«شال الزفاف» السيوى مصدر إلهامى





مفتون بهدوء الصحراء، وجمال الطبيعة، ونضارة الهواء والماء، مما انعكس على تصاميمه فى الأزياء وألوانه وإختياره لنوعية الأقمشة المصاحبة.. التقيناه فى القاهرة مؤخرا، فى زيارة استغرقت أسبوعا لحضور ورشة الموضة فى جامعة العلوم والفنون الحديثة بمدينة 6 أكتوبر، بالتعاون مع جامعة ستوكهولم، لتعزيز الحوار الثقافى بين الأمم، والتعريف بالتجربة السويدية فى مجال التقنيات المبتكرة فى عالم الأزياء والموضة الحديثة، وكيفية استخدام الموضة لتمكين المجتمعات المحلية، ولا سيما النساء و الحرفيين.. هو مصمم الأزياء السويدي، هانز يانسون، الذى وجد إلهامه فى سيوة، فى حديث خاص لـ «الأهرام».
 يقول هانز يانسون أن فكرته وراء الأزياء هو المزج بين الثقافات وتأثيرها، لتعزيز الحوار الثقافى والتفاهم، عبر استخدام التصاميم والمواد الحديثة الاسكندنافية، جنبا إلى جنب مع المطرزات التقليدية المصنوعة من قبل نساء سيوة.
 وعن طبيعة تعامله مع النساء فى سيوة يقول يانسون: »أتعامل مع المرأة الصغيرة، أما المتزوجة، فلن يسمح لها بالحوار معي، ولكن من خلال زوجها، أستطيع أن أشرح ما أحتاج إليه، وأحيانا تستمع إليّ المرأة المتزوجة من خلف الشباك، وتقوم بإمدادي، عن طريق صغيرات سيوة بما تحتاجه من تطريزات.
 

المرأة السيوية «كلمتها قانون»
ولأن المجتمع السيوى مجتمعا محافظا، فيروى لنا يانسون، كيف تمكن من سد الفجوة الثقافية والتواصل مع النساء السيوات يقول: هو مجتمع تقليدى للغاية ومحافظ، والمرأة المتزوجة لا تظهر وجهها لرجل من خارج العائلة، حتى أنك لا تستطيع أن ترى وجهها من خلال الحجاب الأسود، وكنت أعتقد أن النساء اللاتى يعشن داخل المنزل يتعرضن للقمع، لكن على العكس، خلال المفاوضات على الأسعار، الرجال كانوا يسرعون بالدخول والخروج من المنزل للحصول على القبول من نسائهم.
ويستطرد: المرأة لديها موقف قوى داخل الأسرة وخاصة الأمهات، وكلمتها هى القانون، وهى التى ترسل زوجها أو أبنائها لآداء المهمات والرجل السيوى لا يخرج على أوامر والدته.
 ألالوان من الصحراء وأشجار النخيل
وعن علاقته بسيوة، يقول يانسون أن سبب إلهامه ووحيه هو اكتشاف شال الزفاف السيوى فى أحد المتاجر بالقاهرة فى أول زيارة لمصر تعود إلى عام 2003، وبالسؤال عنه عرف أنه خاص بسيوة، فقرر أن يذهب »إلى هذه الواحة المعزولة وسط الصحراء ليتعرف على المجتمع «السيوي»، وكانت سيوة إلهامه واكتشافه، ويضيف: تأثرت بجمال الحدائق المورقة، وأزيائى مستوحاة من التباين فى الصحراء القاحلة والماء، والألوان من أشجار النخيل، والمطرزات الجميلة، و قبل كل شيء من الجمال البشرى للناس، فى النهج الصادق فى الحياة.

وعن تأثره بشال الزفاف السيوي، يقول يانسون يتكون التصميم من الرموز التقليدية من أجل حياة سعيدة وفى ألوانه: الأخضر والبرتقالى والأحمر والأسود والأزرق فى بعض الأحيان، وقد بدأت بشراء هذه الشالات وحولتها إلى السترات والـ «جوبات».  وحول المزج بين التصاميم الحديثة والأنماط التقليدية،  يقول: طلبت من النساء، اتخاذ نفس المطرزات ولكن مع الألوان الجديدة والمواد الجديدة التى أمددتهم بها، لكننى أدركت أن النساء كن أكثر إبداعا منى بكثير.. فأفكارهن كانت أفضل من الإلهام، والنساء من الصحراء وجدوا أرضية مشتركة لشغفهم وإبداعهم، حتى لو كان التواصل صعبا فى البداية، فقد وجدنا طريقنا للتقارب هكذا يقول يانسون. وعن كيفية التعامل مع نساء سيوة يقول: عدد النساء العاملات تختلف وفقا للمواسم والفترة من السنة، فأنا بحاجة لتخطيط الإنتاج لبعض الفترات مثل شهر رمضان أو الأعياد، فالإنتاج يتباطأ فى فصل الصيف والحرارة الشديدة.
وشبكة النساء السيويات هن اللاتى يتعاملن معى ويساهمن بأنماط مبتكرة فى خطوط الانتاج، وبشكل عام أعمل فى فترات الذروة، مع فتيات قد يصل أعدادهن إلى الخمسين فتاة، بعضهن لا تزال فى المدرسة، مما يعنى أنهن يعملن فقط فى أيام الجمعة والأحد باعتبارها وظيفة اضافية وتستغرق المطرزات وقتا أطول لتكون جاهزة.
 الحرير والساتان والتافتاه لهذا العام
وعن الأقمشة المستخدمة يقول: مجموعتى تعتمد على خيوط الحرير الجميلة فى التطريز، والأقمشة عادة من القطن، وقطن الساتان، وهذا العام اخترت قماش التافتون«التافتاه» لإضافته فى المجموعة، ويسرنى أن التعاون معى أدى إلى تطوير أعمال المرأة وجعلها تأخذ المبادرات لتوسيع هذه الأعمال.
 وبسؤال يانسون، على الأزياء السويدية السيوية، وما إذا كانت تلقى رواجا فى أوروبا، يقول:تلقى التصاميم السويدية السيوية رواجا كبيرا فى بعض الدول الأوروبية مثل فرنسا وإيطاليا واليونان.
حقائب «الخيش»
أما الإكسسوارات والحلي، فنكتفى بالتطريزات وألوانها، ولا نقوم بعمل حلي، وإنما نصنع شنط جذابة من «الخيش»، ونقوم بتطريزها بألوان خلابة وقمة فى الروعة والأناقة. وعن خططه المستقبلية لمصر، يقول يانسون:خططى ستكون لمواصلة تطوير التصاميم ومواصلة هذا الحوار الناجح مابين السويد ومصر لتوطيد العلاقات، فهناك إمكانات كبيرة فى سيناء وكذلك فى مناطق أخرى فى مصر من الممكن الاستفادة منها. ويرى يانسون أن مصر لديها قدرة كبيرة على إنتاج ملابس جاهزة كما لديها اكتفاء فى اليد العاملة والكفاءة التقنية فى المجالات الحرفية والمطرزات الأخرى وهذه ميزة كبيرة تنعم بها مصر وتقدمها للعالم الغربى.  والشعب المصرى شعب قوى سيتغلب بالتأكيد وبسرعة على الاضطرابات التى عاشها خلال السنوات القليلة الماضية لتدخل مصر فى عملية التنمية والازدهار، ولهذا نستثمر فى مصر.  وعن التجربة فى بلدان أخري، يقول يانسون: ربما أكررها فى عمان، أو باكستان، وربما الهند، والبلدان أصحاب التراث والحضارات.


المصدر الاهرام

تعليقات

المشاركات الشائعة