بالحـب نواجه عنف الأبناء

الحب هو السلاح القوى والمؤثر عند الأبناء. وبه نمحو الكراهية فى نفوسهم التى تغذيها جهات كثيرة مغرضة تهدف لتدمير شعب بأكمله لأن أبناءنا هم الغد وهم الجيل الذى يرتكز عليه الوطن.. وبالحب نزيل فكرة العنف من أذهان شبابنا.
فى البداية ماذا يقول أبناؤنا عن ازدياد العنف وتأثيره على حياتهم؟تقول سهام مدكور ـ طبيبة ـ: انتشر العنف فى كل مكان وغاب الحب من حولنا.. فغاب الهدف والأمل من حياتنا ليفتقد جيلنا معنى الحب فى الحياة وتغيرت مفاهيمنا عنه، فلم نعد ندركها إلا كأساطير وحكايات من أيام زمان، ورأيت بعضا من زميلات عمل يشجعن زميلاتهن على كثير من عمليات التدمير والعنف ضد الوطن ـ بدعوى حمايته ـ والوطن بريء ـ منها بدلا من حمايته والتضحية من من أجله، ليتحول الحب بمفهومه النقى إلى حب امتلاك وسيطرة وعنف وتدمير للذات قبل المنشآت فأين هذا الحب فى زمان ظهر فيه جبروت الإخوان وتخويف داعش الإرهابى على حدود البلاد؟ رافعين شعار حماية الإسلام والوطن.
ناقوس الخطر
وعن الحب فى زمن الإرهاب يقول علاء محروس ـ مهندس ـ: لقد تعاملت مع عقول الشباب الذين يتجهون بأفكارهم إلى التيار الإخوانى والسلفي، وللأسف وجدت عقولا فارغة وألسنة مثل الببغاء تردد كلمات وعبارات لايفهم منها شيئا، لكنها شعارات جمعتهم بوتقة واحدة هى بوتقة الإحباط والفراغ أو جمعتهم حاجتهم المادية، مما أوقعهم فى براثن اعداء الوطن من الإخوان بأفكارهم المليئة بمخططات العنف والدمار لهذا الوطن الذى طالما كان مطمعا للاعداء ولكن كان الله حاميا لأرضه وسماه، لذا فان ناقوس الخطر يعلن مدويا بالإسراع باحتواء هؤلاء الأبناء قبل الانخراط فى براثن أعداء الوطن.
وتقول نجوى حمدى مدرسة :قديما كان حب الوطن العامر فى القلوب هو السلاح الذى نواجه به العدوان، وقد حاربنا به الاستعمار الانجليزى حتى تم الجلاء عن البلاد، وكان العدو غريبا ولكننا نعرفه، أما اليوم فعدونا نجهله يتحرك بيننا ويوجه عنفه الى صدورنا بقنابل ومفرقعات مخبأة لنا هنا وهناك، ويزحزح استقرار بلادنا بينما يبتسم فى خبث فى وجهنا، لذا فإننا نواجه نوعا مختلفا من العنف والعدوان، لذا فما أحوجنا اليوم للاعتصام بحبل الله ومواجهة العنف بحكمة واحتواء الأبناء قبل ان ينجرفوا فى تيار الإرهاب خاصة فى ظل غياب القدوة التى يلتف حولها الأبناء فى الأسرة، وبث الوعى والسماحة فى عقولهم ووجدانهم، ولن يتم ذلك الا بنشر الحب.
بيت الحب
أما د. عزة كريم استاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية فتقول: أول مدرسة لتعلم الحب هى الأم لأنها الصدر الحنون .. يد الحب تشفى .. أما يد الكراهية فتدمر.. فالقلب العامر بالحب لايعرف الكراهية أبدا .. ويتعلم الطفل الحب عن طريق احتضان أمه فى كل مراحل العمر .. فالأم مظلة لأبنائها داخل البيت أو خارجه ومن خلال المتابعة المستمرة من الأم لطفلها ومن خلال الحوار الدافئ والصداقة العميقة المبنية على الصراحة والوضوح، لن يخرج الأبناء من بوتقة أو بيت الحب مهما كانت التيارات الخارجية التى تجرفهم نحو العنف، سواء عن طريق الأصدقاء أو غيرهم تحرضهم على تدمير البلاد .. وما أكثرها الآن، ثم يأتى دور المدارس والجامعات ويقع عليهم العبء الأكبر فى ضم الأبناء الى حضن الوطن وبعيدا عن العنف، وعلى الاستاذ دور كبير فى تجميع الطلاب