بعد انسحاب ممثل النور معـركة الهــوية تـشــتعل

لجنة الخمسين

كما كان متوقعا‏,‏ جاء خبر انسحاب ممثل حزب النور السلفي الاسبوع الماضي من اجتماع لجنة المقومات الاساسية بلجنة الخمسين‏,‏ لنتأكد ان معركة الدفاع عن الاسلام ستبدأ لا محالة‏..‏
حزب النور-الذراع السياسية للدعوة السلفية- لم يكن يرغب في المشاركة في لجنة تعديل الدستور لولا انه خشي من التعدي علي مواد(2-4-81-219), مؤكدا ان هدفه الرئيسي هو حذف كلمة مبادئ219 التي يرونها مفسرة للمادة الثانية, والتي تقرر ان مصادر الشريعة الإسلامية هي مذاهب أهل السنة والجماعة.تصريحات حزب النور المدافعة عن الهوية الاسلامية للمصريين في الدستور توحي لكل متابع انه في مواجهة شرسة مع اعداء للاسلام, وأنه الاكثر حرصا علي هوية المصريين الدينية, لكن كثيرين يرون ان الامر مفتعلا ويمهد لمعركة وهمية وخلاف لا داعي لها..بشكل قاطع يرد الدكتور محمود اسماعيل- استاذ التاريخ الاسلامي بجامعة عين شمس- قائلا: لا خلاف اصلا علي الهوية الا عند هذا التيار, فتاريخ مصر متنوع ولا يقتصر فقط علي الفترة الاسلامية, وهي دون شك متغلغلة في كل مصري مسلم ومسيحي, بل ان الكثيرين من المسيحيين يجيدون اللغة العربية نطقا وكتابة, بشكل يفوق اساتذة اللغة العربية المسلمين دارسي القرآن, ويتابع اسماعيل: ما يميز المصريين ان الدين مكون رئيسي في ثقافتهم سواء للمثقف او الرجل البسيط او حتي اطفال الشوارع, والخلاف حول هوية مصر يذكرني بما قاله المفكر الفرنسي ميشيل فوكو في كتابه حفريات المعرفة, حيث ذكر أن سطح الأرض يتكون من الرمل والحجارة, لكنها تحمل في باطنها ثروات متنوعة من بترول ومعادن غنية, وهكذا هي جوانية الشخصية المصرية فهي عبارة عن مزيج من حضارات متنوعة اعطت للمصري السمات المتسامحة والمعطاءة والمحبة للدين.عربية فقطوبوضوح يحسم المؤرخ الدكتور عاصم الدسوقي المسألة فيقول: اذا كان لابد من الاشارة الي هوية مصر في الدستور, فيجب ان تكون عربية فقط لاغير, وهذه المادة موجودة منذ دستور1956 وتنص علي ان مصر جزء من الامة العربية وهذا واقع وحقيقة جغرافية وليس افتعالا, ومن المتفق عليه ان قوتك او ضعفك يستمدان ممن حولك, ويتوقف امنك علي المتصلين بك في الحدود الجغرافية, ولذلك يكون هذا البعد هو الاولي بالاهتمام, والعروبة هي اللغة ونبي الاسلام قال لنا في حديث منسوب اليه ليست العربية في احدكم من الاب او الام وانما هي باللسان فمن تكلم العربية فهو عربي, اما الهوية الاسلامية فهي عابرة للجغرافيا فالامة الاسلامية هي اينما يوجد المسلمون, ولهذا فمثل تلك الجماعات تري الفلبيني المسلم اقرب من المسيحي المصري.ويكشف الدسوقي عن واقعة تؤصل لمسألة الهوية الاسلامية في الدساتير المصرية المتعاقبة فيقول عند وضع دستور1923, اتصل الانجليز بالشيخ محمد بخيت المطيعي- مفتي الديار المصرية حينها- واقترحوا عليه ان يطرح علي اللجنة مادة تنص علي ان الاسلام هو دين الدولة, فلما فعل لم يستطع احد ان يرفضها او يعلق عليها وكانت المادة149 اي في نهاية الدستور, وفي الوقت ذاته اتصل الانجليز بقيادات الاقباط و اوعزوا اليهم ان يطالبوا بتوزيع الوظائف والمناصب العامة بالحصة بين الاقباط والمسلمين بنسبة1 الي12 وذلك وفقا لنسبة الاقباط الي المسلمين في ذلك الوقت, لكنهم كانوا عقلاء بالقدر الذي جعلهم يرفضون هذا المقترح, وقال سلامة موسي نحن لا ندخل البرلمان علي اننا طائفة, بل كمصريين وليس علي اساس طائفي ديني, اذن فالانجليز- والكلام للدسوقي- يحاولون منذ ان احتلوا مصر عام1882 ان يقسموا المجتمع المصري, مثلما فعلوا في الهند فاصبحت كل من باكستان وبنجلاديش دولتين للمسلمين رغم انهم هنود بالاصل, ومع خلق هذه الفتنة الطائفية يكون للمستعمر ذريعة للبقاء لحماية الاقليات وهذا الدور تقوم به امريكا حاليا وهو امر لا يخفي علي أحد.ويؤكد الدسوقي ان دستور اي دولة يعبر عن الاعراف والتقاليد المتبعة لدي مواطنيها ولهذا فهو قابل للتغير مع تغير تلك الاعراف او مع استحداث اخري جديدة, فالدستور الامريكي منذ ان تمت صياغته في القرن الثامن عشر, اجري عليه73 تعديلا ولهذا لا يجب ان نفرض الحكم الثابت علي المتغير.وحول ما تسوقه الاحزاب الاسلامية من ان الاغلبية في مصر تدين بالاسلام وهو ما يجب ان يعبر عنه الدستور, يرد الدسوقي بأن الديمقراطية ليست لها علاقة باغلبية الدين, وان وضع اي نص ديني في الدستور باب للفتنة الطائفية, ويستنكر قائلا كيف يقال ان الاقباط شركاء لنا في الوطن فهذه فضيحة, فهل يعني هذا انه يمكن فض الشركة في اي وقت, اما اذا كان لابد من هذا التعبير فيجب ان نقول ان المسلمين شركاء الاقباط وليس العكس, وهذه حقيقة تاريخية لاجدال فيها, وفي ختام حديثه يؤكد الدسوقي ان المصري ليس بحاجة الي نص في الدستور ليحمي له دينه او يحافظ عليه, مشيرا الي انه يجب ان نكون جميعا كمصريين علي قناعة بان عدونا هو عدو بلدنا وليس عدو ديننا.خلاف وهميالدكتور رفعت يونان- عضو الجمعية المصرية التاريخية- يغلق الطريق علي كل من يدعي وجود خلاف علي الهوية الاسلامية للمصريين, فيقول الهوية الاسلامية منصوص عليها في الدستور منذ زمن, والشعب المصري لم ولن يعترض عليها طالما ان لغير المسلمين قوانين الاحوال المدنية الخاصة بهم والمستمدة من شرائعهم, اما هؤلاء فيريدون اثارة زوابع في الهواء حتي يظهروا في الصورة, فينسحبون من اللجنة ويثيرون الخلافات ويدعون مواقف زائفة ويوهمون المصريين ان هناك حربا علي الاسلام, والحقيقة ان دستور مصر يجب ان يعبر عن ميل المصريين لاحترام جميع الاديان دون تعصب ويكفينا ان مصر مذكورة في الكتب السماوية الثلاث القرآن والإنجيل والتوراة.




المصدر الاهرام





تعليقات

المشاركات الشائعة