"جارة القمر" تطفئ الشمعة 79.. فيروز توحدنا بعدما فرقنا تجار الأديان وسارقو الأحلام.. ومطربة "مدينة السلام" ترفض الغناء للرؤساء والملوك.. ولم نفهمها حين غنت بسوريا وأعلن ابنها حبها لحسن نصر الله

بدأ الحفل ووقفت «فيروز» مستعدة للغناء ثم صدحت بـ«شتى يا دنيا» فأمطرت السماء ندى فوق رأس الجمهور الذى بدأ فى البكاء.. حدث هذا بالفعل فى البرازيل فى الثمانينيات.. هذه هى جارة القمر الأيقونة التى وضعها محبوها فى إطار من القداسة.. وساعدتهم مواقفها وشخصها وهيئتها الرقيقة التى تشبه أيقونة مسيحية فى كنيسة مقدسة.. أو بنتا قروية تسكن فى مدينة مجبرة على البقاء فيها.. تصلح حبيبة وأختا وابنة، تطفئ اليوم الجمعة الشمعة التاسعة والسبعين من عمرها الذى قضته فى رحلة فنية غنت فيها للأوطان، وللحب وللإنسانية. أدركت «فيروز» مبكرا أنها ترغب أن يراها العالم بزاوية مختلفة، لذا استخدمت ذكاءها الفطرى لتغنى ما يترك أثرا يطول، ورفضت الأغنيات قصيرة الأجل، وغنت للأوطان العربية وللبشر، بعيدا عن الحكام والرؤساء والملوك، وفى إحدى الوقائع تم منع أغانيها من البث لمدة سبعة أشهر فى لبنان، وذلك لرفضها الغناء للرئيس الجزائرى هوارى بومدين. كذلك صمتت فيروز طوال أعوام الحرب الأهلية اللبنانية عن الغناء، لكى لا تحسب على أحد، ورفضت ترك منزلها ببيروت رغم تعرضه للقذف بصاروخ، وفى عام 1994 وبعد انتهاء ويلات الحرب الأهلية الطائفية غنت ابنة الجبل فى ساحة الشهداء الشاهدة على الدمار التى خلفتها القذائف والنيران، غنت للبشر والناس، غنت لكل أبناء الشعب، غنت لبيروت فقط، هذا ما وضعها فى مرتبة القديسين عند الجميع على اختلاف انتماءاتهم الدينية والطائفية والعرقية والأيديولوجية، ولكنها كانت الملجأ الوحيد للتوحد، كان من قدرها أن جاءت فى وطن فرقته الطائفية، لكن ظلت فيروز القيمة الوحيدة التى لا يختلف حولها، فى الحرب اللبنانية، ظل لبنان وطنها، وسوريا وطنها، لذا عندما غضب البعض أنها ستغنى فى سوريا، لم يفهموا فيروز، وعندما أعلن زياد رحبانى أن أمه تحب السيد حسن نصر الله غضبوا أيضا لأنهم لم يفهموا فيروز. فيروز ابنة العامل البسيط، تنتمى إلى عائلة مؤلفة من ثلاث بنات «هدى وآمال وهى «نهاد» أما الوالد فهو وديع حداد، وشقيق واحد يدعى جوزيف، التحقت فيروز ككل البنات بالمدرسة الابتدائية، ولعبت الحفلات المدرسية دورا فى الكشف عن نبوغ موهبتها، وفى عام 1949 استمع إليها الملحن والموسيقى سليم فليفل، وتعهدها بالرعاية فحفظت عنه الأناشيد وعلمها أصول الأداء الصحيح، ثم ألحقها بفرقته التى كانت تذيع برامج مدرسية من دار الإذاعة اللبنانية باسم الأخوين سليم ومحمد فليفل وفرقتهما، وأثناء ترددها على دار الإذاعة لفت صوتها نظر الشيخ حافظ تقى الدين سكرتير برامج الإذاعة الذى قدمها إلى رئيس قسم الموسيقى الفنان الكبير حليم الرومى، والد ماجدة الرومى، وأفرز هذا اللقاء حصول فيروز على وظيفة فى فرقة كورال الإذاعة بمرتب زهيد للغاية. ثم قرر حليم الرومى وضع ألحان لها فقدمت «يا حمام يا مروّح بلدك»، و«أحبك مهما أشوف منّك» بعدها التقت بالأخوين رحبانى وكانت الانطلاقة.



المصدر اليوم السابع

تعليقات

المشاركات الشائعة