أخبار مصر و العالم - اخبار الفن - اخبار الرياضة - الاقتصاد - المرأة و الطفل-اخبار الثقافه
الحصول على الرابط
Facebook
Twitter
Pinterest
بريد إلكتروني
التطبيقات الأخرى
معركة الحجاب قنبلة بدائية الصنع
حنان شومان اليوم السابع
«لقد كنت أدعو المصريين قبل الآن إلى اقتفاء أثر الترك، بل الإفرنج فى تحرير نسائهم، وغاليت فى هذا المعنى حتى دعوتهم لتمزيق الحجاب وإشراك المرأة فى كل أعمالهم ومآدبهم وولائمهم، ولكنى أدركت الآن خطر هذه الدعوة بما اختبرته من أخلاق الناس، فلقد تتبعت خطوات النساء من أحياء العاصمة والإسكندرية لأعرف درجة احترام الناس لهن وماذا يكون شأنهم معهن إذا خرجن حاسرات، فرأيت فساد أخلاق الرجال بكل أسف، ما جعلنى أحمد الله ما خذل دعوتى، واستنفر الناس إلى معارضتى، فقد رأيتهم ما مر بهم من امرأة أو فتاة إلا تطاولوا عليها بألسنة البذاءة، وما وجدت زحاماً فمرت به امرأة إلا تعرضوا لها بالأيدى والألسن» ذلك هو ما كتبه عام 1906 قاسم أمين المحامى والمثقف والأديب والقاضى والذى يشار إليه بأنه أول من طالب بتحرير المرأة، بل إنه أول من أشار لقيمة المرأة فى عصره، فهو من قال «إن ما أقامه التمدن الحديث من البناء الشامخ إنما شُيد على حجر أساس واحد هو المرأة». قاسم أمين كان ابن عصره حيث كانت مصر تعانى من آثار هزيمتها السياسية على يد الاحتلال الإنجليزى، ولكنها أيضاً كانت تعيش مخاض نهضة وحركة تجديد دينية وسياسية وثقافية، روادها الأفغانى ومحمد عبده وسعد زغلول وقاسم أمين نفسه، ورغم ذلك لم تخلع المرأة المصرية حجابها إلا عام 1919 عام الثورة، حين توافرت الشروط التى تجعل التغيير ضرورة اجتماعية. هذه مقدمة تاريخية علنا نذكرها ونتذكرها ونحن نستمع ونقرأ تلك الجلبة الإعلامية التى صنعتها دعوة الكاتب شريف الشوباشى لمظاهرة تقام فى التحرير، لكى تخلع النساء حجابها والتى أزعم أنها لن تتعدى إلا فقرات فى التوك شو بعض التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعى، ومع كامل احترامى للأستاذ شريف الشوباشى وغيره فتلك دعوة خائبة تنم عن قصور فى تحليل بعض من أزمات مصر المحروسة، فهل حجاب المرأة المصرية الآن يوازى حجابها حين طالب قاسم أمين بخلعه؟ بالتأكيد لا، فحجاب المرأة الآن وإن كان اتجاه عام إلا أنه يخضع فى المقام الأول لقرارها الشخصى على عكس ما كان فى زمن قاسم أمين، صحيح أن هناك حالات فى المجتمع تفرض الحجاب على المرأة ولكنها ليست الأصل فى المسألة، ثم إن حجاب المرأة لا يمنعها من العمل أو الترقى أو التعليم. أنا لست امرأة محجبة، ولكنى أدافع عن حق المرأة فى أن ترتدى ما تريد وقتما تريد وكيفما تريد، فالحق أن الحجاب أو خلعه ليس هو المشكلة الاجتماعية فى مصر التى تستدعى دعوات للتظاهر ومناظرات إعلامية وغيرها من صيحات، الحجاب فى مصر عرض لمرض وليس مرضا، وأمراض مصر كثيرة أقلها النساء، الذى ينادى الأستاذ شريف مطالباً بتظاهرهن من أجل خلع الحجاب، المشكلة فى مصر الرجل وليس المرأة، فكما أشرت لما كتبه قاسم أمين عام 1906 أى منذ مائة عام وعشرة، المشكلة فى عقل الرجل وتحرشه بالمرأة لفظاً ولمساً كما أشار قاسم أمين، فلو أن الأستاذ الشوباشى جاد فى طلب إصلاح المجتمع اجتماعياً بحق وليس بدعوات جوفاء لطالب بمظاهرات يقودها رجال ونساء تندد بالتحرش. فقد علمتنا التجارب أن تغطية المرأة أو حتى عريها ليس هو المشكلة، المشكلة فى الرجل يا أيها الرجال يا من ربتكم النساء، فكم كنت أتمنى أن يجعل الشوباشى دعوته للرجال لا للنساء، نحن مجتمع مأزوم «متلخبط» حائر، ولكن حجاب المرأة أو سفورها هو أقل أزماته وهو عرض وليس مرضا كما سبق وأشرت، فارحمونا أيها المثقفون من قنابلكم الإعلامية بدائية الصنع.
تعليقات
إرسال تعليق