مخاوف من خصخصة المستشفيات الحكومية
حذر خبراء ونقابيون من خصخصة المستشفيات الحكومية بعد إقرار قانون التأمين الصحى الشامل الذى أحالته الحكومة إلى مجلس النواب مؤخراً، وتخوف البعض من ضبابية وغموض بعض البنود فى القانون الذى من المنتظر تطبيقه على نحو 50 مليون مصرى وتدخله لأول مرة فئات لا يوجد لها تغطية تأمينية صحية من قبل مثل العمالة الموسمية والفلاحين والمرأة المعيلة.
وفى الوقت الذى وصفه البعض بأنه الأضخم فى تاريخ مصر، يرى آخرون أنه أغفل مشاكل أساسية كانت سبباً فى فشل المنظومة الصحية مثل تفرغ الأطباء والأجور والهيئات الصحية.
ووصف الدكتور محمد فؤاد، رئيس مركز الحق فى الدواء، مشروع القانون بأنه الأضخم وينتظره المصريون منذ أكثر من 17 عاماً، مشيراً إلى أن هناك مخاوف من بعض الأمور تأتى فى مقدمتها خصخصة الخدمة الصحية، وعدم قدرة الكثيرين على تحمل تكلفة الاشتراكات.
وتساءل رئيس مركز الحق فى الدواء عن مصير المستشفيات الحكومية التى تخرج من الخدمة؛ بسبب عدم التزامها ببرامج الجودة المطلوبة لدخولها أو استمرارها فى الخدمة، مشيراً أن عدد المستشفيات يبلغ 660 مستشفى حكومياً، وأن نسبة ما يطبق معايير السلامة ومكافحة العدوى لا تتعدى 20%، ما يعنى أن 80% من المستشفيات الحكومية سيكون خارج الخدمة وسيدخل القطاع الخاص بديلاً عن هذه المستشفيات والعاملين بها، وهى خطوة للاحتكار ولخصخصة الخدمة.
وتابع محمد فؤاد، هناك أيضاً عدم وضوح فى الرؤية لمصادر التمويل والتى تقدر بـ150 مليار جنيه سنوياً، من أين ستأتى الحكومة بهذه المبالغ، خاصة أن ميزانية الدولة لا يوجد رصيد كاف لهذا المشروع.
كما طالب «فؤاد» بأن يكون اشتراك الأطفال فى التأمين الصحى مجاناً، وهذا ما تسير عليه أغلب قوانين التأمين الصحى فى العالم، فما ورد فى مشروع القانون من دفع والد الطفل 75% من دخله سوف يؤدى إلى خروج الكثير من الأطفال من المنظومة.
من ناحيته، طالب الدكتور إيهاب الطاهر، أمين عام نقابة الأطباء، بتعديل عدد من النصوص الجوهرية الموجودة به، مؤكداً أنه سيفتح باباً خلفياً لخصخصة المستشفيات الحكومية.
وقال «الطاهر»، إن موافقة الحكومة على قانون التأمين الصحى دون دراسة اكتوارية شىء مثير للدهشة، فى ظل عدم تحديد تكاليفه وعدد سنوات تطبيقه وغيرها من الأمور الأساسية، مؤكداً أن النقابة لا تقف ضد مشروع التأمين الصحى، ولكنها مع ضرورة وجود مشروع قانون تأمين صحى شامل، يعالج السلبيات الموجودة به.
وتابع «الطاهر»: إن القانون يفتح الباب أمام خصخصة المستشفيات الحكومية؛ لأنه يفتح باب التعاقد مع المستشفيات الحكومية وفقاً للجودة، والتعاقد معناه أن يكون محدد المدة، وبعد انتهاء مدة التعاقد وفى حال قلة الجودة بها، سيتم إلغاء التعاقد معها، ومن ثم قد يتم إغلاقها أو الاعتماد على شركات قطاع خاص لإدارتها أو بيعها.
وقال الدكتور محسن خليل، المنسق العام للجنة الدفاع عن الحق فى الصحة، إن الوزارة أعدت مشروع القانون بعيداً عن الحوار المجتمعى، ما أثار المخاوف لدى العاملين بالمجال، منها الشعور بعدم الجدية فى التطبيق، خاصة عندما قلصت الوزارة مناطق التنفيذ إلى بورسعيد تليها محافظات القناة وشمال وجنوب سيناء، التى لا تمثل سوى ما يقرب من 4% التعداد السكانى، ولا يجوز اعتبارها تمثيلاً حقيقياً للتجربة.
من ناحيته، أعرب الدكتور خالد سمير، عضو مجلس نقابة الأطباء السابق عن ترحيبه بخروج مشروع القانون للنور، ولكنه انتقد طريقة تقدير التكاليف. وأضاف أن التقديرات للتكلفة سياسية وليست فعلية، معبراً عن تخوفه من عدم وجود تمويل لتطبيق القانون ونجاحه.
كما أشار عضو النقابة السابق إلى إغفال المشروع للمشاكل الأساسية التى كانت سبباً فى فشل المنظومة الصحية مثل تفرغ الأطباء والأجور للهيئات الطبية.
تعليقات
إرسال تعليق