د. مصطفى الفقى يكتب: صفحة الحوادث.. البلاد تشهد ترديًا كبيرًا فى الحالة الأمنية.. واللامبالاة تسيطر اليوم على جوانب كثيرة من حياتنا
شدتنى «صفحة الحوادث» فى الصحف منذ بدأت قراءتها، لأنها تبدو أمامى باعتبارها قصصاً حقيقية لا خيال فيها، كما أنها مرآة تعكس الواقع وتظهر مستوى الصحة النفسية للمجتمع، والذى يهمنى الآن تسجيله هو أن صفحات الحوادث فى الصحف المصرية، تكشف عن التردى الكبير فى الحالة الأمنية فضلاً عن التدهور الأخلاقى الواضح مع نوعية جديدة من الجرائم لم تكن شائعة من قبل، فالأم تقتل طفلها، والأخ يسلم أخاه للموت ذبحاً، والأب يلقى أولاده فى النهر ليموتوا غرقى، ناهيك عن قتل الزوجة لزوجها بمعاونة عشيقها فى معظم الحالات. إن هذه الجرائم كاشفة لحالة القلق والاضطراب التى تمر بها البلاد، والتى انطبعت على السلوك العام وأخلاق الناس، ولقد أدمنت شخصياً مطالعة صفحتى الحوادث والوفيات لأن درجة المصداقية فيهما عالية، بينما صفحات الخبر والتحليل يثور حولها درجات متفاوتة من الثقة فيها، أو الطعن فى سلامة معلوماتها.
وقد اختلفت الآراء فى مناظرات متكررة حول أهمية نشر الجرائم فى الصحف، وهل هناك جدوى من مواصلة النشر كإجراء وقائى ضد الجريمة أم أن الأمر عكس ذلك، حيث إن نشر «الحوادث» فى الصحف قد يؤدى إلى تقليد بعض الجرائم، والأخذ منها والنقل عنها! كما أننا يجب أن ندرك أن نشر الحوادث فى الصحف يفتح مجالاً أمام ضباط الشرطة بل وبعض القضاة أيضاً، حيث تنشر أسماؤهم تشجيعاً لهم وتكريماً لدورهم، وفى المجتمعات الغربية قد تقوم الدنيا ولا تقعد إذا اختفت طفلة ولو لعدة ساعات من منزل أهلها، بينما يتقبل الناس فى بلادنا أفدح الجرائم وأخطرها نتيجة التعود عليها، فضلاً عن حالة اللامبالاة التى تسود نواحى حياتنا المختلفة.
المصدر اليوم السابع
تعليقات
إرسال تعليق