الأمن بين نارين
أكرم القصاص
الداخلية وجهاز الأمن بين نارين، المواطنون يطالبون بتأمينهم ومواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة، وعصابات قطع الطرقات والسرقة بالإكراه. وينتقدون التقاعس والبطء فى مواجهة الجريمة. وفى نفس الوقت فإن نفس الأجهزة إذا تحركت وواجهت، تجد نفسها متهمة بانتهاك حقوق الإنسان والتعذيب والتجاوز.
وهى انتقادات لا تضع اعتبارا للأخطار التى تواجه أجهزة الأمن، التى يتعرض رجالها للموت والقتل، يوميا، وهم يقومون بدورهم فى حماية الأرواح والممتلكات.
هل هى معضلة بالفعل، الأجهزة الأمنية تشكو، وتعلن أنها وحدها تتحمل المسؤولية وتفقد رجالها من الضباط والجنود، وتواجه إرهابا أسود لا يعرف رحمة ولا يحدد موعدا ولا مكانا، وتقول إن مواجهة كل هذا تستدعى إجراءات وتشهد وقوع أخطاء، ويضربون مثلا بدول ديمقراطية تتخذ فى مواجهة الإرهاب تقع فيها أخطاء وتضطر لاتخاذ إجراءات مراقبة ومواجهة وتدقيق، ولا تزال الولايات المتحدة تمارس إجراءات كثيرة تعد من أنواع الانتهاكات. هذا هو رد الداخلية، التى ترى أن أحدا ممن يبالغون فى إظهار الأخطاء، يدافعون أحيانا عن حقوق الإرهابيين ويتجاهلون حقوق رجال الأمن.
فى المقابل فإن خصوم الأمن يحذرون من المبالغة فى الإجراءات الاستثنائية، وأحيانا يشككون فى خطر الإرهاب، ويقولون إن أجهزة الأمن تقوم بدورها، وعليها أن تقبل التضحية، لأن المجتمع ينفق عليها من أجل ذلك. وأحيانا يتجاهل بعض النشطاء والحقوقيين أن الإرهاب حولنا فى كل مكان فى سوريا واليمن والعراق وليبيا، فضلا على كونه ظاهرة عالمية.
هى مفارقة بالفعل، يخلقها أن كل طرف ينظر من زاويته فقط، ويتجاهل الزاوية الأخرى. ويفترض لمن يريد الحقيقة أن ينظر بأكثر من كاميرا، وأن يعترف خصوم الداخلية بأن عليها أعباء جسيمة، وأن يقدروا دورها وجهدها وخطر الإرهاب، وفى الوقت نفسه على أجهزة الأمن أن تتبع القانون إلى أقصى درجة. وأن تلتزم القانون، والأهم أن تركز على حماية الأمن الجنائى، وعلى المجتمع أن يوفر لها الإمكانات.
وعلى منتقدى الشرطة أن يراعو أن الشرطة انكسرت فى يناير 2011، ودفعت ثمن فشل السياسة والتسلط، وأن الجهاز فى حاجة ليس فقط لتطهير، لكن أيضا لتطوير ودعم حتى يمكنه الحصول على إمكانات تكنولوجية ومعلوماتية تضعه فى مجال التحديث. وفى المقابل فإن الشرطة عليها أن تعرف أن الشعب اقترب منها أكثر ويقدر دورها، كلما رأى نجاحها فى فرض الأمن. هى مسألة مزدوجة، الأمن بين نارين والشعب أيضا يحتاج إلى الاطمئنان.
المصدر اليوم السابع
تعليقات
إرسال تعليق