بروفايل | «الخضيرى» سقوط المستشار
من القضاء إلى السياسة بدَّل المستشار العتيد ثيابه، هو من ارتبط تاريخه بالعدالة، دروبها ودهاليزها وأزماتها، لكنه فجأة قرر أن يُنحّى ذلك التاريخ جانباً، أسدل عليه ستاراً كثيفاً، ولّى وجهه شطر جهة أخرى، هى عكس كل ما كان يؤمن به الرجل ويمارسه طيلة حياته، جهة ألزمته أن يبدل ثيابه، ويضع الأقنعة على وجهه، وفى النهاية قد تزل قدمه فيسقط للأسفل دون أن يستطيع تفادى الوقوع حتى ولو حاول.
المستشار محمود الخضيرى، نائب رئيس محكمة النقض السابق، الذى تم إلقاء القبض عليه ليلة أمس الأول، بتهمة اشتراكه مع قيادات الإخوان بالتحريض على تعذيب المحامى أسامة كمال فى ميدان التحرير أثناء ثورة يناير. ذلك الرجل الذى خرج منذ شهرين موجهاً رسالة لأنصار جماعة الإخوان نصها: «كونوا على ثقة بأن محمد مرسى لن يرجع، ومن الحمق أن نتظاهر أملاً فى رجوعه، الشعب انقلب على ضعفه وأخطائه وخسرتم فى الشارع بشكل ساحق، وكانت هذه النتيجة طبيعية، وبالتالى الوسطية والرشد والتعقل فى الأمور وإعادة تكوين علاقة مجتمعية قوية ستكون فى صالحكم».
يعد «الخضيرى» أحد أبرز قضاة مصر وقادة تيار استقلال القضاء عام 2006، الذى وقف فى وجه نظام «مبارك»، وُلد «الخضيرى» فى يناير 1940 فى مركز طهطا بسوهاج، وحصل على ليسانس الحقوق سنة 1963 من جامعة عين شمس وعُيِّن فى النيابة فى السنة ذاتها وتدرج فى القضاء إلى أن أصبح نائباً لرئيس محكمة النقض، كما انتُخب رئيساً لنادى قضاة الإسكندرية يوم 7 مايو 2004.
عام 2005 كان «الخضيرى» أحد أعضاء حركة القضاة التى لقيت دعماً من جماعة الإخوان المسلمين، حينما طالبت بتعديل قانون السلطة القضائية فى مصر لضمان استقلالها وتخليصها مما رآه أعضاء الحركة تدخلاً من السلطة التنفيذية فى أعمال القضاء وإفساداً لها. نفس الحركة التى كان من أقطابها المستشارون زكريا عبدالعزيز وهشام البسطويسى وحسام الغريانى وأحمد ومحمود مكى.
لم تتغير مواقف «الخضيرى» الذى أقدم فى 20 سبتمبر 2009 على تقديم استقالته من منصبه كرئيس دائرة الخميس المدنية فى محكمة النقض بعد 46 عاماً من الخدمة وقبل إحالته للتقاعد بأيام معدودة، حيث أرجع «الخضيرى» سبب استقالته وقتها إلى التدخل من قِبل الحكومة فى أعمال القضاة، مصرحاً: «أعتبر أن استقالتى صرخة احتجاج فى وجه الأوضاع الحالية بالقضاء، وأتمنى أن تحدث نوعاً من الجدية لإصلاحه».
على أن الرجل الذى حرص طوال تاريخه على أن يبتعد عن السلطة فاجأ الجميع بالارتماء فى أحضانها حينما خاض انتخابات مجلس الشعب التى جرت نهاية عام 2011 على قوائم حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، هذا بالطبع قبل أن يفوز وتنتخبه الأغلبية كرئيس للجنة التشريعية فى برلمان «الجماعة المحظورة».
المصدر الوطن
تعليقات
إرسال تعليق