.. أن أزمنة التنطـع
أخرست صوتي
وأن الخيل ماتت
عندما اخـتنق الصهيل
يا أيها النهر الجـليل
إن جئت يوما شامخا..
ستـعود في عيني.. نيل..
في عين الوطن
والشمس تـجمع ضوءها المكسور
والصبح الطريد
رفات قديس يفتش عن كفن
النيل بين خرائب الزمن اللقيط
يسير منكسرا علـي قدمين عاجزتين
ثم يطل في سأم ويسـأل عن سكن
يتسول الأحلام بين الناس
يسألهم وقد ضاقت به الأيام
من منا تغير.. ؟
وجه هذي الأرض.. أم وجه الزمن
في كل يوم يشطرون النهر
فـالعينـان هاربتان في فزع
وأنف النيل يسقط كالشـظايا
والفـم المسجون أطـلال
وصوت الريح يعصف بالبدن
قدمان خـائرتان, بطـن جائع
ويد مكبـلة.. وسيف أخرس
باعوه يوما في المزاد بلا ثمن
النـيـل يرفع راية العصيان
في وجه الدمامة.. والتنطـع.. والعفـن
ماذا تـبقـي من ضيـاء الصبح
في عين الوطن..
الآن فوق شـواطيء النـهر العريق
يموت ضوء الشمس
تصمت أغنيات الطير.. ينـتـحر الشجر
خـنقـوا ضياء الصبح في عين الصغار
ومزقوا وجه القمر..
باعوا ثبات النـهر في سوق النـخاسة
أسكتوا صوت المطـر..
في كـل شبر وجه ثعبان بلـون الموت
ينفث سمه بين الحفر..
في كـل عين وجه جلاد يطل ويختفي
ويعود يزأر كالقـدر..
صلـبوا علي الطـرقات
أمجاد السنين الخضر
باعوا كـل أوسمة الزمان البـكر
عمرا.. أو تـرابا.. أو بشر..
أتري رأيتم كيف يولد عندنا
طفل وفي فمه حجر
لـم يبق شـيء للطـيور
عـلـي ضفـاف النـيل
غير الحزن يعصف بالجوانح
زمن العصافير الجملية قد مضي
وتحكـمت في النهر أنياب جوارح
زمن القراصنة الكـبار
يطل في حزن العيون..
وفي انطفاء الحلم..
في بؤس الملامح..
ماذا تـبـقـي من ضياء الصبح
في عين الوطن
زمن الفوارس قد مضي..
قل للخيول تـمهـلي في السير
فالفرسان تسقط في الكمائن
قل للنـوارس حاذري في الطير
إن الريح تعصف بالسفائن
قـل للطيور بأن وجه الموت قناص
يطوف الآن في كل الأماكن
ويـل لماء النهر حين يجيء منكسرا
وفي فـزع يهادن
ماذا تـبـقي من ضياء الصبح
في عين الوطن
والنهر مسجون وطيف الحلم
بين ربوعه يجري ويصرخ في ألم
لم يبق شيء فوق أطـلال الشواطيء
غير عصفور كـسير كان يشدو بالنغـم
لـم يبق بين حدائق الأطفال
غير فـراشة بيضاء ماتت
حين حاصرها العدم
لـم يبق غير كتائب الجهـل العتيق
تطل في خبث.. وتـضحك في سأم
من باع لليل الطـويل عيونـنـا
من أخرس الكـلمات فينا
من بحد السيف ينتهك القلم..
ذا سيبقـي بعد موت النـهر
غير شجيرة صفراء تبحث عن كفن
ماذا سيبقـي بعد قـتـل الفـجر
غير سحابة سوداء
تبكي فوق أطـلال الوطن
ماذا سيبقـي من رفات الصبح
غـير شراذم الليل القبيح
تـحوم في وجه الزمن
يا أيها اللــيل الطـويل
ماذا يضيرك إن تركت الصبح يلـهو
فـوق أعنـاق الحدائق..
ماذا يضيرك إن غرست القـمح في وطني
وحطـمت المشانق
في كـل بيت في مدينتنا سرادق
ماذا يضيرك أن يعود العدل فينا شامخـا
ويطوف مرفوعا علـي ضوء البيارق
ماذا يضيرك أن يعود النورس المقـهور
يصدح في السماء.. فلا تطارده البنـادق
ماذا يضيرك أن تعود قـوافل الأحلام
تسـكن في العيون
ماذا يضيرك أن يصير الحرف حرا
لا قيود.. ولاسياط.. ولا سجون..
ياأيها النـهر الجـليل
أنا من بلاطك مستقيل..
أنا لن أغنـي في سجون القـهر
واللـيل الطويل
أنا لن أكون البلبل المسجون
في قـفص ذليل
أنا لن أكون الفارس المهزوم
يجري خلف حـلم مستحيل..
ما زال دمع النيل في عيني
دماء لا تجف.. ولا تسيل
الآن أعلن.. أن أزمنة التنطـع
أخرست صوتي
وأن الخيل ماتت
عندما اخـتنق الصهيل
يا أيها النهر الجـليل
إن جئت يوما شامخا..
ستـعود في عيني.. نيل..
نقلا عن جريدة الأهرام
المصدر ايجى نيوز
تعليقات
إرسال تعليق