إقهرى الوسواس!

من منا لم تخرج من المنزل ثم تعود مرة أخرى فى حالة شك أنها لم تغلق نار البوتجاز ومن فوقه »الطبيخ« الذى طهته هذا النهار؟..

 أو أنها لم تترك بابها خلفها مفتوحا ولم تغلقه من خلفها ؟.. أو أن صنبور المياه قد فتحته عن آخره؟.. من منا لم تصاب بالغضب الشديد عندما لا تجد الأشياء والأدوات فى أماكنها.. ثم فجأة تجدها أمامها؟ قد يحدث هذا لنا جميعا كنساء ويتكرر.. ولكن إذا تجاوز هذا الأمر تلك الشكوك فأنت للأسف تعانين من الوسواس القهرى

قد يكون وراثيا

توجهنا إلى د. هبة العيسوى أستاذة الطب النفسى بجامعة عين شمس وعضو الجمعية الأمريكية للطب النفسى وحملنا اليها هذه التساؤلات أولها..«هل أعانى من مرض الوسواس القهرى؟» فأجابت: ليس كل من تشعر بأعراض من القلق أو الشكوك تعانى من الوسواس القهرى.. فالوسواس هو نوع من أنواع الإضطرابات النفسية والتي تندرج تحت مسمى اضطرابات القلق، وهو عبارة عن أفكار غير منطقية أو مخاوف وسواسية غير منطقية وتخيلات متكررة تؤدى بنا إلى تصرفات قهرية إلزامية _ قد يلومنا كل المحيطين بها عليها ولكننا غير قادرين على التوقف عنها_ وللوسواس القهرى عوامل ثلاث: هى البيولوجية والبيئية والنفسية، أما البيولوجية: فلها علاقة بالنواقل العصبية وتحدث إضطراب فى إفراز مادة «السيروتونين» والتي عليها مقاومة القلق فى سلوك الإنسان، والعوامل البيئية التى تلاقى الانسان عند تغيير السكن أو عند مواجهة العنف الشديد أو الإهانة أو القهر، وغالبا ماتصيب المرأة التى تتعرض للقهر من أبيها أو أحد مدرسيها فتصاب بالوسواس كنوع من التعبير عن النفس (انا أغسل يدى عدة مرات لأننى حرة وأفعل ما أشاء) ، والعامل النفسى: وهو الوراثى فالأب أو الأم الذين كانوا يعانون من هذا المرض ولم ينتهجوا العلاج السليم فورثت الإبنة أو الابن نفس عادات الأم. ولكن ما هى أنواع المخاوف؟.. تجيب د. هبة العيسوى: أن هناك عدة أنواع من المخاوف أو أعراض المرض كالخوف من عدوى الجراثيم، فقد يصل بالمريضة الحد أنها لا تصافح أحد خوفا من العدوى وقد تمضى ساعات فى الحمام للإغتسال أو تنظيف أبنائها ثم تخرج وتعود وهى فى حالة شك أنها لم تقم بالتنظيف كما يجب، وهناك الترتيب القهرى، وإذا أصيب الزوج بهذا النوع تعيش الزوجة أسواْ أيام حياتها، حيث يبالغ فى طلب النظافة والترتيب، فإذا وجد الطفاية «مثلا» فى غير مكانها يثور ويغضب، أما إذا كانت الزوجة هى التى تعانى من هذا العرض فإنها تتعس البيت بأكمله من شدة الدقة فى الترتيب، وقد تعانى من التأكيد على الشكوك وتتسأل دائما هل أغلقت البوتجاز وتعود فتجد نفسها أغلقته، ثم تشك مرة أخرى فى أنها أغلقته، ويتكرر الأمر عشرات المرات حتى تتحول حياتها إلى جحيم. وقد يكون هناك أفكار شك فى الذات الإلهية فينتج عنها أفكارا إكتئابية لأن المريضة لا تسامح نفسها وهى لا تدر ك أنها أفكار وسواسية غير مسئولة عنها، ولكنها تتعامل معها على أنها أفكارها الشخصية، وما يحدث لها خارج عن إرادتها فتدخل المريضة فى إكتئاب ثانوى، وهناك أفكار عدوانية تجاه الآخرين، فتتخيل المريضة أنها تمسك السكين وتريد قتل ابنتها وتسيطر عليها هذه الأفكار وتلوم نفسها، وهى لا تدرك أنها أفكار وسواسية، وهناك من تشد شعرها أو «تنتفه» دون أن تشعر فتجد نفسها وقد تقطف من شعرها وهى تشاهد التلفزيون.

والعلاج يبدأ إذا ما شعرت المرأة أنها مختلفة فى تصرفاتها عن الأخريات أو أن هناك كثيرا من الأفكار الوسواسية تعوق حياتها الطبيعية، وتؤكد د. هبة العيسوى أن هذا المرض يصاب به الأطفال والمراهقين والشباب والبالغين، فهو غير مرتبط بالسن نهائيا، وحيث أنه ليس له سن فالعلاج يختلف حسب المراحل العمرية، ولابد أن ينتهج المريض منهجين من العلاج: الدوائى والسلوكى والمعرفى. فيتناول المريض مضادات الإكتئاب بجرعات مختلفة، ويجب أن ننوه هنا أن الأدوية لا تؤثر على الوعى نهائيا، ولا داعى للخوف منها لأنها حديثة لا تسبب أى مشاكل تعرقل حياة المريض، انما تعمل على زيادة مادة «السيريتونين» فى المخ ولابد أن نلفت النظر أن العلاج يأخذ من 3 إلى 6 أشهر ولا داعى للقلق.

أما العلاج المعرفى السلوكى فينقسم إلى نوعين: التحصين البطىء والتعرض والإمتناع فمثلا من تخاف أن تمسك الكوب يبدأ المعالج فى تقريب الكوب منها، ثم في مرة أخرى يجعلها تقربه منها تدريجيا حتى تمسك به، هذا بجانب إعطاءها الدواء.

ويأتى بعد ذلك رفع وزيادة الثقة بالنفس للمريض، حتى يتخلص من الوسواس القهرى نهائيا.

المصدر الاهرام