على حب المادة والدروس والتى من خلالها يتم حب العلم، ثم حب الوطن وهو أسمى أنواع المشاعر التى تعبر عن الحب الذى لايعادله حب آخر، وعلى الاستاذ أيضا ذكر الأبطال الذين ضحوا فى سبيل الوطن وكانوا قدوة ومنارة حقيقية لتقدمه بين الأوطان، وعلى النوادى والمنتديات الثقافية دور لايمكن إغفاله فى عقد لقاءات تجمع الشباب بالكتاب والمبدعين يتم فيها المناظرات والمناقشات ويتم من خلالها التعرف على أفكارهم وتصحيح مفاهيمهم أولا بأول بعيدا عن الإرهاب، والمساجد وأساتذة الفقه يقع عليهم العبء الأكبر فى تأهيل دعاة ينشرون المفاهيم المبسطة الصحيحة عن الدين وتنمية مفاهيم المودة والرحمة بين الناس، لإيجاد نوع من التلاحم بين أفراد المجتمع والالتفاف نحو مصلحة الوطن، بدلا من رفع الشعارات الخاطئة التى تحرض على التخريب والدمار، أيضا التوقف عن بث مفاهيم الإرهاب والعنف التى يبثها الإعلام دون قصد ومنذ مرحلة الطفولة، من خلال أفلام الكارتون التى تولد طاقة سلبية لديهم، ومن عرض أشكال وشخصيات كارتونية غير حقيقية تحمل أسلحة يحاول الأطفال شراءها ثم تقليدها وتمثيلها ومن ثم تطبيقها على أرض الواقع فى ممارستهم للعنف بأشكاله المختلفة فى مرحلة الشباب.
وسائل منظمة
وعن التحليل السياسى لاختفاء الحب وانتشار العنف والتخريب يقول د. طارق فهمىأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: إن ظاهرة العنف عند أغلب الإسلام السياسى تتم بوسائل منظمة ومختلفة لإسقاط النظام السياسى الحاكم، وكان للرئيس السادات رسالة مباشرة فى هذا الإطار.
أما السؤال الذى يطرح نفسه اليوم بإلحاح هى: لماذا تتبنى هذه الجماعات شعار العنف كخيار لها دون غيره من الشعارات؟!
الإجابة هى أن العنف يعتبر «ايديولوجية ثابتة» لكل مراجعات جماعات الإخوان، ولأفكارهم، ولمبادئهم لتحقيق أهدافهم تحت شعار «الاضطهاد».
أمة فى خطر
وعن العلاج يضيف د. طارق قائلا: ضرورة إقامة حوار مباشر من قبل الدولة ممثلة فى دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى «لمفوضية الشباب»، والتى دعا فيها كل الأجهزة المسئولة فى الدولة ـ بما فيهم رؤساء المؤسسات الصحفية ـ لحوار يشارك فيه الشباب، بل وإدخال بعضهم فى المحليات والأحزاب بإدماجهم سياسيا، ولنا فى تجربة الرئيس عبدالناصر نموذجا فعالا لتلك التجربة حينما فتح المجال فى «منظمة الطليعة» لكل التيارات من الشيوعية إلى الإسلامية للمشاركة فخرجت القيادات التى حكمت البلد فيما بعد، وتنقية المناهج التعليمية حتى لا يكون عندنا طلاب سطحيون ينجرفون بسهولة نحو التيارات التى تحث على شيوع الكراهية والدمار، وتنسى شعار الحب والسلام فى البلاد، وإقامة لجنة قومية لإعادة تقديم الصورة الوطنية لمصر بداية من عودة (الكُتاب)فى القرى إلى الاختيار السليم لأئمة المساجد، خاصة فى المناطق الفقيرة الشعبية، وإعادة هيبة الدولة وتقديم صورة سليمة معتدلة للإسلام من خلال الإعلام الرسمى المسئول، لأن أغلب شبابنا ـ للأسف الشديد ـ ليس لديهم ثقافة سوى ثقافة الإنترنت المحدودة، ونادرا ما تجدهم يقرأون كتبا مدروسة وعميقة، مع أهمية إنشاء أحزاب جديدة وتفعيلها، وهذا أمر مقبول فى نظم التحول السياسي، وفيها تقوم القيادات السياسية بإتاحة الفرص للشباب من أجل إثراء العملية السياسية.



المصدر الأهرام

تعليقات

المشاركات الشائعة