يا "كحك" مين يشتريك

اخبار المرأة و الطفل . المصدر الاهرام
اول من بدأ صناعة الكعك هم الفراعنة القدماء ، فقد اعتادت زوجات الملوك على تقديم الكعك للكهنة القائمة لحراسة الهرم خوفو في يوم تعامد الشمس علي حجرة خوفو، وكان الخبَّازون في البلاط الفرعوني يتقنون صنعه بأشكال مختلفة مثل: اللولبي والمخروطي والمستطيل والمستدير،ووصلت أشكاله إلى 100 شكل نُقشت بأشكال متعددة على مقبرة الوزير "خميرع" من الأسرة الثامنة عشر،وكان يُسمى بالقُرص حيث كانوا يشكلون الكعك على شكل أقراص على شكل تميمة الإلهة ( ست ) كما وردت في أسطورة إيزيس وايزوريس ، وهي من التمائم السحرية التي تفتح للميت أبواب الجنة
وكانوا يتقنون بتشكيله بمختلف الأشكال الهندسية والزخرفية كما كان البعض يصنعه على شكل حيوانات أو أوراق الشجر والزهور ، ويرسمون على الكعك صورة الشمس الإله رع ثم يقومون بحشو الكعك بالتمر المجفف ( العجوة ) ، أو التين ويزخرفونه بالفواكه المجففة كالنبق والزبيب، ووجدت أقراص الكعك محتفظة بهيئتها ومعها قطع من الجبن الأبيض وزجاجة عسل النحل مما يؤكد أن صناعة الكعك امتداد للتقاليد الموروثة فهو لازال على نفس هيئته حتى الآن ...
ويذكر التاريخ الإسلامي أن تاريخ الكعك يرجع إلى الطولونيين الذين كانوا يصنعونه في قوالب خاصة مكتوب عليها "كل واشكر"، وقد احتل مكانة هامة في عصرهم، وأصبح من أهم مظاهر الاحتفال بعيد الفطر
أما في عهد الدولة الإخشيدية كان أبو بكر محمد بن علي المادراني) وزير الدولة الإخشيدية قام بصنع كعكا في أحد أعياد الفطر ، وحشاه بالدنانير الذهبية ، وأطلقوا عليه وقتئذ اسم أفطن إليه أي انتبه للمفاجأة التي فيه، ولكن تم تحريف الاسم إلى "انطونلة" ، وتعتبر أشهر كعكة ظهرت في هذا الوقت وكانت تقدم في دار الفقراء على مائدة (200 متر وعرضها 7 أمتار
وفى عهد الدولة الفاطمية كان الخليفة الفاطمي يخصص مبلغ 20 ألف دينار لعمل كعك عيد الفطر؛ فكانت المصانع تتفرغ لصنعه بداية من منتصف شهر رجب، وملأ مخازن السلطان به، وكان الخليفة يتولى توزيعه بنفسه. ويذكر أن مائدة الخليفة العزيز الفاطمي يبلغ طولها 1350 مترًا وتحمل60 صنفًا من الكعك والغريبة، وكان حجم الكعكة الواحدة في حجم رغيف الخبز، وخصصوا من اجل صناعته إدارة حكومية تسمى دار الفطرة ، كانت تقوم بتجهيزه وتوزيعه ، وكان الشعب يقف أمام أبواب القصر الكبير عندما يحل العيد ليحصل كل فرد علي نصيبه واستمر هذا التقليد حتى أصبح حقا من حقوق الفقراء ,.
ومن أشهر من صنعت كعك العيد هي حافظة التي كانت تنقش عليه عبارات مختلفة مثل تسلم ايديكي يا حافظة أو بالشكر تدوم النعمة . ولم يكن يأكل منه إلا المحظوظون من ضيوف الخليفة، ومن أفضل المظاهر على الإطلاق ، أوقاف البر والإحسان التي كان يصرف من ريعها علي صنع الكعك وتوزيعه علي الفقراء في عيد الفطر واليتامى، ومن أشهرها وقفية الأميرة نتر الحجازية والتي تقضي علي توزيع الكعك الناعم والخشن علي موظفي مدرستها التي أنشأتها عام 748هـ
وقد حاول صلاح الدين جاهداً القضاء على كل العادات الفاطمية ولكنه فشل في القضاء على عادة كعك العيد وباقي عادات الطعام التي ما زالت موجودة إلى اليوم، واستمرت صناعة الكعك وتطورت بعدهم في العصر المملوكي , فقد اهتم المماليك بصناعة كعك العيد ، واهتموا بتوزيعه على الفقراء ، ، واعتبروه من الصدقات، وتهادوا به فى عيد الفطر .
