زلّة لسان جون كيري .. وزلّة لسان أمام السادات !!
أحمد مصطفى سلامة - المصدر الاهرام
يُقال "إن زلّة القدم أسلم من زلّة اللسان".. وذلك لما يمكن أن تسببه تلك الهفوات اللفظية من أذى لمن يسمعها، لاسيّما إذا كانت مقصودة؛ بحيث لا ينفع معها الندم في أحيان كثيرة!!
تذكرت تلك المقولة وأنا أتابع كلمة جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي، التي أدلى بها عقب إفطار الغرفة التجارية المصرية الأمريكية، على هامش المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ، وقد أخطأ بذكر "إسرائيل" بدلاً من "مصر"؛ حينما قال: "لابد أن نسعى جميعاً لأجل مستقبل إسرائيل"!! وتتدارك السفارة الأمريكية بعدها ليلاً، لتعتذر عبر حسابها على تويتر- (بعذر أقبح من ذنب)- وتبرر ذلك الخطأ غير المقصود؛ بأنها زلّة لسان بسبب طول السفر وقلة النوم!!
تلك الزلّة أعادتني للوراء، حينما كنت شغوفاً بقراءة المجلات الأمريكية، وتحديداً قبل اتفاقية كامب ديفيد بسنوات، حينما قام الرئيس السادات ومعه الوفد الحكومي المصري بزيارة للولايات المتحدة الأمريكية عام 1975. وأقام الرئيس الأمريكي "فورد" مأدبة عشاء له وللوفد المرافق، وكالعادة ألقى "فورد" كلمة لتحية ضيوفه، تحدث فيها عن مصر والشعوب العربية. وفي نهاية كلمته قال، وهو يرفع كأس نخب الصداقة: "السيد الرئيس السادات.. مسز سادات... يشرفني أن أشرب معكم نخب الصداقة، ومع الوفد الذي يمثل حكومة شعب إسرائيل العظيم.." ثم استدرك: "آسف.. مصر"!
وفورد بذكره "إسرائيل" يتجاهل أن من يجلس أمامه على بعد سنتيمترات هو بطل حرب أكتوبر، الرئيس المصري محمد أنور السادات، والوفد المصري.. ولا تعليق سوى أنها كانت "بجاحة" أمريكية بكل المقاييس. فسر البعض حينها أن الأمر كان متعمداً وليس زلّة لسان. ولكن الرئيس السادات بدهائه لم يكترث لأمر الكلمة، ولم يعلّق على ذلك، بل كان هادئاً بطريقة يحسد عليها، وسط دهشة الرئيس الأمريكي!
يا سيد "كيري"... العالم الشهير سيجموند فرويد يكذّب ما بررته سفارتك.. فما قلته ليس زلة لسان بسبب الإجهاد أو قلة النوم، بل قلت ما ينبع من قلبك وحقيقة موقف بلادك وحرصها على إسرائيل وشعبها، كما قال الرئيس "فورد"؛ لأن ما وقر في القلب يقره اللسان...
ففرويد يقول في كتابه "علم أمراض النفس في الحياة العادية"؛ إن زلات اللسان هي "خلل إجرائي"، تكون الزلات أكثر عفوية وبالتالي تكون تعبيراً عن "الحقيقة"؛ لأنها تصدر عن "العقل الباطن"، من دون تفكير، بل هي بمثابة مرآة تكشف أفكاراً أو أمنيات دفينة في اللاوعي تخرج إلى النور عبر خطأ لغوي!
تعليقات
إرسال تعليق