من ثورة يوليو إلى «أحمد عبدالمعطى حجازى»
سعيد الشحات - اليوم السابع
ودع إلهام الشعر الشاعر أحمد عبدالمعطى حجازى منذ سنوات، وليت إلهام النثر يودعه حين يكتب عن جمال عبدالناصر وثورته.
كلما دخل «حجازى» محراب الحديث عن الثورات، لا يجد فى ثورة «23 يوليو» إلا «حركة» سيئة، و«انقلاب» جاء بالخراب والدمار، ولا يجد فى جمال عبدالناصر إلا مستبدا وطاغية. فى مقال له بالأهرام «أمس» عن ثورة يوليو فى ذكراها الـ62، يعيد التأكيد على اكتشافاته ويضيف إليها: «حركة يوليو هدمت الحاضر والمستقبل معا»، وقبل أن يصل إلى هذه الخلاصة فى نهاية مقاله المعنون بـ«ثورة.. أم انقلاب»، يسرد ما يسند حججه على طريقة «من كل فيلم أغنية»، ولا يذكر لنا مثلا إذا كانت هذه المرحلة بكل هذه القسوة السياسية، فلماذا تفاعل معها بكل وجدانه فقدم لعالم الشعر أربعة من أهم دواوينه الشعرية «مدينة بلا قلب 1959» و«أوراس 1959»، «لم يبق إلا الاعتراف 1965»، «مرثية العمر الجميل 1972».
يقول الآن: «حركة يوليو هدمت الحاضر والمستقبل معا»، وقبل 44 عاما تقريبا حين توفى جمال عبدالناصر (28 سبتمبر 1970) كتب يرثيه: «لا لم يمت وخرجنا.. نجوب ليل المدينة .. ندعوك فاخرج إلينا.. ورد على ما يزعمونه».
هكذا كان» الشاعر» حين كان يقف فى المنطقة التى ترسم أملا للمستقبل، وحين كان يمسك بحلم كبير يحرض إلهام الشعر على أن يأتيه ليكتب شعرا جميلا عن قضايا ومعارك «يوليو» و«فلسطين» و«الفقراء» و«العروبة».
وهكذا تحول إلى «كاتب» يبحث فى «المبحوث عنه»، فيقول إنه قرأ ما كتبه عنها «طه حسين، توفيق الحكيم، عبدالرحمن الرافعى، أسامة الغزالى حرب، أحمد زكريا الشلق، مغاورى همام موسى»، فضلا عما دار حولها من شهادات ومذكرات وأعمال أدبية وفنية، وبعد هذه الرحلة من البحث: «لم أجد ما يقنعنى بغير ما كنت مقتنعا به من الأصل، وهو أن هذه الحركة لم تكن ثورة، لأن الثورة تهدم الحاضر أو تتجاوزه لتبنى المستقبل، والذى حدث أن حركة يوليو هدمت الحاضر والمستقبل معا».
يرمى «حجازى» بكلمة «من الأصل» فى نهاية كلامه حتى يمرر لنا بأن قناعته عن «يوليو» وهو فى هذا العمر المتقدم، هى نفس قناعته وهو فى عمره الأول، وهذا أمر يفتقر إلى الصواب، فهو لم ينقلب على الثورة وقائدها إلا منذ سنوات، وفى سياقات سياسية كانت تحمل المنطقة ومصر إلى تحولات مضادة للاستقلال الوطنى، والتبعية لأمريكا واعتبار إسرائيل صديقا.
والمفارقة أن تلك السنوات هى التى خاصمه فيها إلهام الشعر!، فهل لانقلاب المبدع ضد مشروعه الأصلى علاقة بذلك؟، هذا مجرد سؤال، يقودنا إلى سؤال آخر وهو، لماذا اقتصر «حجازى» فى القراءة على الأسماء التى ذكرها وأقنعته بأن 23 يوليو حركة وليست ثورة؟، لماذا لم يقرأ لآخرين ممن يعتبرون أن ثورة 23 يوليو ثورة عظيمة طبقا لعلم الثورات؟، لماذا لم يقرأ من «كتاب الواقع» حتى يعرف التحول الاجتماعى والسياسى الهائل الذى أحدثته «يوليو» و«عبدالناصر».
المصدر اليوم السابع
تعليقات
إرسال تعليق