كشف المستور البريطاني
في عام 2000 وفي زمن رئاسة جورج. دبليو بوش للولايات المتحدة الأمريكية تسربت أنباء عن شبكة تجسس كبري اسمها إيكيلون دعمت واشنطن بناءها وتشغيلها عبر قارات العالم للتنصت علي الاتصالات التليفونية والالكترونية وقد كتبت لكم عنها (مطولا) في هذه الصحيفة.
وهي تعتمد علي عدد من المحطات الأرضية فائقة الحساسية والمتصلة بالأقمار الصناعية التي تراقب وتتسمع, وأذكر أن القارة الأوروبية اهتزت بعنف في ذلك التوقيت إزاء المحاولة الأمريكية لاختراق خصوصية الأفراد والمؤسسات ومحددات الأمن القومي للدول, وعقد البرلمان الأوروبي جلسة مشهودة تباري فيها أعضاؤه (الذين يبلغون ما يقارب السبعمائة) في انتقاد أمريكا والاحتجاج عليها ووخزها, أما الصحف ووسائل الاعلام البريطانية ـ فقد حفلت بموجات تلو موجات تحتج علي تلك العربدة والبلطجة الأمريكية المروعة.
اليوم.. كشفت صحيفة الإندبندنت أن الجاسوس الأمريكي إدوارد سنودان فضح إمتلاك لندن لمحطة سرية تراقب الانترنت في الشرق الأوسط, وهي تستطيع اعتراض الرسائل الالكترونية, وحركة الشبكة العنكبوتية لمصلحة الولايات المتحدة وعناصر في وكالة الأمن القومي الأمريكي, فضلا عن رصدها كل ما تحمله الكابلات البحرية في منطقة الشرق الأوسط, وتخزينه في أجهزة كمبيوتر عملاقة ولها قدرة اعتراض الاتصالات الرقمية مثل رسائل البريد الاليكتروني والرسائل النصية.. يعني بريطانيا تخون الديمقراطية الآن ولمصلحة واشنطن (نفسها) بعدما تزرزرت من قبل عند بناء شبكة إيكيلون دفاعا عن عفافها الديمقراطي.
هذا الأمر يذكرني بمقابلة أجريتها مع وليم هيج وزير الخارجية البريطاني (حين كان زعيما لحزب المحافظين) في مكتبه ببرلمان وستمنستر وسألته ـ فيها ـ تفصيلا عن الشأن الداخلي البريطاني ويومها قال لي الأرستقراطي المتأفف: لماذا تهتمون بمتابعة الشأن البريطاني الداخلي وتفتشون فيه؟.. ونفس السؤال اليوم أصبح من حقي: ولماذا تهتمون يا حبيب أمك بمتابعة الشأن المصري الداخلي وتفتشون فيه؟.. هي نفس الازدواجية, والانتقال من موقف إلي آخر بحسب مقتضيات الحال دون أي التزام مبدأي.
تعليقات
إرسال تعليق