وتحول الكعك بمرور الوقت إلى عادة تحرص الأم المصرية على تقديمها للأسرة والضيوف فى العيد، وعلى الرغم من انتشار المئات من شركات الحلويات والمخبوزات الكبرى، فضلا عن آلاف المخابز الصغيرة، والتى تتفنن فى صنع أجود أنواع الكعك والحلويات الخاصه بالعيد إلا أن عادة صناعة الكعك في المنزل تظل ضرورة واجبة ، تحرص عليها غالبية الأسر، خاصة في الأحياء الشعبية , وتؤكد غالبية السيدات أن هذه عادات وتقاليد وهن متمسكات بها بالرغم من انها تتطلب جهدا ووقتا ومصاريف للقيام بها الا انها تضفى شعورا بالبهجة والسرور على الكبير والصغير , فبمجرد اقتراب شهر رمضان من نهايته تسارع الأسر المصرية إلى شراء كميات ضخمة من الدقيق والزيوت والسمن ولوازم صناعة الكعك والبسكويت من السمسم والخميرة والمكسرات و الملبن والعجوة وريحة الكعك بالإضافة إلى أدوات تقطيع العجين والقوالب والمناقيش , ويشارك الأطفال امهاتهم بتشكيله علي هيئة حروف واشكال مختلفة.. ويتم التصارع بين الاطفال والشباب حتى يفوز المحظوظ منهم بحمل الصاجات للفرن والسهر فى الشارع فى انتظار نضح الكعك مع حالة من المرح والسعادة , وبسبب اصرار الزوجة فى بعض الاحيان على عمل او شراء الكعك تحدث مشاحنات بين الزوجين قد تصل أحيانًا إلى ترك الزوجة منزل الزوجية حتى يحدث لها ماتريد وهو شراء او عمل الكعك كعنوان لقدوم العيد , الا ان هناك العديد من الأسر تفضل شراء الكعك جاهزا من المحلات ربما لعدم إتقانهم طريقة الصنع أو توفيرا للوقت والجهد، او لانه اكثر جودة حتى يليق بتقديمه للضيوف والاقارب وخاصة بعد تطور الافران واستخدامها احدث الاجهزة وعلى الرغم من زيادة أسعار الكعك الا ان ذلك لم يمنع المصريين من شراءه وصنعه مهما اختلفت مستويات المعيشة ليصبح رمزا لعيد الفطر عند المصريين والعديد من البلاد العربية الاخرى ومصدرا هاما للبهجة والسرور وتوطيد الاواصر الاجتماعية بين فئات الشعب المختلفة .
بالإضافة الى ذلك فالكعك مرتبط ايضا بأعياد المسيحيين مثل عيد الفصح حيث يتم تصنيع لكعك على شكل التاج – والذي يرمز إلى تاج الشوك الذي وضع على رأس السيد المسيح والمعمول - وهو يرمز إلى الإسفنجة التي أسقوا بواسطتها السيد المسيح عليه السلام وهو على الصليب. (وهناك من يقولون بأنه يرمز إلى الصخرة التي وضع عليها الصليب.)
وهناك عادات وتقاليد نقلها وتناقلها المسلمون والمسيحيون عن بعضهم البعض بما يؤكد عمق الصلة بينهما كنسيج لوطن واحد وهى اهداء الكعك فى اعيادهم لبعضهم البعض من خلال زيارات عائلية يسودها الود .
وينصح خبراء التغذية بضرورة التعامل بحذر فى تناول الكحك حتى يعود الجهاز الهضمى للعمل بشكل طبيعى ، كما كان قبل رمضان، كما ينصح باستخدام الزيوت النباتية فى تحضيره بدلا من السمن البلدى .
هناك للاسف تقصير فى إنتاج اغانى لكعك العيد منها ( قال إيه وإيه الكحك إيه، نقش البنات سكر عليه.. الفرن غاوى الدندنة، دندن وقال للمدخنة وانتى بخير كل سنة)وهى أغنية تكاد تكون الوحيدة للفنانة منى عبدالغنى، التى تتحدث عن كحك العيد والبسكوت، إلى جانب الأغنية التراثية الشهيرة : «يا كحك العيد ياحنا، يا بسكويت ياحنا، يا شرباتات فى كوبايات .
بالاضافة الى العديد من الامثال منها " بعد العيد مينفتلش كحك" "الكحكة فى ايد اليتيم عجبة " و " ان كان جارك سفيه اعمل له كحك و هاديه "
حتى شعراءنا الكبار لم يتجاهلوا أهمية كحك العيد ومشاركة الناس افراحهم فكتبوا قصائد عن الكحك ورمضان والطقوس المختلفة التى تمارس فيه منه قصيدة للشاعر فؤاد حداد يقول فيها
له انفتل وانقتل وانشال وراح الفرن
عيني على رصه راحت ولا رصه جات
عمال اسحر وانا ماشي ورا الصاجات
اصحى يانايم وحد الدايم

وقال عنه بيرم التونسى
يقول ابن البلد يعني المهلهل
أنا والكعك معمول لي قضيه
بفضل الله طلع كعك السنه ديه
بدون احزان أو حادثه رديه

ولم تخلوا اغلب الافلام والمسلسلات من مشهد تجمع الاسرة والجيران لعمل كعك العيد مثل مشاهد افلام "عسل اسود "و"حين ميسرة "و "خلطة فوزية " "والمال والبنون" اما رؤية الكعك فى الاحلام فهو يدل على الرزق الوفير
رابط دائم: 

تعليقات

المشاركات الشائعة