الأمن القومى بين الحقيقة والوهم

كثر الحديث عن الأمن القومى فى جميع وسائل الإعلام فقول يؤكد أن مقاومة الإرهاب أمن قومى والتعليم أمن قومى وهكذا الى أن نصل إلى أن إضراب عمال أومظاهرة وقطع طريق أمن قومى وبالتالى أصبح ضروريا تعريف مفهوم الأمن القومى .
ويجب أن نؤكد على حقيقة وهى أن الأمن القومى يرتكز على أساسين الأول وجود صفة المجتمع للكيان السياسى والثانى وجود إطار نظامى لهذا المجتمع (الدولة)وبتوافر هذين الشرطين نجد أن مفهوم الأمن القومى يتحدد من خلال الاتجاهات الثلاثة الأتية:
الاتجاه الأول
ويرى هذا الاتجاه، أن الاستقلال والسيادة القومية، أكثر أهمية من الأمaن القومي، لذلك فإن المجال العسكري، يجب أن تحسب قدراته، على أساس التفوق على الخصم(الحقيقى أو المحتمل). بواسطة حسابات قدرات الدولة الشاملة(الكتلة الحيوية/القدرة العسكرية والاقتصاديةوالدبلوماسية والسياسية والمعنوية والإعلام وتكنولوجيا المعلومات) ومن أمثلة ذلك تعريف دائرة المعارف البريطانية »: الأمن القومى يعنى حماية الأمن من خطر القهر، على يد قوة أجنبية« وهو تعريف من منظور إٍستراتيجية الحماية من الخطر الخارجي، ويعنى الاعتماد على القوة العسكرية.
الاتجاه الثانى
»الأمن هو غياب التهديد بالحرمان الشديد، من الرفاهية الاقتصادية«  مشيراً إلى أهمية القوة الاقتصادية كركيزة رئيسية للأمن القومى وذلك من أثر تداعيات أزمة النفط فى حرب أكتوبر 1973بضرورة تأمين الموارد الحيوية والإستراتيجية.
الاتجاه الثالث..
إن ظاهرة الفقر، وضعف البنية الاقتصادية يضر بالأمن. وأن القوة العسكرية، قد تكون جزءا من الأمن ولكن ليست أهمها ولكن لابد من الربط بين الأمن والتنمية، وأوضح أن التنمية لا تعنى فقط المجال الاقتصادي، بل يجب أن تشمل كل المجالات. وعلى الأمة تنظيم مواردها، وتنمية قدراتها، مما يجعلها قادرة على الحصول على احتياجاتها الذاتية، وهو ما يساعدها على مقاومة الإخلال بالأمن. يفيد مصطلح التنمية، فى توضيح ديناميكية مفهوم الأمن القومي، وشموله لمختلف المجالات. وحق الوجود ببساطة شديدة، وهو ما يجعل التعريف، الذى يتضمنه، أكثر بساطة وأسرع فهماً.
مفهوم وتعريف الأمن القومى
»الأمن القومى هو عملية محلية مركبة تحدد قدرة الدولة على تنمية إمكاناتها، وحماية قدراتها، على جميع المستويات، وفى شتى المجالات، من الأخطار الداخلية والخارجية، وذلك من خلال جميع الوسائل المتاحة، والسياسات الموضوعة، بهدف تطوير نواحى القوة، وتطويق جوانب الضعف، فى الكيان السياسى والاجتماعى للدولة، فى إطار فلسفة قومية شاملة تأخذ فى اعتبارها كل المتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية«. مع ملاحظة إن مفهوم الأمن القومى متغير بتغير الزمان أو المكان، لتغير المصالح وتغير الأولويات، كما أن القيم الداخلية للمجتمع، بجميع أنواعها، هى الأولى بالحماية، وهى تشمل المجالات السابقة جميعها وكذا فإن للمجال الدينى والعقائدى أهمية بالغة فى مفهوم الأمن، حيث يكون دافعا لتنمية المجالات الأخرى، ووسيلة إلى مقاومة التهديدات، و قيمة أولى بالحماية.
مجالات الأمن القومى
ويشمل الأمن القومى مجالات متعددة،وهى اقتصادية واجتماعية وسياسية وعسكرية والمجال الجيوبوليتيكى،بالإضافة الى المجال التقنـى و المعلوماتى والبيئى وهى تعتبر تطوراً مسايراً لمتطلبات العصر,كما أن لكل من هذه المجالات مفرداتها وتكويناتها التى يتم دراستها بدقة وعناية لتحديد أولويات العمل داخل هذا المجال وأسبقيته بالنسبة للمجالات الأخرى.
ويمكن التأكيد على أن مفهوم الأمن القومى هو مفهوم مطلق من حيث الزمان والمكان،ولكن الاختلاف بين الدول فى هذا المضمار يأتى عند الشروع فى وضع سياسة الأمن القومى موضع التنفيذ,حيث تصاغ على أساس الظروف الموضوعية والمعطيات المحددة لهذه السياسة فى ظل وضعية دولية نسبيا تجاه القوى الفاعلة إستراتيجيا.
الأمن القومى كمفهوم يجعل محوره الأساسى يتمثل فى حماية القيم الداخلية ،ومن ثم يعتبر الأساس القيمى والفلسفى للأمن القومى فى أى دولة بمثابة النواة وقوة التوجه لهذه الدولة مع الوضع فى الاعتبار أولويات واحتياجات شعبها، مع العلم بأن القيم السياسية تُعبر عن الخصائص الحضارية للدولة .

المصدر الاهرام - قضايا عسكرية

تعليقات

المشاركات الشائعة